ستيف جوبز .. السوري الامريكي الذي غيّر عالمنا
08 أبريل 2014
دبي-قصي المبارك:
ستيف جوبز هو عبقري الجيل الحديث، ومن دونه لما كان أحد رأى "ماكنتوش" ولا "آي ماك". ما كان لأحد أن يصغي للموسيقى على جهاز "آي بود"، أو يستعمل "آي فون" أو يتصفح "آي باد"؛ جوبز هو الرجل الذي فهم قبل أي أحد آخر أن منتجاته ستغيّر حياتنا والطريقة التي نتواصل بها. عُرف جوبز مخترعاً واشتهر بكونه المؤسس والمديرالتنفيذي السابق لشركة "آبل" ثم رئيس مجلس إدارتها.
تمكن هذا الرجل الذي علّم نفسه بنفسه من بناء شركة من كبرى شركات عصره، فحياة ستيف جوبز هي قبل كل شيء قصة رجل أراد السيطرة على عالم قاصٍ من دون حدود، عبر بوابة تكنولوجيا المعلومات.
وُلد ستيف بول جوبز في سان فرانسيسكو- كاليفورنيا في 24 شباط/ فبراير عام 1955 لأبوين غير متزوجين. ولم تكن بداية حياته جيدة، إذ تخلى عنه والداه البيولوجيان عند الولادة، وكانت والدته تلميذةً عزباء ووالده أستاذاً يافعاً، وهو عبد الفتاح الجندلي، سوري الأصل من مدينة حمص، لم يتمكّن من تربيته فعرضه للتبنّي، فتبنّاه زوجان من كاليفورنيا هما بول وكلارا جوبز، وكان لهما الفضل في إرساله إلى الجامعة.
ترعرع ستيف جوبز مع والديه بالتبنّي، في جنوبي سان فرانسيسكو، في بيت صغير يقع في قلب وادٍ تكثر فيه أشجار التفاح، الذي سرعان ما أصبح معروفاً باسم وادي السيليكون.
لم يكن ستيف في مدرسته آنذاك تلميذاً ناجحاً، لكن كانت هناك مادة واحدة تثير حماسته وشغفه وهي الإلكترونيات، كان هاوياً ومتحمّساً وعاشقاً لعالم التكنولوجيا. ويقول زملاؤه إن ستيف ربما لم يكن بارعاً وعبقرياً إلى الحدّ الذي يتصوره بعضهم، لكنّه اختار الأصدقاء المناسبين، مثل ستيف ووزنياك الذي كان يكبره بخمس سنوات، وتشاركا عشق الإلكترونيات، لكن بفارق واحد وهو أن ووزنياك كان بالفعل فتىً ذكياً.
لم يقف جوبز ساكناً بعد تركه للدراسة، بل سعى لتنمية مهاراته في مجال التكنولوجيا والإلكترونيات، فقدم ورقة بأفكاره في مجال الإلكترونيات إلى لشركة "أتاري"، وهي أول شركة في صناعة ألعاب الفيديو، وتمكن من الحصول على وظيفة مصمّم ألعاب فيها، وكان يهدف من هذا إلى توفير المال اللازم للسفر إلى الهند.
وبالفعل ترك جوبز عمله لفترة سافر فيها إلى الهند، ثم عاد من رحلته برأس حليق مرتدياً جلباباً هندياً،حيث تحول إلى البوذية هناك، وظل نباتياً طوال حياته. وعاد جوبز إلى الولايات المتحدة ليعمل في مرآب بيته على تأسيس شركة "آبل"، بالتعاون مع صديقه ستيف ووزنياك، لتتحول الشركة الصغيرة، فيما بعد، إلى إمبراطورية تبلغ قيمة أصولها، وفقاً لبورصة نيويورك 346 ملياردولار.
شهدت حياة جوبز في عام 1970، تحولاً رئيساً، حينما التقى مهندس الحاسوب والمبرمج ستيف ووزنياك، ليصبحا صديقين، وأدركا بعد تعمّقهما في عالم الإلكترونيات، الحاجة الماسّة إلى اختراعات تغيّر وجه العالم، ويستفيد منها الجميع.
عاد جوبز للعمل في شركة "أتاري"، وانضمّ إلى ناد محلي للكمبيوتر مع صديقه ستيف ووزنياك الذي كان يصمّم كمبيوتره الخاص حينها. وفي عام 1976، استطاع جوبز إقناع متجر محلي للكمبيوترات، بشراء 50 جهازاً من أجهزة ووزنياك قبل صنعها، وبفضل أمرالشراء هذا تمكن جوبز من إقناع أحد مورّدي الإلكترونيات بإمداده بمكوّنات تلك الكمبيوترات التي يسعى إلى صنعها، وهكذا استطاع جوبز إنتاج الكمبيوتر الجديد الذي أطلق عليه "آبل 1" من دون الحاجة للاقتراض من أية جهة أو أن يمنح جزءاً من أسهم شركته إلى شخص آخر.
بدأت شركة "أبل" عام 1976، في تجميع أجهزة الكمبيوتر وبيعها، لتقدم للعالم بعد إنشائها بعام جهاز"آبل 2" الذي يعدّ أول جهاز كمبيوتر شخصي ناجح يتم إنتاجه على المستوى التجاري، وكان باكورة إنتاج الشركة عام 1984 نظام "ماكنتوش" الذي كان أول نظام تشغيل ناجح بواجهة رسومية وفأرة، ليحقق الجهاز نجاحاً وانتشاراً كبيرين في مواجهة "إنتل" و"مايكروسوفت".
لم يكد يمضي عام على هذا الإنجاز، حتى نشبت خلافات وصراعات داخلية عنيفة انتهت بطرد جوبز من شركته، دفع ذلك جوبز إلى إنشاء شركة جديدة هي "نكست" التي وضع من خلالها نظام برمجيات كان الأساس لنظام تشغيل "ماك" الحديث.
لم تتمكن "آبل" من تحقيق الثبات، فأخذت في الانهيار سريعاً وتقلصت حصتها في السوق، فوجدت في جوبز طوق النجاة، فدُعي للانضمام إلى مجلس إدارة "آبل" مستشاراً لها عام 1995، ثم تم تعيينه رئيساً تنفيذياً مؤقتاً للشركة عام 1997، براتب قدره دولار واحد سنوياً، ممّا أدخله في مجموعة "غينيس" للأرقام القياسية، على أنه أقل الرؤساء التنفيذيين راتباً في العالم.
عرض جوبز كل منتج كنظرة للمستقبل، وجعل كل شيء يبدو ممتعاً للغاية، كان صاحب رؤيا ومديراً ذا شخصية جذابة تتمتع بمهارات تواصل ممتازة، لكنه كان مستبداً لا يرحم، ومصاباً بجنون العظمة أيضاً ، إذ كان يرى في نفسه واحداً من عظماء قادة العالم الثقافي أو السياسي في عصرنا هذا. ومن خلال حديثه كان جوبز يرى نفسه واحداً من الأشخاص المميّزين القلائل في العالم، أمثال شكسبير ونيوتن، أما البقية فبلا قيمة ولا يعنون شيئاً.