كيف تحول الشاب دانييل عيسى من لاجئ لصاحب علامة تجارية فاخرة تباع لأثرياء أوروبا؟
في ظل رحى الحرب الأهلية التي تشهدها سوريا فرَّ دانييل عيسى من بلده لاجئا إلى فرنسا ليواجه مستقبلاً غامضاً حيث لم يكن يعرف سوى القليل من الناس والنزر اليسير من اللغة، لكن هذه الظروف القاهرة كانت دافعا له وحافزا لابتكار علامته التجارية الخاصة من الأحذية الرياضية الفاخرة التي يبيعها لأثرياء باريس وهوليوود.
مهنة للرجال
تعرف على قواعد النجاح التي قدمها تيم كوك في مجال القيادة
البداية كانت من دراسة الشاب، البالغ من العمر 30 عاماً، للموضة في دمشق، غير أنه تخلَّى عن أمله في أن يكون له عمله الخاص بوطنه، ولاذ بالفرار من الحرب وترك بلاده عام 2014 ليستقر به المقام في لِيل قرب الحدود البلجيكية بدعم من معارفه بأوروبا، حيث وهناك فضَّل استخدام اسمه الثاني دانييل على الأول نبيل، وحصل على صفة “لاجئ” خلال بضعة أسابيع.
تعلَّم عيسى الحياكة على يد جدته، وكان عليه أن يكافح لإقناع والديه بأن الموضة ليست شأناً يخص الفتيات فقط حيث قال: “باقي أسرتي كانوا ضدها؛ لأنها لم تكن مهنة للرجال، كانت مهنة للنساء. لذلك، كان هذا سراً بيني وبين جدتي، كنت أعمل في ذلك من وراء أسرتي”. ويضيف الشاب الثلاثيني: “علَّمتني جدتي الحياكة عندما كنت صغيراً”، رغم أهله الذين ما كانوا يرون في هذه الحرفة مهنة للرجال".
ما هو "قانون البيتزا" الذي وضعه جيف بيزوس لزيادة إنتاجية موظفي أمازون؟
معارك كبيرة
لم يكن قرار عيسى مغادرة دمشق سهلاً، لا سيما أنه كان قد أنشأ بالفعل ورشة وافتتح متجراً بالعاصمة، التي أفلتت من المعارك الكبيرة على النقيض من مسقط رأسه حمص.
وقال عيسى: “رأينا أن الحرب بدأت تصل إلى دمشق. كانت الهجمات تحدث يومياً تقريباً، وشاهدت أصدقائي وكثيراً من الأسر بدأوا يرحلون واحداً بعد الآخر، المحظوظون منهم بالطبع، من يقدرون على تحمُّل تكلفة الرحيل”.
وتتميز الأحذية الجلدية التي يصنعها عيسى بالجمع بين البساطة والأناقة تزينها أشرطة مطاطية بدلا من الأربطة العادية ويباع الزوجان منها بسعر يبلغ 330 يورو (390 دولارا) في المتوسط وهو ما جعلها تباع لأثرياء في عواصم عديدة.
ويحمل كل زوج من أحذية دانييل عيسى كلمة محفورة تحت اللسان: “الحرية” أو “القُبلات” أو “السلام”.
مفتاح النجاح
من غسل الأطباق وجمع الطوابع لصاحب ثروة بالمليارات.. هكذا تربع مايكل ديل على قمة عالم التكنولوجيا
وأضاف عيسى: “الكل يتحدث عن السلام العالمي، لكنني آمل حقاً أن ننعم يوماً ما بالسلام في عالمنا". مستطردا: “أنا أنتعل هذه الأحذية لأمثّل الشق السوري من الزبائن”. وقد ساعده أصدقاؤه السوريون، من كندا والنمسا خصوصاً، في إنجاز المعاملات القانونية والتسويقية.
ويقرّ المصمم الشاب بأن “مفتاح النجاح هو العائلة وبذل الجهود من دون التمنّن”، مشدداً على ضرورة الحفاظ على المستوى عينه من الأداء، وموضحاً: “أتقن صنعتي لأعكس صورة مختلفة عن بلدي، هذا البلد الذي يزخر بالتاريخ والمعالم”.
ويبرم دانييل عيسى راهناً، العقود مع متاجر في جنيف وميامي ودبي. ويقول المصمم، الذي يطمح إلى نيل الجنسية الفرنسية: “وصلت مع أول دفعة من اللاجئين إلى أوروبا قبل 4 سنوات، واعتباراً من هذه السنة، سنشهد على قصـص ناجحة أخرى غير قصتي.
شهرة واسعة
ونظرا لشهرته الواسعة قدّم تصاميمه في صالونات الموضة بباريس في مطلع عام 2018، وسرعان ما انهمرت عليه الطلبيات، أبرزها من الممثلتين الأميركيتين ووبي غولدبيرغ وبيلا ثورن وعارضة الأزياء أوليفيا باليرمو التي طلبت عدة نماذج اشتغل على أدقّ تفاصيلها.
كما أخذت أحذية عيسى تعرض في بيفرلي هيلز وباريس وأجاكسيو وكورسيكا، قبل أن يقرر أول متجر خاص به قريبا. كذلك وصلت شهرته إلى الممثلة ووبي جولدبرج التي طلبت شراء أحذية منه بعدما شاهدت نموذجا أوليا في قدم صديقة لها في عرض للأزياء بالولايات المتحدة.