أشهر مدخنيه تشرشل وكاسترو.. رحلة السيجار من أحضان العذارى إلى افواه المشاهير
السيجار الكوبي
السيجار الكوبي الحديث عن السيجار ذو شجون نظراً لتاريخه الضارب في القدم، وصناعته التي تتميّز بطقوس محددة ترتبط بمدى جودته، وكذلك بمدخنيه الذين هم من القادة والأثرياء، أو حتى الشباب الراغبين في خلق صورة مختلفة في تشبههم ببعض الرموز، لكن المؤكد ان هذه الصناعة حققت مكاسب ولا تزال للشركات المتخصصة بها، وأشهرها تقبع في كوبا والدول المحيطة..
"الرجل" خصصت هذا الملف لتتكلم عن تاريخ السيجار وطريقة صناعته وتخزينه وحتى تدخينه، وأشهر من دخنه وباعه ايضاً، وليس نهاية بكيفية لفه على أفخاذ العذارى في قرى كوبا النائية.
أصل كلمة سيجار هي مصطلح "سيكار" بلغة حضارة المايا وتعني "تدخين أوراق تبغ ملفوفة" وأصلها كلمة سي ك وتعني التبغ، ومنهما استعمل الإسبان مصطلح سيكارو، ووصلت الى العربية من الإنكليز الذين بدأوا استعمال كلمة سيكار.وينمو تبغ السيجار بكميات كبيرة في البرازيل، والكاميرون، وجمهورية الدومينيكان، والهندوراس، وإندونيسيا، والمكسيك، ونيكاراغوا، والفليبين، وبورتوريكو، وجزر الكناري، وإيطاليا وشرقي الولايات المتحدة الأميركية. من غير المعلوم تاريخ نشوء السيجار.
أقدم آثاره وجد في غواتيمالا وهو وعاء فخاري يعود إلى القرن العاشر، يظهر أوراق تبغ من المايا مربوطة بخيط. من أشهر أنواع السيجار هو المصنوع في هافانا بكوبا، وهناك أنواع من السيجار أقل جودة، أو مقلدة، تصنع في عدد من دول العالم وفي بعضها تُستبدل بأوراق التبغ أوراقُ نبات الملفوف (لهانة) للغش أو لخفض الكلفة.
طقوس الصناعة تبدأ بمرحلة التخمير، فبعد حصاد أوراق التبغ وتخزين المحصول، تمرّ عملية تحضير التبغ بمراحل عدة، الأولى هي معالجة التبغ، حيث تعتّق الأوراق باستعمال الحرارة والظل، لتقليل نسبة السكر فيها، ولتجفيفها من دون تلف الأوراق. تستغرق مدة المعالجة بين 25 و 45 يوماً. المدة تعتمد على حالة الطقس ووضعية المخازن التي يخزن المحصول بها.
وتتعدّل بحسب نوعية الأوراق واللون المطلوب، ثم مرحلة تخمير التبغ، حيث توضع الأوراق في درجة حرارة ورطوبة متحكم بها لتجفّ ببطء من دون تلف أو تفتّت. وهذه هي المرحلة التي تحدّد رائحة أوراق التيغ ونكهتها وطريقة احتراقها ، تليها مرحلة التصنيف والتخزين، حيث توزع الأوراق، بحسب نوعيتها وجودتها، إلى أوراق ستستعمل لفافات وأوراقاً تكون حشوة للتدخين.
ويتم تناولها بعناية وترطيبها بشكل مدروس لتحافظ على جودتها، وآخر مرحلة هي التكبيس وفيها تكبس الأوراق ثم تفحص، ثم تفك عن بعضها لتفحص مرة أخرى ثم تكبس.. وهكذا دواليك، حتى يكتمل تعتيقها بحسب المواصفات التي يضعها الصانع. مشاهير صنّاع السيجار غالباً ما يرتبط تصنيع السيجار بأسر تناقلت أسرار صناعته من جيل إلى آخر من الأسرة نفسها، وتذكر أسماء هذه الأسر في جميع المنتجات.
في عام 1992، أعلنت مجلة "سيكار أفيسيونادو" عن لائحة بمشاهيرصنّاع السيجار" وصنّفت ستة أفراد من أشهرهم وهم:
إدغار كولمن رئيس شركة "كولمان العامة للسيجار" في الولايات المتحدة،
زينو دافيدوف مؤسس شركة "دافيدوف" في سويسرا،
كارلوس فوينتي رئيس شرك "تاباكاليرا أ.
فوينتو إي سيا" في جمهورية الدومينيكان،
فرانك لانيزا رئيس شركة "فيلازون" في فلوريدا،
ستانفورد نيومان رئيس شركة "جي سي نيومان للسيجار" في تامبا،
أنجيل أوليفيرا موسسة شركة "أوليفا توباكو" في فلوريدا.
أصول تخزين السيجار بعد شراء السيجار، يجب أن يخزن بعناية. للاستعمال الشخصي، هناك علب خشبية تسمّى المرطبة تحافظ على رطوبة السيكار ونكهته. واستعمال المرطبة الجيد يحافظ على جودة السيجار لسنوات طويلة. وهناك المرطبة بحجم صغير تتسع لعشرين سيجاراً. كما يوجد مرطِبات بأحجام أكبر.
ويوجد مرطبات محمولة لنقل السيجار إلى أماكن خارجية أو في الرحلات. وهناك مرطبات ضخمة بحجم غرفة كبيرة تستعملها المحلات التي تتخصّص ببيع السيجار، أو من قبل الأثرياء الذين يقدرون قيمة السيجار.ويمكن إعادة إحياء سيجار جافّ إلى طبيعته الأصلية، باتباع عملية ترطيب، بعناية بشرط أن لا يكون أصابه التلف.
إن فقدان زيوت التبغ يعني فقدان النكهة بشكل نهائي. كيف تدخن سيجاراً لتدخينه، يقطع الطرف المغلق، ويشعل الطرف المفتوح بالنار. في العادة، يدخّن بسحب الهواء من الطرف غير المشتعل بشهيق من دون إدخال الدخان إلى الرئة. ومن أجل اللذة، يدور الدخان في الفم قبل زفيره للتمتّع بنكهته. كما يمكن زفيره من الأنف من أجل الاستمتاع برائحته. ولكل سيجار نكهته الخاصة بحسب الصانع والنوع.
تستعمل في عالم السيجار مصطلحات محددة لكل طعم ونكهة منها: مبهر، مفلفل، حلو، حادّ، محروق، أخضر، أرضي، خشبي، كلكلو، كستنائي، مشوي، معتّق، بذري، كريمي، أرزي، بلوطي، معلك، مفكه، جلدي. السيجار الكوبي يصنع السيجار في كوبا يدوياً حيث يجلس العاملون في معامل خاصة، وأكثرهم من النساء، في صفوف طويلة وبجانبهم طبقات من أوراق التبغ المخمّرة والمعالجة بطريقة خاصة، فيقومون أولاً بنزع العروق من وريقات التبغ ليحصلوا على ورقة صافية ونظيفة من كل شائبة، مصنفين تلك الوريقات حسب تدريجات لونية متشابهة معطين عناية وأهمية خاصة لورقة الطبقة الخارجية للسيجار.
وبخبرة فائقة يشكلون السيجار بشكله النهائي، ليكون كل إنتاجهم بالمواصفات نفسها. ثم يقومون بتغليفه بالسولوفان والأوراق الملوّنة والمذهّبة ويضعونها في علب فاخرة غالية الثمن، ليصل إلى نخبة من الزبائن المميزين. ومن أصناف أحجام السيجار كورونا ودوبل كورونا وبانتيلا وروبستو وسيجارلوس.. وغيرها، حيث تختلف تلك الأصناف من حيث الحجم والطول والطعم.
ومن أشهر العلامات التجارية للسيجار الكوبي، كوهيبا وبارتغاس ومونت كريستو وروميو وجولييت وكوابا وهوبمان.. وغيرها.
هناك شركتان تهيمنان على صناعة السيجار العالمية، ألتاديس: وهي شركة عالمية متخصّصة بصناعة السيجار، ولها مصانع في الولايات المتحدة، وجمهورية الدومينيكان والهندوراس كما، تمتلك 50% من شركة كوربوروسيانون هابانوس الكوبية، مجموعة التبغ الإسكندنافية ولها مصانع في جمهورية الدومينيكان، الهندوراس، نيكاراغوا، إندونيسيا، هولندا، بلجيكا، الدنمارك، الولايات المتحدة.
تشرشل وسيجار لا يفارقه عرف رئيس الوزراء البريطاني الراحل وينستون تشرشل، بأن السيجار لم يكن يفارق فمه، ومن المفارقة ما قاله احد الكتاب عن أن منظر زعيم مثل ونستون تشرشل، وهو يقود الناس وبيده سيجار، يمثل اليوم صورة مبتذلة في اوروبا؛ فليس ثمة سياسي يجرؤ اليوم على الجهر بسيجارته.
ومن المفارقة ايضاً أنه تم بيع نصف سيجار دخنه رئيس الوزراء البريطاني الراحل وينستون تشرشل، خلال اجتماع لحكومته في عام 1941، في مزاد علني أقيم في إنكلترا بـ 7245 دولاراً. يشار إلى ان تشرشل دخن هذا السيجار في أكثر الأوقات صعوبة خلال الحرب العالمية الثانية. بين سيجار غيفارا وفيديل كاسترو ابتكر تشي غيفارا 1928 - 1967 سيجار "كوهيبا"، عندما كان مقيماً في كوبا، عام 1960، وهو من أغلى الأنواع ثمناً، لأن تجفيف أوراق التبغ التي يُصنع منها يستغرق ثلاث سنوات، اذ يحفظ السيجار في درجة رطوبة معيّنة، حتى لا يخسر نكهته ورائحته المميزتين، كذلك كان لافتاً على غلاف مجلة "ذا إيكونوميست" البريطانية ظهر سيجار "كوهيبا" ينطفئ معلناً بذلك نهاية «مجد» الرئيس الكوبي فيديل كاسترو. شركة "كوهيبا" المتخصّصة في صناعة اجود انواع السيجار الكوبي والتي تعدّ الأبرز في تلك الصناعة، أسست في عام 1966 وكانت مخصّصة للرئيس المعتزل فيديل كاسترو وكبار الرسميين والزوار، قبل أن تطرح تجارياً في الأسواق عام 1982.
وكان كاسترو الذي لا يدخّن منتجات الشركة بكثرة حالياً بسبب وضعه الصحي، يجد في ذلك السيجار الذي يُستخدم فيه نوعان من التبغ المخمّر بطريقة معيّنة ما يستهويه، بسبب ما فيه من النكهة المضاعفة والرائحة القوية. سيجار العرب بين الخجل والمجاهرة يعرّج الكاتب بكر عويضة في حديث له عن ظاهرة التدخين بين النخبة السياسية العراقية في عهد الطاغية صدام، حيث يستهجن عويضة ذلك، مشيراً الى ان بعض مدخني السيجار من افراد الحلقة القليلة العدد المحيطة بالطاغية، فسّروا له أن هذا السيجار هو من خيرات صديق العراق وقتها فيديل كاسترو.
دخن الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر السيجار الكوبي، اذ كان الرفيق فيديل يمدّه بكميات من اجود انواع السيجار الكوبي، لكن عبد الناصر لم يكن يفضل ان يظهر امام الاعلام وهو يدخن السيجار، على عكس صدام الذي كان سيجاره لا يفارقه. وحرص الرئيس هواري بومدين (1932 - 1978) في فعالياته السياسية، لاسيما الندوات والاجتماعات على الظهور بعباءة وسيجار، مرسخاً في الاذهان صورة الثوري البرجوازي.
صدام وعديّ وسيجار الفخر يذكّر الكاتب مهدي السعيد بـسيجار عدي ابن الطاغية صدام، الذي وصفته الصحف الغربية بأنه سيجار الشباب، لكونه من الطراز الرفيع والرشيق نسبياً الذي تفوح منه نكهة جذابة تترك وراءها رائحة طيبة، وسيجار عدي، صُنع خصيصاً في معامل التبغ في هافانا، وقد عيّن عدي أحد معاونيه لمتابعة شؤون استيراد هذا النوع من السيجار. تكشفت معلومات جديدة عن الأيام الأخيرة للرئيس العراقي الراحل صدام حسين، خلال جلسة اجرائية عقدت في اطار تحقيق عسكري أمريكي، ثبت فيه ان الجيش الاميركي كان يحضر السيجار وصبغة الشعر لصدام، خلال فترة احتجازه قبل تنفيذ حكم الاعدام فيه، لأن الجيش كان يرى ذلك من ضروريات المهمة.
وللسيجار مهرجان في المهرجان السنوي للسيجار الكوبي في هافانا أكد الخبراء ان تجارة السيجار تنعم "بصحة جيدة" مع ارتفاع رقم الاعمال في عام 2013 بنسبة 8 في المئة، ليصل الى 447 مليون دولار. وقالت آنا لوبيس مديرة التسويق في "هابانوس اس ايه" وهي شركة كوبية – اسبانية، تحتفل بمرور 20 عاماً على انشائها هذه السنة، ان هذا الارتفاع دليل على متانة تجارة السيجار في العالم، وميلها الايجابي رغم القيود المفروضة على التدخين.اما اكبر سوق للسيجار اي الولايات المتحدة، فهي محظورة على المجموعة الكوبية، بسبب الحصار الاقتصادي الذي تفرضه واشنطن على كوبا منذ اكثر من نصف قرن.