رغم التشابه الكبير بينهما.. لماذا انقرض الماموث واختفى نهائيا وبقيت الفيلة حتى الآن؟
لطالما تشابه الأمر علينا في التمييز بين فيل الماموث وبعض الحيوانات فهو يشبه الفيل إلى حد كبير من حيث الشكل لكنه يختلف باللون؛ فالفيل معروف بلونه الرمادي أما فيل الماموث فهو بني اللون، لكن كلا الحيوانين ينتميان إلى نفس الفصيلة وهي فصيلة الفيلة.
كبيرة ولطيفة
لكن فيلة الماموث تتميز بأنها كبيرة مقارنة بالفيلة الآسيوية ولطيفة جداً، وقد قام الإنسان برسمها على جدران الكهوف، وما زلنا إلى اليوم ننتج أفلاماً للأطفال عن أشكال مختلفة من هذه الأفيال .
ما هي الوجبة الأخيرة التي تناولها رجل الثلج وظلت متماسكة آلاف السنين؟
وفي حين أن حيوان الماموث اختفى من على وجه الأرض وانقرض منذ ألاف السنين، بقيت الفيلة حتى وقتنا الحاضر مما جعل بعض العلماء يقولون: إن الفيلة هم أحفاد الماموث المنقرض.
وتقول بعض النظريات: أن الإنسان هو المسبب الرئيسي لانقراض الماموث، إذ كان يصطاده ويستفيد من لحمه وفرائه وأنيابه، في حين أن العلماء يقولون: بأن انقراض الماموث كان نتيجة عدة عوامل متزامنة منها انحسار العصر الجليدي قبل 10000 سنة ما أدى إلى نفوق أعداد كبيرة من فيلة الماموث التي كانت قد عاشت في مناطق بعيدة عن القطب الشمالي، إضافة إلى اصطياده من قبل البشر الذين كانوا يملكون الأدوات والقدرة على اصطياد هذا الحيوان الضخم.
فيما تقول بعض الدراسات إنه مع ارتفاع درجات الحرارة تدريجيًا فقدت بعض فيلة الماموث فرائها بشكل تدريجي وبدأ حجمها بالتضاؤل والصغر واستمرت في التغير حتى وصلت إلى الشكل الحالي للفيل المعاصر، ويقدر العلماء أن أخر أنواع فيلة الماموث قد انقرضت منذ 4000 سنة.
عزلة كئيبة
لكن دراسة جديدة نشرت في مجلة بلوس جينيتكس كشفت أن القرون الأخيرة التي عاشتها هذه الفيلة في عزلتها الكئيبة والانهيار الجيني الكارثي هو الذي أدى إلى فنائها إلى الأبد.
تعرف على أشهر المطاعم العربية في العالم
وتشير الدراسة التي تشرف عليها ريبيكا روجرز إلى أن هذه المجموعات الفرعية الصغيرة التي نجت من صيد البشر وحرارة الجو لم تستطع أن تنجو من الجينات السيئة، فبسبب أعدادها القليلة كان تنوعها الجيني ضئيلاً جداً، ولذلك كان من المرجح أن تستقر هذه المورثات المؤذية في الفيلة وتصبح أكثر شيوعاً فيها مع مرور الزمن.
وتقول روجرز: ” لقد رغبت في العمل مع الماموث الصوفي منذ كنت طفلة صغيرة، ثم نُشرت معلومات عن الخريطة الجينية لاثنين من أفيال الماموث، أحدهما عاش قبل 45 ألف سنة بينما عاش الآخر في جزيرة رانجل قبل 4500 فقط، وفور توفر هذه المعلومات قمت بتحميلها وبدأت بتحليلها”.
تسلسل هرمي
وقد وجدَت روجرز أن الطفرات التي حدثت في فيل الماموث الذي كان يعيش في جزيرة رانجل كان لها عدة عواقب، ومن المرجح أنها سببت في البداية فقدان الفيلة لقدرتها على الشم، ولكنها غيرت أيضاً بروتينات البول، وهو أمر تتضح أهميته إذا عرفنا أن الفيلة تختار قرينها للتزاوح وتنظم التسلسل الهرمي في قبائلها تبعاً للرائحة المميزة لبولها.
كما يرجح أن التغيرات الجينية قد عدلت شكل فرائها أيضاً، حيث تسببت في نمو نواة لامعة في شعرها ما أعطى أجسامها لمعاناً غريبا، ولكن الأمر الأكثر أهمية أن هذه التغييرات جعلت من الصعب على الفيلة إنتاج نسل صحي وأفقدها القدرة على مقاومة مصير الانقراض.
فيديو.. توقف مباراة فرنسا وكرواتيا للحظات بسبب المشجعين
عكس الانقراض
وتكمن أهمية هذه الدراسة بالإضافة إلى تحققها من النظريات السابقة حول انحسار الماموث الصوفي في أنها تشكل تحذيراً مهماً لأنصار عملية “عكس الانقراض” المثيرة للجدل والتي تسعى إلى إعادة إحياء حيوانات منقرضة باستخدام التقنيات الجينية الحديثة. وهي فكرة رائجة اليوم بحسب ما صرح به عالم الأحياء جوزيف بينيت لمجلة بوبيولار ساينس أواخر فبراير 2017 حيث قال: “هذه العملية تعيد الحيوانات المنقرضة وتصحح أخطاء الماضي”.
وقد اقترح الباحثون حول العالم تعديل الجينوم الخاص بجنين الفيل باستخدام تقنيات الربط الجيني مثل كريسبر (التكرارات العنقودية المتناوبة منتظمة التباعد) لجعله أشبه بالماموث. ولكن بينت وروجرز وعلماء آخرين لديهم مخاوفهم تجاه هذا الأمر.
وتأمل روجرز أن تذكّر دراستها الباحثين بأهمية جودة المادة الجينية التي يستخدمونها في مثل هذه التجارب، بالإضافة إلى الضرر المحتمل الذي قد تسببه في حال نجاحها. ولذلك فإنه من الأفضل في الوقت الراهن أن نحافظ على الفيلة التي تعيش بيننا.