لماذا لا يبتسم الكويتيون؟
محمد النغيمش - القبس الكويتية
رغم أن الكويتيين من أوائل الشعوب الخليجية التي رسمت مسلسلاتهم ومسرحياتهم البسمة على شفاه الخليجيين، فإن دراسة حديثة أظهرت أنهم أقل الشعوب العربية والخليجية ابتساماً في صورهم التي يرفعونها إلى موقع انستغرام، وحلوا في المرتبة 122 عالمياً.
جاءت هذه النتيجة بعد تحليل شركة جيت باك، المتخصصة في تطبيقات دليل السفر عبر وسائل التواصل الاجتماعي لنحو 150 مليون صورة، إذ تبين أن أكثر الشعوب العربية ابتساماً، حسب معيار إلكتروني، هم اللبنانيون، الذين يطبقون، على ما يبدو، مثلهم الشهير «لائيني ولا تغديني». وتلاهم المصريون ثم التونسيون ثم العراقيون ثم المغاربة.
ولا يبدو أن الابتسامة مفقودة في الصور الشخصية للمواطنين فحسب، بل حتى واقع الحال يعكس ذلك «فوجوه كثير من العاملين في خدمة الجوازات في المطار والجهات الحكومية، على سبيل المثال، تنقصها البشاشة»، على حد قول محمد أحمد، أحد رجال الأعمال العرب الذي يزور الكويت بصورة منتظمة.
وقد عانى المسؤولون في مطار سنغافورة الدولي من مشكلة مماثلة لتدني البشاشة. فوضعوا هدفاً وهو أن يصبحوا «أكثر مطار يحظى بخدمة ودودة في العالم». فعكفوا على دراسة كل إجراءات السفر التي يتبعها المسافرون والقادمون فلم يجدوا شيئا يبرر لماذا لا يحظى مطارهم بتقييم رضا مرتفع، وبعد بحث وتمحيص تبين أن «العقدة» تكمن في موظفي الجوازات، الذين لا تنم طريقة تعاملهم عن بشاشة يمكن أن ترفع من رضا المسافرين. فحاولوا تدريبهم ولم يفلحوا، لأنهم اكتشفوا لاحقاً أن المعضلة تكمن في ثقافة البيئة التي نشأ فيها هؤلاء.
فطلبوا من الموظفين أن يقولوا للمسافرين كلمتين لحظة وصولهم وهما Passport Please أي «الجواز من فضلك»، ثم يطلبوا من المسافرين تناول قطع من الحلوى وضعت خصيصاً لهم. وفي ذلك محاولة مقصودة لتحويل انتباه الركاب من تجهم الموظفين إلى أمر إيجابي آخر. فتبين لهم أن هذا التصرف، وإن كان خالياً من الابتسامة، إلا أنه أسهم في رفع مستوى راحة المسافرين ورضاهم عن الخدمة ككل. ووضعوا أيضاً مرايا صغيرة مخفية على الطاولة لينظر إليها الموظفون وهم يبتسمون قبل أن يرفعوا رؤوسهم باتجاه المسافرين، فساهم ذلك في إشاعة جو من البشاشة في «كاونتر الجوازات» ولدى المحيطين بهم، وفق ما ذكر رون كوفمان الخبير العالمي في خدمة العملاء. بعبارة أخرى، كل مشكلة لا بد أن يكون لها حل إذا ما اعترفنا أولا بوجودها ثم جلبنا المتخصصين لحلها.
ألا يبتسم الفرد فهذا شأنه، ولكن حينما يتعلق الأمر بتقديم خدمة عامة فلا بد أن يحاسب ويكون ذلك جزءا أساسيا من تقييم أدائه. وليت المسؤولين في القطاع العام يحذون حذو القطاع الخاص في تقييم أداء الموظفين بجدية هذه المرة لضمان تقديم خدماتهم بوجه طلق، ولو كلف الأمر تخصيص مكافأة مجزية لمن يحصل على أعلى تقييم من المراجعين. فلربما نتقدم قليلا على الشعوب الأخرى بالابتسامة، لا سيما أننا نردد ليلا ونهارا الحديث النبوي الشريف «تَبَسُّمُك في وجهِ أخيك صدقة».