رجل الأعمال محمد العايد: طوّرت العلاقات العامة إلى صناعة فكرية
هل نبقى شركة محلية راسخة الجذور تبدع في مجال العلاقات العامة والاتصال المؤسسي، أم نتوسع لنكون شبكة متكاملة تخدم المنطقة؟ سؤال تبادر إلى ذهن رجل الأعمال محمد العايد في وقت حقَّقَ فيه نجاحاً لافتاً في هذا القطاع داخل السعودية، مؤكداً أن العلاقات العامة مفهوم عميق وشامل ما زال يتميز بفرصٍ مهمة يمكن اقتناصها.
لينطلق بقواعد راسخة في أربع عشرة دولة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، مكوناً شبكة إقليمية تستطيع التنافس وبناء قاعدة من العملاء تقوم بخدمتهم في دول عدة، فضلاً عن عقد شراكات مختلفة مع مكاتب ذات علاقة في دول إسلامية، متوجهاً بنظره إلى العالمية.
واليوم، "تراكس" واحدة من كبرى الشبكات المتخصصة في العلاقات العامة والاتصال المؤسسي في المنطقة العربية، تحتضن فريق عمل يضمّ 275 متخصصاً.
"الرجل" حاورت رجل العلاقات العامة محمد العايد، للوقوف على أهم المشاريع الحديثة، وقصة الشراكة مع "أوبن إنفلونس"، إحدى الشركات الرائدة في التسويق في لوس أنجلوس.
- حدثنا عن بداياتك
انطلقت رحلتي في عالم العلاقات العامة عام 1992، حيث بدأت العمل في "آرامكو" السعودية وبعدها انتقلت إلى الشركة السعودية للعلاقات العامة في عام 1994 وحتى آخر عام 1997.
ويعدّ 1 يناير 1998 نقطة تحول بالنسبة لي، حيث قررت أن أكون صاحب عمل فضلاً عن موظف، فأسّست "تراكس" التي قامت على فكرة إيجاد شركة وطنية متخصصة في العلاقات العامة والاتصال المؤسسي، مقرها الرئيس في مدينة جدة، وتخدم طيفاً واسعاً من العملاء في القطاعين العام والخاص. وبتوفيق من الله عز وجل، تسارعت النجاحات وأصبحت الشركة الرائدة في المملكة.
وفي عام 2001، بدأنا برنامجاً للتوسع الإقليمي، لتصبح تراكس أكبر شبكة علاقات عامة في العالم العربي.
واليوم، "تراكس" واحدة من كبرى الشبكات المتخصصة في العلاقات العامة والاتصال المؤسسي في المنطقة العربية، وتحتضن فريق عمل يضمّ 275 متخصصاً يعملون في 14 بلداً في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
- معروف أنك تمتلك حصيلة جيدة من اللغات الأوروبية بالإضافة للغة العربية، فلماذا لم تتجه للحياة الدبلوماسية؟
لم يخطر في بالي أن أختار مجال عملٍ معين يتماشى مع دراستي الجامعية، ولكن كنت أرى نفسي في مجال خدمة العملاء وبناء العلاقات، وكان في هاجسي أن أكمل تعليمي وأعود للمملكة لخدمة بلدي، لكن العلاقات العامة هي التي اكتشفتني؛ ففي عام 1991، كتب لي بروفسور اللغة الفرنسية والمشرف على رسالتي خطاب توصية، ذكر فيه بأن المجال المناسب لي هو العلاقات العامة، وبالفعل بادرت بالعمل فيها وقد تمرست في هذا المجال، بعدها أدركت أن العلاقات العامة أكبر من وظيفة أو عمل، وكلما سئلت عن ماهية العلاقات العامة تكون إجابتي دائماً "العلاقات العامة علم الحياة".
ومن خلال 27 عاماً من العمل في هذا المجال، أنا أتعلم الجديد كل يوم، وأومن بأن العلاقات العامة مفهوم عميق وشامل وما زال يتميز بفرصٍ مهمة يمكن اقتناصها.
- بدأت في وقت لم يكن للعلاقات العامة أي نهج أو مدرسة معترف بها في السعودية، لتضع أنت لغة إنسانية، وعملية جديدة شكّلت رؤية جديدة فكيف استطعت أن ترى ما لا يراه غيرك؟ وما الخطوط الرئيسة التي نسجتَ منها جلباب نجاحك؟
في أي عمل يقوم به الفرد، هناك معطيات على الأرض، واحتمالاتٌ عدّة. وبفضل الله، وفّقنا في خياراتنا وأدركنا مع الوقت أن تتبع الإنسان لشغفه هو المفتاح الأول ليحقق النجاح في حياته. وأسأل نفسي دائماً ما السر أو النهج أو الأسلوب؟ فتأتي الإجابة واضحة كعين الشمس، هي القدرة على التواصل والتفاعل والتكامل. وإن تحدثنا عن الخطوط الرئيسة التي نسجت نجاحنا، فهي تكمن في المبادئ والفرص والخيارات والقرارات والالتزام والإبداع. هذه هي الخطوط الستة التي نعمل بها.
- من شركة "تراكس" وثلاثة عملاء فقط، استطعت أن تبني صرحاً، كم ساعة تعمل في اليوم؟ ومن هم الشركاء الذين أسهموا في هذا النجاح؟
منذ أن بدأنا عام 1998 وحتى اليوم، كانت رؤيتنا وما تزال تطوير العلاقات العامة في الدول العربية، من مهنة إلى صناعة فكرية تستند إلى أسس علمية. نحن لا نكتفي بالإنتاج المجرد، بل نصبو إلى تحقيق نتائج تنهض بالصناعة، ونسعى لنكون شركاء لعملائنا ونوفر لهم المشورة المستنيرة، وبرامج الاتصال الفاعلة التي تحقق أهدافهم وتطلعاتهم.
ولنعطي لكل ذي حقٍ حقه، أرى أن كل شخص أسهم بدوره في نجاح تراكس، من عميل محتمل، سابق أو قائم أو أي زميل وزميلة أو إعلامي أو موظف حكومي أو رئيس شركة أو مورد أو شريك، لهم مني كل الاحترام، لأن نجاحنا يتأتى عبر سلسلة من الفرص والخيارات، وعملنا مبنيٌّ على بناء وتطوير وتعزيز العلاقات.
- قبل عشرين عاماً كانت السوق السعودية أرضاً ضحلة ليس فيها مقومات ترسية أعمدة في أرض صلبة، فكيف مهّدت الأرضية؟ وهل أنت من فتح المجال للمنافسة في مجال العلاقات العامة والاتصال؟
بطبيعة الحال، إذا ما تأملنا في أي شركة ناجحة، فسنجد أن نجاحها يعود إلى ثلاثة عوامل رئيسة؛ أوّلاً: عامل الوقت، وجاء تأسيس شركتنا في فترة مهمة شهدت بداية انتشار الوعي عن أهمية العلاقات العامة، وهي كانت بداية نهوضها صناعة قائمة بذاتها. ثانياً: عامل الكفاءة، حيث كنّا وما زلنا نهدف لأن تكون تراكس مدرسة لتخريج الكوادر الوطنية المدربة والمؤهلة للعمل في مجال العلاقات العامة. ثالثاً: التنافسية، حيث حرصنا ومنذ البداية على تقديم ما نفخر به من خدمات رفيعة تلبّي متطلبات السوق العربي، وترقى لأفضل الممارسات العالمية.
أنا لم أفتح مجال المنافسة، ولكن قد تكون تراكس بدأت في وقت كان الوعي بمجال العلاقات العامة منخفضاً، ولعل التزامنا بتطوير المواهب الوطنية وصقلها، أعطانا ميزة ونهجاً نحن ملتزمون به في كل سوق من أسواقنا، وأنا أومن بأهمية توطين صناعة العلاقات العامة والاتصال المؤسسي، لكن عبر منهجية واضحة تستند إلى الخبرات الدولية لبناء خبراء وليس ممارسين وحسب.
فضلاً عن ذلك، نحن نعمل في عالم متغير ومتجدد، والعلاقات العامة صناعة مبنية على المواكبة واستكشاف الفرص، ولهذا التنوع في الخبرات والخبراء ميزة ولكن من الضروري إيجاد "التوازن" لخلق كيان ناجح يستطيع المنافسة والإبداع.
- صناعة العلاقات العامة تعتمد على العميل، ولعلها فن الدبلوماسية والوساطة بين العملاء وأرباب الشركات، ووسائل الإعلام المختلفة، أين يكمن إبداع محمد العايد واختلافه عن غيره؟
أتفق معك فيما يخص الدبلوماسية والوساطة، لكن العلاقات العامة تشمل ما هو أكثر من ذلك، فهي علم مؤسسي يرتكز على الدقة وإيصال المعلومة، وبناء جسور التواصل والتفاعل وبناء وتعزيز وحماية السمعة، فضلاً عن ضخّ الحسّ الإبداعي في برامج الاتصال.
وإذا تحدثنا عن الإبداع، فالموضوع لا يعني محمد العايد فحسب، بل بكامل فريق العمل، لأن العمل في العلاقات العامة لا يتوقف على الفرد بل العمل الجماعي. ولعل من أهم صفات الممارسين العاملين في هذا المجال، التواضع عند الإنجاز، حيث النجاح الفردي ليس مهماً، بقدر ما يهم نجاح الفريق بأكمله وتمكنه من إحداث الفرق. ويمكننا أن نلاحظ أن خبير العلاقات العامة لا يبحث عن التكريم أو الظهور أو حتى الإطراء، بل يخطط لتكريم المنشأة التي يعمل بها أو يمثلها.
- من السعودية كانت فكرة الانطلاق إلى منطقة الشرق الأوسط، ليصل عدد الفروع إلى 14 فرعاً؛ حدثنا عن هذا التوسع، وما فلسفتك في الوجود في دول عربية مختلفة، على الرغم من أن كثيراً من الشركات اعتمدت فرعاً أو اثنين بحسب خارطة كل مجموعة دول؟
بعد ثلاثة أعوام من النجاح في سوق المملكة، الذي يعدّ من أكبر أسواق منطقة الشرق الأوسط، والاختبار الحقيقي لاختراق هذا المجال أيضاً، نظرنا إلى المستقبل وسألنا أنفسنا أهم سؤال ترتبت عليه رؤيتنا وتطلعاتنا: "هل نبقى شركة محلية راسخة الجذور تبدع في مجال العلاقات العامة والاتصال المؤسسي، أم نتوسّع لنكون شبكة متكاملة تخدم المنطقة؟". وكان هذا أسهل قرار بالنسبة لنا وهو التوسع لكي ننقل تجربتنا إلى الدول المجاورة، وقد كانت هذه بداية رحلتنا لتطوير هذه الصناعة الحيوية.
وبالفعل، توسعنا في عام 2001، في الإمارات ومصر، وبدأنا بالنهج نفسه الذي تبنيناه في المملكة، وهو التركيز على خدمة العميل والالتزام بأفضل معايير جودة الخدمة، وتطوير منتجات تلائم السوق الذي نعمل فيه.
وفي عام 2006، أدركنا أيضاً بأننا نحتاج إلى التوسّع لنكون شبكة إقليمية تستطيع التنافس وبناء قاعدة من العملاء لنقوم بخدمتها في دول عدة، فبدأنا بإضافة مكتب كل عام، حتى أصبحنا نعمل في جميع دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. وفي عام 2017، انتهجنا مفهوماً جديداً في التوسع وهو الاستحواذ المباشر، بدلاً من تأسيس مكاتب جديدة. وفي أوائل العام استحوذنا على شركة "لالور" في مدينة مراكش وأصبحت تراكس المغرب.
فمنذ ذلك الوقت، وحتى اليوم، كانت رؤيتنا وما تزال تطوير العلاقات العامة في الدول العربية، من مهنة إلى صناعة فكرية تستند إلى أسس علمية، ونحن لا نكتفي بالإنتاج المجرد، بل نصبو إلى تحقيق نتائج تنهض بالصناعة، مدفوعين بشغفنا، وساعين لنكون شركاء لعملائنا ونوفر لهم المشورة المستنيرة وبرامج الاتصال الفاعلة التي تحقق أهدافهم وتطلعاتهم.
واليوم، "تراكس" واحدة من كبرى الشبكات المتخصصة في العلاقات العامة والاتصال المؤسسي في المنطقة العربية، وتحتضن فريق عمل يضمّ 275 متخصصاً يعملون في 14 بلداً.
ولم نكتفِ بالتوسع في المجال الرئيس لعملنا، بل توسعنا في مجالات عدة، منها إدارة الفعاليات والمؤتمرات، حيث أسسنا الشركة العربية لتنظيم المؤتمرات، لتكون الذراع الداعمة.
ومؤخراً، أعلنّا عن شراكتنا مع "أوبن إنفلونس"، وهي إحدى الشركات الرائدة في التسويق عن طريق المؤثرين ومقرها لوس أنجلوس، لدعم الأسواق العربية بحلول مستندة إلى بيانات في مجال التسويق المؤثر.
وستجمع هذه الشراكة الاستراتيجية الجديدة خبرات شبكة تراكس الطويلة وقدراتها المتميزة في العلاقات العامة والاتصال المؤسسي، بالمنصة التقنية الخاصة التي تملكها "أوبن إنفلونس" ومعرفتها المتعمقة في العالم، ما يتيح معطيات آنية تساعد العملاء في تحقيق أعلى عائدٍ على الاستثمار في استراتيجياتهم مع الشخصيات المؤثرة على مواقع التواصل الاجتماعي، وتمكنهم من اتخاذ قرارات مدروسة وسليمة.
- تطورت تراكس وزادت الصعوبات والتحديات والتقلبات الاقتصادية وحتى السياسية، فكيف استطعت التجاوب مع المتغيرات العربية والعالمية؟ وهل العلاقات العامة اليوم كما هي في الأمس؟
نحن نعدّها في الواقع تحديات. وفي هذا المجال، نواجه ثلاثة تحديات رئيسة؛ أولها، الوعي: ففي البداية كانت العلاقات العامة تعد من المهن الغامضة، وينظر لها من يعرفها على أنها ضرب من الكماليات، وليست أداة استراتيجية يمكن استثمارها للارتقاء بالمنشآت. لعلي أذكر أنه بين عامي 1998 و 2000، كنا نضطر لتعريف العملاء بالعلاقات العامة ونتأكد من فهمهم لأهميتها بالنسبة لمنشآتهم، قبل أن نعرض خدماتنا لهم.
ثاني التحديات ، هو إيجاد وتطوير الكوادر البشرية، ففي الغرب ونظراً لأهمية هذه القضية يسمونها "حرب الموهبة". فصناعة العلاقات العامة مبنية بطبيعة الحال على حصيلة الخبرات والمعرفة التي يملكها الممارس أو الممارسة، ولهذا وجدنا أن علينا صنع خبراء في هذا المجال، يضعون الرؤى ويصوغون الخطط الاستراتيجية بمهنية، وبما يحقق متطلبات العميل، وليس ممارسين يتقنون المهام اليومية فقط.
أما ثالث التحديات، فهو تحديد الخدمات. ففي أوائل التسعينيات وحتى منتصف الألفية الثانية تمحورت صناعة العلاقات العامة حول الأخبار الصحفية والتقارير الإخبارية فحسب، التي كانت تمثل أكثر من 90% من العمل الإعلامي. وشركة تراكس كانت تؤثِر أن تسير في النهج المتعارف عليه نفسه، لكننا بدأنا باستحداث استراتيجية جديدة اشتملت على توجه جديد وخدمات جديدة تتماشى مع متطلبات الأسواق التي نعمل فيها، حيث يتّسم مشهد الاتصال والإعلام بالتغير المستمر، كما أن التقنية تأتينا كل يوم بأدوات ووسائل جديدة في مجالات عدّة، مثل برامج التدريب المتخصصة في العلاقات العامة والخدمات الرقمية وبرامج التواصل الداخلي، وبهذا نوّعنا منظومة الخدمات التي نقدمها وأعطينا خيارات أوسع لعملائنا.
العلاقات العامة اليوم كما هي بالأمس، لكن تطبيق مبادئها وممارساتها يختلف باختلاف المرحلة، لأن التحديات والمتطلبات وموقع العلاقات العامة من الإعراب يختلف مع تقدم الزمن. ولتبسيط الموضوع، أمس كان مفهوم العلاقات العامة "خدمياً بحتاً"، واليوم هو "استراتيجي" في المقام الأول. مسؤول العلاقات العامة سواء في القطاع الحكومي أو الخاص كان ينتظر القرار أو الخبر خارج مقر الاجتماع، لبثه داخلياً أو خارجياً. وتطور المفهوم وأصبح مسؤول العلاقات جزءاً من صنع القرار، والآن المتوقع من مسؤول العلاقات العامة أن يشارك في القرار، وأصبح لديه مكان محدد داخل قاعة الاجتماع، بل أصبح رأيه مهماً ولديه صوت مسموع، لأنه في المقام الأول والأخير هو المسؤول عن السمعة والصورة الذهنية للمنشأة التي يعمل بها.
- ما أبرز التحديات التي لا تزال عالقة في ذهن محمد العايد، وشكلت له هاجساً وقلقاً، واستطاع أن يجد لها حلاً؟
كل تحدٍ يمكن تحويله إلى فرصة ثم نقطة قوة. وأنا أرى أن أكبر تحدٍ أمامنا هو الارتقاء بالعلاقات العامة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا من ممارسة بحتة إلى صناعة قائمة على الفكر والمعرفة. وهذا هو شغلي الشاغل. دائماً يوجد حل ولكن أي عمل تطويري له رسالة طموحة يحتاج إلى مثابرة والتزام، وأنا أشبه هذا التحدي برحلة تطويرية تركّز على المراحل التي تمرّ بها، وليس محطة الوصول فقط.
- لو نظرت إلى العشرين عاماً، فما القرار الذي غيّر مصيرك؟ وما القرار الذي ندمت على اتخاذه؟
الحمد لله لم أندم على أي قرار اتخذته في حياتي، وأنا أومن بأنني لم أبدأ مشروعاً لم أكن مقتنعاً به.
أما القرار الذي غيّر مجرى حياتي، فهو الخروج من وظيفة آمنة ومستقبل مضمون إلى مشروع جديد، أو بالأحرى أن أتحول من موظف إلى صاحب عمل، في وقت لم تكن فيه صناعة العلاقات العامة معروفة، والخدمات التي تقدمها كانت كماليات غير مفهومة، فضلاً عن أن سوق العمل لم يكن معدّاً لها، ولم يكن هناك الكثير من الكوادر المحلية المتخصصة.
الآن، وبعد عشرين عاماً، أذهب إلى العمل كأنه أول يوم في تراكس، حيث أبحث عن الفرصة للتطوير، سواء لدعم عملائنا أو لفريق العمل.
- بدأت شركة تراكس بثلاثة عملاء، كم حجم عملائك اليوم؟ وكم حجم الموظفين؟
اليوم ولله الحمد، يمكن أن نقول إننا نعمل على خدمة أكثر من 200 عميل في 14 دولة في العالم العربي وخارجه، ولم نكن نتوقع أن نصل إلى هذا المستوى حين كانت بدايتنا متواضعة. نحن نؤمن بأن الفرد هو محور الأعمال على الإطلاق أياً كان نوعها، وهو الاستثمار الأهم لتحقيق أي إنجاز، انطلاقاً من مفهوم "الأفراد المتألقون يثرون قطاع الأعمال ويبنون علامات تجارية متألقة".
في عام 2013، عمدت شركة تراكس إلى استحداث قطاعين شبه مستقلين هما "إثراء" و"ديجيتال" ماذا عن هذين القطاعين؟ وكيف طوّرتهما؟
بالنسبة لإثراء، فهي الذراع التدريبية لشبكة تراكس، ويضمّ هذا القطاع فريقاً متكاملاً من خبراء التدريب في الاتصال المؤسسي والإعلام والتحرير، تحت مظلة تراكس. ويقدم برامج تدريبية تستند إلى 15 عاماً من النشاط في الجبهات الأمامية من صناعة العلاقات العامة، وتوفير الدعم والمساعدة للمنشآت والأفراد، لبناء قدراتهم ومهاراتهم في العلاقات الإعلامية.
استطعنا، خلال هذه الفترة تطوير برامج تدريبية ووسائل تعليمية باللغات العربية والإنجليزية والفرنسية، لرفع معايير العلاقات الإعلامية، واكتسبنا عبر هذا النهج معرفة عميقة باحتياجات المتحدثين بالعربية للعلاقات الإعلامية، ليتمكنوا من مخاطبة الجماهير العربية في كل أنحاء المنطقة، باللهجات المحلية السائدة.
لقد صممنا برامجنا لتطبيقها من ممارسين يتمتعون بالخبرة والمعرفة بالتحديات التي يواجهها مسؤولو العلاقات الإعلامية في كل سوق. كما أن خبراء التدريب معتمدون من جمعية استشاريي العلاقات العامة في بريطانيا التي تربطنا بهم شراكة مميزة.
أما "ديجيتال"، فهي ذراع الخدمات الرقمية لتراكس، وتعنى بتقديم الطيف الكامل للخدمات الرقمية والتسويق المؤثر، واستطلاعات الرأي الإلكترونية.
المسؤولية الاجتماعية جزء لا يتجزأ من مسيرتك، ولعل "تراكس" من أوائل الشركات التي اهتمت بهذا المجال. فما أهم المحطات أو المشاريع التي اعتمدتها للتوسع في هذا الاتجاه؟
المسؤولية الاجتماعية كانت، وما زالت، ركيزة لخدماتنا. وأول المشاريع التي عملنا عليها في عامي 1998 و1999 كانت متعلقة بالمسؤولية الاجتماعية. ففي عام 1998، افتتحنا متجر "وارنر برذرز" في مدينة جدة، وعندما اقترحنا تنفيذ برنامج خاص بخدمة المجتمع، وافق العميل ونفذنا الحملة وتكللت بالنجاح بعدها نفذنا مشاريع عدة، لشركة كوكا كولا، وكان الأول لدى الشركة، ودعمناه في عدد من برامج المسؤولية الاجتماعية.
ومن أهم المحطات، كذلك، في حياة تراكس، عملنا مع شركة "البيك" للأنظمة الغذائية المبني على برامج خدمة المجتمع. ومن أهم محطات هذه الرحلة فوز الشركة بالجائزة الذهبية لأفضل حملة علاقات عامة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. بعدها اختيرت تراكس من بين أفضل 50 حملة علاقات عامة في العالم لمشروع "من فضلك.. وقفها صح"، الذي يبرز ريادة ذوي الإعاقة في مسيرة التنمية الوطنية، وهي حملة حظيت بإشراف ودعم كل من شركة البيك للأنظمة الغذائية ومركز الملك سلمان لأبحاث الإعاقة.
من جهة أخرى نحن نعمل بشكلٍ دوريٍ على تبني الكفاءات الوطنية، خاصة من خريجي الجامعات، حيث ندعمهم ببرامج بالتدريب والتأهيل، ليصبحوا متمكنين ممتلكين الأدوات والمهارات التي تجعلهم متميزين في تقديم مختلف خدمات العلاقات العامة. كذلك، نعمل في تراكس على عقد دوراتٍ وندواتٍ وورش متنوعة لطلبة الجامعات، وأصحاب الأفكار المبتكرة، وأصحاب المشاريع الناشئة، الصغيرة أو المتوسطة، ونحاول مساعدتهم على تخطي التحديات التي تواجههم، ليتمكنوا من الإسهام بدورهم في تنمية الاقتصاد المحلي.
ومن أهم المبادرات التي نقدمها ورشة "مقعد القيادة"، وتستهدف كليات التسويق والإعلام في الجامعات، لتعريفهم بصناعة العلاقات العامة، عبر مفهوم غير تقليدي يتمثل في 8 تمارين تفاعلية تعرف بأهمية وقيمة وفائدة العلاقات العامة في سوق العمل، عبر أربعة محاور رئيسة تشمل التعرف بعمق إلى مفهوم العلاقات العامة، وتطوير وتعزيز مهارات الاتصال والتواصل، واكتشاف وإطلاق الطاقات الإبداعية، والتعرف إلى قصص النجاح بما تتضمنه من تحديات وإنجازات.
تقدم شبكة تراكس هذه الدورة في عدد من الدول أبرزها المملكة، واستفاد منها 500 طالب حتى الآن في المملكة، و900 طالب في المنطقة.
- اقتصادياً، وعلى مستوى العلاقات العامة داخل المملكة وخارجها، وبعد مرور 20 عاماً، ما الخطة القادمة؟
الحمد لله. نحن فخورون بما قدمناه على مدى العشرين سنة الماضية، ونتطلع قدماً إلى المزيد من الريادة والإنجازات. أما عن المرحلة المقبلة، فقد اعتمدنا استراتيجية جديدة من 4 محاور رئيسة، هي:
توسع الشبكة؛ سنواصل التوسع في أسواق جديدة منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
ترقية الخدمات؛ سنعمل على تطوير الخدمات التي نقدمها حالياً، واعتماد أحدث الممارسات العالمية في كل ما نقوم به، كما سنستحدث خدمات جديدة مع التركيز على الخدمات الرقمية، وبرامج التدريب والتأهيل.
تطوير فريق العمل؛ نعمل حالياً على إعادة بناء قدراتنا، وتطوير إمكانات فريق عملنا، عبر التفاعل الإيجابي والملهم مع كل فردٍ منهم.
تعزيز الالتزام؛ نتطلع إلى مواصلة الدور الإيجابي والرائد الذي نلعبه في صناعة العلاقات العامة الإقليمية، والاستمرار في المشروعات والبرامج التي ترتقي بهذه الصناعة على الدوام.
- 76 جائزة تكتب مسيرة محمد العايد، والكثير من شهادات التكريم والمشاريع الناجحة. ما الجائزة التي لم تحصدها وعينك لا تزال معلقة بها؟ وما أهم جائزة سجلت في سجلك الحافل؟
من أهم الجوائز التي سجلت لتراكس هي فوزها بلقب "أفضل بيئة عمل في قطاع العلاقات العامة" في قارة أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا حسب "تقرير هولمز العالمي" لعام 2015، لتصبح الأولى في المنطقة التي تحرز هذا اللقب المرموق. أتى هذا الفوز المتميز استناداً إلى تقرير هولمز الذي يعدّ المرجع الأول في صناعة العلاقات العامة والاتصال المؤسسي في العالم، والمعيار الموثوق لقياس ثقافة الشركات المتخصصة في هذا المجال والأداء في بيئة العمل.
وما تزال الطموحات كبيرة، ونحن ما نزال نطمح لخدمة صناعة العلاقات العامة للمملكة والمنطقة، والارتقاء بها، وتمكين الكوادر المحلية في الأسواق التي نعمل فيها. ونحن على ثقة بأننا لو أنجزنا هذه المهمة، فسنكون الرواد في هذه الصناعة في المنطقة والعالم أيضاً، وتجسيد ما نحلم به على الدوام.
- أين ترى محمد العايد مستقبلاً؟
أصبو دوماً لأن أكون عضواً فاعلاً في أسرتي ومجتمعي، وداعماً دائماً لصناعة العلاقات العامة في وطني، وأن أنجح ليس في نقل التجارب العالمية وتطويعها لخدمة منطقتنا فحسب، بل نقل خبراتنا إلى الخارج، لنكون أفضل ممثل وسفير لصناعتنا في أسواق العالم.