لماذا تفقد الشركات البوصلة في تطبيق قيمها على أرض الواقع؟
فيما مضى كان سهلا على الشركات أن تضع قيما ولا تطبقها فقط من أجل ملء صفحة «أهدافنا أو رؤيتنا»، لكن الوضع تبدل الآن، ولم يعد هناك إمكانية لذلك، فطبيعة الأعمال والعاملين وحتى العملاء تبدلت. والسؤال المطروح هنا، كيف يمكن للمدير أن يحقق القيم بالفعل ولا تصبح حبرا على ورق؟
حصر القيم
خطأ شائع ترتكبه الغالبية الساحقة من الشركات وهو امتلاكها لعدد كبير من القيم تصل إلى ١٠ أو ١٢ أو ١٤ قيمة. والنتيجة هي أن العاملين في المؤسسة لا يمكنهم أصلاً تذكرها، فكيف هو الحال بتطبيقها والعمل وفقها. الخبراء ينصحون بحصر القيم بأربعة أو ٦ فقط، واقعية وقابلة للتطبيق.
اختبار القيم
لمعرفة ما إن كانت قيم الشركة حقيقة يمكن اختبارها من خلال مراقبة أي موقف يكون فيه المدير مضطرا لاتخاذ قرارات حاسمة وصعبة مثل إطلاق منتج جديد أو طرد أحدهم أو توظيف أحدهم، في هكذا مواقف قيم الشركة هي التي ستكون «دليلا» يمكن الإدارة من اتخاذ القرار الصحيح. وفي حال لم تكن كذلك حينها يجب إعادة النظر بالقيم.
إليكم هذا المثال:
شركة «أواي» المعروف عنها بأنها من الشركات التي تكترث كثيراً لقيمها وجدت نفسها في موقف صعب حين قررت الخطوط الجوية منع وضع الحقائب بشاحن على متن الطائرة رغم أن هذه النوعية من الحقائب هي الأكثر مبيعاً عندهم.
حينها وعندما تم الاجتماع للخروج من المأزق تمت العودة إلى القيم التي تملكها الشركة وتحديداً إلى ٢ منها وهي «التفكير بالآخرين» و«الهوس بالزبائن وراحتهم»؛ فكان القرار هو صنع حقائب جديدة بشاحن يمكن فصله عن الحقيبة، وقاموا بإبلاغ الزبائن الذين يملكون حقيبة بشاحن أن يستبدلوا حقيبتهم القديمة مجانا.
والنتيجة.. عشرات الآلاف من الزبائن حصلوا على الحقيبة الجديدة وحجم الامتنان كان كبيراً لدرجة أن الغالبية الساحقة منهم اشترت حقائب من أجل شخص ما يعرفونه وذلك لرد الجميل للشركة.
التحدث بصوت بشري
بمجرد أن تعرف الشركة قيمها، على كل شخص داخلها أن يتحدث بصوت «بشري» مدفوعا بهذه القيم سواء كان التواصل يتم من خلال البريد أو عبر التليفون.
المشكلة مع الشركات هي أنها باتت تضع أهمية كبرى على التكنولوجيا على حساب التواصل البشري «الطبيعي». فهناك البريد الداخلي وصفحة العمل الجامعة وغيرها من الأمور، ولكن كل هذه الوسائل تعقد عملية التواصل وتفقدها قيمتها. خطوط التواصل يجب أن تكون مفتوحة وكل المعلومات يجب أن تكون متاحة للجميع.
تمكين الموظف من عيش القيم
من أجل ضمان استمرارية القيم يجب تمكين كل العاملين من أعلى إلى أسفل من استخدامها.
مثلاً إحدى الشركات تعتمد مبدأ الخطأ والتكرار كجزء من قيمها.. وهذا الأمر غير شائع في الواقع. الشركة توفر مساحة للموظفين بتجربة الأمور الجديدة ولا تحاسبهم حين يرتكبون الأخطاء بل تشجع على اكتشاف مكان الخطأ ثم المحاولة مجدداً. لاحقاً يقوم الموظف بمشاركة الخطأ الذي ارتكبه مع الزملاء. الفكرة قد تبدو بلا تأثير ولكن حجم استفادة الشركة من هذا الأمر خرافي، فالشخص هنا لا يتعلم فقط من الأخطاء التي يرتكبها بل يساعد الآخرين على التعلم من أخطائه. الشركات عليها ألا تضع القيم فقط بل عليها أن توفر بيئة تمكن الموظفين من عيشها ومن تطبيقها.
المصدر: ١