أول مصمم عربي يقتحم شارع الازياء الراقية في لندن.
جميلة حلفيشي- لندن:
تعدّ دار "هانتسمان" من أعرق الأسماء في "سافيل رو"، الشارع المتخصص في التفصيل الإنجليزي الأصيل. فتاريخها يعود إلى أكثر من 164 عاماً، كما أن لائحة روّادهالا تشملالأثرياء من رجال الأعمال فحسب، بل أفرادالعائلات المالكةأيضاً من كل أنحاء العالم. هذا التاريخ والمكانة الراسخة في الشارع، يجعلانها عضواً مهماً فينادي سافيل رو النخبوي الخاصالذي يتطلب دخوله والانتماء إليه،الكثير من الشروط. وربما هذا ما يجعل دخول سوداني شاب إليه من باب "هانتسمان"لافتاً. وكأن هذا ليس كافياً لكي يثير الجدل، فإن المصمم روبي الروبي ينوي أن يغيّر من ثقافة الشارع الذكورية القوية بتقوية الجانب النسائي وإدخال المرأة عالم التفصيل، بعد أن تجاهلها خياطو الشارع لعقود طويلة. يبلغ روبي من العمر 44 عاماً، لكنه يبدو أصغر من سنه بعشر سنوات. يقف بفخر خارج "هانتسمان" بواجهته الزجاجية الأنيقة، لكنه ما أن يشعر بلسع البرد حتى يهرع إلى الداخل مستكيناً إلى الدفء الذي كان يعمّ المكان، بفضل أطنان من أقمشة التويد والصوف والجلد التي تغطي كل جوانب الجدران، وتخفي أي شق يمكن أن يتسرب منه الهواء. في ركن من الأركان بالقرب من المدخل عُلق رأسا أيول لافتان، قال إن زبوناً تركهما في عام 1921 على أن يعود ليأخذهما، لكنه لم يعد وبقيا شاهدين على التاريخ وتوالي أجيال من العاملين والزبائن على حد سواء. للوهلة الأولى، تشعر كما لو أنك في متحف يعبق بالتاريخ، ففوق المدفأة علقت ساعة ضخمة قديمة، وفي الطابق الأسفل، توحي أدوات الخياطة بأن الزمن لم يتحرك، بدءاً من الطاولات الضخمة التي تستعمل لقصّ الأقمشة إلى طرق التفصيل والحياكة، لكنك بعد فترة قصيرة تشعر بأنروح المكان وثقافته ينبضان بالحداثة،وأن هناك رغبة جادة في مواكبة متطلبات العصر. كانت هناك مجموعة أسئلة ملحّة، وعلى رأسها: كيف دخل هذا الشاب السوداني الأصل إلى دار عريقة تعدّ هرماً في هذا الشارع النخبوي الذي يجد حتى الإنجليز صعوبة في اختراقه وتذويب مقاومة المخضرمين فيه، لتكون ردوده هادئة وكأنّ الأمر نتيجة حتمية بحكم تدرجه في العمل:
-ما شعورك وأن تدخل "هانتسمان"مصمماً وليس زبوناً، خصوصاً أنك تعرف جيداً أنها واحدة من أعرقدور الأزياء في "سافيل رو"وأهمها؟
= لم أشعر بالوجل أو بالغربة، فما أن وطئت قدماي المحل وجُلت بعينيّ فيه، حتى غمرني شعور عميق بأن هناك إمكانيات ضخمة لم تُستكشف بعد في الدار. كان شعوراً رائعاً بأني وجدت المنبر الذي يمكن أن أطبق فيه كل ما تعلمته في العشر سنوات الأخيرة. صحيح أن المنبر عظيم ويجب أنأتعامل معه باحترام، لكنه ليس مستحيلاً بحكم أني أمتلك الأدوات التي ستمكنّني من تلميع الدارأكثر لكي أحملها إلى مرحلة جديدة. - يقال إن ثقافة الشارع يغلب عليها نوع من النخبوية التي تشمل العاملين فيه، بمعنى أنه ليس من السهل عليهم تقبل وجه جديد أو أي دخيل عليهم،
كيف تم تقبلك بينهم؟
= من حسن حظي أني تعاملت مع خياطي "سافيل رو" لسنوات طويلة، بحكم أني تعاونت مع "هنري بول" في الجانب النسائي، كما تعاونت مع "هولاند أند هولاند"، لهذا أصبحت وجهاً مألوفاً بالنسبة لهم، مما جعل دخولي يمثل عودة الابن إلى بيته الأصلي.
-كيف حصلت على هذه الفرصة التي يمكن لأي مصمم أن يقول إنها ذهبية؟
= جاءت عندما شعر الملاّك السابقون بأن الوقت قد حان لكي يسلّموا المشعل لشخص يمكنه أن يأخذ الشركة إلى المرحلة القادمة. فقد اقتنوها منذ 8 سنوات ونجحوا في تحويلها إلى شركة ناجحة وقائمة على أسس متينة. وربما هذا ما شجعهم على بيعها لمستثمرين جدد لهم القدرة على تطويرها وتوسيعها أكثر. ولحسن حظي أني وُفقت في الحصول على مستثمر متفهّم ويقدر الشركة وتاريخها العريق، ساعدني على تحقيق هذه الخطوة.
-هل تتذكر ردة فعلك، عندما سمعت الخبرلأول مرة ؟
=تعرفين أن مجرد ذكر اسم "هانتسمان" يثير الكثير من المشاعر، فهيأيقونة في عالم الخياطة عموماً، وفي "سافيل رو" خصوصاً بالنظر إلى إرثها الغني والطويل، لهذا يخونني الكلام لأعبر عن مدى سعادتي. ففكرة أن أكون أنامن يمسك مقاليدها ويقودها إلى المزيد من النجاحات كانت أكثر من مثيرة. من جهة أخرى، شعرتبنوع من الرضا والثقة أيضاً، وبأنهانقلة طبيعية نظراً لتخصصي في مجال التفصيل منذ البداية.
-ماذا يعني لك أن تكون خياطا في "سافيل رو" بالذات؟
= مما لا شك فيه أنه شرف كبير، لأنه ليس من السهل تقبّلك لكي تدخل إلى هذا النادي النخبوي. فالشارع مجتمع صغير مبنيّ على احترام متبادل بين أفراده، يقدربعضهم حرفيةبعض، وهذا ما يجعلني فخوراً بأن أصبح عضواً في هذا النادي وأنتمي إلى هذا المجتمع
. -لو عدنا إلى الوراء قليلاً، كيف بدأت علاقتك بالتفصيل أساساً؟
= علّمت نفسي بنفسي من باب حبّي للتصميم والتفصيل على حد سواء. وهو حب تشكل خلال دراستي للهندسة الميكانيكية، ففي هذه الفترةتعلمت معنى الحرفية والدقة كما تعلمت تركيب الأشكالالهندسية. ورغم أنني لم أختر هذا التخصص عن طيب خاطر، فإنني أدين له بالكثير، لأنني تعلمت منه الكثير، مما ساعدني على ترسيخ مكانتي في عالم الخياطة و"الهوت كوتور" فيما بعد. البداية كانت تصميمأزياء نسائية، وبموازاتها كنتأفصل أزياء رجالية. وهو قرار جيد لأنه منحني الكثير من الخبرة وفتح لي أبواباً مهمة، مثل شركة "هنري بول" التي عملت فيها مصمماًفنياًللجانب النسائي، كما تعاونت معشركة "هولاند أند هولاند" وطرحت تشكيلة رياضية باسمها. -عندما تقول إن دراستك في مجال الهندسة الميكانيكيةلم تكن اختياراً خاصاً،
هل هذا يعني أن دخولك عالم تصميم الأزياء جاء مصادفة؟
= عندما تخرجت في لندن مهندساً ميكانيكياً، اكتشفت في التوقيتنفسه، أنتصميم الأزياء هو المجال الذي أرتاح فيه، ويمكن أن أبدع فيه أكثر،واستغرقني الأمر سنوات طويلة وأنا أتعلم فنونه ومفاتيحه. كل موسم، كنت أتعلم شيئاً جديداً،لاسيما فيما يتعلقبالأقمشة، لأن التكنولوجيا تقدمت بشكل كبير، مما ساعد على تطويرها، وجعلها تتيح إمكانات كبيرة للإبداع فيها.
-هليختلف التفصيل هنا في "سافيل رو" عن التفصيل الذي تعلّمته ومارسته في السابق؟
= ربما يكمن الفرق في أن أي محل في سافيل رو يتمتعبفريقكامل، يتخصص كل فرد فيه بجزئية. وهذا الفريق بأكمله يعمل مع الزبون لكي يحصل على قطعة تناسب شخصيته ومتطلباته، على أمل أن يأتي كل تصميم خاصاًبه وفريداً. والأكيد أن سير العمل في "هانتسمان" لن يتأثر بدخولي إليه، لأن المتخصصين في القصّ واختيار الأزرار وغيرهم سيتبعون الخطوط الكلاسيكية والتقليدية نفسها التي تتميز بها الدار. في المقابل، لن تذهب تجاربي الماضيةسدى، فأنا سأوظفها بشكل أو بآخر، خصوصاً أنها علّمتني الكثير من المهارات والخبرات المطلوبة لفهم شكل الجسم وما يتطلبه من قصّات مختلفة. ربما هذا ما جعلني لا أشعر بالرعب من دخولي "هانتسمان"، لأني كنت ملمّاً بأساليب التفصيل التقليدية قبل ذلك، مما أشعرني بالثقة.
- يقول البعض إن التفصيل تتحكم فيه قواعد محددة وشكل قلّما يتغير، مما يجعل الإبداع فيه محدداًأيضاًمن ناحية إطلاق العنان للخيال وابتكار الجديد؟
= قد تُدهشين إن قلتإن زبائن التفصيل على المقاس يتمتعون بخيال خصب ويعرفون تماماً ما يريدونه. فجمال الأزياء يكمن في تكامل المظهر من الرأس إلى أخمصي القدمين، وتنسيق البدلة مع القميص وربطة العنق والحزام والحذاء ومنديل الجيب وهلّم جرّا. فهذا كله يمنح فضاءاً كبيراً للإبداع، ولا يقتصر الأمر على التفصيل أو البدلة وحدهما
. -مما لا شك فيه أن كل خياط في "سافيل رو" له بصمته الخاصة التي تستقطب له زبائن أوفياء لسنوات، ما الذي يميّز "هانتسمان" عن باقي الأسماء المعروفة؟
= تشتهر "هانتسمان" بمعاطفها أكثر، فهي مصقولة وبخطوط واضحة لكن رشيقة للغاية. فالتركيز فيها يكون على الأكتاف المحددة والطول الذي يعطي مظهراً طبيعياً، كما يتمتع المعطف هنا بزر واحد. وهذا ما يجعل معظم زبائننا يطلبون أسلوب الدار التقليدي والمتعارف عليه، رغم أن فريق العامل مستعد أن يجري أي تغييرات أو إضافات يطلبونها، سواء كانت إضافة أزرار أو أن يأتي مزدوجاً بصفي أزرار. -بالفعل وكما قلت، تشتهر "هانتسمان" بالمعطف ذي الزر الواحد، الذي مثّل ثورة عندما قُدّم لأول مرة،
هل تنوي أو تطمح إلى أن تقوم بأي ثورات إبداعية جديدة؟
= المجال الذي أحلم بتطويره وتقويته في الدار هو الجانب النسائي. تجربتي السابقة في مجال تصميم الأزياء النسائية، بالإضافة إلى خبرة فريق العمل الذي التحق بنا، يجعلني متأكد بأنناسنقدم قطعاً جديدة وقوية في هذا الجانب. فالتفصيل للمرأة لا يزال من الجوانب التي لم يتم استكشافها بشكل كبير وتحتاج إلى المزيد في "سافيل رو"، لهذا ربما سنتمكن من إحداث ابتكارات أكثر من ثورات في القسم الخاص بها في "هانتسمان".
-أي جانب تستمتع به أكثر التصميم للمرأة أم للرجل؟
= ما أستمتع به دائماً هو نظرة السعادة التي تقفز من عينيّ الزبون عندما يحصل على قطعة تعجبه، وتلك الثقة التي تبدو على خطواته عندما يلبسها، سواء كان امرأة أو رجلاً.
-علاقة الخياط مع الزبون تعتمد هي الأخرى على ضرورة تحقيق نوع من التوازن بين الاحترام والثقة، نظراً لأن لائحة الزبائن تشمل ملوكاً وأمراء، هل عشت أي تجربة من هذا القبيل؟
= أعتقد ان رأي الزبون مهم، لأنه، أولاً وأخيراً، هو الذي سيلبس البدلة وليس أنا. ما يريده هو قطعة خاصة به، على مقاسه وحسب مواصفاته ومقاييسه، وهذا ما عليّأن أحترمه وأنفذه له بأحسن طريقة. أتذكّر تجربتي مع مارغريت ثاتشر، رئيسة الوزراء البريطانية السابقة، التي أتت إليّ طالبة زياً مفصلاً كانت تريد أن تلبسه في جنازة الرئيس الأميركي السابق، رونالد ريغان. لأن والدتها كانت خيّاطة، كانت تعرف تماماً كل خفايا المهنةوأسرارها، وبالتالي أعطت تعليمات دقيقة ومحددة جداً، لم يكن من الممكن الحياد عنها.
-هل تتحكم في كل صغيرة وكبيرة هنا، أم تترك الحرية لفريق العمل بحكم أنهم يتمتعونبخبرة طويلة ومتوارثة في هذا المجال؟
= نعم لدينا فرق عمل متعددة كل واحد منها متخصص في جزئية محددة في صناعة أي قطعة، ويعرف تماماً مسؤولياته ويقوم بها على أحسن وجه. لدينا كذلك مدير مبيعات يقدم الزبون إلى كلأنواع الأقمشة وأوزانها المتنوعة. هناك المتخصص في القص أيضاً،وهو المسؤول كذلك عن أخذ المقاسات ورسم التصميم المناسب للجسم، قبل أن يبدأ عملية قصّ القماش ثم إرساله إلى الفريق المتخصص في صنع البنطلون والفريق المتخصص في صنع المعطف أو السترة. إلى جانب هذه الفرق، هناك أخرى تتخصص في وضع الأزرار وإجراء اللمسات الأخيرة على الأكمام والياقات وغيرها من التفاصيل. عندما ينتهي كل هؤلاء من مهماتهم وتصبح القطعة جاهزة، تُرسل إلى الطابق الأرضي لكيّها وتجهيزها للزبون
. -في هذا الوقت من العصر، حيث أصبح بإمكان المصمم الفني في أي بيت من بيوت الأزياء أن يصبح نجماً عالمياً، هل لا تزال مهنة الخيّاط تعدّ خياراً وظيفياً جيداً بالمقارنة؟
= التفصيل على المقاس، وكذلك "الهوت كوتير" مهمان جداً في وقتنا هذا، وستزيد الحاجة إليهما كونهما مضاداً طبيعياً للموضة السريعة التي تغرق الأسواق. الزبون العارف يريد الآن أزياء مميّزة وفريدة من نوعها يمكن أن تقول الكثير عنه، بدءاً من ذوقه إلى أسلوب حياته، ولا يريد أزياء مستنسخة ومتشابهة.
-قبل الأزمة الاقتصادية العالمية، انتعش "سافيل رو" بفضل شريحة جديدة من الزبائن، أغلبهم يعمل في مجال المال والأعمال والبنوك والبورصة وغيرها، هل تغيّر الوضع حالياً، لاسيما أن هذه الشريحة أكثر من أثرت فيهاالأزمة؟
= لا يمكنني تقييم الوضع إلا من خلال تجربتي الخاصة في "هانتسمان"، وبالتالي أؤكد أن الطلبات لم تقلّ بدليل أننا لا نزال نحقق الأرباح. فنحن محظوظون بفريق العمل المتمرس، وبإرثنا الغنيّ ممّا يضمن لنا المستقبل.
-هناك خطر آخر، وهو اهتمام الكثير من بيوت الأزياء العالمية مثل "لانفان" وألكسندر ماكوين" وغيرهما بالتفصيل على المقاس؟
= لا أعتقد أن الأمر يؤثر فينا، لأننا دار متخصصة في التفصيل على المقاس وحسب الطلب، وكل بدلاتنا والقطع التي نقدمها تنفذ وتصنع باليد، بينما بيوت مثل "لانفان" و"ألكسندر ماكوين" وغيرها تعتمد على الآلات لصنع بدلاتهم في إيطاليا. ما من شك أن النتيجة التي يحصلون عليها بجودة عالية وأناقة راقية، لكن بدلة مفصلة في أي محل من محلات "سافيل رو" تختلف تماماً، وتعدّ منتجاًفريداً. نحاول بدورنا أن ندخل المنافسة بطرح أزياء جاهزة، لكن من دون أن ننسى هوّيتنا أو نتنازل عن أسلوبنا. ففي "هانتسمان" مثلاً، نتميّز بتصميم كلاسيكي ونرفض أن نرضخ لإملاءات الموضة مثل البدلة الضيقة التي تعانق الجسد، وهذا ما يتوقعه زبائننا منّا.
-لكن ربما هذا ما يجعل البعض يتهم خياطي "سافيل رو" بأنهم لا يواكبون العصر، وأنهم لا يزالون يخاطبون زبوناً مخملياً ونخبوياً، كما يفتح المجال لبيوت الأزياء العالمية بدخول المنافسة؟
= بالعكس، فأنا أعتقد أن ما نقوم به يواكب متطلبات العصر والزبون وحياته، وطبعاً هناك إمكانات هائلة للتطور، فزبوننا كما قلت لا يريد تصاميم بهوى الموضة وتغيّراتها. - التفصيل، قصة بريطانية تستحضر دائماً قماش التويد والقصّات التقليدية وغيرها، كيف يمكنك اليوم أن تترجم كل هذا لرجل عالمي؟ = منذ البداية إلى اليوم، يمثل "سافيل رو" للرجل ما تمثله الـ"هوت كوتور" للمرأة، أي الحصول على قطعة مفصّلة على المقاس وفريدة لا تتكرر، وهذا ما يجعل التفصيل هنا من أجمل وأرقى ما يمكن الحصول عليه، عدا أنه تجربة خاصة
. - العديد من الرجال لا يفهمون الفرق بين بدلة مصنوعة باليد وبدلة جاهزة، الأمر الذي يجعلهم يعانون من الاختيار الخطأ وبتصاميم ومقاسات لا تناسبهم، ما الذي يمكن أن تقوله لهم لكي تستقطبهم للتفصيل؟
= أقول له: عندما تريد أن تشتري بدلة جديدة، دائماً اصحب معك صديقاً تثق به وبذوقه، كما أن إجراء تغييرات على القطعة بتقصيرها أو تضييقها لم يعد أمر صعباً، لأن كل المحلات الكبيرة أصبحت تخصّص أقساماًلإجراء هذه التغييرات لإرضاء الزبون، لهذا ليس هناك أي مبرر لاختيار بدلة غير مناسبة شكلاً ومقاساً. لا بأس كذلك من التعرف إلى مقاس الجسم بشكل دقيق، وهو أمر يمكن لأي خيّاط أن يقوم به، وعلى أساس ما توصلت إليه، يمكنك اختيار بدلة مناسبة لا تحتاج إلى الكثير من التغييرات
. -ماذا عنك شخصياً، قبل أن تلتحق بـ"سافيل رو"، من كان خيّاطك المفضل؟
= أكن الكثير من الاحترام لهنري بول، الذي أسّس الشارع، وكانأول خيّاط يفتتح محلاً هنا. فهو بالإضافة إلى "هانتسمان" و"أندرسون شيبارد" الثلاثي أو الهرم الذي بُني عليه الشارع. -كيف تصف رجلاًأنيقاً؟ = هو الرجل الذي يلبس زياً مناسبا للمناسبة التي يحضرها..يكون مظهره راقياً وأنيقاً من دون مبالغة.
-ما الأساسيات التي تنصحه بها للحصول على هذا المظهر؟
= يجب أن تضم خزانة ملابسه، بدلة للنهار والعمل، سترة "بلايزر" للمساء، قميصاً من القطن لكل المناسبات ومعطفاً للشتاء. والمهم أن تكون كل هذه القطع مفصلة بشكل جيد على جسمه ومنفذة بجودة عالية
-من هو زبونك المثالي؟
= الذي يقدر الحرفية والجهد الذي يتطلبه التفصيل على المقاس، فضلاً عن الذي يحتاج إلى خزانة متكاملة تأخذه من أجواء المكتب إلى أجواء السهر والسمر مع الأصدقاء والأهل والإجازات.
كادر 1
لم يدرس روبي الروبي الموضة ولم يتخرج في أحد معاهدها الشهيرة، بل تخصص وتخرج في الهندسة الميكانيكية، إلا أنك عندما تقرأ سيرته العملية تشعر كما لو أنه دخل مجال الموضة والتصميم منذ عهد بعيد. فقد بدأ مع المصمم جوزيف إيتيدغي، ودخل في شراكة مع المصمم توماس ستاريفسكي، كما سبق له العمل مع كل من "هنري بول" و"هولاند أند هولاند" في سافيل رو، وفي الوقت ذاته أسس خطاً خاصاً به في عام 2004. يقول إن الهندسة الميكانيكية لم تكن خياره، فقد دخل "إمبريال كوليدج" بإصرار من والده، الذي كان مهندساً ميكانيكياً، ووالدته التي كانت باحثة علمية. كان دخول مجالات مثل القانون أو الهندسة او الطب أضمن للمستقبل بالنسبة إليهما. لم يكن أمامه حل آخر سوى أن يلبي رغبتهما، وبعد أن نجح في مهمته وتخرج، قرر أن يقوم بما يرضيه. وبإلحاح منه نجح في إقناع والديه، اللذين لم يجدا بدا سوى التجاوب معه. فقد كان من الصعب عليهما أن يقفا في طريق تحقيقه حلماً طالما راوده وهو صغير. يتذكر بأنه كان يحب هذا المجال منذ أن كان يتجول مع والدته في الأسواق بحثاً عن أقمشة مترفة مثل الشيفون أو الحرير، وكان يقف مشدوهاً وهو يتابعها وهي تنسّق الألوان مع بعضها. يقول: " علمتني الكثير عن الأقمشة والالوان، لأنها كانت تسألني رأيي وكانت تقول دائماً إن الأسود لون كسول، كما كنت أنبهر من الأشكال التي كانت ترسمها لفساتين السهرة الخاصة بها".
كادر 2
: المصمم روبي الروبي السوداني الأصل، حقق كثيراً من النجاحات والإنجازات في لندن بفضل أسلوبه في التفصيل الرفيع. وعلى الرغم من أن اسمه غير متداول، بحكم أنه لا يشارك في أسابيع الموضة وغيرها من الفعاليات، فإنه معروف لدى النخبة من الأثرياء ورجال وسيّدات الأعمال، فضلاً عن السياسيين، مثل رئيسة الوزراء البريطانية السابقة، مارغريت ثاتشر، على سبيل المثال لا الحصر، التي طلبت منه تفصيل زيّ خاص لحضور جنازة صديقها رونالد ريغان، الرئيس الأميركي السابق. مؤخراً وقع عليه الاختيار لتصميم أزياء فيلم «نينا سيمون»، مغنية الجاز والناشطة السياسية ذات الأصول الإفريقية التي لعبت دورها الممثلة، زوي سالدانا. ولا شك أن مشاركاته السينمائية ستزيد، بحكم أنه سبق لـ«هانتسمان» التعامل مع نجوم هوليوود، مثل غريغوري بيك وكاثرين هيبورن، وبول نيوما وغيرهم في السابق، وكانت لها مشاركة مؤخراً في السلسلة التلفزيونية الناجحة "داونتون آبي". كلام الصور -المصمم روبي الروبي خارج "هانتسمان" -جانب من محل "هانتسمان" -في ركن من الأركان بالقرب من المدخل عُلق رأسا أيول لافتان، تركهما زبون في عام 1921 على أن يعود ليأخذهما، لكنه لم يعد -تتوفر الشركة على نحو 2000 تصميم وأنواع أقمشة بنقوش متعددة -تشتهر الدار بمخاطبتها النخبة والطبقات الراقية، كما تشتهر بصناعة معاطف الصيد