"اللوفر"..رحلة عمرها أكثر من قرن ..سيراً على الاقدام
لندن- جميلة حلفيشي:
ولد في النرويج في عام 1908، وراج في أميركا الشمالية، وعرف قمة شهرته وجاذبيته في أوروبا إلى حدّ أنه أصبح لصيقا بالأناقة المتوسطية وبأجواء الريفييرا الفرنسية وكابري الإيطالية، وغيرها من السواحل التي تتراصّ اليخوت على طولها. إنه " اللوفر" الحذاء الذي يستعير من "الشبشب" شكله، ولا يفرق عنه سوى بنعله المقوّى وجلده المترف، حتى يناسب الاستعمال الخارجي.
ما أن جربه الرجل الأميركي حتى ارتاح له وتبنّاه في إجازاته، ليتحول مع الوقت إلى جزء من أسلوبه في الحياة، خصوصاً في المناطق الساحلية. وصفه محرر وخبير الأزياء كولين ماكدويل في كتابه "الأحذية: الموضة والفانتازيا" الذي نشر في عام 1989، بأنه أكثر تصميم يعبر عن المكانة الاجتماعية في القرن العشرين. لكنه لم يدخل الموضة العالمية سوى في السبعينات، حين أخضعته دار "غوتشي" الإيطالية إلى عمليات تجميل منحته المزيد من الحيوية والجاذبية.
ما قامت به "غوتشي" أنها أضافت إليه ما يشبه الإبزيم المستطيل وأدخلته منصّات الموضة، ومنها انتقل إلى رجال الأعمال والعاملين في البنوك في الثمانينات. ففي عام 1979، وعندما ظهر به النجم داستن هوفمان في فيلم "كرايمر ضد كرايمر" اكتسب شعبية أكبر وانتشر في أوساط الشباب انتشار النار في الهشيم.
هؤلاء الشباب نضجوا الآن ومع ذلك يرفضون التخلّي عنه، بعد أن ذاقوا طعم الراحة التي يمنحها في فصل الصيف تحديداً. حالياً، ليس هناك أفضل من الإيطاليين، مثل "برادا" و"غوتشي" و"تودز" لإقناع أجيال جديدة بأن حذاء "اللوفر" أكثر ما يعبّر عن الأناقة الشبابية، لأنهم بكل بساطة أكثر من يتقن صنعه.
فإلى جانب التصميم الإيطالي الذي لا يُعلى عليه، هناك نوعية الجلود المتوافرة واليد العاملة الخبيرة في دبغ هذه الجلود وتنعيمها، قبل تطويعها في أشكال مثيرة. وليس أدلّ على هذا من شركة "تودز" التي جعلت من هذا التصميم ماركتها المسجلة تقريباً، وطبعاً "غوتشي" التي لا تزال تعدّه ملكيتها الخاصة، ممّا يجعلها تعود إليه في كل عام. في عام 2010، ذهبت إلى أبعد من ذلك لتقترحه للخريف والشتاء وبدون جوارب، مبررة ذلك بأنه من الكلاسيكيات التي تناسب كل الفصول والمواسم والأزمنة.
دار "برادا" أيضاً طرحته بأشكال مختلفة، لتدخل سوق المنافسة بكل قوتها، وتفخر بحذائها الخاص "ذي كار شو" الذي تنفذ كل غرزة فيه باليد. ما أكده هذا التصميم أن تفاصيله وألوانه وخاماته تتغيّر، لكن أساسياته التي تعبّر عن الأسلوب الشبابي المنطلق تبقى هي هي.
وإذا كان في الثمانينات يخاطب شريحة معيّنة من الرجال أغلبهم من الطبقات المخملية والأثرياء الذين يقضون إجازاتهم في جزر الكاريبي أو الريفييرا الفرنسية أو سردينيا وغيرها، فإنه الآن يخاطب كل الشرائح والطبقات، رغم أن سعره قد يزيد على 500 دولار أميركي، وهو مبلغ يرتفع بسهولة حسب نوعية الجلد المستعمل فيه. ميزته أنه يمكن تنسيقه مع بنطلون جينز أو "شورت" مع "تي- شيرت، أو مع بدلة بقميص مفتوح من دون ربطة عنق في الصيف. كما يناسب البيئة العربية الحارّة، لأنه يذكر، في الكثير من تفاصيله، بالشبشب الذي يمكن انتعاله بسهولة ومن دون حاجة إلى الانحناء لربطه، خصوصاً أن أصول الزيارة تتطلب خلعه قبل دخول البيت.