ضريبة الثقة
حينما نثق، فإننا نضع جزءاً من مصيرنا وأحلامنا، وربما مستقبلنا في يد شخص آخر، ما يربطنا به هو الثقة. هذه الكلمة التي تعنى الكثير، ولكنها في حالة خسارتها أو حتى اهتزازها، فمن الصعب إصلاحها، مهما حاولنا أن نوجد المبررات، أو نقتنع بأنصاف الحلول.
مؤلم الشعور بالجرح ممّن نثق بهم، ونضعهم دائماً فوق كل الاحتمالات، نتعامل معهم كأنّهم من المُسلّمات، ونرى بمشاعرنا وليس بعقولنا، حتى تأتي اللحظة التي نكتشف فيها أن ما كنّا نحسبه واقعاً جميلاً، هو في الحقيقة خيال رسمته المشاعر، أسهمنا بطيبتنا وعفويتنا، وربما سذاجتنا، في تصديقه والاندفاع فيه.
حينما تسقط الثقة، نعيش لحظة عدم التوازن، تهتزّ الحقائق، ويصبح كلّ شيء قابلاً للتشكيك والتساؤل، وتستعيد الأحداث وتسائل نفسك كيف حدث هذا أمامي ولم أنتبه؟ كيف كانت الأشياء واضحة أمامي، وكنت أعمى البصيرة؟ وربما يدفع آخرون ثمن هذه الهزّة، ما يجعل التشكيك متسيّداً؛ ومن يعش بهاجس الشكّ يفتح باب المعاناة لذاته ولغيره.
نحن نثق بالآخرين، لأننا نتعامل بجوهرنا وعفويتنا، فالمحب يثق لأنه يرى الصورة الكاملة في من يحب. ورجل الأعمال يثق بأن للكلمة قيمةً وثقلاً، ويعاملها كعقد مكتوب. ولذلك الاعتماد على مرجعية العقل أكثر من العاطفة، هو الذي يكون صمام أمان للمستقبل والمتغيرات.
حينما تصدمك الثقة بشخص ما، فلا تعدّها نهاية، بل هي ربّما بداية لطريق أصحّ وأشخاص أفضل وخيارات تستحقها. لا تتشبّث بالأشياء الراحلة، فهي خيار الماضي، والحياة خياراتها المستقبل. لاتحمّل نفسك اللوم على ماذا حصل وكيف. هناك أشياء نتعبها بكثرة المبرّرات والأسئلة، فدعها تمضي. فأجمل ما في الحياة أن الغد يحمل أسراره وقصصه وعالمه، ما نحتاج إليه أن نفتح عقولنا وقلوبنا للآتي، وأن نوقن أن الموجة حينما تعبر، فهي تمضي بكل ما فيها، ومن الصعب استعادتها.
واذا سقطت الثقة بشخص، فهذا لايعني الحكم على الكل، فالحياة جميلة بتنوّعها وخياراتها واختلاف أشخاصها، وهذا سرّ جاذبيتها.
السطر الأخير:
الوقوف عند محطات الخسائر هو خسارة جديدة..
اجمع قواك واجعل نظرك إلى الأمام وانطلق للمستقبل