«الشرق الأوسط» قصة 40 عامًا من الدأب وكسر الحواجز المحلية
شهدت الصحافة العالمية في مثل هذا اليوم قبل 40 عامًا انطلاقة لواحدة من أكثر الصحف مهنية في الشرق الأوسط، ولعل ارتباط ما تقدمه بالمنطقة كان من أبرز الاسباب في تسميتها بـ «الشرق الأوسط» والتى خرج أول أعدادها إلى النور في 4 يوليو 1978م.
حيث كان هذا التاريخ موعدًا لخروج الصحافة العربية إلى الحيز العالمي، بدلًا من المحلية التى اتسمت بها وقتها، حيث أن كافة الاعداد من الصحف والمجلات الأخرى التى سبقت «الشرق الاوسط» في الصدور بالخارج، كانت فقط تخاطب الجاليات المهاجرة والتى تقيم بالخارج، ولكن دون ربط بينهم وبين بلدهم الأم، وهو ما فعلته «الشرق الأوسط».
إنفوجراف| كم يبلغ متوسط رواتب السعوديين بالمملكة في أحدث احصائية ؟
وفي سابقة لم تحدث من قبل، كان خروج صحيفة «الشرق الاوسط» إلى التوزيع في الخارج، وخاصة في لندن، نوع من كسر حواجز الصحافة الموجهة إلى الجاليات الخارجية، بالإضافة إلى تغيير شكل الإعلام العربي المهاجر إلى الإعلام العربي الدولي.
كيف بدأت الشرق الأوسط ؟
بحسب المعلومات الرسمية المتاحة، بدأت قصة صحيفة «الشرق الأوسط» عندما نشر المؤسسان هشام ومحمد علي حافظ رسالة إلى القراء في اولى صفحات العدد الأول، عرضا من خلالها الأهداف والتصور المطلوب من الصحيفة، وجاء في نص الرسالة: "إن إصدار صحيفة عربية يومية كان دائماً مطمحاً لكثيرين، حاول كل منهم تحقيق هذا الطموح بطريقته. ومن دواعي فخرنا وفخر جميع العاملين في (الشرق الأوسط) أن نكون أول من حول هذا الحلم إلى حقيقة".
وتابع الأخوان هشام ومحمد، في الرسالة نفسها: "ستكون الصحيفة، كما هو واضح من اسمها، صحيفة لكل العرب وليست لدولة عربية واحدة، لأننا نؤمن بالعرب وبرسالتهم السمحة ونؤمن بواجبنا في نشر هذه الرسالة. فهي رسالة الإسلام التي بدأت قبل أربعة عشر قرنا ووحّدت العالم العربي بنشر التوحيد والسلام والأمن والفلاح في بقاع متعدّدة من العالم والشرق الأوسط، تنادي بالاعتدال، وتتحاشى التطرّف تمسّكاً بالآية الكريمة (وكذلك جعلناكم أمة وسطاً)".
اكدت الصحيفة في عددها الصادر في 2003 على هويتها العربية، وخاصة وقتما احتفلت بذكرى مرور 25 سنة على تأسيسها، فيما شددت ايضًا على ذكر قصة تأسيسها وكيف بدأت الصحيفة في كسر عشرات الحواجز التى كانت تقيض الصحافة العربية قبل طرحها، وذلك في عدد خاص صدر بتوجيه من رئيس تحريرها وقتها عبدالرحمن الراشد.
كيف تجاوزت الشرق الأوسط المحلية ؟
منذ اليوم الأول لصدورها وهي تعتزم كسر كافة الحواجز المحلية، ففي وقت كانت تسيطر عليه المحلية على كافة الصحافة العربية في المنطقة من بأكملها المحيط إلى الخليج، وفى وقت كانت تضغى فيه الصحافة الوطنية المخصصة للمواطن في النطاق المحلي، كان هناك غياب للصحافة العربية الشاملة، الموجه للمواطن العربي في كافة بلدان العالم، ففي فترة الثمانينات شهدت عواصم أوروبية على رأسها باريس ولندن زخم كبير تجاه الصحافة العربية، حتى أن بلغ عدد المطبوعات والدوريات التى صدرت في لندن وقتها 52 من إجمالي 155 مطبوعة كانت تصدر في العالم باكمله وقتها.
فتحت صحيفة الشرق الأوسط باب الصحافة العربية الدولية على مصراعيه، أواخر السبعينات، حيث تشجعت على الأمر، عقب محدودية قاعدة صحيفة العرب الدولية والتى أسسها في 1977 الوزير الليبي السابق أحمد الصاحين الهوني، في لندن، ولم تلاق قاعدة كبيرة، وتميزت بشخصية محدودة في بريطانيا وأوروبا.
كيف ولدت الفكرة؟
لم يكن الأمر في بدايته يتعلق بتأسيس صحيفة الشرق الأوسط، ولكنه بدأ في الأساس بتأسيس صحيفة أطلق عليها «عرب نيوز» وصدرت باللغة الإنجليزية في السعودية، وبدأت الفكرة عندما كان يقضي السيد هاشم (ناشر سعودي) يقضى إجازته الصيفية في إسبانيا، وخطر بباله فكرة غياب وجود صحيفة تمد العرب في الخارج بأخبار عالمهم العربي بشكل دوري.
ولكن فيما بعد فكر الشقيقان هشام ومحمد علي حافظ في تأسيس صحيفة جديدة يتم توجيهها إلى العرب جميعًا وليس دولة واحدة فقط، وكان الحديث وقتها عن أن تصدر من لندن ويتم طباعتها في وقت واحد في بريطانيا والسعودية، الأمر الذى دخل حيز التنفيذ بشكل سريع واختير وقتها اطلاق اسم «الشرق الأوسط» عليها.
مقر الصحيفة
المقر الأول لصحيفة الشرق الأوسط، كان بالتحديد في ساحة غف سكوير التاريخية الصغيرة في بريطانيا، وهو المكان الذى كانت تشغله وكالة «برس فوتو» للصور والتى تعتبر أقدم وكالة صور صحفية في بريطانيا، والتى اشترتها الشركة السعوودية للأبحاث والتسويق، وهي الشركة الناشرة لصحيفة الشرق الأوسط، والتى أتخذت هذا المكان كأول مقر للصحيفة عقب شرائها لوكالة الصور.
ولكنها لم تستمر في هذا المكان، ولكن انتقلت في أواخر الثمانينات إلى مقر ثان في شارع هولبورن، بوسط لندن، على مسافة غير بعيدة من المتحف البريطاني وحي بلومزبري الشهير بخلفيته الثقافية والتعليمية، فيما انتقلت مرة أخري إلى مقرها الحالي في حي تشيزيك بغرب لندن.
مغني الراب الأمريكي بيتبول: لا تكن أسيراً للمال بل مطارداً له
ماذا عن رئاسة مجلس إدارة الصحيفة؟
شهدت الصحيفة في فترة تولي الأمير الراحل أحمد بن سلمان بن عبدالعزيز، رئاسة مجلس إدارتها حقبة من التطور والطفرة على المستوى الصحفي مما نتج عنه تعزيز مكانة الصحيفة في عالمي الإعلام والنشر، في المنطقة بل والعالم كله، ووصلت قيمتها السوقية وقتها من 90 مليون دولار أمريكي إلى رأس مال 160 مليون دولار، وتحولت الصحيفة من بعد رحيل الأمير أحمد إلى شركة مساهمة، لتدخل مرحلة أخرى من التطور،
عندما تولى رئاسة مجلس الإدارة كل من الأمير فيصل بن سلمان بن عبد العزيز (2002 - 2013)، فالأمير تركي بن سلمان بن عبد العزيز (2013 - 2014)، فعبد الله باحمدان (2014 - 2015)، فالأمير بدر بن عبد الله بن فرحان (2015 - 2018)، ثم الدكتور غسان الشبل حالياً.
#كم_المهر_المناسب_للزواج.. طموحات الشباب العربي بين الأمل و السخرية
أما فيما يخص التحرير فقد تعاقب على رئاسة تحرير الجريدة كل من السادة جهاد الخازن (1978 - 1980) فالناشران هشام ومحمد علي حافظ (1980) فمحمد معروف الشيباني (1980 - 1982) ثم عرفان نظام الدين - أول مدير تحرير للصحيفة (1982 - 1987)، ثم عثمان العمير (1987 - 1998)، ثم عبد الرحمن الراشد (1998 - 2003). وخلفه بالوكالة محمد العوّام (2003 - 2004)، ثم طارق الحميّد (2004 - 2012)، فالدكتور عادل الطريفي (2012 - 2014)، فسلمان الدوسري (2014 - 2016)، وحالياً غسان شربل منذ 2016.
وفي سياق متصل، عبر محمد فهد الحارثي، رئيس تحرير مجلتي الرجل وسيدتي، عن سعادته بما وصلت إليه الصحيفة، ومهنأ القائمين عليها، قائلًا في تغريدة له على موقع التواصل الاجتماعي: "تجربة صنعت التغيير أعتز بأنني كنت جزءا منها. بدأت فيها متدربا قبل 25 عاما. وما زلت تلميذا في مدرستها. وهذه الصورة اثناء زيارة الملك (الأمير) سلمان لمكاتبها في لندن في 2002. وفيها: ياسر الدباغ، الأمير عبدالعزيز، محمد الحارثي وعبدالرحمن الراشد".
#الشرق_الأوسط_تكمل_عامها_الأربعين
— محمد فهد الحارثي (@mfalharthi) July 5, 2018
تجربة صنعت التغيير أعتز بأنني كنت جزءا منها. بدأت فيها متدربا قبل 25 عاما. وما زلت تلميذا في مدرستها.
وهذه الصورة اثناء زيارة الملك (الأمير) سلمان لمكاتبها في لندن في 2002. وفيها: ياسر الدباغ، الأمير عبدالعزيز، محمد الحارثي وعبدالرحمن الراشد. pic.twitter.com/Kaxhsm3wOJ
فيما غرد الصحفي إياد أبو شقرا، في هذه المناسبة قائلًا: "مع الصديق العزيز فيصل عباس رئيس تحرير @arabnews امام اول مقر شغلته "الشرق الأوسط" في ساحة غف سكوير ب #لندن..".
#الشرق_الأوسط_تكمل_عامها_الأربعين
— إياد أبو شقرا (@eyad1949) July 5, 2018
مع الصديق العزيز فيصل عباس رئيس تحرير @arabnews امام اول مقر شغلته "الشرق الأوسط" في ساحة غف سكوير ب #لندن.. pic.twitter.com/8a5V0BkjmN
فيما علق الصحفي اليمني، سام الغباري، بهذه المناسبة، قائلًا: "في مدينتي كانت الشرق الاوسط توزع اسبوعيًا ،احتفظت بكثير منها حتى دهم الغزاة مدينتي واقتحموا مكتبتي ونهبوا كل شيء عشقته اليوم و #الشرق_الأوسط_تكمل_عامها_الأربعين لا اتركها كل صباح ،أكتب اليها ثم اترك ما كتبته في درج منزلي ،فقد يأتي صباح آخر لتلك المواد التي لم تُرسل لتظهر في كتاب".
في مدينتي كانت الشرق الاوسط توزع اسبوعيًا ،احتفظت بكثير منها حتى دهم الغزاة مدينتي واقتحموا مكتبتي ونهبوا كل شيء عشقته
— سام الغباري obariغal (@SAlghobari) July 5, 2018
اليوم و #الشرق_الأوسط_تكمل_عامها_الأربعين لا اتركها كل صباح ،أكتب اليها ثم اترك ما كتبته في درج منزلي ،فقد يأتي صباح آخر لتلك المواد التي لم تُرسل لتظهر في كتاب
ولعل الانطلاقة لم تنته بعد، ومنتظر منها الكثير والكثير في بلاط صاحبة الجلالة، على المستوي الدولي، وليس المحلي فقط، وتستمر في كونها حلقة وصل بين المواطن العربي في الخارج وبين وطنه، وأخبار العالم بأكملها.