ما الفرق بين التوتر الجيد والسيء؟
التوتر يملك سمعة سيئة إذ يتم تصنيفه فوراً تحت خانة كل ما هو سلبي. ورغم أنكم لن تسمعوا يوماً شخصاً يقول «أشعر بالتوتر الشديد.. يا له من شعور رائع».. لكن التوتر يمكن أن يكون جيداً ومفيداً في بعض الحالات. الكل يشعر بالتوتر في حياته ومعدل إختبار هذه النوعية من المشاعر يختلف بين شخص وآخر. التوتر يعرف بشكل عام بأنه المشاعر الناجمة عن المتطلبات اليومية لحياة الافراد سواء في المجال المهني أو الاجتماعي أو العائلي. الإنسان وكلما تقدم بالسن وتقبل المتطلبات والمسؤوليات اليومية التي ما تنفك تزيد يصبح أكثر عرضة للإصابة بالتوتر.
وفي بعض الحالات وعندما لا يتم التعامل مع التوتر بشكل صحيح فإن تأثيره سلبي على الصعيدين البدني والنفسي. المشكلة الأساسية مع التوتر والتعامل معه وحتى تقبله تكمن في واقع ان النظرة دائماً اليه سلبية. لذلك في موضوعنا هذا سنتحدث عن التوتر الجيد والسيء والفرق بينهما.
بحث في التوتر السيء؟
التوتر السيء هو القلق الكبير الذي يظهر بشكل شعور بالعجز، القلق، المزاج السيء، إنعدام الطمأنينة، العصبية، والانزواء الإجتماعي كما أنه يظهر كأعراض مرضية بدنية وذلك لان مشاعر القلق ترفع مستويات هرمون التوتر كالكورتيزول والإدرينالين. الشعور المتكرر بالتوتر والإرتفاع الدائم بمعدلات هذه الهرمونات يؤثر على جهاز المناعة وبالتالي يصبح الشخص أكثر عرضة للإصابة بالأمراض.
في المقابل التوتر السيء يمنع الشخص من إتمام المهام التي يبدأ بها، كما أنه يختبر مشاعر التشكيك بالنفس ما يعني أنه يحضر نفسه للفشل حتى قبل أن يحاول. المجالات التي تجعل الشخص يشعر بالتوتر السيء هي الحياة العاطفية، الحياة الزوجية، العائلية، المهنية، أو خسارة كبيرة.
ما هو التوتر الايجابي؟
التوتر الجيد هو ما يطلق عليه علماء النفس تسمة «يوسترس» وهو التوتر بشكله المعتدل والذي يختبره البشر بشكل يومي أو دوري. هو التوتر الذي يجعل نبضات القلب تتسارع ومستويات الهرمونات تتغير ولكن من دون وجود للخوف أو لعوامل تجعل الشخص يشعر بأنه مهدد. التوتر هذا له فوائده العديدة إذ انه يساعد على التذكر بشكل أفضل كما انه يجعل الشخص يشعر بأنه أكثر وعياً لما يحصل من حوله من خلال الإنتباه للتفاصيل الدقيقة. على الصعيد النفسي التوتر الجيد لا يجعل الشخص يشعر بالعجز بل يجعله يشعر بإنه يملك الحوافز والرغبة في إتمام المهام التي عليه إتمامها. التوتر الجيد ليس طويل الامد بل يظهر لفترات قصيرة وهو أشبه بإعادة تشغيل لردة فعل الهروب أو المواجهة التي نملكها ولكن من دون إختبارها بقوتها الكاملة أو إضعافها.
ما الذي يثير التوتر الجيد؟
أي مجال في حياتك يمكن القول بانه عبارة عن «تحدٍ» اخترته طوعاً سيجعلك تختبر التوتر الجيد. أي في كل مرة تشعر فيها بالتوتر بسبب أمر ما تريد القيام وليس «عليك» القيام به فأنت ستختبر التوتر الجيد.
«ريتشارد برانسون» موّل أول مشاريعه التجارية بأقل من 2000 دولار.. فكيف فعل ذلك؟
كيف تعرف انه توتر جيد؟
عندما تختبر مشاعر بالحماسة الممزوجة بالقلق مع رغبة بتجاوز العقبات التي تواجهك فحينها أنت تشعر بالتوتر الجيد. هو التوتر الذي يجعلك في حالة من التأهب الكاملة فكرياً وجسدياً والذي ما ينفك يتحول الى شعور بالراحة بعد أن تقوم بما عليك القيام به. التوتر هنا قد يكون حاداً ولكنه لا يستمر لوقت طويل لانك تتعامل مع الموقف وتتعافى بسرعة.
في المقابل هناك فئة من علماء النفس تصر بأنه لا يمكن للشخص ان يميز بين التوتر السيء والجيد لان الأمر يعتمد على الآلية التي يعتمدها من أجل تقييم الأمور في حياته. فمثلاً التحدث أمام الجمهور بالنسبة للبعض من التحديات السهلة و بينما للبعض الاخر هو كابوس يثير مشاعر القلق قبل الموعد بأسابيع ما يؤدي الى الإنهاك النفسي والبدني حتى قبل أن يقوم الشخص بالمهمة.
التوتر الجيد والسيئ
وعليه فإن القول بأن هناك قاعدة عامة تحدد ما الذي يثير التوتر الجيد عند البعض والتوتر السيء عند البعض الاخر أمر غير واقعي. فالامر يعتمد على الشخص ونقاط قوته والآلية التي يتعامل مع الأمور في حياته.
التوتر الجيد والسيء.. التوتر الجيد يمكنه أن يتحول الى توتر سيء
التوتر الجيد يمكنه أن يتحول الى توتر سيء في حال كان الشخص يختبره بشكل متكرر خلال فترات زمنية قصيرة. السبب هنا يرتبط بأن التوتر الجيد يحفز نفس الأمور التي يحفزها التوتر السيء وإنما لفترة زمنية أقصر، ولكن حين يتكرر التوتر الجيد فهو «سيتراكم» وبالتالي تأثيره سيكون مشابهاً تماماً لتأثير التوتر السيء.
كما أن التوتر الجيد بسبب عدة أمور في الوقت عينه يعني أنه سيتحول الى توتر سيء.
التوتر الجيد والسيء.. التوتر السيء يمكنه أن يتحول توتر جيد
من دواعي معرفة الفرق بين التوتر الجيد والسيء، معرفة التحول بين التوتر الجيد والسيء كيف يتم؟.
بطبيعة الحال لا يمكن لكل أشكال التوتر السيء أن تتحول الى توتر جيد ولكنه هناك إمكانية لتعديل فهمك لبعض مصادر التوتر في حياتك وتبديل نظرتك اليها وبالتالي التعامل مع التوتر في حياتك بشكل مختلف حتى ولو كان توتراً سيئاً. عند التوتر الجسم كما قلنا يتعامل مع ما يحدث كتهديد وبالتالي يدخل مرحلة الهروب أو المواجهة، ولكن حين يتم التعامل مع أسباب التوتر كتحدٍ فحينها الخوف سيتحول الى حماسة وترقب. علماء النفس ينصحون بمحاولة النظر الى الصورة كاملة في أي موقف يثير التوتر السيء لان «رؤية» الفوائد المحتملة للموقف، أو تذكير النفس بنقاط القوة وغيرها من المقاربات التي تندرج في خانة التفكير الإيجابي يمكنها ان تتحول بين التوتر الجيد والسيء وبالتالي تعدل ردة فعل الجسم.