بعد 16 عامًا ابتعدت فيها عن القمة.. كيف نجحت مايكروسوفت في استعادة مكانتها؟
من كان يعتقد أن تتمكن شركة مايكروسوفت من العودة إلى القمة مرة أخرى، بعد أن فقدت مكانتها منذ 16 عامًا، واستولت شركات كُبرى أخرى على هذه المكانة، إذ انتزعت من شركة أبل العملاقة لقب الشركة الأكثر قيمة في العالم.
وصلت قيمة مايكروسوفت السوقية إلى حوالي 851 مليار دولار في نوفمبر الماضي، فيما وصلت قيمة شركة أبل السوقية 847 مليار دولار.
وتبذل مايكروسوفت قصارى جهدها من أجل الحفاظ على مكانتها، وتراعي ظروف الأسواق المتغيرة من مرور الوقت، والتطورات التكنولوجية، كما أنها تعي جيدًا أن ما يُفقد لا يمكن تعويضه، وتراعي المنافسة الشرسة مع منافسيها.
وإذا تمكنت شركة مايكروسوفت من الحفاظ على هذه القيمة بنهاية هذا العام، فستكون المرة الأولى التي تفعل فيها ذلك منذ عام 2002، ما يجعلنا جميعًا نتساءل كيف تمكنت الشركة العملاقة من فعل ذلك؟
للباحثين عن النجاح في عالم الاستثمار.. إليكم أفضل كتب الثقافة المالية
التحركات الجريئة
لقد تفاجئ الكثير من المراقبين منذ حوالي 4 أعوام ونصف بتعيين ساتيا نادالا، في منصب الرئيس التنفيذي لمايكروسوفت، وكذلك قامت الشركة ببعض التحركات الجريئة التي ساعدتها على تضاعف أسهمها 3 مرات وزادت بنسبة 7% في شهر نوفمبر فقط.
وراهنت مايكروسوفت على الحوسبة السحابية، وأصبحت أحد لاعبين اثنين يسيطران على هذا السوق سريع النمو، مع أمازون، فيما تراجعت أسهم أبل وسط مخاوف من تراجع الطلب على مجموعة جديدة من أجهزة آيفون، وتوقفها عن كشف مبيعات الهواتف الذكية.
ومع ذلك، فإن صعود مايكروسوفت وقدرتها على استعادة مكانتها وكونها أكثر الشركات القيّمة في العالم يرجع بشكل أساسي إلى انخفاض قيمة منافسيها الرئيسيين، إذ تراجعت قيمة شركة أبل السوقية وانخفضت أسعار أسهمها بنسبة 16% في شهر نوفمبر، وكذلك تراجعت أسهم شركة أمازون والتي تجاوزت قيمتها تريليون دولار.
وانخفضت أسهم شركة فيسبوك بمعدل 40% منذ أن بلغت أعلى مستوياتها في يوليو الماضي، خاصة مع شعور مستخدميها بالقلق الشديد إزاء اختراق خصوصية البيانات على المدى الطويل، وتعطل الخدمة بين كل فترة وأخرى.
غيرت قواعد اللعبة
على المدى الطويل، قررت مايكروسوفت تغيير قواعد اللعبة وتركيز اهتمامها على منتجاتها الخاصة بسوق البنية التحتية وسد الفجوة التي خلفتها شركة أمازون، وتخلصت الشركة من أسلوب القيادة التقليدي القديم، كما أنها أصبحت أحد المهيمنين الرئيسيين في سوق الحوسبة السحابية.
تكيفت مايكروسوفت مع الأوضاع الجديدة في الأسواق وحاولت تطويعها للعودة إلى القائمة مرة أخرى، وحاولت من خلال طريقتها الجديدة في القيادة الاستحواذ على الأماكن الشاغرة التي تركها منافسيها ورائها، خاصة شركة أمازون والتي كانت تلبي ثلث احتياجات الأسواق.
وقال محللون ومراقبون للأسواق إن الخطوات الكبيرة التي قامت بها مايكروسوفت تحت إدارة نادالا خاصة في مجال الحوسبة السحابية جعلتها أكثر تركيزا على المشاريع، ما سمح لأسهمها بالتفوّق على شركات المنافسة الأخرى.
الهند تزيح أمريكا والمكسيك تنضم وقفزة لإندونيسيا.. دراسة تكشف صعود الاقتصادات الناشئة
معضلة المبتكر
إذا استمر نجاح الشركة وتمكنت من تحقيق هذا الإنجاز بنهاية العام، فإنها ستكون بذلك مثالاً فريدًا ونادرًا لمعضلة المبتكر، والتي تحدث عنها الكاتب الأمريكي كلايتون كريستنسن، في كتابه الذي يحمل الاسم نفسه ويعتبر واحد من أكثر كتب الاقتصاد المثيرة للجدل، والذي حرص ستيف جوبز مؤسس شركة أبل ومديرها التنفيذي على قراءته، وقال إنه أحد أهم الكتب التي يجب الاطلاع عليها.
يتحدث كريستنسن، في كتابه، عن العمليات التي من خلالها تحل التكنولوجيا التخريبية محل التكنولوجيا القديمة، والقوى ذات السلطة داخل الشركات التي تدار إدارة جيدة مما يجعل من غير المحتمل أن تطور هذه التكنولوجيات من نفسها.
توضح نظرية كريستنسن أن بعض الشركات تكون قادرة على القيام بكل شيء بالطريقة الصحيحة وتفعل كل شيء كما ينبغي، ولكنها لا تزال مع ذلك غير قادرة على الريادة في السوق، ولا تستطيع مواجهة المنافسين القدامى أو الجدد.
غيرت نظرية كريستنسن الطريقة، التي يفكر بها المديرون التنفيذيون حول العالم، وجعلتهم يغيرون قواعد اللعبة، وهذا ما حدث بالفعل في مايكروسوفت، والتي غيرت طريقتها في الإدارة بعد تولي نادالا، منصب المدير التنفيذي، فأصبح من الصعب حدوث هذه المشاكل تحت إدارة مايكروسوفت الجديدة.