سيدة الاعمال السعودية سارة العايد: اقتحمت مجالاً يحتكره الرجال
علي المقبلي –الرياض:
من معلمة لمادة الإنجليزي ومصمّمة ازياء الى العلاقات العامة والتنظيم، لتصبح ضمن قائمة اكثر السيدات تأثيراً في العالم العربي للأعمال العائلية بحسب مجلة "فوربس" الشرق الاوسط 2013، واحتلت المرتبة 26، وتعد سارة السيدة السعودية الاولى التي اخترقت عالم العلاقات العامة والتنظيم بالمملكة، بدأت عملها بمكتب صغير يديره ثلاثة اشخاص، لتفتح 14 فرعاً وتديرها داخل المملكة وخارجها، و230 موظفاً متخصصاً بالعلاقات، وتعد من افضل 100 شركة للعلاقات العامة على مستوى العالم. لم يكن التنظيم وليد اللحظة، فمنذ نعومة اظفارها وهي تنظم الاحتفالات ذات الريع الخيري وبمجهود شخصي منها، لتجد نفسها بالعلاقات العامة، حققت احلامها والآن تعمل لبناء الجيل الثاني لادارة شركتها.
رأت الفشل دافعاً رئيسياً للتطوير والتغيير وتحقيقالنجاح، وأطلقت مبادرة ريادة الاعمال لأكثر من 300مشروع نسائي، حرصت على دعمها وتجاوز المعوّقات امامها، والآن تعمل للمرحلة الثانية للملتقى.
فمازالت سارة تلك السيدة التقليدية التي تضع اسرتها في مقدمة مهام اعمالها، وتحرص على اخذ ابنتها للمدرسة ومتابعتها بنفسها "الرجل" اختارتها لتكون ضيفة هذا العدد وكان الحوار التالي:
1- انتقلتِ من الازياء الى العلاقات العامة والتنظيم، ما الذي قادك لهذا المجال؟ وكيف كان التحول؟
الأزياء كانت الهواية ومن ثم عملاً بدأت اعمل به، ثم بدأت العمل مع اخي محمد لتأسيس الابداعية (تراكس – TRACCS) التي وجدت نفسي بها، ووجدت ان العلاقات العامة هي انا؛ من العمل مع العملاء تعلمت مفاهيم التواصل وإدارة الازمات وبناء مفهوم المسؤولية الاجتماعية، ليس للعملاء فقط،ولكن على مستوى المملكةأيضاً. هذا ما يميّز ما أعمل وكانت نقطة تحول لي عندما أحسست ان ما افعله هو ما اعشق في العمل.
2- لمع اسمك في مجال العلاقات العامة والتنظيم بالمملكة. كيف بداتِ مشوارك العملي بالعلاقات العامة؟ وإلى اين وصل عملك؟
مشواري بدأ من قبل العمل وتأسيس الشركة، وهو من خلال نشأتنا، فمنذ الصغر ونحن ننظم برامج ونشارك في فعاليات من خلال مدرستنا وكذلك من خلال ما كنّا نعملهأنا وإخوتي محمد وماجد ومشاري ومجدي، اثناء الاجازات. على سبيل المثال منذ الابتدائي الى المتوسط كان لدينا ناد اسمه نادي العايد، من خلاله كنا نعمل برامج لجمع تبرعات لمساعدة جهات لديها احتياج، مثل في الغور (بالأردن) قمنا بإطلاق احتفال وريعه كان لشراء سجاد لأحد المساجد.
وعندما فكرنا في تأسيس وكالة خاصة للعلاقات العامة، كانت منطقة الخليج العربي حديثة العهد بهذا التخصص، وكان الفهم السائد عن العلاقات العامة هو نشر الأخبار الصحفية، لكننا اكتشفنا أنها أكثر من ذلك بكثير. واعتبرت نفسي على مرّ العام الأول متدربة، وبدأنا بتأسيس الشركة من مكتب صغير في مكاتب أحد عملائنا برفقة ثلاثة أشخاص، حتى تحولت الشركة إلى شبكة لامعة يعمل فيها أكثر من 230 موظفاً متخصّصاً في هذه الصناعة، في 14 مكتباً موزعاً في مدن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وتحظى سنوياً بأكبر عدد من الجوائز المرموقة في عالم صناعة العلاقات العامة، وآخرها جائزة تقرير هولمز العالمي لعام 2011 و2012 و 2013، الرائد في صناعة العلاقات العامة، والذي أدرج شبكة "تراكس" ضمن قائمة "أفضل 100 شركة علاقات عامة مستقلة في العالم". بعد أكثر من 15 عاماً في هذا المجال أعتقد أننا بفضل الله كنا جزءاً كبيراً في تحقيق رؤية صناعة العلاقات العامة.
تعلمت الصناعة من اسسها، حيث لم اعمل بالادارة بل بدأت موظفة في قسم العمليات، ومن ثم تدرجت الى خدمة العملاء الى ان أصبحت نائبة رئيس الشبكة والمديرة العامة للملكة العربية السعودية، افتخر بمسيرة عملي حتى اتمكن من فهم ومعرفة تدرجات العمل، واليوم افتخر الى ما وصلنا الية ليس بالمملكة فقط،ولكن على الصعيد الإقليمي.
3- لديك فروع بالشرق الأوسط، كيف تديرين أعمالك؟
ما يميّز تراكس اننا شبكة من المكاتب، وكل مكتب مستقل من ناحية الإدارية، ولكنه يتبع المقرّ الرئيس، ونعمل سوياً كشبكة متخصّصة في هذا المجال. والفريق الإداري والموجود في المقرّ الإقليمي في دبي، ويرأسه مجدي العايد مسؤول مسؤولية كاملة عن تقييم الأداء والمتابعة وسير العمل.
4- دخولك بمجال كان حكراً على الرجال، ما التحديات التي واجهتك؟
في المنطقة كان حكراً على الرجال، ولكن غالباً ما نجد ان مجال العلاقة العامة في الغرب نسبة النساء اللاتي يعملن فيه أكثر من الرجال. ونفتخر كذلك بأن خمسة من مكاتب شبكة "تراكس" ترأسها نساء.
5- هل شعرت بيوم بالفشل او برغبة في ترك العمل؟
الفشل او الإحساس بالفشل ليس عيباً، بالعكس يعطي دافعاً للتغيّر والتطويروالقدرة على العمل. ففي عام 2009، قمنا بالعمل على فتح مجال وتأهيل شخص اخر يقوم بمهام إدارة الشركة، ليس كان الموضوع فشل ولكن كانت في ذلك الوقت الإدارة والفريق الإقليمي يعمل على خطة توسع وتطوير، وشعرت في ذلك الوقت ان ما نحتاج اليه هو دم وفكر جديد، وبالفعل في 2009 استقلت من منصب المدير العام، وعملت على التطوير الاستراتيجي. ولم أكن جزءاً من الإدارة اليومية، ولكن اعطي كل المساندة للفريق،وهو امر مهم،فالشركات لا تبنى على مجهود فردي، وإن كان هناك اختلاف في الآراء، فالعمل فريقاً يعطي فرصة للآخرين للعمل والتطوير. قمت بإدارة "تراكس" 5 سنوات وأنجزنا كل الأهداف والوقت الآن ملائم لتجهيز الجيل الثاني للإدارة.
6- من الشخصية التي تركت بصمة في حياتك؟
في كل مرحلة من حياتي كان هناك اشخاص لهم دور،وتركوا بصمة وساعدوا على وصولي الى ما وصلت اليه الآن، حيث عرفت ان بإمكاني تحقيق أي شيء أؤمن به، وهذا ما غرسفكر التطوع والاعمال الخيرية. والدي -رحمه الله–كان الاخلاص بالنسبة إليه هو اساس العمل؛ فإن عملت بأي شيء فاعمل بكل إخلاص وأبدعبه، وكان دائماً يردد لو انتِ عامل نظافة فأبدعي وتميّزي، اضافة الى اخي محمد الذي كان بمنزلة المعلم والاب الروحي لي لدخول مجال العلاقات العامة.
8-ريادة الاعمال الفكرة التي تبنيتِ قيامها الى اين وصلت؟ وما الانجازات التي تحققت؟
لقاء ومسابقة ريادة الاعمال بجدة هي فكرة وتنفيذ "تراكس" وهي تكملة لمشوار بدأناه، عندما اسسنا "تراكس" بدأناه مشروعاً ريادياً، واليوم - ولله الحمد - نحن من أكبر شركات العلاقات العامة في المملكة، ونجاحنا مبنيّ على مجهود فريق ورؤية ورسالة واضحة. لذا أردنا ان نفتح المجال للآخرين ومن خلال برنامج مثل هذا.
عملنا ملتقى لريادة الأعمال بجدة، وهو برنامج سنوي متكامل ، لتجسيد مفهوم ريادة الأعمال في مشاريع يتم إطلاقها ورعايتها، ومبادرات وفرص يقدمها القطاع الخاص والقطاع العام لتنمية المنشآت الصغيرة، ومن هنا قمنا بإطلاق الدورة الأولى من المسابقة في عام 2011، بمشاركة 300 مشروع لشابات الأعمال تم اختيار 25 منها لخوض مرحلة التدريب والتأهيل، لإعداد خطط العمل والتطوير لمشاريعهن، ومن ثم أقيم لقاء ريادة الأعمال بجدة 2012، متضمّناً جلسات تناولت جوانب عدة في شخصية رائد الأعمال، وفرص ومبادرات وعقود تشغيلية تقدمت بها لأول مرة المنشآت الكبيرة في القطاع الخاص،لترسيتها حصرياً على منشآت شباب وشابات الأعمال، كما تم عرض قصص نجاح رواد الأعمال محلياً وإقليمياً، وتقديم تمويل غير مستردّ لسبعة، ولقد أتاحت لنا هذه التجربة العملية فرصة للرصد الدقيق لاحتياجات مشاريع شابات الأعمال والتعرف إلى أهم معوّقات تنمية مشاريعهن.
لهذا دخلت انتخابات غرفة جدة
كانت تجربة رائعة، وبوابة لكي نتعلم منها، ونعرف من خلالها احتياجات بيئة الأعمال. كما أن حملتي الانتخابية كانت تركز على تطوير بيئة الأعمال، فيما يخصّ شباب وشابات الأعمال، لأنهم مستقبل الوطن، ومستقبل الغرفة التجارية من بعد ذلك. وما أتمناه اليوم، هو أن يقوم المجلس الجديد بوضع نظام "الحوكمة"، وأن يكون محاسبة للاستراتيجيات التي توضع لتُكمل عملها، وألا تتغيّر وتنتهي بمجرد تغير المجلس، ولا نعرف إلى أين وصلت، ولا أين انتهت. كما أننا نطمح إلى أن تكون مدينة جدة الأولى في النشاط الصغير والمتوسط، والناجح في العالم العربي.
الرجل في حياتي
كوني ابنه وحيدة بين أربعة إخوة، فإن الرجل هو أساس في حياتي؛ والدي رحمه الله إخوتي الاربعة الذين لكل منهم شخصية وأسلوب كانوا سنداً لي. عملنا كفريق واحد وهو ما عزز الثقة بالنفس والفكر، ومكّنني من التعامل مع الناس بشكل ايجابي ومنظوري إلى نفسي كونني امرأة.
وزوجي وهو من ارواع الشخصيات التي دعمتني بمسيرة عملي ، لذلك انا ارى ان المرأة مكملة للرجل، وليست منافسة له، كل رجل في حياتي كان له دور ولا يزال له دور.
11 -ما سرّنجاحك، بمعنى ما هو المفتاح السحري لأعمالك؟
الإلهام وإثارة الشغف من الداخل لتحويل ما نفعله الى ما نحب، لبناء ثقافة التفاؤل والإنتاجية، من خلال الابتكار والأخلاقية والعطاء والدفع الى الامام.أنا اشجّع جميع من يسعى الى جعل بيئتة ومجتمعه قيادة دافعة للأمام، وأخلاقيات المعاملة، والنزاهة وروح المبادرة.
12- هل ترين ان المرأة السعودية حصلت على حقوقها امام الرجل،أم أن الطريق طويل؟
كلمة حقوق تشمل أشياء كثيرة:العمل،الحياة الخاصة، التعليم، لكل فئة احتياج خاص ويختلف عن الاخر، لذلك بالعمل المرأة السعودية اخذت حقوقها، ولكن للأسف هناك من يجعل المرأة السعودية كحالة خيرية تحتاج الى دعم ومساعدة، ولكن المرأة الان اصبحت قادرة على معرفة وتحديد ماذا تريد.
13-ما الذي تطمحين إلى الوصول إليه مستقبلاً؟ هل لديك توجه لمشاريع اخرى؟
حلمي يتجاوز نجاحي الشخصي إلى الرغبة في إيجاد بيئة نموذجية تحافظ على قيمنا وأخلاقياتنا في الحياة والعمل، وتحفز على الإبداع، لذا أحرص دائماً على أن يتضمّن جزء كبير من عملي أفكاراً ومشاريع في مجال المسؤولية الاجتماعية والتوعية والتدريب والتواصل، فنجاحي الشخصي أو نجاح شركتي يتضاعف في بيئة تجارية واستثمارية تتوافر فيها الفرص وتتحقق فيها نهضة شاملة يجب أن تشمل التاجر والمواطن والمسؤول.
14-ما الأوليات لديك؟ كيف تقضين يومك؟
في كل مرحلة من حياة الانسان يتم إعادة هيكلة الأولويات وطريقة العمل. اوليّاتي دائماً عائلتي تأتي أولاً؛ من غير دعمهم واحتوائهم وسندهم لا يمكننا ان ننجح، لذلك انا انسانة جداً تقليدية فيما يخصّ حياتي الخاصة؛ زوجي دائماً أولاً هذه هي أولوياتي.
اهتم بإيصال ابنتي هيا الى المدرسة وأخذها من المدرسة ان لم أكن خارج البلاد. كذلكاستمع منها عن يومها الدراسي، يبدأعملي في التاسعة،سواء في المكتب او اجتماعات الخ، والتواصل مع الجهات التي اعمل معها، حتى لا ينقطع التواصل ويكون التواصل عبر الرسائل والايميل.
15- اين اسرتك من عملك؟
رامي وأنا وهيا. هؤلاء نحن، وطبعا والدتي واخواني هم اساس عملي وحياتي.
16- هل تؤيدين دخول ابنتك للعمل في المجال نفسه؟
انا أؤيدها في تحقيق احلامها، وأتمنى ان اراها في العمل الطريق الذي يشعرها بالسعادة لتحصل على السعادة الداخلية وهي تكملة الذات. ان ارادت تعمل في مجال عملي او عمل والدها او أي عمل آخر، فهذا طريقها وحلمها هي ونحن دورنا ان نساندها.