عبد الإله بنكيران يكشف لـ«الرجل».. رأيه في تعدد الزوجات وقصة غنائه لأم كلثوم
لم يمنع ألم الفراق الذي ما زال يعتصر قلب السيد عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة المغربية، جراء فقدانه لوالدته، ولا انشغالاته السياسية لتأسيس الحكومة، بتخصيص مجلة "الرجل" بحوار حصري ، بعد إلحاح المجلة واستقباله لها في بيته الذي كان يتواكب عليه المعزون. تجاوز الرجل كل هذه الإكراه، فاتحاً قلبه ومتحدثاً بعفوية لا تخلو من دعابة ، وهو الميال إلى النكتة التي لا يتوانى في أن يكسر من خلالها مراسم البرتوكولات الرسمية، سواء في علاقته برؤساء الدول أو وزراء حكومته، كما يكشف ولأول مرة بعضاً من أسرار حياته الخاصة.
حين أرسم أهدافي لا أحب التراجع عنها عادة، محاولا تذويب المشاكل، وإن حدث أن تراجعت، لا أتراجع بسهولة"، هكذا تحدث عبد الإله بنكيران عن نفسه في حواره لـمجلة "الرجل" ، يقول بنكيران هذا الكلام وهو يلتقط انفاسه ليتابع جهودا حثيثة لتشكيل الحكومة الجديدة .
كثيرون ممن يكتبون عن بنكيران الأمين العام لحزب العدالة والتنمية ورئيس الحكومة المغربية، يصفونه ، بالشخصية البراغماتية، ويستدل أصحاب هذا الرأي بالمواقف التي راكمها بنكيران على مستوى الممارسة السياسية .
الموقف من الملكية
انتقل بنكيران في بدايات الثمانينيات من القرن الماضي، من العمل السري في إطار الشبيبة الإسلامية القائم على الصدام مع المؤسسة الملكية، إلى العمل الشرعي القائم على الاعتراف بها ، كان يرى أن الإصلاح في المغرب لا يمكن أن يكون إلا بدعم ملكي، وأن الحركة الإسلامية في تصوره يجب أن تتعاون مع الملكية.
هذا الموقف تبلور بشكل خاص في مشاركة الحركة في جامعة الصحوة الإسلامية في الثمانينات التي أشرف عليها وزير الأوقاف الأسبق عبد الكبير العلوي المدغري، بضوء أخضر من الحسن الثاني الذي كان يريد إدماج جزء من الإسلاميين في المجال السياسي.
موقف بنكيران من الملكية، كان أيضا واضحا إبان حراك 20 فبراير، هذه الحركة التي حدثت بدعم بعض القياديين من الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية فضلا عن الشبيبة،وتقاسم جزء منه مع المحتجين في الشارع، شعار (الملكية البرلمانية)، وعلى رأسهم مصطفى الرميد.
ظل بنكيران متشبثا بمواقفه، والمعبر عنها في تصريحاته، من قبيل، "لم أخرج خلال 20 فبراير لأنني أخاف على الملكية".."المغرب إما يكون بالملكية أو لا يكون".."الملك أب لجميع المغاربة".
وعلى عكس المتوقع فإن النهج السياسي لبنكيران، وجد الدعم من الحزب والذي تم التعبير عنه بمنحه ولاية ثانية لقيادته، غير أن هذا لا يفيد أن العلاقة بين رئيس الحكومة والمحيط الملكي تشوبها الثقة والانسجام التام، وهو ما سبق وأكده عليه بنكيران في حوار لقناة الجزيرة بالقول "أن علاقته بالملك ليست سمنا على عسل دائما، وأنه يحدث أن تقع خلافات فيراجع الملك فيقبلها الأخير".
حزب بنكيران و الاخوان
عبد الإله بنكيران يعتبر أن حزبه لا ينتمي إلى مدرسة الإخوان المسلمين، وأن حزبه حزب سياسي وليس ديني ، ويرفض في السياق ذاته، الخلط بين السياسة والدين، مشددا على أن هذا الأخير يجب أن يكون بيد الدولة، وموضحا في نفس الوقت أن بعض الأشخاص أعطوا صورة مرعبة ورهيبة عن الإسلام.
وفي اكثر من مناسبة يقول بنكيران إن الرابط بين حزبه وحركة الإخوان لا يتعدى اللقاءات التي تجمعهم في بعض المؤتمرات، غير أن هذه اللقاءات هي في نظر البعض دليل قاطع على عمق هذه العلاقة وتقاسم المرجعية نفسها مع حركة الإخوان في مصر وسوريا والأردن والسودان وتركيا وغيرها، وأنهم يشتركون في مطمح تأسيس حركة تنظيم "الإخوان المسلمين العالمي"، وهو الحلم الذي ساور الكثيرين منهم وكتبوا حوله.
لكل بعض المحلللين يستدلون على ارتباط العدالة والتنمية بحركة الإخوان المسلمين في مصر، بمبادرة نواب الحزب في البرلمان، محاولة جمع توقيعات على عريضة أطلقوا عليها اسم "برلمانيون ضد الانقلاب"، لحشد التأييد للإخوان المسلمين. بيد أن العديد من نواب الأحزاب في غرفتي البرلمان رفضوا التوقيع.
وإذا كانت علاقة حزب العدالة والتنمية من حركة الإخوان المسلمين، تتراوح بين الأخذ والرد، فإن الموقف من الحركة السلفية، ظل هو الآخر يلقي بظلاله على علاقة الحزب بمحيطه السياسي بمختلف تلاوينه، مع اختلاف في حدة الموقف.
قانون الإرهاب
بعد تفجيرات الدار البيضاء عام 2003، انبرت أصوات مطالبة باستئصال حزب بنكيران من المشهد السياسي، وهو الموقف الذي كان مرفوضا من طرف الملك، وكانت التهمة الموجهة لحزب العدالة والتنمية، هو أنه كان جد مساهم في تغذية الفكر المتطرف، وفي هذا السياق صوّت الحزب على قانون الإرهاب في البرلمان، من جهة ومن جهة أخرى عمل محاموه على مؤازرة المعتقلين السلفيين.
هل نجح حزب بن كيران في الحكم ؟
تقول لغة الأرقام أن عبد الإله بنكيران وعد في التصريح الحكومي السابق بتخفيض معدلات الفقر التي كانت 8.8 في المائة عند مستهل الولاية الحكومية، وتدهورت بنقطتين لتستقر في 11 في المائة، وفق المندوبية السامية للتخطيط وهي مؤسسة رسمية.
ويستمر مؤشر البطالة في نسبة 10 بالمائة، ولم ينزل إلى عتبة 8 بالمائة التي وعد بها بنكيران، أما الوعود المقرونة بتخفيض نسبة الأمية من 39 بالمائة إلى 20 بالمائة، فإنها بقيت في حدود أحسن التوقعات ضمن 30 بالمائة.
استمرار أزمة التعليم، مع تشجيع التعليم الخاص وإضعاف المدرسة العمومية، ما يمس بتكافؤ الفرص.، هذه مجرد عينات لم تنجح فيها حكومة بنكيران، ومع ذلك عاد من جديد أكثر قوة.
معالي رئيس الحكومة رئيس الحكومة، أنتم من مواليد 8 أبريل/ نيسان الذي يتزامن مع برج الحمل، ونريد أن نفتح معكم هذا الحوار بدعابة، حيث يقول بعض الفلكيين إن رغبة كبيرة تسكنك في اقتحام المصاعب، وتسلق القمم، وإن طموحك سيكون مضاعفاً. ما تعليقكم، فهل صدق المنجمون أم كذبوا؟
أعتقد أن المصاعب هي التي تقتحمني، ولست أنا من يقتحمها، وهي مصرة على أن تعترضني. ومع ذلك، أنا أواصل الاشتغال بتركيز شديد حين أرسم أهدافي ولا أحب التراجع عنها عادة، محاولاً تذويب المشكلات، وإن حدث أن تراجعت لا أتراجع بسهولة.
أنا والكذب
لا أستطيع الجزم أنني لم أكذب خلال فترات حياتي، والكذب ليس من شيمي الخلقية، أنا أكره الكذب، ، لكني أحرص في الأغلب على تحري الصدق كلما استطعت إليه سبيلاً. الكذب يفاجئني ويلاحقني يومياً، على مستوى ما ينشر عني من أخبار في الصحف والمجلات.
هل تنزعج من بعض المقالات أو بعض الرسوم الكاريكاتيرية الساخرة، التي يكون موقعك رئيساً للحكومة موضوعاً لها؟
رسوم الكاريكاتير الساخرة، وكذا المقالات الصحفية، منها ما هو مقبول يكون التعامل معه بصدر رحب، ومنها ما هو مرفوض، بل حتى المقالات المسمومة عندما تكون ذكية ولطيفة، فإن الطريقة التي يقدمونني بها تبعث في نفسي الضحك، وأضحك على نفسي. لكن ما لا يعجبني وما لا أقبل به، حين يحيد النقد الصحفي والمنتوج الإعلامي عن الموضوعية والنزاهة الأخلاقية، ويسخّر لأغراض غير نبيلة، تصل أحياناً إلى الخبث والمكر.
كيف تعاملتم مع الفضائح التي طالت حكومتكم، وخاصة فيما يتعلق بعلاقة الكوبل الحكومي وغيرها؟ هل أحسست بألم داخلي ؟
حين يكون الإنسان في موقع المسؤولية من إدارة الشأن العام، فإن بعض الخصوم لا يتوانون في النيل منه، ويعملون على ترويج الشائعات أو النبش في حياته الخاصة، أو المبالغة في تأويل سلوك معين أو مبادرة تخص الحياة الشخصية، من قبيل شكل تعاطي بعض الناس مع زواج الحبيب الشوباني وسمية بنخلدون، فمن موقعي لا أنظر إلى الموضوع على أنه فضيحة كما يظل يروج له؛ فالرجل أراد الزواج بسيدة مطلقة، فما المانع في ذلك؟ لكن استعجال الطرفين في الإقدام على الزواج باختيار فترة زمنية كانت في موعد الانتخابات، توقيت ربما لم يكن مناسباً، لأننا كنا مستهدفين، وهو ما وفر فرصة لهؤلاء الخصوم محاولة النيل من الحزب والتشويش عليه، والتهويل من مسألة عادية لا تلزمهم في شيء.
يعرف عنك أنك رجل عاطفي وحساس، فهل تدع العاطفة تغلب عليك خلال عملك، لتشكيل الحكومة؟
العاطفة لا تصلح في تأسيس الحكومة، فمهمة من هذا النوع تستدعي القدرة على تدبير الخلاف عبر الحوار و باستحضار العقل ومراعاة خدمة المصالح العليا للوطن.
نحن مقبلون على احتفالات رأس السنة الميلادية؛ هل ستوجه تهنئة للسيد أوباما الذي سيغادر البيت الأبيض، خاصة أنه سبق أن بعث إليك في رأس السنة المنصرمة، تهنئة تحمل توقيعه إلى جانب زوجته وبنتيه، فضلاً عن كلبه، ما جعلك تستفسره هل فعلاً أراد كلبه معايدتك؟ وكيف علم هو بذلك؟
(يضحك):أنا لم احتج على توقيع كلب أوباما، فقط بعث له بذلك التعليق الطريف من باب الدعابة وإثارة جوّ من المرح داخل وسطه الأسري. أما فيما يتعلق برسائل التهنئة فأنا أحترم البرتوكول الدبلوماسي الرسمي، وهذه المهمة تندرج ضمن اختصاصات جلالة الملك الذي يبعث برسائل التهاني في المناسبات والأعياد، باسمه ونيابة عن الشعب المغربي إلى رؤساء وملوك الدول.
لماذا تميل إلى قول النكت في اللقاءات الرسمية؟ هل هي طبيعتكم، أم مجرد تغطية منه عن ضعف ما؟
ممكن؛ هذا ذكاء لا أدعيه، العفوية والميل إلى الدعابة والمستملحات هي جزء من شخصيتي التي لا تقبل التصنع والتكلف في علاقتي مع الناس، وهذا ما يساعدني على إضفاء علاقة قرب روحية، سمتها الألفة ورحابة أجواء اللقاء الذي أحرص على أن تكون جلسته خفيفة وممتعة وصافية.
هل تربي السيد بنكيران في أسرة تحب النكتة وروح الدعابة ؟
لا؛ بالعكس والداي رحمة الله عليهما كانا في غاية الجدية، ولا يتقنان فن النكتة، لكن خلال مساري الدراسي والثقافي اكتسبت هذه الروح المرحة، وأغلب النوادر راكمتها خلال تلك الفترة، قبل أن أتحول إلى داعية، مع الحركة الإسلامية، ففي معظم الأوقات كنت أستمتع بحكاية النكت أو سماعها، وامتلاكي ذاكرة قوية، جعل كل ما يتردد على مسامعي من نكت جميلة تبقى راسخة، لتخرج في الوقت المناسب، فأوظفها حسب السياق، حتى لو تعلق الأمر بلقاءات مجلس الحكومة، حيث أتقاسم مع السادة الوزراء حالة ضحك جماعي، نكسر من خلالها بعض الرتابة، ثم ننغمس في عملنا.
عندي نكتة يا جلالة الملك
حينما أكون في حضرة العاهل المغربي محمد السادس، ترد عليّ بعض النكت، وأقول له يا جلالة الملك، الآن وردت في ذهني نكتة، لكن مقامك يمنعني من أن أحكيها لك، لكنه يفاجئني بالقول تفضل احكيها لي يا سي بنكيران، ورغم ذلك يستعصي عليّ أن أسمعه إياها نظراً لمقامه ومكانته السامية، عكس علاقتي ببعض الرؤساء والقادة والزعماء، فإنّني لا أبالي.
ما سرّ حبكم القوي للعاهل المغربي، الذي تتباهى به في كل مناسبة؟
جميع المغاربة يحبون الملك، كما أن التفاوت في عامل السن بيني وبين جلالته، جعلني أتعرف إلى أخلاقه الفاضلة واللطف الذي شبّ عليه منذ صغره، وطبعاً حين عينني صاحب الجلالة، رئيسا للحكومة، سيسمح لي هذا المنصب بالاقتراب منه، فازداد حبي له، بعد ما لمست فيه عن كثب هذا الجانب الإنساني الكبير الذي يتمتع به، ويعود هذا الحب والتقدير أيضاً لوعيي وقناعتي الصادقة بأهمية الملكية في المغرب، التي هي الضامن لاستمرارية الدولة وأمنها واستقرارها، وهو ما يجعل المغاربة متشبثين ومرتبطين بعد الله بجلالة الملك أمير المومنين.
هل تطورت علاقتكما إلى مستوى الصداقة؟
العلاقة التي تربطني بجلالته، هي علاقة ملك برئيس الحكومة، وكما قلت إني أجل فيه جانبه الإنساني الكبير وعطفه على مواطنيه وأنا واحد منهم، حيث ساعدني كثيراً في العناية بوالدتي رحمة الله عليها، فضلاً عن ذلك، سيتنعّم عليها وهي على قيد الحياة بهدية جميلة، وهي علبة من بخور العود من النوع الرفيع؛ الهدية أدخلت الفرحة في قلبها وقلوب العائلة جميعاً، الوالدة حافظت عليها بعناية إلى أن حضر جميع إخواني وشقيقتي، فمنحت كل واحد منا نصيبه من الهدية تيمناً وتبركاً بهذه الالتفاتة الإنسانية لجلالته.
أخجل من السكن في بيت زوجتي
أشعر بالخجل في بعض الأحيان، ويتملكني الخوف (مبتسماً) في أن تطردني الزوجة من البيت، فأقضي الليل في الشارع، ما دمت لا أملك شقة باسمي حتى الآن، البيت الوحيد الذي يمكن أن ألجأ إليه في حالة الطرد من بيت الزوجية، هو بيت والدتي رحمها الله، غير أنه بعيد عن العاصمة الرباط، حيث إنه في فاس، وأسال الله أن يرطب قلب زوجتي حتى لا تطردني يوماً من البيت.
لديك سلسلة من المدارس الخاصة، هل تفكر في الاستثمار في مجال آخر؟
انأ لست بصاحب مدارس خاصة، فالمدارس التي أسستها لبعض الجهات الأخرى، كي تستفيد من مردودها، كانت استثماراً لأجل الآخرين، وأنا أتوفر على حسّ تجاري لكن ليست لي أموال لأوظفها في استثمارات واعدة أو مربحة، وأنا لست غنيّاً، فكل ما أملكه تركة بسيطة ورثها عن والدتي.
اتغزل بالنساء وبحضور زوجتي
تشعر زوجتي في بعض الاحيان بالغيرة ، لكن ذلك لا يثير فيما بينا مشكلات، وتغزلي بالنساء فيه عفة وهو غير محكوم بنيات سيئة، فأنا أحب أن ألاطفهن وأتودد إليهن بقول جميل، يعبّر عن الثناء والاحترام، ويثير لديهن شعوراً بالرضا عن النفس، وقد لا يخلو حديثي من مزاح ودعابة وفي حضور الناس، بل أحياناً في حضور زوجتي، التي كانت بصحبتي حين توجهت لإحدى الإعلاميات، بالقول أعجبتني، وعلى مسمع من زوجها وأمام جمهور واسع، لم أكن حينها مصاباً بالإحراج أو شعرت أن هناك عيباً في الكلمة التي قلتها، ولم أكن أجاملها، فهي جميلة وحسنة المظهر بأناقتها، فضلاً عن طريقتها العذبة بالحديث، وخفة ظلها، وهي كلها عناصر تجعل جميع الناس يعجبون بشخصية مثلها، سواء عبروا عن ذلك علانية أم لا، وقد أخذت صورة تذكارية معها إلى جانب زوجها. وعلى العموم فإن من عادتي التلطف مع النساء بشكل متحضر ودون خلفيات ضيقة.
لهذا لن أتزوج الثانية
الأمر صعب، فزوجتي نبيلة ترفض التعدد كما هي الحال لدى باقي النساء، زواجي بنبيلة وهي ابنة عمي، كان ثمرة حب شديد، وحين تقدمت إليها كان موقف والدها هو الرفض، لكنها تشبّثت بي، وتاليا يقتضي الوفاء،عدم الإساءة إليها، لاسيما أن البعض كان يراهن على أني سأتزوج عليها، وبالتالي لم أكن أحب أن يشمت فيها أحد.
لكن لا تنكر أن لديك رغبة في التعدد؟
إذا قال لك أي رجل إنه غير راغب في التعدد فهو كاذب.
وهل يتسع قلب الرجل إلى أربع ؟
انأ لا أناقش التعدد من الناحية الفقهية، لكن من وجهة نظر الطبيب فإنه قال لي يا بنكيران، إن لديك حجم قلب صغير.
كيف يقضي بنكيران أيام العطل؟ وما الحيّز الذي يخصصه للمطالعة؟ وما طبيعتها؟
ليس لديّ أيام عطل، وغالباً ما أستغل ما يتوافر لديّ من الأوقات إلى جانب الأسرة في البيت، كما أطالع خلالها بعض الكتب والصحف، وأقرأ أحياناً ما تيسّر من الذكر الحكيم، حيث يعدّ القرآن الكريم مكوناً أساسياً في حياتي الفكرية والثقافية وموجهاً في تربيتي الشخصية، حتى وإن كنت لا أحفظه كله، باستثناء بعض الأحزاب، ولا يمنعني ذلك من الانتباه إلى الأخطاء التي يمكن أن ترد على لسان قارئ، وهو يتلو كتاب الله، ويعود ذلك إلى أن والدي كان حريصاً على أن ألازم المسجد إبان طفولتي لتلقي دروس القرآن وحفظه.
كما عاودت القيام بمجهود شخصي لمزيد من الحفظ، وخاصة خلال فترة الاعتقال، التي أسعفتني في ترسيخ حفظ الكثير من الأحزاب. لكن أحياناً لا أستطيع تذكر بعض الآيات أو الأحزاب بالقوة نفسها التي طبعت ذاكرتي في أزمنة سابقة.
الحمد لله أن كتاب الله حاضر في قرءاتي، إلى جانب كتب الفقه الإسلامي، والتاريخ الاسلامي، وبعض كتب الثقافة العصرية، لكن وبكل صدق يمكن أن أقول لكم إنه ومنذ سنة 1999 وإلى الآن، أي منذ دخولي البرلمان، أصبحت متابعة الصحافة تشغل اهتمامي وتأخذ من وقتي ساعتين من كل يوم على الأقل، ويمكن أن تصل في بعض الأحيان إلى أربع ساعات، فأنا أعرج على جميع الصحف تقريباً.
عملت كورالاً وغنيت "على بلد المحبوب"
لا أخفيكم سراً أني مولع بالاستماع إلى الفن الرفيع، فقبل التحاقي بالحركة الإسلامية، كنت أحفظ كماً هائلاً من الأغاني الطربية لأم كلثوم، وفيروز، وعبد الحليم حافظ، بل كثيراً ما تغنيت بها أيضاً في بعض المناسبات ومن ضمنها العائلية، وأذكر أنه سبق أن شاركت في حفل أقيم في المدرسة المحمدية للمهندسين، أديت حينها أغنية "على بلد المحبوب " ولم يكن سني يتجاوز، إحدى وعشرين ، كما عملت صحبة الكورال في مناسبات عدة، لم تكن تحدوني الرغبة في أن أصبح مطرباً، بقدر ما كنت شغوفاً بالفن وأغاني كبار المطربين، بل الأغاني الفرنسية أيضاً، وبخاصة جاك بريل، وحين التحقت بالحركة الإسلامية، تغيرت حياتي لتأخذ مساراً جدياً، ولم أعد كما في السابق، أقصد السنيما ولا أداء الأغاني الطربية في أية مناسبة، وإلى جانب حفظ الأغاني بقيت أحتفظ ببعض التسجيلات الموسيقية في بيتي، وأذكر أن الحنين ما زال يشدني إلى هذا الزمن والذكريات الجميلة، والتي أسترجعها في بعض الأحيان فأطلق العنان لحنجرتي للتغني ببعض الأغاني سواء في البيت أو داخل السيارة، كما وقع مؤخرا حين صوّروني وأنا سارح أردد مع أم كلثوم إحدى أغانيها المشهورة.