«باتيك فيليب».. الساعة الأغلى في مزاد الساعات المهمة في دبي
ليست هذه الساعة التي بين أيدينا والتي تُنسب إلى الرقم المرجعي 1491 الوحيدة المعروفة من هذا المرجع، لكنها تتميز أيضاً بقرص كبير فريد الشكل مؤلف من 30 دقيقة. ويصف جون ريردون، رئيس القسم العالمي للساعات لدى "كريستيز"، الساعة بأنها "ليست كأية ساعة أخرى معروفة في تاريخ ساعات باتيك فيليب".
"تُنبئ هذه الساعة المصنوعة من الذهب عيار 18 قيراطاً عن قصة رائعة؛ ولإن كان بحثنا قد كشف لنا عن بعض اللمحات المذهلة، فإن الإحساس بها لا يكتمل إلا إذا حازها المرء إلى نفسه، على أن هذا الأمر من المحتمل أن يكلف ما بين نصف المليون والمليون دولار..."، والسبب ببساطة، أنه ما من ساعة أخرى على سطح كوكبنا تحاكي ساعة "باتيك فيليب" هذه، على حدّ وصف ريردون، الذي يقول إنه حظي طوال عمله المهني في هذا المجال بشرف فحص آلاف ساعات "باتيك فيليب" الكلاسيكية.
أُنتج من هذه الساعات الكلاسيكية بين العامين 1940 و1965 نحو 400 قطعة، صُنعت بالكامل إما من الذهب الأصفر أو الزهري أو حتى الذهب الأبيض في أحيان قليلة. لكن هذه القطعة التي من المقرّر عرضها في مزاد الساعات المهمة في دبي في 22 مارس الجاري، هي الوحيدة المزودة بنظام الكرونوغراف من بين جميع أخواتها، وفق ما يعتقد الخبراء، ولذلك فإن علبتها خضعت لتعديلات تجعلها أكبر قليلة لتكون قادرة على استيعاب نظام الحركة هذا المختلف عن ساعات هذا المرجع التي تعمل جميعها بنظام الوقت فقط.
وخلال الحرب العالمية الثانية، وبعد عقد من استحواذ هنري وتشارلز ستيرن على شركة "باتيك فيليب" في العام 1932، تلقّت الشركة العديد من طلبيات إنتاج طرز ساعات من نماذج أولية خاصة، بعض هذه الطلبيات جاء من تشارلز نفسه. وتم إنتاج هذه القطع بين العامين 1942 و1944، واستخدمت أنظمة الحركات المعروفة راهناً، ولكن مع تعديلات في الأقراص والعلب.
ونظراً لأن ساعات الطراز الأولية هذه تحتوي عموماً على الأرقام الرومانية التي كان يفضلها تشارلز ستيرن، فمن المحتمل أن هذه القطعة القادمة إلى المزاد صُنعت بناءً على طلبه الشخصي، إما ليحوزها لنفسه أو لتكون ساعة اختبارية لـ "باتيك فيليب" أو للمالك السابق للشركة، وهو صحفي رياضي أمريكي عُني بالملاكمة.
ويخبرنا الأرشيف الرسمي للشركة، مع ذلك، أن نظام الحركة والقرص في هذه الساعة كانا صنعا أصلاً في العام 1937، ثُمّ بيعا بعد ذلك بعام، قبل أن يُعاد تركيبهما في علبتهما الحالية في العام 1942، بعد أن خضعا لصيانة روتينية.
ويختلف قرص الساعة الذي صنعته "ستيرن فرير" عن أي قرص ساعة صنعته آنذاك العلامة المتخصصة في إنتاج مكونات الساعات. ويغيب عن القرص حلقة قياس السرعة، متيحة مساحة أكبر للقرص، فيما يظهر القرصان الفرعيان بحجمين غير متماثلين بطريقة مدهشة؛ فقرص تسجيل الدقائق المشتمل على 30 دقيقة، أكبر بنحو الضعف من قرص الكرونوغراف.
أما علبة الساعة فهي من تصميم العلامة السويسرية فرانسوا ماركوفسكي، التي أبدعت علباً متنوعة لعدة مجموعات مرجعية من باتيك فيليب. ويبلغ قطرها 35.1 ملم وسمكها 10.84 ملم، وتزيد هذه الأبعاد بأكثر من مليمتر عن العلبة المعيارية الخاصة بساعات هذا المرجع، وذلك نظراً لخضوعها للتعديل المشار إليه آنفاً.
وتحمل علبة الساعة عبارة To Dad from Jimmy منقوشة على ظهرها، ما يُثير تساؤلات محيّرة عن تاريخ هذه الساعة، فقد كان توصيل ساعة سويسرية من سويسرا، التي يحيط بها بلدان يحتلها الألمان، وفي خضمّ الحرب العالمية الثانية إلى الولايات المتحدة، أمراً بعيداً كل البعد عن المألوف. كما كانت البضائع المستوردة في الولايات المتحدة آنذاك تخضع لضرائب حمائية عالية.
لكننا نعلم أن هنري، نجل تشارلز ستيرن، قد قام برحلة طويلة إلى أمريكا الشمالية قبيل اندلاع الحرب، ما يشير إلى إشارة محتملة لمالك الساعة اللاحق. وتشير أبحاثنا أيضاً إلى أن المالك السابق للساعة، جيمي، كان في الحقيقة في أوروبا أثناء الحرب، حيث عمل في القوات المسلحة الأمريكية هناك، ما سيجعله قادراً بالتالي على إعادتها معه إلى بلاده وتقديمها هدية إلى والده.
ليست هذه الساعة الفريدة مجرد مثال ساطع على فن صناعة الساعات، ولكنها قطعة يتردّد من حولها أصداء عاطفية تاريخية حقيقية، بحسب ما يرى ريمي جوليا، مدير قسم الساعات في الشرق الأوسط والهند وإفريقيا، الذي قال إنه ارتداها على معصمه لمدة 45 دقيقة تقريباً عقب لقائه مع مالك الحالي "لمحاولة تلمّس المشاعر التي تثيرها قصتها الممتدة 82 عاماً في التاريخ"، لينتهي إلى إنها "ساعة شديدة الخصوصية، تتمتع بحضور طاغٍ".