كيف ساعد نظام الإجازات في السويد على نمو قطاع الشركات الناشئة؟
لطالما اعتبرت الإجازات السنوية حقا كفلته غالبية قوانين العمل حول العالم للموظفين، لتوفر لهم الفرصة لاستعادة نشاطهم وقضاء بعض الوقت مع أسرهم أو أصدقائهم والاستجمام والسفر وممارسة الهوايات، للخروج من ضغوط العمل مما يعود بالنفع على صحة الموظف وقدرته على العطاء في العمل.
ومن بين أغلب دول العالم، تشتهر السويد بأنها هي الدولة الوحيدة، التي يكفل فيها القانون الحق في التمتع بنظام إجازات فريد من نوعه بالعالم، حيث تتيح لمواطنيها الحصول على إجازة تفرغ غير مدفوعة الأجر لإقامة مشروعات، ما أدى لنمو كبير في قطاع الشركات الناشئة، ولا سيما في مجال التقنية.
العلامات التجارية المفضلة لسكان الإمارات في 2019
أسباب ازدهار السويد
وتقع السويد التي لا يتجاوز عدد سكانها 10 ملايين نسمة، في شمال القارة الأوروبية في شبه الجزيرة الإسكندنافية، وهي تعد أحد أكثر البلدان الأوروبية ابتكارا.
ويعتقد الكثيرون أن ازدهار قطاع الشركات الناشئة في السويد وتطوره بهذه السرعة يعود إلى قوة بنيتها التحتية الرقمية، وثقافة التعاون والتواضع السائدة بين السويديين وأنظمة التأمين الخاصة ضد البطالة.
إجازة التفرغ في السويد
وقد منحت الحكومة السويدية الموظفين الذين يشغلون وظائف دائمة وبدوام كامل في السويد، الحق في الحصول على إجازة لمدة ستة أشهر للتفرغ إما لتدشين شركة، أو للدراسة أو رعاية أحد الأقارب كوسيلة “لتعزيز مرونة انتقال العمال في سوق العمل”.
ولا يجوز للرؤساء رفض الإجازة إلا لدواع إدارية ملحة، إذا كانت مصالح الشركة ستتعطل بغياب الموظف، أو إذا رأت الإدارة أن الشركة التي ينوي تأسيسها ستكون منافسا مباشرا للشركة التي يعمل لحسابها. ويحق للموظفين العودة إلى نفس المنصب الذي كانوا يشغلونه قبل الحصول على الإجازة.
ومن المعروف أن قوانين العمل الصارمة في السويد تكبل أيدي رؤساء العمل وتعوقهم عن تسريح الموظفين. و لكن هذه الخطوة تشجع بعض الموظفين على التمسك بالوظيفة الثابتة التي توفر لهم الأمان والاستقرار بمجرد شغلها.
أكثر 10 نساء ثراءً في قطاع التكنولوجيا
الإجازة تغذي نمو المشروعات
ويرى خبراء أن إتاحة الفرصة للموظفين للحصول على إجازة غير مدفوعة الأجر قد يغذي نمو قطاع المشروعات، ذلك أن تهدئة المخاوف بشأن المستقبل المهني قد تشجع رواد الأعمال على إقامة مشروعاتهم الخاصة.
ويعد حرص السويديين الشديد على تحقيق التوازن بين الحياة الشخصية والعملية أحد أهم العوامل التي تسهم في نجاح هذا النظام للإجازات في السويد، إذ إن هذا التوازن يمتد بين الحياة العملية وبين كل ما يمثل أهمية لهم أو يساعدهم على الترقي والتطوير، مثل بدء مشروع جديد.
علاقة طردية
وتشير إحصاءات إلى أن زيادة الطلب على جميع أنواع إجازات التفرغ، بما فيها إجازات الأمومة والأبوة، تقابلها زيادة في أعداد الشركات الناشئة التي يؤسسها سويديون.
كيف ينظر السويديون للموظف بعد الإجازة؟
وعلى عكس الشعوب الأخرى لا ينظر السويديون للموظف الذي يعود لمنصبه بعد إجازة التفرغ نظرة سلبية. بل قد يرون ذلك أمرا إيجابيا، لأن هذا الموظف خاض تجربة جديدة ولكنه فضل العودة إلى وظيفته”.
وكشف مكتب الإحصاءات السويدي أن عدد الموظفين الحاصلين على إجازات تفرغ، من سن 25 إلى 54 عاما، وصل إلى 175,000 في عام 2017، بزيادة نحو 10,000 موظف عن عام 2007.
قريباً.. البنوك السعودية تطرح خدمة فتح الحسابات الجارية إلكترونياً
فيما ذكرت دائرة تسجيل الشركات السويدية أن عدد الشركات محدودة المسؤولية التي سُجلت في عام 2017 بلغ 48,542 في عام 2017، مقارنة بنحو 27,994 في عام 2007.
وعلى رغم أن مزايا الإجازات غير مدفوعة الأجر سيستفيد منها الموظفون إذا كانوا معينين بعقود دائمة إلا أن بعض المحللين والخبراء لاحظوا أن أعداد العمال المستقلين والموظفين المعينين بعقود مؤقتة في السويد قد زاد في السنوات الأخيرة، ولا سيما بين العمال الأصغر سنا.
تحسين الأمان الوظيفي
وفي الوقت الحالي تراقب الجهات التشريعية في السويد هذا الاتجاه عن كثب، وكُلفت لجنة حكومية بالبحث عن سبل تحسين الأمان الوظيفي لهؤلاء العاملين مؤكدة أنه لا نية لإلغاء نظام الإجازات غير مدفوعة الأجر، بل في المقابل أبرمت عدة اتحادات عمال عقودا مع أصحاب الشركات لزيادة عدد أيام الإجازات التي يحق للموظفين الحصول عليها لخوض تجربة إقامة مشروعات جديدة لتصبح 12 شهرا بدلا من ستة فقط.