نجمة "بي بي سي العربية" ملاك جعفر: احترم الرجل بندية.
دبي-عمر نصر:
هي مذيعة ومقدمة برامج تمتاز بثقافة عالية وطلة محببة أهّلتها أن تحاور كبار السياسيين والشخصيات في العالم، وتناقش مواضيع معقدة بحنكة ودراية عالية، انتقلت من الصحافة المكتوبة الى شاشات عدة، لتحطّ رحالها في تلفزيون "بي بي سي عربي" الذي تصفه ببيتها الثاني، لكن طموحاتها وأحلامها لا تتوقف.
ترى أن الرجل ندّ لها وشريك في الوقت نفسه. هي ملاك جعفر التي استحقت ان تنضم الى الشخصيات النسائية البارزة التي تختارها مجلة "الرجل" بعناية في كل عدد ، فملاك لا تجد نفسها خارج الإعلام الذي تحول الى اسلوب حياة اثرى تفاصيل عدة في شخصيتها التي صقلتها لتكون إعلامية متميّزة بشهادة محاوريها، حوارنا معها تناول مسيرتها الإعلامية وطموحاتها وعملها الحالي مع تلفزيون "بي بي سي"، كما نظرتها الى مواضع شتى، منها العلاقة مع الرجل، والانتقال من كتابة المقالات الثقافية الى مناقشة القضايا السياسية الساخنة التي لا تنتهي، وولوج عالم الصورة المرئية وصخب شاشات الفضائيات العربية:
1-بداية ماذا يمثل الرجل في حياة ملاك جعفر؟ هذا سؤال صعب وسهل في الوقت نفسه، اذا قلت لك ان الرجل نصف المجتمع كما هي المرأة نصفه الآخر، والرجل هو ابي واخي وصديقي وزميلي وشريكي في الحياة، لكن نظرتي إلى الرجل كانت دوماً نظرة ندية قائمة على الاحترام المتبادل، فوالدي علّمني ان قوة المرأة وعلمها واحترامها لنفسها هي جوهر انوثتها، وهو مثالي الاعلى في الحياة، من خلال اصراره على النهوض والسير قدماً رغم كل الصعوبات وحفاظه على مبادئه مهما كلف الامر وقدرته على العطاء والحب بلا مقابل.
2-من هو الرجل "من الشخصيات العامة" الذي أثر بأفكاره فيك أو هو قدوة لك ؟ يحضرني الآن نيلسون مانديلا، ونحن نعيش ايام رحيله، هذا الرجل العظيم، كانت له قضية واضحة سخّر حياته من اجلها، يذهلني صبره على مدى سنوات سجنه السبع والعشرين التي حولها الى مساحة للتأمّل والتبصّر بحال امته، اعطته الحكمة والقدرة على التسامح فعلاً لا قولاً فقط. والتسامح وقبول الآخر هو اشدّ ما نحتاج اليه في ايامنا هذه.
3-لنتكلم على مسيرتك المهنية في عالم الإعلام أيضاً ما الذي قادك الى هذا المجال؟ بداية درست اللغة الفرنسية وآدابها في جامعة القديس يوسف في لبنان، وفي الجامعة نفسها اجريت دراسات عليا في الاعلام والتواصل، وحصلت على الماجستير، وحسب والدتي رحمها الله، كانت دوماً تقول لي انها كانت تدخل غرفتي لتجدني اجلس امام المرآة أقرأ الجريدة بصوت مرتفع، وكأنّني اقدم نشرة اخبار، هذا طبعاً في طفولتي، وبعدها اقلعت عن هذه اللعبة ونسيتها الى ان انهيت دراستي الجامعية، فعاد هذا الطموح يراودني، فقررت هذه المرة ان اصبح محترفة لا مجرد هاوية، درست الاعلام كما قلت لك، وبدأت مع جريدة النهار اللبنانية متدربة، ثم كتبت مقالات في الملحق الثقافي، وبعدها مجموعة من التنقلات السريعة بين تلفزيون الجديد وراديو كندا الدولي، الى ان حطت رحالي في موسكو مع قناة "روسيا اليوم"، ثم انتقلت الى بي بي سي عربي منذ عام 2008.
4-حالياً ماذا يعني لك العمل الإعلامي، وما الفرق بين هواجسك في البدايات والآن ؟ عملي اليوم هو حياتي، الإعلام هو هواياتي ومهنتي في الوقت نفسه، في البداية كان هاجسي ان اتعلم وأنوّع الخبرات، كنت ابحث عن مكاني، واليوم الحمد لله اشعر انني في مكاني الصحيح على شاشة "بي بي سي"، اتعلم كل يوم شيئاً جديداً وأتحدى نفسي كل يوم ان في التقدم خطوة نحو الامام.
5-ما المواقف التي غيّرت من قناعاتك أو أثرت فيك بشكل كبير؟ القناعات هي امور متغيّرة ما دمت تبحث دائماً عن الحقيقة وتستطلع الآراء، ربما يتكون لديك قناعة ما بسبب فهم خطأ للأمور، او بسبب عدم وضوح الرؤية الا أن الثابت هو المبادئ. مبادئي لم تتغيّر، ولن تتغيّر وهي الايمان بحرية الانسان وحقوقه، بغض النظر عن لونه وعرقه وجنسه ودينه.
6-لنتكلم على "بي بي سي" في حياتك وما برامجك التلفزيونية المفضلة ؟ "بي بي سي" هي بيتي الثاني، وربما يبدو هذا "كليشيه" الا انني اشعر فعلاً كذلك، معظم اصدقائي هم زملائي في العمل، "بي بي سي" علّمتني ان يبقى ذهني مفتوحاً للحوار وأمّنت لي حرية التفكير والتعبير بجرأة، وصقلت شخصيتي محاورةً. اقدم حالياً "العالم هذا المساء"، و"بلا قيود"، وقدمت برامج وتغطيات كثيرة، ربما ابدو مملّة اذا قلت انني اتابع الاخبار فقط، وتستهويني مشاهدة الاعلاميين الناجحين امثال كريستيان امانبور وجريمي باكسمان، والكثير من الافلام الوثائقية السياسية والدراما الانجليزية، لكنّي عندما يتسنى الوقت اشاهد برامج المواهب مثل "آراب آيدول" وغيرها واستمتع بالأصوات الجميلة.
7-من هم الشخصيات الذين التقيتهم وأجريت حوارات معهم، وتركوا بصمة في مسيرتك؟ قابلت رؤساء دول، ورؤساء حكومات ووزراء ومفكرين كثراً. كل مقابلة هي تجربة انسانية، تكشف لك جوانب من شخصية الضيف لم تكن تراها من قبل، خاصة اذا كانت وجهاً لوجه، كل مقابلة مهما كانت تضيف لك شيئاً جديداً، تؤثر فيّ اكثر اللقاءات مع الناس العاديين، كنا نجري حلقة عن ذوي الاحتياجات الخاصة في العالم العربي، وكان معنا فتاة اسمها ملاك ايضاً، وهي تسير على عكازين منذ طفولتها، وتذهب الى الجامعة، وتمارس حياتها بشكل طبيعي رغم نظرة المجتمع لها، في منتصف الحوار بدأت تبكي وبكيت معها لا اعرف اذا كان تشابه الاسماء اثر فيّ إلى هذا الحد، لكن الاكيد ان اصرارها على الحياة رغم المعاناة هزّني من الداخل، لن انساها.
8-هل ترين أن المرأة العربية حصلت أخيراً على حقوقها امام الرجل، أم ان الطريق طويل ؟ الطريق طويل جداً وصعب جداً، كلما تقدمنا خطوة تبرز صعوبات جديدة لم تكن في الحسبان من قبل، التشريعات والقوانين بحاجة لأن تتغيّر، وهذا سهل مقارنة بالنظرة الدونية للمرأة في كثير من الاوساط، البعض يقول إن العالم العربي بحاجة إلى أن يحقق حرية الرجل قبل حرية المرأة، ولكني اقول ان مفهوم المواطنة هو الاهم، وبالتوازي معه تأتي حقوق المرأة. لا يمكن ان تبني مجتمعاً حراً اذا كانت النساء تباع وتشترى، ولا رأي لها ولا وجود لها في الحيّز السياسي، ولا يمكن ان تبني مجتمعاً منتجاً، إن كانت المرأة غير متعلمة او غير عاملة.
9-أين تجدين نفسك مستقبلاً، في برامج اخرى أم لديك طموحات خارج المجال الإعلامي ؟ الاعلام هو مهنتي الوحيدة، وهو مجال شاسع جداً، لذا انا لا ارى نفسي مستقبلاً الا في الاعلام، ربما ليس على الشاشة، من يدري ؟! بالنسبة لأحلامي وطموحاتي لا اعتقد ان صفحات مجلتكم تكفي، وهذا لا يعني اني احلم بأمور كبيرة او غير واقعية لكن احلامي الصغيرة لا تنتهي.