مقعدك في اجتماعات العمل يكشف الكثير عن دورك
لو عدنا بالذاكرة إلى أيام الدراسة وخصوصاً عند الانتقال من صف لآخر أو حتى من مدرسة لأخرى. في اليوم الأول تدخل إلى الصف وفي عقلك فكرة واحدة ترك الانطباعات الجيدة عن الآخرين، المعضلة الأولى التي تواجهك هي اختيار المقعد، فإن قررت الجلوس في الصف الأمامي فسيتم اعتبارك بأنك من الذين لا يقومون بشيء سوى الدرس وفي حال اخترت المقعد الذي يقع في المقاعد الأخيرة فحينها إما سيتم اعتبارك بأنك تحاول أن تختبئ أو سيتم تصنيفك بشكل تلقائي بأنك من الفئة المشاغبة.
هناك نوع من التواصل غير اللفظي الذي يتم عندما يتشارك الأشخاص الحيز المكاني نفسه سواء كان الصف أو غرفة الجلوس أو غرفة الاجتماعات.
المقاعد وارتباطها بالدور
كل مقعد في غرفة الاجتماعات يخدم هدفاً محدداً ويكشف الكثير عن الشخص الذي يجلس فيه ودوره في المؤسسة هذا على الأقل من الناحية النفسية .كما أن المكان الذي تجلس فيه خلال الاجتماعات قد يزيد من نسبة المواجهة أو النجاح أو المشاركة.
مقعد القوة والسلطة
هو المقعد الأكثر بروزاً في الغرفة و يمكن رؤيته بكل وضوح وعادة يكون في نهاية الطاولة بمواجهة الباب. الشخص الذي يجلس هناك يمكنه رؤية الجميع ورؤية من يدخل ومن يخرج كما يمكنه القيام بتواصل بصري مع الجميع الذي يجلسون في الغرفة وبالتالي يمنحه قدرة أكبر على التأثير.
المقعد يجلس فيه، بشكل عام، الشخص الذي يملك اللقب الأعلى في الغرفة، المدير أو المدير التنفيذي أو أي شخص آخر. هذا المكان يضع الشخص في وسط المحادثات والمناقشات، وعليه يكون بشكل أو بآخر نقطة الانطلاق التي تدير وتسيطر على النقاش والمحادثات. في حال كنت تسعى الى الحصول على الاهتمام وإدارة الحديث يمكنك أن «تسرق» هذا المقعد في حال لم يكن هناك تعليمات واضحة بأن هذا المقعد لا يجب أن يجلس فيه أي شخص آخر سوى المدير.
مقعد الرجل الثاني
مقعدان يمثلان الدرجة الثانية بعد رأس الهرم وهما إلى يمين ويسار مقعد المدير. في الاجتماعات التقليدية حيث هناك تحديد مسبق لمكان الجلوس، ستجدون هناك الشخصين اللذين يمثلان «الرجل الثاني» بعد المدير وفي حال لم يكن هناك نمط تقليدي للاجتماعات أو آلية الجلوس نجد هناك عادة الأشخاص الذي يسعون للوصول إلى ذلك المنصب أو للتقدم في الحياة المهنية.
في حال كنت تملك الخيار للجلوس في أي مقعد تشاء ضع هذه الأمور بالحسبان، في دراسة أجرتها جامعة أويغون تبين بأن المقعد الذي يكون إلى يسار مقعد المدير لن يخدمك ولن يجعلك تبدو وكأنك في موقع قوة أو تملك أي تأثير يذكر بينما المقعد الذي يكون إلى يمين المدير يمنحك «تأثيراً» أكبر.
المقعد إلى يسار مقعد القوة يجعلك تبدو وكأنك «تابع» لصاحب السلطة بينما المقعد إلى يمينه يجعلك تبدو «اليد اليمنى» له وبالتالي تملك قوتك الخاصة وتأثيرك الخاص.
كيف تحول أليكس كلاين من عالم الصحافة لصاحب واحدة من أكبر شركات التكنولوجيا؟
مقعد النقطة المحورية
مقعد السلطة كما قلنا هو المقعد الأكثر بروزاً في الغرفة، بينما مقعد النقطة المحورية هو المقعد الذي ينظر إليه مباشرة صاحب السلطة والذي يكون عادة في الطرف الآخر المقابل لمقعد السلطة. الشخص الذي يجلس هناك يملك ما يقوله وهو داخل الاجتماع بنية إدارة النقاش والتعبير عن رأيه.
لا يوجد مقعد يبرز أكثر من هذا المقعد لأنه يسمح للشخص الذي يجلس هناك بالسيطرة على مجريات الأمور. ولكن عند إختيار ذلك المقعد في غرفة الاجتماعات يجب التعامل مع ما يحصل داخل غرفة الإجتماعات بحذر، ففي نهاية المطاف أنت تجلس في الطرف المقابل لصاحب السلطة، ما يعني أن هناك إيحاء بمواجهة من نوع ما وبالتالي رسالتك لصاحب السلطة بأنك منافس يجب وضعها بالحسبان.
مقعد المتحاور
المقاعد التي تقع بين مقاعد السلطة الأساسية والثانوية التي تحدثنا عنها أعلاه يجب التعامل معها بحذر أيضاً. هذه المقاعد التي تكون بمواجهة المقاعد الأخرى يمكنها أن تخلق بيئة من المواجهة والمنطق الدفاعي ما يزيد من نسبة تحول النقاش إلى جدال وبالتالي ارتفاع نسبة العدائية ولهذا السبب يتم وضع «المتنافسين» في أي مسابقة كانت بمواجهة بعضهم البعض.
الجلوس إلى يسار شخص ما يقلل من نسبة العدائية ويجعل الشخص يبدو أكثر لطفاً وأقل ميلا للمواجهة، البعض يختار وبشكل تلقائي الجلوس إلى جانب الأشخاص الذين تجمعهم علاقة جيدة في مكان العمل أو الذين يظنون بأنهم يملكون نفس آلية التفكير. ولكن يمكن أستغلال هذا المقعد من أجل المصلحة الخاصة وبالتالي الجلوس إلى يسار زميل علاقتك به متوترة أو هناك منافسة بينكما يمكنه أن يخفف من نسبة العدائية بينكما ويقلل من نسبة تبادل الاتهامات أو حتى الدخول في جدال عقيم خلال الاجتماعات.
ولكن ماذا عن غرف الاجتماعات غير التقليدية؟
حالياً غالبية الشركات لم تعد تعتمد على الطاولة بشكلها المربع أو المستطيل بل إن غرف الاجتماعات باتت أقل تقليدية وبالتالي الطاولة إما دائرية أو بيضاوية وحتى إن بعضها على شكل U وذلك في سعي من المؤسسات لمنح الجميع الفرصة للحديث من دون تمييز بين شخص يجلس على رأس الطاولة وآخرين يستمعون.
في هذه الحالة مقعد السلطة لن يكون على رأس طاولة الاجتماعات بل سيكون في وسطها بحيث يكون ذلك المقعد بمواجهة الباب. والقواعد نفسها تنطبق على مقعد الرجل الثاني ومقعد المتحاور. ولكن واستناداً إلى شكل الطاولة المعتمدة فإن مقعد النقطة المحورية قد يكون بمواجهة مقعد السلطة أو قد لا يكون موجوداً على الإطلاق، وبالتالي إن كان هدفك الحديث والتعبير عن وجهة نظرك فعليك عدم التعويل على مكان جلوسك والحديث عما تريد الحديث عنه.