كيف نجح لويد بلانكفين في النجاة بسفينة جولدمان ساكس في خضم الأزمة المالية العالمية؟
تشكل الكيفية التي تنمو بها الشركات وبالعوائد التي يجنيها المستثمرون المقياس الذي يقاس به أداء معظم الرؤساء التنفيذيين وهو تمام ما انطبق على لويد بلانكفين المدير التنفيذي لبنك جولدمان ساكس البنك الأمريكي الاستثماري الأكثر تأثيرا في العالم الذي كان له فضل كبير في تغيير شكل هذا البنك وتعزيز مكانته على الصعيدين المحلي في الولايات المتحدة والعالمي.
من أكبر المديرين التنفيذيين
تولى بلانكفين الذي يعد من أكبر المديرين التنفيذيين بقاء في منصبه حيث ظل فيه لاثني عشر عاما، لكنه أعلن استعداده للتقاعد في سبتمبر المقبل رئاسة مصرف جولدمان ساكس في عام 2006، وكانت عوائد المصرف الاستثماري الشهير حينها 38 مليار دولار، مع صافي دخل 9.5 مليار دولار. وهو تقريبا مستوى الإيرادات والربح نفسه الذي يتوقع محللون أن يحققه المصرف هذا العام. وارتفعت الأسهم 50 في المائة على مدار الـ 12 سنة الماضية، وهو مستوى أدنى بكثير من أداء مؤشر ستاندرد آند بورز 500
هذه الدولة سكانها الأغنى في بلدان منظمة التعاون الاقتصادي لعام 2017.
له بصمة قوية
تميز بلانكفين – 63 عاما – بشخصية عقلانية ومبتكرة تتسق اهتماماته في التاريخ والفن والثقافة مع قدراته المالية الشخصية، وله بصمة قوية على "جولدمان ساكس" عندما ضربت الأزمة المالية أسواق العالم حيث نجح البنك في خضم الأزمة المالية العالمية، وبفضل أداء بلانكفين في الصمود بشكل كبير أمام التحديات المصرفية والمالية التي صاحبت هذه الفترة.
كما يتمتع الرئيس التنفيذي السابق لـ "جولدمان ساكس" بصفتين كانتا سببا في تسهيل ذلك: قدرته على أن يظل هادئا عندما يفزع الآخرون، ومهارته مديرا - سواء إدارة الناس أو المخاطر.
شخص قليل الشأن
ولد بلانكفين في نيويورك عام 1954وحصل على بكالوريوس في التاريخ من جامعة هارفارد، 1975، وشهادة من كلية الحقوق في جامعة هارفارد، 1978.
وجاء بلانكفين كشخص قليل الشأن في شركة تتداول الذهب اشترتها "جولدمان" جيه. آرون وشركاه، التي تم الاستحواذ عليها في عام 1981"، لكن ربما كان على "جولدمان" أن لا يستحوذ عليها. كان يتداول في السلع في الوقت الذي لم يكن يعرف فيه "جولدمان" تهجئة الكلمة – عندما كان مصرفا استثماريًا ودارا للوساطة المالية مع بعض المراجحة والتداول لحساب البنك إلى جانب عمله الرئيسي".
ونمت الأعمال التجارية بسرعة، وعندما تولى بلانكفين منصب الرئيس التنفيذي ورئيس مجلس الإدارة، كانت تمثل أكثر من نصف عائدات الشركة وأرباحها.
10 مهارات يحتاجها موظفو خدمة العملاء
لم يكن متداولا متهورا
لكن بلانكفين لم يكن متداولا متهورا. فقد أمضى حياته المهنية أولا موظف مبيعات ثم مديرا للمخاطر. وكما يتذكر أحد كبار الشركاء في "جولدمان"، "كان يتكئ على الحكمة التقليدية، سواء داخل الشركة أو على نطاق أوسع. خلال الأعوام 2005-2006-2007، عندما كانت الأرقام رائعة وكان كثير من الشعور بأن (الأمر مختلف هذه المرة) يحوم في الأنحاء، كان لويد ينهض ويقول (هناك كثير من الوقت ليكون لدينا أسوأ عام على الإطلاق".
وقد تمكن بلانكفين من الاحتفاظ بوظيفته في قيادة البنك أثناء الأزمة المالية العالمية كما ثبّت مكانة "جولدمان ساكس" في وجه العاصفة التي أطاحت بمجموعة "ليمان برازرز". وقد كان لهذه الأزمة تأثير كبير في نجاح بلانكفين في حياته العملية حيث أثبت هذا التحدي الضخم قدراته في إدارة الأزمات والنجاة بسفينة البنك من "تسونامي عالمي".
الابتعاد عن النمط التقليدي
وأدرك بلانكفين مهارة واعتماد "جولدمان ساكس" (GS.N) على جني إيرادات من الرهانات الضخمة بأمواله الخاصة، وأن هذه الطريقة لن تجدي نفعا في ظل الاضطرابات المالية في الأسواق العالمية لذا طالب بتنويع أنشطة "جولدمان ساكس" وجني الإيرادات اعتمادا على مصادر مختلفة والابتعاد عن النمط التقليدي لأعمال المصارف.
يقول هانك بولسون، الذي سبق بلانكفين في منصب الرئيس التنفيذي لـ "جولدمان"، قبل أن يتنحى ليصبح وزيرا للخزانة "قاد لويد بنجاح "جولدمان ساكس" خلال عاصفة مالية تأتي مرة واحدة كل 75 عامًا ومعها تبعاتها المريرة، وأعاد وضع الشركة في عالم اليوم".
ويضيف "عقله القوي وروح الدعابة لديه جعلا منه متحدثًا فعالا باسم صناعته وشركته.
كيف تتعامل مع ضغوط العمل دون التأثير على إنتاجيك أو حالتك النفسية؟
امتصاص الصدمات
ولأن أنشطة البنك الاستثماري كانت منصبة على المضاربات بأموال لاعبين كبار آخرين في السوق مثل صناديق التحوط، فقد كانت هناك قواعد تنظيمية جديدة تم تشريعها بعد الأزمة المالية جعلت هذه الأنشطة مكلفة للغاية.
وعلى اثر ذلك تحرك "جولدمان ساكس" سريعا لتغيير وضعيته القانونية إلى هيكل أكثر أمانا لمجموعة مصرفية تتطلب الاحتفاظ بالمزيد من السيولة لامتصاص الصدمات حال وقوع أزمات.
وقد عمل البنك على تعزيز البنك عملياته في أنشطة التجزئة المصرفية للأفراد حيث يقرض أموالا لأشخاص عاديين بدلا من أن يمنح قروضا لشخصيات بارزة أو ثرية – كما كان يحدث سابقا – وهي أنشطة لم تكن شهيرة منذ عشر سنوات.
الأفضلية في القطاع المصرفي
وخلال هذه الفترة لم يكن لـ"جولدمان ساكس" الأفضلية في القطاع المصرفي الأمريكي، فقد كان لـ"مورجان ستانلي" (MS.N) بعض السبق في السوق وتفوق بقيمته السوقية عليه للمرة الأولى على الإطلاق خلال 2018.
وعلى رغم تغريم البنك مليارات الدولارات بسبب ممارسات غير قانونية أثناء الأزمة المالية، عمل "بلانكفين" جاهدا لاستعادة قوة "جولدمان ساكس"ونجح في تخطي هذه الأزمة.
ومن أبرز تعليقات "بلانكفين": "في الأوقات الصعبة..لا يمكنك الرحيل، وعندما تتحسن الأمور، لا تريد أن ترحل."
لهذا السبب توّج روبنز منين بلقب رائد الأعمال العالمي لعام 2018
طموحات لا يستهان بها
وكان بنك "جولدمان ساكس" أعلن أن رئيس مجلس إدارة البنك "ديفيد سولومون" –56 عاما – سوف يتولى منصب المدير التنفيذي خلفا لـ"بلانكفين" بداية من أكتوبر المقبل.
وكان لهذه الأنباء وقع في "وول ستريت" نظرا لأن "بلانكفين" من أبرز وأقوى الشخصيات في القطاع المصرفي على مدار السنوات الأخيرة.
ومع أن مصرف جولدمان، وبلانكفين، ربما يكونان قد تأخرا في التغيير، إلا أن المصرف لديه طموحات لا يستهان بها في قطاع التجزئة والخدمات المصرفية الاستهلاكية القائمة على التكنولوجيا. فهو يستهدف إضافة خمسة مليارات دولار من الإيرادات الجديدة بحلول عام 2020، ملياران منها يأتيان من الإقراض.
الخطوة المقبلة لبلانكفين
وحتى الآن، لا يزال "بلانكفين" غامضا بخصوص الخطوات القادمة في حياته ومستقبله المهني والشخصي، وصرح في مقابلات سابقة بأنه يتطلع لأن ينعم بحياة من غير قيود، لكن المتحدث الرسمي لـ"جولدمان ساكس" أكد على عدم وجود أي خطط لديه في هذه المرحلة.
فيما تنبأ بعض المحللين بأن الخطوة المقبلة لـ"بلانكفين" ربما تكون في وكالات حكومية أمريكية على غرار سلفه "بولسون" وغيره من المسؤولين السابقين في "جولدمان ساكس".
وعلى رغم ذلك، يستبعد كثيرون توليه منصبا حكوميا تحت إدارة الرئيس الأمريكي الحالي كونه كان مؤيدا لمرشحة الحزب الديمقراطي في انتخابات الرئاسة عام 2016 "هيلاري كلينتون" كما عرف عن "بلانكفين" انتقاداته المتكررة لـ"ترامب".