أصول لا تنضب
الثقة هي الأصول التي لا تنضب، هي رأس المال الحقيقي. الثقة ليست لغة اقتصاد وأرقام، بل هي مبادئ وأخلاق, هي الاستثمار الذي تبنيه على مدى سنوات ومواقف مختلفة، هي المعيار الذي لا يحكم ملاءة الشخص وإمكاناته فقط, بل احترامه وتقديره.
هناك أشخاص يتفننون في إظهار عكس ما يبطنون، يعتقدون أن نجاحهم يكمن في قدرتهم على تقديم صورة مقنعة للآخرين, لكن أفعالهم تكون عكس ذلك، وخطورة هؤلاء، أنهم متمكنون في التلوّن والإقناع، وتقديم صورة إيجابية، وعادة ينكشفون، لكن بعد فوات الأوان.
لا تنزعج من هؤلاء، ولا تظنّنّ أنك أقلّ ذكاء من الآخرين، لأنك وثقت بمن لايستحق؛ كل واحد يتعامل بطبعه ومعدنه، وحينما يقدم الإنسان حسن الظن، ويتوسّم الخير بالآخرين, فإنه يتعامل بأخلاقة، ويتوقع الشيء نفسه منهم.
وعندما ينكشف الواقع، ويُصدم في كمّ الزيف والخداع, يصبح مشوشاً، ويفقد الثقة بكثيرين, ربما هم يدفعون ثمن أخطاء لم يرتكبوها. فقساوة التجربة تجعل الشخص قلقاً حتى ممّن يثق بهم وأثبتوا أنهم أهلٌ لهذه الثقة.
ونحن بشكل، عام، شعوب تثق بسهولة بالآخر. وكثير منا يعتقدون أن الكلمة هي وثيقة في حد ذاتها. لكن التجارب تكشف أن متغيرات الحياة أثرت في أخلاقيات البعض ونفوسهم، فغيّرتها. وهذا يجعلنا نتساءل: كيف تسقط الرموز في زمن الاختبار؟
الثقة معدن الانقياء. ومن يثقون بالآخرين، هم الأكثر نبلاً وصدقاً مع أنفسهم. وهم بمبادئهم وتعاملهم يجعلون هذا العالم أكثر قبولاً للعيش، هم يستحقون الأفضل لأنهم الأنقى. والحياة حتى وإن قست عليهم في بعض المنعطفات، فإنّهم هم الذين سيربحون الرهان؛ ربما يخسرون تجربة أو معركة، لكنهم على المدى البعيد ينتصرون لأنفسهم ومبادئهم.
تمسك بقيمك، فسوف تمنحك الحياة ما تستحق.
السطر الأخير:
كلما خسرنا شخصاً جرحته الثقة بالآخر، تقلصت مساحة السعادة في العالم خطوة.