هل يخشي رواد الأعمال من القرارات الصعبة ؟
يقول رون كاروتشى، مستشار متمرس يتمتع بخبرة تزيد عن 25 عامًا في العمل مع الرؤساء التنفيذيين وكبار المسؤولين التنفيذيين في المنظمات الناشئة والتي لها باع طويل في الأسواق والساعية وراء التغيير الجذري، أن الكثير من القادة يتجنبون اتخاذ القرارات الصعبة ويختلقون مبررات لتأجيلها في محاولة لعدم إزعاج الآخرين أو فقدان مكانتهم في أعين أتباعهم، وغالباً ما يسبب التأخير ضرراً أكبر بكثير من أي نتائج كانوا يحاولون تجنبها.
ففي الواقع، تصبح القرارات الصعبة أكثر تعقيدًا عندما يتم تأجيلها. وعندما تزداد مكانة القائد، كلما تزداد الحاجة إلى اتخاذ قرارات صعبة. ولمدة عشر سنوات من الدراسة لأكثر من 2700 قائد، فقد قال 57٪ من القادة الذين تمت عليهم الدراسة والمعينين حديثًا أن اتخاذ القرارات أكثر تعقيدًا وصعوبة مما توقعوا.
وخلال السنوات الثلاثين التي أمضيتها في العمل مع المديرين التنفيذيين، سمعت أن القادة يستخدمون عادة ثلاث طرق لتبرير اتخاذ القرارات الصعبة. ومن خلال فهم عواقب هذه الأعذار، يمكننا العمل على تجنبها.
هؤلاء يحولون أموال أكثر لبلدانهم من الخارج.. الهنود يتصدرون القائمة
"أنا أراعي الآخرين":
بالنسبة إلى بعض القادة، فإن فكرة إبعاد الموظفين عن القرارات الصعبة هي التي تصيبهم بالمعنويات المنخفضة. ولقد سمعت بعض القادة يقولون أشياء مثل "المعنويات منخفضة بالفعل وأكره أن أضيف أعباء عليهم. وهنا تكمن القضية الحقيقية وهي أن العديد من القادة لا يريدون أن يخيبوا آمال موظفيهم.
في إحدى المنظمات التي عملت لديها، تم منح مسؤول تنفيذي أربعة أشهر لإعداد إدارته لإجراء تخفيضات كبيرة في الميزانية التي يبدأ سريانها عندما يبدأ العام المالي الجديد في 1 مارس. وفي نوفمبر، قرر أن يفسد عطلات الناس بأخبار قد تكون قاسية عليهم. وعندما جاء شهر يناير، أحس أن الناس يركزون بالفعل على إنهاء السنة بالتقارير والعمل الإضافي للتخطيط للسنة المالية الجديدة.
وبحلول أوائل شباط / فبراير، كان الجميع قد أتموا تخطيطهم وقاموا بالفعل ببناء ميزانيات تجاوزت الآن التخفيضات المستهدفة. وعندما علم الناس عن التخفيضات، كانوا مستاءين بشكل كبير منها، ناهيك عن خيبة أمل الموظفين بسبب فقدان التمويل للمشاريع التي كانوا يأملون في تنفيذها. وعندما اكتشفوا أن رئيسهم على علم بالتخفيضات منذ أشهر، وشعروا بأنه قد قام بخداعهم وغضبوا جميعا.
وكان الاضطراب العاطفي الذي تسبب فيه المدير التنفيذي أشد قسوة بكثير مما لو كان قد أخبرهم عندما علم لأول مرة، وهو الشيء الذي تجنبه أربعة أشهر. والأسوأ من ذلك، أن الفريق اتخذ قرارات ضعيفة، ولو أنهم استخدموا الأربعة أشهر الكاملة للتخطيط، لكانوا قادرين على العمل والتغلب على اضطراباتهم العاطفية لأنه كان لديهم وفرة من الوقت للتفكير الإبداعي حول خياراتهم.
وكانت النتيجة الأكثر أهمية هي أن المدير التنفيذي أهدر فرصة لمساعدة فريقه في بناء القدرة على الصمود في مواجهة تحدٍّ صعب. وبدلاً من أن يتعلموا التجمع معًا وأن يعثروا على حلول مبتكرة، شعروا بأنهم محبطون ومرتبكين بسبب خداع قائدهم. فقد علّمهم أنه لا يجب عليهم التحدث بصراحة عن الأخبار السيئة.
"أنا ملتزم بالجودة والدقة":
بالنسبة للقادة الذين يعانون من الالتباس الذي غالباً ما يأتي مع قرارات لها آثار طويلة المدى، فإن القلق من كون هذه القرارات خاطئة لا قيمة له. كما إنهم يحاولون ترسيخ اليقين من خلال تحليل المزيد من البيانات وحثهم على المزيد من الآراء، لكن القضية الحقيقية هي خوفهم من أن يظهروا بمظهر الأغبياء.
كما إن اتخاذ إجراء في مواجهة البيانات الغير مكتملة هو مهمة تنفيذية. وأحيانا لن تعرف ما إذا كان القرار "صحيحًا" إلا بعد فترة طويلة من اتخاذه.
اتخاذ القرار
نتيجة هذه العقلانية هى أنك تعلم الناس أن عليهم تجنب الأخطاء بأي ثمن وأن "تكون على صواب" هو أكثر أهمية من "العمل بشكل صحيح".
وكمدير تنفيذي، يجب عليك حساب المخاطر والتعلم من الأخطاء. وفي حين أن عواقب أي خيار قد تبدو خطيرة، فمن المحتمل أن يؤدي قلقك إلى تشويه الواقع. ومن بين آلاف القرارات التي قمت باتخاذها أنت ومعاونيك في أي وقت، فإن بعضها لن يتم كما هو مخطط له. ومن الأفضل أن تجعل موظفيك على علم بكيفية التعرف على تلك الحقيقة بدلاً من محاولة إقناعهم بأنه يمكن تجنبها.
"أريد أن أظهر بمظهر العادل":
في عالم يسيء فيه القادة معاملة الناس بطريقة قاسية وغير عادلة، وإعطاء المكافآت بناء على نسبة مشاركة الموظفين، يخشى العديد من القادة أن يظهروا أمام الموظفين أنهم غير مهتمين أو لا يحبون العمل. وقد أصبح هذا صحيحًا وبشكل خاص في عالم يحصل فيه الجميع على "جائزة للمشاركة" لاعتقاد القادة الخطأ بأن الاعتراف بالاختلافات في الأداء هو إظهار مستويات مختلفة من الاحترام. وتحت ستار الإنصاف، غالباً ما يتجنب القادة القرارات الصعبة التي تفصل بين أصحاب الأداء الأقوى من الأداء المتوسط، بل والأكثر من ذلك، هو فشلهم في إبعاد أصحاب الأداء الضعيف. وعلى سبيل المثال، بدلاً من اختيار أفضل اثنين في فريقك للقيام بالتحدث أثناء الاجتماع التالي لشركتك، فقد يبدو الأمر "أكثر عدلاً" لمشاركة هذه المهمة مع فريقك بأكمله وهو في الأساس تجنب لاتخاذ القرار. أو قد تعتقد أنه "من العدل" إعطاء شخص لا يستطيع القيام بواجبه بشكل جيد فرصة أخرى. ولكن هذا لا يخلق سوى شعور زائف بالمساواة بين أعضاء فريقك، يؤدى لسوء الأداء.
ولكن الفشل في التعامل مع أصحاب الأداء الضعيف أو الاعتراف بالعمل الرائع الذي يقوم به أصحاب الأداء العالي لا يمكن أن يكون ظلما أو عدم احترام. فالتفريق في مستويات التميز في الأداء هي وظيفة القائد. وعندما تتفادى اتخاذ القرارات التي تفعل ذلك، بغض النظر عن النتيجة، فإنك تضعف من جدارتك وتعيد تعريف المساهمة على أنها مجرد جهود فردية. وهو أمر غير عادل بالنسبة إلى أصحاب الأداء الأعلى الذين يمثل عملهم نسبة مئوية أكبر من نجاح الفريق، وأنه لأمر قاسٍ لأصحاب الأداء الأقل أن يتم السماح لهم بالتعثر في الأدوار التي هم غير مهيئين لها. كما إن المستوى الأساسي للاحترام الذي ندين به للآخرين كزملاء وأخوة من البشر لا يتأثر عندما نكون صادقين بشأن اختلاف الموهبة والمساهمات.
السمعة التي تم شراؤها ليست أكثر من تعاقد غير معلن للتلاعب. كل ما عليك فعله هو تدريب الناس على الاعتقاد بأنهم يستطيعون التكملة في طريقهم عن طريق تخويفهم من فقدان تصنيفهم العام. والشيء الخفي هو أنك حددت كيف يتم تبادل الاحترام بين موظفيك. وبدلا من أن يتم اكتسابها من خلال التعاون والمساهمة، فأصبح يمكن شراء الاحترام والسمعة.
بصفتك مدير تنفيذي، فإن كيفية اتخاذ القرارات الصعبة تشكل ثقافة صنع القرار في مؤسستك بمرور الوقت. هذه الأعذار تعلم الناس أن الحماية والمصلحة الذاتية هي دوافع مشروعة لاتخاذ خيارات صعبة. ومهما كان الألم المؤقت الذي قد تتكبد من اتخاذ قرارات صعبة، فيجب أن يكون أقل مقارنة بالسابق الذي قمت به، فمن المهم وضع نجاح المؤسسة أولاً.