بعد تضخم وصل لـ2500%.. كيف أصبحت البرازيل ثامن أكبر اقتصاد في العالم؟
لعقود طويلة عانت البرازيل من التضخم الجامح، الذي أفسد اقتصاد البلاد وأفقر العباد، حتى كاد يصل بها إلى حافة الإفلاس الفعلي، فمنذ عام 1942 لم يشهد البلد اللاتيني أي معدل تضخم سنوي مكون من رقم واحد، أي أنه لم ينخفض دون 10%، والأكثر أنه تجاوز الأربعة أرقام (1000% فأكثر) طول الثمانينيات والتسعينيات.
تعرف على تأثير التقنيات الناشئة على الاقتصاد الإبداعي
وفي أوائل التسعينيات، عانى الاقتصاد البرازيلي من فوضى عارمة، امتدت لـ3 سنوات، وفي عام 1993 بلغ التضخم السنوي 2477%، وتشير بعض التقديرات إلى وصول معدل التضخم التراكمي خلال الفترة بين عامي 1964 و1994 إلى كوادريليون في المئة (واحد وعن يمينه خمسة عشر صفرا).
وتعود أسباب المعاناة الاقتصادية إلى فترة منتصف القرن العشرين، عندما عمدت الحكومة إلى طباعة المال بكثرة لتمويل بناء عاصمة جديدة في برازيليا، إضافة إلى تعيين وزيرا للمالية لم يكن يفقه شيئا في الاقتصاد، لكنه لاحقا قرر الاستعانة بالخبير الاقتصادي وأستاذ الاقتصاد بالجامعة الأسقفية الكاثوليكية في ريو دي جانيرو "إدمار باشا".
أرامكو السعودية تفوز بجائزة ولي عهد دبي للابتكار في إدارة المشاريع
كانت أول خطوة لتحسن الوضع هي مطالبة "باشا" و3 اقتصاديين آخرين الحكومة بإبطاء وتيرة طباعة الأموال، إضافة إلى ضرورة ابتكار عملة جديدة مستقلة أطلقوا عليها "الريال" الجديدة، وكانت افتراضية وغير موجودة في الواقع، ولكنها أسهمت في انخفاض الرسوم الجمركية، ما تسبب في إغراق السوق المحلية بالسلع المستوردة، وكان ذلك كفيلا بالضغط على المنتجين المحليين، لمنع أسعارهم من الارتفاع.
ولبضعة أشهر استخدم الناس العملة الجديدة في التسعير والتقييم، وبدأوا يستشعرون استقرار الأسعار، وما إن ساد هذا الإحساس، قرر "باشا" ورفاقه تحويل العملة الافتراضية إلى أخرى حقيقية، فباتوا يتقبلون قيمتها ويثقون فيها.
5 فوائد سيحققها الذكاء الاصطناعي في عالم الاستثمار
وعلى رغم ما واجهته هذه العملة من تحديات صعبة لكن الحكومة بالتعاون مع "باشا" ورفاقه الذين تصدروا المشهد الاقتصادي، تمكنوا من درء المخاطر واستعادة المصداقية عبر سياسات تكبح التضخم، لم تقتصر على إصدار العملة الجديدة بل شملت أيضا إنشاء صندوق طوارئ اجتماعي (عملية احتاجت لتعديل دستوري)، وإجراء عملية إصلاح نقدي شامل، أسهمت في تسجيل البلاد نموا جيدا منذ أوائل الألفية الثالثة، حتى إنها باتت الآن ثامن أكبر اقتصاد في العالم.