متى تتحول الطقطقة إلى سخرية واستهزاء؟
غالبًا ما تمتلئ المجتمعات سواء قديمًا أو حديثًا بالعديد من الأشياء التى تعد من قبيل السخرية أو التهكم وما يُطلق عليه في بعض المجتمعات مزاح، ولكن كون كل مجتمع يتميز بثقافة وإرث معين، فإن كلًا منهم يكون له ما يميزه في هذا الأمر، ولعل حديثنا اليوم ينصب حول الطقطقة التي يتبعها بعض الشباب في المملكة العربية السعودية، ولكن ماذا تعرف عن الطقطقة وهل هي تشبه ما يتبعه أي من المجتمعات الآخرى في العالم العربي أو الغربي؟.
ما هي الطقطقة؟
الطقطقة مصطلح جرى التعارف عليه في المملكة العربية السعودية، على من لديه فصاحة لسان غير قابلة للنقاش أو المزايدة عليها، وغالبًا ما يكون هذا الشخص الذي يمارس الطقطقة لديه قوة بلاغية في الحديث وليس في اللغة، ويكون لديه رغبة ألا يكون هناك أحد ينافسه فيها، ومع الوقت بات يُبالغ في الشعور بذاته، على أنه لديه ما يكفى من الفطنة والذكاء، ويحاول استعراض هذه القوة على شخص يُعرف عنه الطيبة، ولكنه هو يصفه بالسازج.
والحديث عن أن هناك إنسان يطقطق على آخر، هي بالمعنى الذي هو موجود على أرض الواقع أن هذا الشخص الذي يطقطق يستغل طيبة الآخرين، وسذاجتهم، ليجعل منهم عبرة ومسخرة أمام الجميع، ليحاول بذلك إبراز كل ما تعلمه من مهارات كلامية لإبراز مهاراته أمام الآخرين.
بين الاكتئاب والأزمات القلبية.. أمراض تختلف أعراضها بين الرجال والنساء
مستخدمو الطقطقة:
بحسب المعلومات المتاحة، فإن هذه العادة التى يجتمع جميع العقلاء على أنها سيئة، أو يُطلق عليها البعض أنها ذميمة، فإنها تُمارس بين فئات المجتمع السعودي، من الذين يفتقرون إلى الأخلاقيات التى يُخلق بها الإنسان، وتكون لديه في فطرته التي ينشأه الله عليها في الأساس، ولكنها تتحول فيما بعد بفعل البشر، لتصبح حالة تتيح له التهكم على من هم غيره، حيث يتمنعه ايضًا من احترام من هم دون جنسه، لونه، مركزه، قبيلته أو دينه.
هل الأمر هذا مُتعمد؟، أي هل يتعمد المطقطقون أن يتهكمون على غيرهم من ذوو الأخلاق؟، الواضح أن الأمر يكون غير مقصود بهذا الشكل الذي يظهر عليه، فجميعهم يرى أن في ذلك أنه على سبيل المزاح فقط لا غير، وأنها تلقى استحسانًا مع بعض فئات المجتمع، حيث يحسبها البعض على أنها نوع من أنواع الترفيه عن أنفسهم، ولكن على حساب التقليل من قدر الآخرين، أو عدم احترام غيرهم من هؤلاء الذين يستقبلون تلك الطقطقة.
المثير في الأمر أن مع احساسهم أن الأمر ليس إلا من باب الترفيه، لا يكلف أحد منهم نفسه، ليري ما فعله على شخص آخر كيف يؤثر عليه، ولا يهمهم كيف تكون أحاسيس هؤلاء المواطنين المطقطق عليهم، فيرى البعض أن الأمر يتعلق بتبلد في المشاعر لدى هؤلاء المطقطقين، فلا توجد تربية أو أخلاق تسمع لهؤلاء باستغلال طيبة وحسن أخلاق من أمامه ليجعله مسخرة أو أضحوكة أمام الناس.
على من تشيع الطقطقة؟
غالبًا ما يستغل هؤلاء الذين يعشقون الطقطقة أو ممارستها، على بعض المواطنين الذين لا يفقهون اللغة التى يتحدث بها المطقطقون، أو على هؤلاء الذين لا يفهمون اللغة العربية من الأساس، لذلك يلاقى الأمر استحسان البعض من الذين يشهدون هذه الطقطقة، ففى هذه الحالة يأخذ الأمر طابع تهكمى بحت لا يمت للاحترام بصلة، حيث تصدر العديد من الكلمات الغير لائقة بالآخر، والذي من الواجب أن يكون هناك احترام له، وإظهار أخلاق حسنه تجاهه.
أنتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي مؤخرًا، مقاطع فيديو لطقطقة سعوديين على مواطنين آخرين، وكان من أبرزها مقطع فيديو مُصور لطفلين أحدهما سعوديًا والآخر بريطانيًا، وذلك في محاولة من الطفل السعودي أن يتهكم على المواطن الآخر يدعوى أنه لا يفهم العبارات التي ينطقها الأول باللغة العربية، ولكنها في كل الأحوال غير لائقة، وفعلها بداعى إضحاك المواطنين السعوديين، مما يعد شيئًا سلبيًا على السعوديين بشكل عام.
جينا رينهارت.. قادت شركة والدها المديونة إلى أكبر الشركات الاسترالية
ماذا يجب أن نفعل حيالها؟
يجب على الأباء والأمهات السعوديين، تربية أبنائهم على المبادئ والأخلاق، وغرزها فيهم منذ الصغر، وثنيهم على المواصبة على اتباعها، وأن ينقلوا للآخر ثقافة جيدة أو أنطباعات جيدة عنهم، وليس بالتهكم أو إظهار الأشخاص الذين أمامهم وكأنهم أقل منهم، أو منبوذين، مما يؤثر نفسيًا على هؤلاء الذين يُمارس عليهم الطقطقة، وانطلاقًا من ذلك يمكن للأباء أن يقوموا بشرح الآثار السلبية التي تنتج عن الطقطقة بين الأصدقاء أو حتى الغرباء، وتوضيح كافة المعان من خلال الاستعانة بالقرآن الكريم والحديث الشريف.
ماذا يقول القانون؟
يرى المحامي والمستشار القانوني «خالد أبوراشد»، أن القانون نفسه عندما وضع أو تم التعديل عليه، لم يعرف مثل هذه المصطلحات الطقطقة أو غيرة من استفزاز مشاعر البعض، لذلك فإنه لم يضع عقوبات محددة لتلك الأشياء، وذلك لكون المسألة تقديرية تختلف من شخص لآخر، ولكن هناك العديد من الجرائم الواضحة مثل السب والشتيمة أو التشهير، أو استخدام الكلمات العنصرية الواضحة التى لا يختلف عليها.
وفي مواقع التواصل إن لم يتضمن المنشور أيًا من مثل هذه العناصر، لا يعتبر الأمر جريمة، فهنا لا يمكن تصنيفها على أنها جريمة معلوماتية، كون السب أو التهكم لا يكون موجه لشخص بعينه، بواسطة ذكر إسمه أو وضع صورته، فعدا ذلك لا يمكن اعتباره جريمة، حيث أن القانون لا يدخل في المقاصد النوايا.