فلسفة العمل تطورت وتبدلت.. هل شركتك مستعدة لها؟
عالم الأعمال في تغير مستمر، والتغير هذا سريع جداً. كل شيء يتعلق بالعمل تبدل وتغير، فالصورة كانت مختلفة تماماً قبل عقد من الزمن سواء يتعلق الأمر بآلية إنجاز الأعمال، أو مكان إنجازها، وحتى طبيعة العمل نفسه. فلسفة العمل كلها تبدلت وإدراك الشركات لهذه التغييرات والتأقلم معها هام جداً لأنها إن كانت ما تزال «عالقة» في تعريفات الفلسفة القديمة للعمل فهي لن تتمكن من اللحاق بالركب ولا حتى التطور أو جذب المواهب التي تحتاج إليها.
تطور الشركات في بعض المجالات بطبيعة الحال تم بشكل تلقائي، ولكن هناك مجالات أخرى يجب تبنيها في حال لم يكن قد تم القيام بذلك بعد.
لماذا عليك انتقاد المرشحين لوظيفة في شركتك خلال مقابلة العمل؟
من ارتباط الموظف بالعمل.. إلى التجربة
النقطة الهامة جداً في فلسفة العمل الجديدة تتعلق بالموظف. سابقاً كانت الشركات تؤمن بأنه إن تم منح الموظف بعض المحفزات فإن ذلك من شأنه أن يعزز الولاء الذي يشعر به تجاه الشركة ويحسن الأداء. ولكن ما تم اكتشافه أن تلك المقاربة غير ناجحة، النتائج كانت مؤقتة. وعليه بات التركيز على «التجربة» التي يخوضها الموظف في الشركة، أي رحلته مع شركته خلال حياته المهنية. حالياً التركيز كله ينصب على جعل التجربة أفضل من خلال الاهتمام باحتياجات الموظف من خلال اعتماد المرونة والشفافية والمحفزات وتعزيز ثقافة الشركة.
من المهارات الصلبة إلى المهارات الناعمة
المهارات الصلبة لم تعد هامة كما كان عليه الحال فيما مضى وحالياً وفي فلسفة العمل الجديدة تم استبدالها بالمهارات الناعمة. المهارات الصلبة هي المهارات التي تتسم بثبات قواعدها وهي غير قابلة للتغيير مهما تعرضت لعوامل خارجية.المهارات الناعمة هي النقيض فهي مرنة ومتغيرة وفق المكان والزمان والظروف المحيطة والخبرات والفئة العمرية. المهارات الصلبة وخصوصاً في عصر تهيمن عليه التكنولوجيا على باتت عقبة وبالتالي كان لا بد من استبدالها بالمهارات المرنة التي يمكنها اللحاق بكل ما هو جديد والتأقلم معه. الفكرة سابقاً كانت توظيف أصحاب المهارات الصلبة أما حالياً فالشركات تقوم بتوظيف أصحاب المهارات الناعمة لأن المهارات الصلبة يمكن تعلمها لاحقاً.
من المكتب والدوام إلى المرونة المطلقة
الموظف في عصرنا الحالي يبحث عن المرونة في كل شيء. فهو يريد تحديد ساعات عمله والمكان الذي يعمل فيه خصوصاً إن كان ذلك المكان يجعل إنتاجيته تتضاعف. الشركات أدركت بأنها لم تعد تحتاج إلى الموظف في مكاتبها كل يوم، لأن التكنولوجيا جعلت التواصل سهلا للغاية وبالتالي يمكنه العمل من أي مكان يضاعف إنتاجيته. بطبيعة الحال هذا لا يعني أن فلسفة التواجد في المكتب انتهت ولكن المحاسبة على ساعات الدوام ومكان إنتاج العمل لم تعد كالسابق. سابقاً كانت الشركات لا تكترث لحجم الإنتاجية بل كل ما تريده هو أن يمضي الموظف فترة دوامه كاملة في المكتب، أما حالياً فما يهمها هو الإنتاجية بغض النظر عن الوقت الذي يمضيه في المكتب.
من صفة المدير إلى «المعلم» والمشرف
الفلسفة الجديدة للعمل تتمحور حول تبدل صفة المدير ومقاربته للعمل. سابقاً كان المدير هو الشخص الذي يحرص على إنجاز المهام، ولكن في الفلسفة الجديدة للعمل المدير هو المعلم والمشرف الذي يساعد الموظف على بناء حياته المهنية وبالتالي مساعدة الشركة على النمو. المدير حالياً يساعد الموظف على اختيار الاتجاهات التي يريد اعتمادها من أجل إنجاز المهمة عوضاً عن إرغامه على اعتماد هذه المقاربة أو تلك.
من بشر يعملون كالآلات.. إلى بشر يعملون مع الآلات
لطالما شعر الموظف في أي شركة كانت بأن يعمل كالآلة، فالمهام هي نفسها وساعات العمل هي نفسها ودورة العمل هي نفسها وبالتالي إنجاز «أتوماتيكي» للمهام. ولكن هذه المهام الروتينة باتت من نصيب الآلات التي تتولى إنجاز الجزء الممل من العمل. وهكذا تم منح البشر الوقت والمساحة للتركيز على الصورة الكاملة وبالتالي النمو.
المهام الاستراتيجية والإبداعية
فلسفة العمل القديمة كانت تتمحور وبشكل كلي حول التزام الموظفين بالنهج المتبع في الشركة لإنجاز الأعمال وذلك لأنه المقاربة التي تضمن إنجاز الأعمال بشكل صحيح. الفكرة هذه لم تتبدل فحسب بل تم التخلص منها بشكل كلي. حالياً المهام التي يتم تكليف الموظفين بها سيتم النظر إليها وتقييمها من زوايا مختلفة وبالتالي كل موظف يمكنه الخروج بأفضل استراتيجية من أجل التعامل معها. هذه المقاربة تجعل الموظفين أكثر إبداعاً وتحفزهم على التفكير خارج الصندوق وبالتالي تحصل الشركة على أفضل الحلول التي تساهم في تفوقها على المنافسين.
من هو رجل الأعمال الياباني الذي سيكون أول سائح فضائي في رحلة حول القمر عام 2023؟
من التسلسل الهرمي إلى هياكل تنظيمية مسطحة
جميع المؤسسات كانت تعتمد مبدأ التسلسل الهرمي، الموظف في أسفل الهرم والمديرون في الأعلى. المعلومات والأوامر كانت تأتي من رأس الهرم ثم تنقل إلى العاملين في أسفله تبلغهم بما عليهم القيام به. المؤسسات لم تعد تعتمد على هذه المقاربة بل باتت تعتمد علي الهياكل التنظيمية المسطحة بحيث يكون المدير على نفس «مستوى» الموظف. فعوض أن تسير المعلومات من أعلى إلى أسفل، حالياً تنقل على «الخط نفسه» وبالاتجاهين. وفي بعض الأحيان الخطوط تتقاطع وبالتالي المعلومات تسير بكل الاتجاهات خلال وقت قصير.. وكل شخص يتم منحه فرصة قول ما يريد قوله.
من القرارات المبنية على الحدس إلى القرارات المبنية على الحقائق والبيانات
في فلسفة العمل القديمة كان المدير غالباً ما يعتمد على حدسه عندما يريد حسم قرار ما وهذا ما كان يجعل القرارات مبنية علي العواطف. ولكن في فلسفة العمل الجديدة القرارات تبنى على الحقائق والمعلومات. كل ما يحتاج إليه المدير من بيانات ومعلومات يمكنه الحصول عليها، وعليه الشركات باتت تستخدم المعلومات وتحللها ثم تبني عليها قراراتها الداخلية والخارجية.
من مبدأ «المعرفة قوة» إلى مبدأ «التعلم الدائم قوة»
في فلسفة العمل القديمة كانت الشهادة الجامعية تكفي من أجل حصول الشخص على وظيفة، فالشركات كانت تبحث عن أصحاب الشهادات لأنهم «يعرفون» كل ما يجب معرفته. فلسفة العمل الحديثة قائمة على مبدأ أن التعلم الدائم هو القوة، وكل شخص يفشل في القيام بذلك يعني أنه متأخر عن غيره بعشرات الخطوات وبالتالي هو لا يقوم بتطوير معرفته ولا مهاراته ما يجعله عائقاً في مسيرة النجاح.
المصدر: ١