ماذا تعرف عن «منتدى دافوس» ؟ .. ناقش بوادر أزمة عالمية بسبب لعنة «الذكاء الصناعي» !
تحتضن مدينة جينيف، منظمة "منتدى دافوس" وبالتحديد في منطقة كولوجني، في مبني مستطيل محاط بالمساحات الخضراء من كل جانب، وهي منظمة غير حكومية لا تهدف للربح أسسها أستاذ في علم الاقتصاد كلاوس شواب فى 1971.
ويعتبر هذا المنتدى بمثابة مساحة لتلاقى النخب من 1000 من ممثلى الشركات المتعددة الجنسيات الكبرى من أمثال نستلة ونيكى وميكروسفت وبكتل، والقادة السياسيين بهدف النقاش في المشكلات الاقتصادية والسياسية التى تواجه العالم وكيفية حلولها.
يعقد المنتدى اجتماعاته السنوية في دافوس "عاصمة مايكروسوفت" حيث يتم وضع مسودات لخطط ومشاريع اقتصادية مشتركة، هذا الى جانب دوره التعبوى لسياسات النيوليبرالية للبنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية والتي تستهدف بالأساس لخصخصة الخدمات الأساسية وتحريرالسوق وخلق مناخ يسمح بالاستثمار بما يتطلبه ذلك من إصلاحات سياسية.
وعلى الرغم من انه رسميا "منظمة غير حكومية ولا تستهدف للربح ومفتوحة لمن يرغب" إلا ان شروط عضويته تحتم على ان يكون دخل الشركة لا يقل عن مليار دولار في السنة، الى جانب اشتراك عضوية سنوى 12.500الف دولار، اما الاشتراك في المؤتمر السنوى فيتكلف 6.250 الف دولار، واذا ارادت الشركة الاشتراك في وضع اجندة هذا المؤتمر قبل انعقاده فتتكلف 250.000 الف دولار، واذا ارادت ان تكون شريك دائم فتدفع 78.000 الف دولار.
يحضر ذلك المؤتمر السنوى لفيف من النخب الاقتصادية الى جانب رؤساء الحكومات والوزراء، وبعض منظمات المجتمع المدني المختارة الى جانب بعض المحامين والصحفيين والأكاديميين المختارين بعناية والذين لا ضرر من قيامهم بمشاريعهم الخاصة.
وقد رأى قادة العالم ان الاجتماعات السنوية ليست بكافية لدرء مخاطر العالم، فوجبت الحاجة لعقد اجتماعات إقليمية من 5 الى 10 اجتماعات إقليمية على مدار العام في أميركا اللاتينية وإفريقيا والشرق الأوسط من اجل التسريع لعملية "الانفتاح والاندماج الاقتصادي" والتعبئة لسياساته.
لعنة "الذكاء الصناعي"
ومن جانبهم، قال رجال أعمال شاركوا في النسخة الحالية من منتدى دافوس إن الاعتماد المتنامي على الذكاء الصناعي في مجال الوظائف، قد يؤدي إلى خسارة الكثير منها. وكشفت دراسة نشرت في هذا النقاش العالمي، أن 1.4 مليون وظيفة في الولايات المتحدة لوحدها مهددة بسبب التقنيات الجديدة بحلول 2026.
حذر أصحاب الشركات المجتمعون منذ الأربعاء الماضي في دافوس السويسرية من الاعتماد المتزايد على الذكاء الاصطناعي في عالم العمل، معتبرين أن ذلك قد يسبب خسارة وظائف كثيرة.
حتى أن مقابلات التوظيف قد تحصل قريبا مع أجهزة كمبيوتر قادرة على تحليل أدق التفاصيل وصولا إلى تعابير الوجه. تقنيات كانت حتى فترة قريبة من الخيال العلمي مثل المنظومات الحسابية للتشخيص الطبي أو الروبوتات الذكية أو المركبات ذاتية القيادة، والتي باتت تشق طريقها إلى العالم الواقعي.
وقال آلان دوهاز رئيس مجموعة "أديكو" السويسرية وهي الأولى في مجال الوظائف المؤقتة، إن "مهنة التسويق حاليا تختلف تماما عما كانت عليه قبل خمس سنوات". وأشار إلى أن "الموظفين باتوا يفقدون في المعدل30 بالمئة من معارفهم كل أربع سنوات تقريبا"، ما يستدعي "الخضوع لتدريب جديد بانتظام لتحسين قدرات العمل".
غير أن رئيس "أديكو "أبدى "تفاؤله" حيال الإمكانيات التي يتيحها الذكاء الاصطناعي الذي سينشئ وظائف جديدة. وأوضح أن "التحدي الرئيسي يكمن في مزامنة وصول التقنيات الجديدة والطاقات التي ستحتاج إليها الشركات".
خسارة الوظائف!
وبينت دراسة نشرها منظمو المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس أن حوالي1.4 مليون وظيفة في الولايات المتحدة وحدها ستتأثر بالتقنيات الجديدة بحلول 2026. وأشارت هذه الدراسة إلى أن 95 بالمئة من الموظفين الأكثر تضررا بشكل مباشر سينجحون في الحصول على وظيفة جيدة مع الخضوع لتدريب ملائم.
ومن دون هذه التدريبات، قد يفقد 16 بالمئة من أفراد القوى العاملة حظوظهم في إيجاد عمل جديد.
ولفت آلان روميلياك وهو رئيس "مان باور" في فرنسا إلى أن "المسألة هذه المرة لا تتعلق حصرا بالعلاقة بين العمال والمدراء"، مشيرا إلى أن المهن اليدوية ليست بالضرورة أكثر الأعمال المهددة. وأضاف "نحن على طريق ثورة في القدرات"، لافتا إلى أن "المهن القائمة على خطوات متكررة" سواء يدوية أم إدارية "هي التي تواجه خطر الزوال".
وتفترض هذه القفزة التقنية وضع برامج تدريب واسعة مع الحرص أيضا على إدارة القلق لدى موظفين كثر. وطمأن قائلا "يجب أن نشرح لهم أن التقنيات الرقمية ليست تهديدا".
وفي دافوس، تتيح مجموعة "مان باور" الأمريكية للمشاركين الحصول على حصيلة افتراضية للقدرات. ويجلس المشاركون قبالة كمبيوتر تظهر عليه شخصية افتراضية على شكل امرأة تحمل اسم زارا. وتطرح هذه الأخيرة أسئلة لكنها تراقب أيضا التفاعل المشترك من خلال نظام للتعرف على الوجوه.
ومن إيجابيات هذه التقنية أنها تسمح بتقييم مستوى القدرات الرقمية للمشتركين في وقت قياسي إذ يتطلب التوصل للنتيجة عينها الاعتماد على عدد كبير من الأخصائيين في التوظيف.
استحداث وظائف وإلغاء أخرى!
ومن بين المبادرات التي كشف عنها الثلاثاء في المنتدى الاقتصادي العالمي، أعلن رؤساء مجموعات "سيسكو" و"إس إيه بي" و"سي إيه تكنولوجيز" إطلاق منصة مشتركة تحمل اسم "سكيلست" حيث يمكن للجميع تقييم قدراتهم واكتساب أخرى جديدة.
وقال رئيس "سيسكو" تشاك روبنز "نعلم جميعا أن التكنولوجيا ستؤدي إلى استحداث وظائف وإلغاء أخرى". ويترتب على عمالقة التكنولوجيا "مسؤولية" تدريب عمال جدد.
وبحسب ديفين وينيغ رئيس مجموعة "إي باي" الأمريكية فإن الذكاء الاصطناعي سيفتح مروحة كبيرة من الفرص للزبائن خصوصا على صعيد جعل تجارب الشراء أكثر ملاءمة للحاجات الشخصية، والأمر سيان لموظفي المجموعة.
وقال "نتلقى يوميا اتصالات من آلاف الناس من أجل مهام بسيطة مثل استرجاع كلمات السر. هذا الأمر لا يحمل قيمة مضافة كبيرة لموظف في قسم خدمة الزبائن"، مشيرا إلى أن تقنيات التعرف اللغوي قادرة على فرز هذه الطلبات ومعالجتها تلقائيا لتوكيلهم بمهام أكثر أهمية.
أما شاران بورو الأمينة العامة للاتحاد النقابي الدولي فاعتبرت أن هذه القفزة التقنية الكبيرة ستفقد بعضا من زخمها من خلال إقرار تشريع "واضح جدا "للتأكد من وجود "تحكم بشري دائم" في تطبيق هذه التقنيات. وقالت "نريد أن نرى حقوق الإنسان والعمال في موقع مركزي في طريقة اتخاذ قرارات العمل".