"سنّ اليأس" يطال الرجال أيضاً
ألمانيا: مايا مشلب
يظن الأغلبية أن سنّ اليأس أو "Menopause" تطول النساء دون غيرهن؛ على العكس، إليكم الحقيقة أيها الرجال: أنتم أيضاً معرّضون للإصابة بما يسمّى "أندروبوز" (Andropause) أو سنّ اليأس. صحيح أن الترجمة العلمية لكلمة "Menopause" مرتبطة بانقطاع الطمث، أي الدورة الشهرية المحصورة بالسيدات، وانخفاض كبير في نسبة هورمون الـ"إيستروجين"، لكن هذا لا يعني أن الرجال هم بمنأى عن أي أعراض مشابهة، في بعض جوانبها، لما يمكن أن تعانيه النساء.
فيما لا يزال الأطباء يخوضون نقاشاً علمياً لتحديد الجوانب الكاملة لسن اليأس لدى الرجال، بات مؤكداً أن هذه المسألة واقع وليست مجرد اعتقادات أو شكوك. فقد لاحظ عدد كبير من الأطباء أن المرضى الذين يخضعون لعلاجات تشمل تناول الهورمونات الذكورية، أو ما يسمى "تيستوستيرون" تبدو آثار "سنّ اليأس" أخفّ بالنسبة إليهم، مقارنة بسواهم من الرجال الذين يعانون هذا الواقع.
ما هو سن اليأس؟
إنه باختصار انخفاض كمية هورمون الـ"تيستوستيرون" التي يفرزها الرجل (أقل من 300 نانوغرام لكل ديسيليتر). هذا الامر يحصل عادة بسبب أمرين رئيسين: التقدّم في السن والإصابة بداء السكري. واللافت أن العامل الأول أي التقدّم في السن، يبدو متفاوتاً بين الرجال. ففيما يعاني البعض هذا المرض، ابتداءً من سنّ الخامسة والأربعين أو الخمسين، يبدأ لدى البعض الآخر في منتصف الخمسينات، ويصبح أكثر حدة لدى بلوغ سن السبعين.
كيف يتم التعرّف إلى الإصابة بسن اليأس؟
رغم أن الامر لا يزال موضع جدل علمي، عادة ما يترافق تباطؤ إنتاج هورمون الـ"تيستوستيرون" في الجسم بالأعراض الآتية:
- التعب، ضعف القدرة على التركيز والنسيان.
- الكسل وفقدان الحماس للقيام بأمور كانت شبه روتينية.
- فقدان الثقة بالنفس، الإحباط الذي لا يعني دوماً الانطواء على الذات والشعور بالحزن، بل على العكس قد يتجلّى بردود فعل عنيفة وسلبية لدى الكثير من الرجال، كالصراخ مثلاً، وهذا يأتي نتيجة كبت المشاعر وعدم البوح أو الاعتراف بما يقلقهم أو يزعجهم.
- الأرق أو النوم المتقطّع وغير العميق.
- المشكلات الجنسية، والفتور، وفقدان الرغبة.
- أعراض أخرى منها الهبّات الساخنة، وتغييرات في شكل الجسم، كارتفاع نسبة الدهون واضمحلال حجم العضل وقوّته، خصوصاً عضل الذراعين والساقين، وازدياد آلام الظهر، وتساقط شعر الرأس والجسم.
هذا يعني أنه بعكس السيدات، ليس هناك توقف تام لإفراز الهورمون (إيستروجين لدى السيدات)، بل انخفاص تدريجي في نسبته، وهذا ما يفسّر أن الرجل يبقى قادراً على الإنجاب حتى في سن الثمانين.
للتثبّت من الإصابة بسنّ اليأس، يعمد الأطباء الى إجراء سلسلة فحوص دم، لقياس نسبة الهورمون المعني، وفحوص أخرى للتأكد من عدم الاصابة بمرض آخر يتسبّب في تباطؤ إفراز التيستوستيرون، كاضطرابات في عمل الغد الدرقية مثلاً.
هل يمكن علاج سن اليأس لدى الرجل؟
إن نقص التيستوستيرون يمكن تعويضه، عبر اعتماد علاج يرتكز على هذا الهورمون، وهذا من شأنه أن يلطّف الشعور بالأعراض الآتية:
- انخفاض الرغبة الجنسية.
- الإحباط.
- الإرهاق.
لكن اعتماد هذا النوع من العلاجات لا يطبّق بشكل نهائي، أي أنه لا يعدّ علاجاً مثالياً لكل الحالات، لأنه قد يتسبّب بأمراض أخرى كسرطان البروستات، أو بعض الامراض القلبية على سبيل المثال. لذلك، ينصح معظم الأطباء بتغيير الروتين اليومي، وأخذ النصائح الآتية في الحسبان:
- اعتماد نظام طعام صحي والإكثار من الخضار.
- ممارسة تمارين رياضية بانتظام؛ هذا لا يعني الاكتفاء بالالتحاق بصفوف رياضية، بل قد يعني الانضمام إلى فرق رياضية للعب كرة القدم أو كرة السلة، أو حتى كرة المضرب، فهذا يجمع بين الرياضة والتسلية.
- مهدئات يقتصر وصفها على الاختصاصيين، وذلك في بعض الحالات.
- تغيير نمط الحياة الاجتماعية، والقيام بما يفرح أكثر ويعزّز المزاج، هذا يعني أيضاً تجنّب الأشخاص السلبيين، حتى وإن كانوا من الأقارب أو الاصدقاء.
- عدم اعتماد علاجات الأعشاب؛ صحيح أن هناك الكثير من الاعلانات المغرية التي ترمي الكثير من الوعود، لكن اعتماد هذه العلاجات لفترة طويلة يعزز خطر الاصابة بأمراض خطرة كأنواع من السرطانات.
- الاهم، هو الصدق مع الطبيب المعالج، لكي يتمكن بدوره من تشخيص ما تعانيه، وتقديم العلاج المناسب لحالتك. فـ"سن اليأس" ليس عاراً أو إهانة للرجولة، بل مرحلة طبيعية في حياة الرجل.