هل تقنية "بلوك تشين" تقدم حلولا مثالية لقادة الأعمال؟
"بلوك تشين" هي عبارة قاعدة بيانات تلجأ إليها العديد من الشركات على اعتقاد منهم بأنها لديها القدرة على إدارة قائمة متزايدة من السجلات، ويمكنها المحافظة على البيانات المخزنة بها والحيلولة دون تعديلها.
ولكن في واقع الأمر، معظم حلول "بلوك تشين" ما زالت تفتقر إلى مكونات أساسية من أهمها اللامركزية والترميز، فهناك العديد من المؤسسات التي تلجأ إلى تزيين الحلول بعبارة "بلوك تشين"، وهذا ما يسبب ارتباكًا في السوق لدى الرؤساء التنفيذيين لتقنية المعلومات وقادة الأعمال عند تقييمهم الجدوى الاقتصادية لهذه التقنية.
وافتقار المسؤولون في الشركات إلى نموذج يمكنهم من موائمة احتياجات شركاتهم، يدفعهم إلى التفكير في "بلوك تشين"، وهذا ما أكده ديفيد فرلونجر، نائب الرئيس والمحلل المتميز لدى مؤسسة جارتنر قائلا: "عند تفكير الرؤساء التنفيذيين لتقنية المعلومات في استخدام بلوك تشين فإنهم يفتقرون إلى نموذج يمكنهم بدقة وسهولة من موائمة احتياجات شركاتهم مع حلول مناسبة من تقنية بلوك تشين أو التقنيات البديلة".
وسعيا إلى الحصول على حلول أكثر جدوى من " بلوك تشين" أوجدت مؤسسة جارتنر "طيف بلوك تشين" لاستشراف أطوار ارتقاء حلول "بلوك تشين"، ويتكون "طيف بلوك تشين" من 4 نماذج رئيسية مقسمة بحسب نوعية الحلول المقدمة وخصائصها الارتقائية، وتأتي هذه النماذج على النحو التالي:
1- حلول تمكين بلوك تشين
تقدم هذه التقنيات اللبنات الأساسية التي تبنى عليها حلول "بلوك تشين" المستقبلية، كما يمكن استخدام عناصر البناء الأساسية هذه كجزء من حلول لا علاقة لها بتقنية "بلوك تشين"، فعلى سبيل المثال يمكن استخدامها في رفع الكفاءة التشغيلية لأنظمة إدارة البيانات الموزعة، وتشمل عناصر البناء الأساسية هذه التشفير والحوسبة الموزعة وشبكات النظراء والتراسل.
2- الحلول المستوحاة من بلوك تشين
تقع اليوم معظم حلول "بلوك تشين" للمؤسسات الكبرى في هذه الفئة، وتستخدم نفس المكونات المذكورة في حلول تمكين "بلوك تشين" لأجل إنشاء مشاريع محدودة النطاق، وتكرس هذه الحلول حفاظها على النواحي الهندسية في الحوسبة ما قبل البلوك تشين، مثل المصادقة المركزية، ومخازن البيانات الموزعة أو المكررة، والتشفير/التوقيع، إضافة إلى طبقة لأجل التراسل.
بالأرقام.. المملكة تقتحم عالم الرقمنة
وتُنتقد هذه الحلول لافتقارها القدرة على ترميز أشكال متنوعة من الأصول الرقمية وغير الرقمية، ناهيك عن تصميمها بدون أساس لأجل العمليات اللامركزية.
وتتبع الحلول المستوحاة من "بلوك تشين" مفاهيم تقليدية في إدارة البيانات ومشاركات المستخدمين والتحكم بالشبكة، فهي تكرر - إلى حد كبير - أنظمة المعلومات والمعاملات المركزية القائمة.
وفي حين أن هذه الحلول تمكن المؤسسات من اختبار تقنية "بلوك تشين"، إلا أنها لا تستفيد من القوة الكامنة في "بلوك تشين" لإيجاد حلول ثورية غير مسبوقة، كما لن يستطيع المدراء التنفيذيون لتقنية المعلومات استخدام هذه الحلول لتلبية المتطلب الأبرز من قبل رؤسائهم التنفيذيين، ألا هو الحاجة إلى تغيير نموذج الأعمال.
ورغم أن الحلول المستوحاة من تقنية "بلوك تشين" قد تعالج بعض التحديات مثل الحد من الاحتيال وخفض عمليات التسوية ضمن القطاع المالي، إلا أن الرؤساء التنفيذيون لتقنية المعلومات بحاجة إلى دراسة فيما إذا الاستثمار الإضافي يقدم في الواقع حلاً أفضل من الخيارات التقليدية القائمة والمتاحة.
3- حلول بلوك تشين الكاملة
تقدم حلول "بلوك تشين" الكاملة مسارًا يفضي إلى إيجاد نموذج جديد في الأعمال يستفيد من العقود الذكية والترميز والبنى التشغيلية اللامركزية، وتطلق هذه الحلول قدرات "بلوك تشين" بأكملها وتسعى إلى خلق قيمة كاملة متصورة في الأعمال.
تتميز حلول "بلوك تشين" الكاملة بتمكين عمليتي الترميز بواسطة العقود الذكية واللامركزة، وهما مكونان تفتقر إليهما الحلول المستوحاة من تقنية "بلوك تشين" على الأغلب، وتعتبر هذه القدرات بمثابة المحفز لأجل تقديم نماذج جديدة في الأعمال، فضلاً عن القدرة على إقامة أنظمة مالية كانت مستحيلة من قبل جراء استخدام رموز العملات المشفرة وأشكال أخرى من الأصول المرمزة.
وبهدف تمييز هذه الحلول عن الحلول المستوحاة من البلوك تشين، ينبغي التحقق من أسلوب التنفيذ التقني، وكيفية تعامل الحل مع البيانات، ومكان ضوابط البيانات، وإن كان الترميز هو أحد الجوانب المعتمدة في تصميم الحل، وكيف جرى تمكين حوكمة المعاملات، وكيفية مزامنة البيانات على سلسة البلوك تشين وخارجها.
4- الحلول المعززة ببلوك تشين
إن دمج قوة منظومة عمل "بلوك تشين" اللامركزية والمعاملات الميكروية مع قدرة الذكاء الاصطناعي على اتخاذ قرارات ذكية وقوة الاستشعار لدى إنترنت الأشياء سيخلق مفاهيم تكنولوجية للأعمال والمجتمع لم تكن ممكنة من قبل.
وقال كريستوف يزورو، نائب الرئيس والمحلل لدى «جارتنر»، إنه لا ينبغي لقادة الأعمال والرؤساء التنفيذيين لتقنية المعلومات التقليل من أهمية الطبيعة الثورية الكامنة في حلول بلوك تشين الكاملة والحلول المعززة بتقنية "بلوك تشين".
وفي السياق ذاته، أكد دبليو. روي شولت، نائب الرئيس والمحلل المتميز لدى مؤسسة جارتنر على أنه في نهاية المطاف، يمكن أن تقدم تقنية "بلوك تشين" ربطًا أكثر سلاسة بين التقنيات الخارجية، مثل ربط إنترنت الأشياء مع مفاهيم تعيد تسبر معنى الكينونة البشرية، مثل الاختراق البيولوجي لجسد الإنسان وتطوير شبكة إنترنت الأنا".