هل التفكير يحرق السعرات الحرارية؟ إليك ما يقوله العلم
عادة تقضي يوم العطلة على الأريكة، تطلع بشكل سريع على الأخبار الإجتماعية ومواقع التواصل الإجتماعي وتشاهد المحطات الفضائية. أما في اليوم التالي في العمل القصة تختلف تماما، فعملك ينطوي ويتضمن على حل المشاكل الإبداعية وغيرها من الأنشطة العقلية الصعبة. هل إستخدامك لطاقة ومجهود عقلي إضافي في العمل يقوم بحرق طاقة أكبر وأكثر من تلك التي حرقتها في يوم العطلة وأنت تشاهد برنامجك المفضل؟.
" إن الإجابة الجذرية والأساسية هي نعم "، هذا ما يقوله إيوان ماكناي، وهو بروفيسور مساعد في علم النفس وعلم الأعصاب السلوكي في جامعة ألباني.
إن الدماغ _ على عكس أي جزء آخر من الجسم _ يعمل ويتغذى بشكل حصري على جلوكوز السكر، والأنشطة المعرفية الإدراكية الشاقة تتطلب الكثير من الجلوكوز أكثر من الأنشطة البسيطة والعادية، هذا ما قاله ماكناي، الذي قام بدراسة كيف يقوم الدماغ بإستخدام الطاقة لأداء عمل جيد. من خلال وأثناء عملية واختبار تحفيظ وإستيعاب صعب، على سبيل المثال، فإن أجزاء دماغك المرتبطة في تكوين الذاكرة سوف تبدأ في إستهلاك المزيد من الطاقة، ولكن مناطق آخرى من الدماغ لن تظهر مثل هذه الزيادة الملحوظة.
اختراع أول عين صناعية تعيد الأمل لـ 253 مليون كفيف في العالم (فيديو وصور)
" في الواقع أنت ستحرق طاقة أكثر خلال إختبار إدراكي مكثف أكثر مما ستظهر عليه خلال إسترخاءك ومشاهدتك لأوبرا أو أي شيء آخر " ، هذا ما قاله. لكن في سياق وحالة الشخص العادي وإجمالي إنفاقه للطاقة ، فالإختلاف في حرق السعرات الحرارية من اختبار عقلي لآخر هو اختلاف ذو مقدار ضئيل، هذا ما أضافه.
من وجهة نظر حرق السعرات الحرارية ووضعها في القحف، فإنها تساعد على فهم كيف يقوم جسمك بحرق الطاقة. إلا في حالة كونك رياضيا محترفا، فإن معظم الطاقة التي يستخدمها جسمك ليس لها أي علاقة مع الحركة والتمرين. إن قطعة ذو حجم جيد من الطعام تساهم بما يقارب حوالي الثمانية في المئة الى خمسة عشر في المئة في هضم المواد التي تبتلعها، بينما قطعة أو حصة أكبر بكثير تتطلب قوة أكثر من أعضائك وتبقيك على قيد الحياة وقادراً على العمل. لا يوجد أي جزء من أجزاء جسدك يحتاج الى طاقة كثيرة منك أكثر من دماغك.
" كمستهلك للطاقة بشكل كبير ، فإن الدماغ هو أثمن عضو نمتلكه ونحمله معنا أينما ذهبنا " ، هذا ما قاله الدكتور ماركوس رايشل ، بروفيسور متميز في الطب في كلية الطب بجامعة واشنطن في سانت لويس. في حين أن الدماغ يمثل فقط إثنان بالمئة من إجمالي وزن جسم الإنسان، لكن الدماغ يأخذ ويستهلك حوالي عشرون بالمئة من طاقة إستهلاك الجسم، هذا ما وجده بحث وإختبار رايشل.
وهذا يعني أنه خلال اليوم العادي ، فإن الشخص يستخدم حوالي 320 سعرة حرارية للتفكير فقط.
يمكن للحالات والإختبارات العقلية المختلفة أن تؤثر ببراعة ومهارة على الطريقة التي يستهلك بها الدماغ الطاقة. " إذا كان بالإمكان أن نضعك على جهاز ماسح الضوئي ونظرنا وفحصنا ما يجري (داخل دماغك) بينما أنت أمام التلفاز أو تقوم بحل الكلمات المتقاطعة، فإن نشاط دماغك سيتغير إذا أعطيناك إختبارا أصعب، وسوف يقوم بإستخدام المزيد من الطاقة "، هذا ما قاله. لكن إذا كنت تأمل أن تفكر في نفسك وإستخدام عقلك بشكل طفيف وخفيف، فرايشل يقول أنك غير محظوظ. فبينما الدماغ يقوم بحرق الكثير من الطاقة، فإن أي تغييرات في نشاط وإستخدام الطاقة في الدماغ خلال إختبار وعملية عقلية شاقة هي دقيقة واحدة: " ربما يكون هنالك تغير بنسبة خمسة في المئة على خلفية وأنشطة الدماغ المختلفة "، هذا ما قاله.
حتى لو كان لديك النية على إبقاء دماغك مغمورا ومستغرقا في عمليات وإختبارات ذهنية متواصلة ومتلاحقة طوال اليوم، فإن هذا التغيير بنسبة الخمسة في المئة لن يضيف الكثير. " إن السعرات الحرارية ستكون حكيمة ومتواضعة للغاية "، هذا ما قاله رايشل، مضيفا أنك سوف تنفق وتستهلك المزيد من الطاقة إذا تقدمت أو رجعت خطوة واحدة.
إن الجزء الأكبر من الدماغ وإستهلاكه للطاقة يتم وضعه وتحفيزه دوما على إبقائك متيقظا ونشطا، مراقبا البيئة المحيطة بك للحصول على معلومات قيمة ومهمة، وإدارة والتحكم بأنشطة "جوهرية " آخرى. من حيث متطلباته للطاقة، " إن التفكير الشخصي والفردي هو رخيص، لكن الآلية والطريقة التي تجعله رخيصا هي ثمينة وغالية للغاية "، هذا ما أضافه.
إن ماكناي يوافق على أن أدمغتنا لا تستهلك وتنفق الكثير من الطاقة أثناء القيام بالمهام الصعبة والشاقة أكثر من تلك التي تستهلكها في المهمات البسيطة. والشخص الذي يقوم بعمل تحدي وإختبار معرفي لمدة ثماني ساعات سيحرق حوالي مئة سعرة حرارية أكثر من شخص يقوم بمشاهدة التلفاز أو يقوم بأحلام اليقظة لنفس الفترة الزمنية من الوقت، هو خمن وقدر. " إذا كنت حقا تقوم بفعل شيء حقيقي يتطلب منك إستخدام حواس متعددة _ شيء ما مثل تعلم العزف على آلة موسيقية _ فأنت ستقوم بحرق سعرات حرارية أعلى قد تصل الى مئتين سعرة حرارية "، هذا ما قاله. " لكننا نتحدث ثماني ساعات من خلال تعلمنا على العزف على آلة جديدة ".
حتى في هذه الجلسة الإفتراضية لتعلم العزف على آلات موسيقية ، فإن قدرة الدماغ على البقاء مركزا على هذا التعلم والإنتباه والتركيز ستضمحل وتنهار مع تناقص كمية الجلوكوز. " أنت قد تواجه هذا التأثير من الإستنفاذ حيث لا يمكنك الحفاظ أو الإبقاء على نفس مستوى الأداء المعرفي " ، هذا ما قاله. شرب مشروبات الطاقة أو إلتهام بضع حبات الجيلي يمكنها أن تجدد مخازن الجلوكوز وتساعد على إستعادة دماغك لقوته ونشاطه الكامل. لكن السعرات الحرارية في هذه الأطعمة سوف يفوق عددها بكل سهولة أي سعرة حرارية قمت بحرقها.
ومع ذلك، لا يزال هنالك حرق للسعرات الحرارية نتيجة قضاء الأشخاص ليومهم في أداء أعمال وإختبارات ذهنية وعقلية صعبة. حتى لو كانت تحرق فقط عددا صغيرا وضئيلا من السعرات الحرارية الإضافية في كل يوم، فقد يؤدي ذلك نظريا الى إضافة شيء ذو معنى خلال فترة خمسين أو ستين سنة. هذا ما قاله ماكناي _ لذا فإن التفكير عبر الأشياء ومن خلالها أيضا يستحق ذلك.