كيف انتشر الانتحار في العالم؟ وهكذا نُنهي الأزمة بشكل نهائي
في فيلم " Margin Call" الذي عُرض عام 2011 وحقق نجاحًا كبيرًا، وقف أحد أبطاله على حافة مبنى شاهق العلو في وول ستريت وقال للشخص آخر "أتعلم، الشعور الذي يختبره الناس وهم على حافة مثل هذه ليس الخوف من السقوط، ولكن خوفهم من أنهم قد يقفزون بالفعل".
الإقدام على فعل خطير وأن نثبت لنفسنا أننا أجرأ مما نتصور يزيد نسبة الأدرينالين في جسدنا، لذلك يثير الانتحار اعجابنا، نعم أنه شيء مُرعب ولكننا مفتونين به، حتى في أظلم الأماكن في أذهاننا فإننا نراه جذابًا ومثيرًا، رغم أنه أكثر أنواع الموت ضررًا وإيذائًا
فشل جماعي
أن الانتحار ليس تعبيرًا عن الألم الفردي فقط، ولكنه أيضًا دليلاً على الفشل الجماعي، فإذا كان الشخص المُقبل على الانتحار يشعر أن العالم مؤلم للغاية ولا يستطيع العيش فيه، فإن الجميع مذنبين.
ولقد ارتفع مُعدّل العنف في الولايات المتحدة بنسبة وصلت إلى 18 % منذ عام 2000، وهذه ليست مأساة اجتماعية فحسب ولكنها سياسية أيضًا.
ولكن بعيدًا عن الولايات المتحدة الأمريكية، فإن نسبة الانتحار في العالم تضاءلت بشكل ملحوظ، إذ تناقصت بنسبة 29 % منذ عام 2000.
ما يدفعنا جميعًا للتساؤل عن أسباب تضاؤل معدلات الانتحار في الأونة الأخيرة، قد يكون للتحضر والمدنية وحصولهم على قدر أكبر من الحرية السبب في ذلك.
الاستقرار الاجتماعي عامل أساسي للتصدي للانتحار، فبعد أن عمّت الفوضى عقب انهيار الاتحاد السوفيتي تضررت الأوضاع الاقتصادية لكثيرين من أفراد الطبقة المتوسطة العاملة، وتضاعفت معدلات الانتحار، وكذلك بعد الأزمة الاقتصادية التي وقعت في 2007- 2008 كان لها تأثيرًا سلبيًا على الأشخاص، فزاد الاتجاه نحو الانتحار.
ما دور الحكومات؟
على مدار التاريخ كان للأحداث السياسية تأثيرًا سلبيًا واضحًا على المواطنين، فمثلا عندما سقط الاتحاد السوفيتي أنهار بعض مواطنيه، ولجأوا إلى الانتحار، لأنهم لم يستطيعوا استيعاب الأمر.
ومن الضروري أن تلعب المؤسسات دورًا محوريًا لإنهاء الأزمة، وأهم شيء يتعين عليها القيام به حاليًا هو الحد من عواقب الاضطراب الاجتماعي والاقتصادي، وأن تغير من سياساتها المتعلقة بسوق العمل، وأن تساعد في إعادة تدريب العاطلين عن العمل وتسهيل عودتهم إلى سوق العمل مرة أخرى، حتى يصبحوا أكثر انشغالاً.
علاوة على ذلك، يجب إنفاق المزيد على الخدمات الصحية، خاصة تلك التي تعود بفوائد كبيرة على كبار السن والمرضى، وقد يساعد ذلك على احداث فرقًا كبيرًا، لاسيما وأن خوف الأشخاص من الشعور بالألم المزمن قد يدفعهم للبحث عن مخرج سريع، أو حل يُنهي ما يشعرون به بسرعة.
ما دور وسائل الإعلام؟
وسائل الإعلام عليها أيضًا بذل المزيد من الجهود للتصدي للانتحار، لاسيما وأنه أشبه بالعدوى سريعة الانتشار. عندما قتل الممثل الأمريكي الشهير روبين وليامز نفسه في عام 2014، نُشرت تقارير توضح الطريقة التي انتحر بها ودوافعه لفعل ذلك بالتفاصيل المملة.
ووجد الباحثون، فيما بعد، أن هناك عدد كبير من الأشخاص الذين اعتمدوا على طريقة وليامز في الانتحار، لذلك من الضروري أن تتوقف وسائل الإعلام عن نشر تفاصيل قد تؤدي إلى تفاقم الأزمة عوضًا عن انهائها.
بالنسبة لبعض الناس أولئك المصابين بأمراض خطيرة ربما لن يتمكنوا من النجاة منها، وهم يعانون من ألم شديد ومصممين على الموت، قد يكون الانتحار الخيار الأقل رعبًا. وفي مثل هذه الظروف، وبعد إجراءات صارمة وشديدة، ربما يساعدهم الأطباء على الموت، وهذا ما يُطلق عليه "الموت الرحيم".