أول سعودي حمل الشعلة الاولمبية حلمي نتو: نحتاج مساحة للتخبيط أكثر من التخطيط
رجل حقق نجاحات مختلفة في قطاعات مختلفة، فمن عالم البورصة ودقتها المتناهية، إلى ريادة الأعمال، ومن ثم مركز تدريب لذوي الاحتياجات الخاصة لدخول سوق العمل، ولم يكتف بذلك بل أصبح يقارع أهل الاختصاص من الإعلاميين والاعلاميات في الحضور مقدما لكثير من البرامج الاذاعية، والتلفزيونية الاقتصادية، وكاتب مقال اسبوعي.
وعلى حد قوله لعبت المصادفة دوراً مهماً في حياته حتى بات يؤمن بقوة القدر، ليتخلى عن معتقداته في التمسك بنظرية التخطيط والتدبير والتمحيص، ويقف عند كل فرصة يمكن أن يخرج منها بفائدة بعد أن يوازن بين المكسب والخسارة. وبالرغم من حصوله على جائزة أفضل رائد أعمال عام 2012 فإنه لا يؤمن بدخول الشباب أبداً في مجال ريادة الأعمال، وإنما يدعوا للتمرد على مفهوم الدخل الواحد. المستشار الاقتصادي المهندس حلمي نتو، صاحب برنامج دكتور كاش، ومنتج برنامج تحدي الهوامير، وحامل الشعلة الأولمبية في لندن عام 2012، يدعوك لأن تجعل مجالاً ( للتخبيط وترك التخطيط ).
إنفوجراف| الرئيس السيسي: حينما تعرضت مصر لعدوان 56 كان الملك سلمان من المقاتلين
تخرجت في قسم الهندسة الصناعية إلا أن مسيرتك العملية كانت أبعد ما يكون عن تخصصك الدراسي، ليس هذا فقط بل أنت مزيج من كل شيء فكيف جاءت هذه الخلطة؟
بالفعل تخرج في الهندسة الصناعية جامعة الملك عبد العزيز، ومن ثم توظفت في شركة صافولا التي كانت تتبع الشركة المتحدة للسكر فعام 1997، حينها اكتشفت أن الوظيفة كانت تتطلب السير إلى لندن مع الشريك الاستراتيجي وهي ( تيت أند لايل ) أكبر شركة للسكر ومقرها الرئيسي في وسط لندن، وكان الهدف من انتدابي هو تعلم كيفية التداول في بورصة السكر، وبالفعل انتقلت إلى هناك ودخلت عالم البورصة مدة ثلاث سنوات، وحصلت على رخصة التدوال من لندن، ونيويورك، وبالفعل كانت تجربة خيالية أكسبتني الكثير والكثير من المهارات في سرعة اتخاذ القرار، والدقة، والتنبه لأدق التفاصيل، بحكم أن عملي في تلك الفترة كان يعتمد على ملاحظة الاشارات التي يتعامل بها المتداول، حيث إنني كنت في الفترة الأخيرة من البورصة التقليدية ودخول التقنيات الحديثة عليها فجمعت اتقان الفترتين ومهارتهما .
كيف انعكست هذه التجربة على مسيرتك العملية، خصوصاً أنك في تجربة غير نمطية وبعيدة كل البعد عن الوظيفة التقليدية؟
بالفعل لم أتوقع قط أن أدخل عالم البورصة، لأنه لم يكن في مجمل حياتي ولكن حقيقة هذه التجربة علمتني أن أترك مساحة " للتخبيط أكثر من التخطيط"، بمعنى نحن نتعلم من الصغر أن نخطط لمستقبلنا، ومشاريعنا، وحياتنا بشكل عام ولا شك ان جزءا كبيرا من هذا الحديث صحيح، ولكن علينا أن نجعل مجال للمفاجآت والتغيرات، وعادة ما نتعامل مع هذه التغيرات بصعوبة بالغة، ولكن فعليا علينا أن ندرك أن النجاح يحمل كثيرا من التغيرات؛ هذه التغيرات، والأشياء البعيدة عن التخطيط هي التي تصنع الفرق في المهارة، التميز، الاختلاف بينك وبين الآخر، وعلينا أيضاً أن نتعامل معها بكل تقبل، لأنه لا يمكن أن تمشي الحياة كما خططت لها 100%. وحقيقة تعلمت أن التجربة هي المكسب الحقيقي حتى في الخسارة.
رئيس الحكومة اللبناني المستقيل سعد الحريري: لبنان رئة العرب .. وانا اريد ان احمي هذه الرئة
قررت المغامرة في البورصة، إلا ان هذه المغامرة انتهت بالفشل.. حدثنا عن هذه التجربة .
من أجمل الدروس أن تتعلم الخسارة في بداية حياتك وأنت لا تزال صغيراً، لأن جمال ذلك أن الخسارة في البداية تكون قليلة وبحجم صغرك العملي ولكن تتعلم منها كثيراً، وكانت الحكاية أنه عندما حصلت على ترخيص التداول أني بذلك أصبحت ذا مهارة عالية ومتمكنا من التعامل مع هذا العالم البالغ الصعوبة، وأستطيع تحقيق الربح بكل سهولة، لأني مجاز دولياً، ولكن كنت على خطأ مئة في المئة، فقد أخذت كامل ما أملك، ومبلغاً آخر من الأهل ودخلت للمضاربة في البورصة، ولكن للأسف خسرت كامل المبلغ 30 ألف دولار. وعلى الرغم أن المبلغ في عالم البورصة صغير جداً، فإنه كان يعني لي كثيراً أولاً، لأنّني تعلمت أن الرخصة أو الشهادة لا تعني النجاح، كذلك لأنني أيقنت أن المدرسة الحقيقية هي مدرسة الحياة.
هل هذه الخسارة هي من أعادتك إلى السعودية؟
لا أبداً أنا كنت في لندن فترة انتداب من الشركة، وبعد ثلاث سنوات عدت إلى السعودية، لأعمل في ذات العمل وهو التداول في بورصة السكر، ولكن المشكلة كانت أن المناخ، والحياة، والتوقيت اختلف تماماً عما كنت عليه في بورصة لندن، ونيويورك فقد كنت في وسط البورصة، وجميع المتداولين، وزحمة الناس لأكون في السعودية أعمل بمفردي من الساعة 12 ظهراً حتى الساعة 9 مساء، حتى أيام الاجازات كانت مختلفة، لأنه كنت أتبع السوق العالمية وكانت كل سبت وأحد. وبالطبع كل هذه العوامل غيرت نمط حياتي. ولعل هذا التغير ما قادني لفكرة العمل التجاري الحر.
إنفوجراف| رئيس وزراء البحرين يكشف لـ«الرجل» مكانة المرأة في المجتمع البحريني
كيف تحولت من متداول في سوق بورصة السكر إلى افق اخرى في مجال البزنس؟
حقيقة عندما عدت ودخلت في عمل البورصة لمصلحة شركة صافولا، تغير عليّ كثير من الأشياء خلال هذه الفترة؛ فكرت في افتتاح محل للبصريات، وحقيقة هذا المشروع كان في تخطيطي منذ الصغر، ويرجع السبب إلى أن النظارة لازمتني منذ صغري، وكنت أكره شكلي في المرآة بسببها، وخلال وجودي في لندن والولايات المتحدة وعدد من الدول الأخرى، اكتشفت أن النظارة يمكن أن تدخل في عالم الموضة، من حيث ان هناك نظارة رياضية، وأخرى للعمل، وأخرى للمناسبات، ومنها ملوّن؛ هناك اكتشفت أن السعودية تفتقد لوجود ما يسمى "بوتيك بصريات"، يتوافر فيه الأجمل والأكثر أناقة في عالم النظارات، بجانب كونها مصنوعة بدقة عالية، وبذلك تتبع النظارة عالم الموضة وبالفعل افتتحت أول المحلات تحت اسم "I 2 I " أي تو أي أول، برأس مال بلغ نصف مليون ريال، ومن محل واحد إلى ما يقارب 8 محل ما بين جدة ومكة، وكان القرار عام 2002 الانفصال عن العمل الوظيفي والتحول إلى العمل الخاص.
كونك مستشاراً اقتصادياً ما القواعد الأساسية التي يمكن أن تقوم عليها مؤسسات بشركات ناجحة محققة نمواً اقتصادياً؟
نقطتان لا غير، الأولى تبنى الشركات على الخلاف وليس الأرباح والنجاح، بحيث يجب أن تضع على طاولة النقاش كل السلبيات والاختلافات بين الشركاء، والثانية أن يكون المشروع مبنيا على القيمة المضافة، فالشريك لا يعني رأس المال فقط، بل يجب أن يكون فعالا بخبراته، ومصادره، ومعلوماته لتكون هناك شراكة حقيقية تنمي المؤسسة.
لم يتوقف المهندس حلمي نتو، عند عالم البورصة والمال والأعمال، بل قرر افتتاح "جسارة" للتدريب والتأهيل، ولكن هذه المؤسسة تعنى بذوي الاحتياجات الخاصة، كيف بدأت الفكرة وما هدفها؟
من منطلق مبدأ "جرب" الذي شكل معظم حياتي المهنية كانت جسارة للتدريب، فبعد أن امتلكت حصيلة وخبرة جيدة من حياتي المهنية رائد أعمال، وبدأت أكون متحدثاً فعالاً في الملتقيات التي تعنى بريادة الأعمال كانت فكرة "جسارة" للتدريب ونقل هذه الخبرات التي امتلكها للغير، خصوصاً أن مثل هذا العمل غير مكلف مادياً، لأنه مبني على تقديم الخدمات، وكانت فكرة المؤسسة لتدريب ريادة الأعمال، ولكن كما هي الحال في معظم حياتي، التخطيط لا محل له، لتتحول مؤسسة جسارة لتدريب ذوي الاحتياجات الخاصة للدخول إلى سوق العمل، ونبعت الفكرة من عمل الوالدة وخالتي والأخوات في المجال التطوعي في جمعية ابصار وغيرها، وكان قرار وزارة العمل بأن يحسب موظف ذوي الاحتياجات الخاصة بأربع موظفين سعوديين، فبدأ الطلب من الشركات على توظيف هذه الفئة، وبالفعل بدأنا العمل على تدريبهم على أعمال مختلفة وبلغ مجمل المتدربين حتى اللحظة 1500 موظف، فاجتمع جمال الأجر والأجرة.
رئيس وزراء البحرين يكشف لـ«الرجل» ما يميز دول منطقة الخليج (إنفوجراف)
قلت:" تمرد الشباب أمر صحي يجب استثماره" في ظل رؤية السعودية 2030 كيف يمكن أن نطبق هذه المقولة؟
هدفي كان من المقولة استثمار طاقة الشباب ايجابياً، بحيث على الشباب التمرد على الدخل الواحد، التمرد على الوظيفة الحكومية، لتكون هي مصدر الأمان الوحيد، وللعلم فقط أنا لست من دعاة دخول الشباب ريادة الأعمال، وأنا ضد ذلك تماماً، وأحاول بقدر الامكان أن أبعدهم عن ريادة الأعمال، خصوصاً في بداية الحياة العملية، وللأسف هناك كثير من المؤسسات، والحديث عن التشجيع للدخول في مشاريع خاصة أن المشاريع هذه ستعطيك الحرية، وأن تكون مدير نفسك، وستحقق ربحاً مادياً، وهو أبعد ما يكون عن الحقيقة، فريادة الأعمال صعبة جداً، وفيها مخاطرة كبيرة جداً، وإن لم تكن محسوبة ومدروسة بكل دقة وعناية، فأنت بكل تأكيد في خسارة محتمة.
قلت كذلك: "فكرة العالمية مخيفة ولكن ليست مستحيلة" ماذا تعني بذلك؟
نعم وبكل تأكيد؛ فحالياً مع وجود هذه التسهيلات الالكترونية، والتطبيقات يمكن أن تنطلق إلى العالمية بكل سهولة، فلدينا اليوم تطبيقات الكترونية لمشاريع أصبحت تنافس تطبيقات عالمية، بل واحتلت مراتب متقدمة جداً، وهذا كان مستحيلاً قبل عشر سنوات، فاليوم عالم التقنية والتكنولوجيا فتح نافذة واسعة جداً، فشريحة المستهلكين لم تعد الآن تختص بالمحلية، بل على كل صاحب منتج أن يفكر بأن زبونه اليوم هو العالم بكامله.
انت مقدم برنامج دكتور كاش على قناة MBC، أنت كاتب مقال في صحيفة مكة، ومقدم برنامج على إذاعة مكس أف أم، هل ترى أننا بحاجة إلى ثقافة اقتصادية مكثفة إلى هذا الحد؟
وعلى نفس مبدأ "جرب" وجدت نفسي بعد أن توسعت في المؤسسة التدريبية أن لدي مهارة جيدة بالتواصل والتعامل مع الجمهور، وأملك مهارة جيدة في توصيل المعلومة، في هذه الفترة، وبالمصادفة البحتة، كانت لديّ فرصة لتقديم نصائح قصيرة لا تتجاوز الدقيقة على اذاعة مكس أف أم، ونجحت جداً جداً، لأن طريقة التقديم كانت مختلفة لأنها تبسيط للمفاهيم الاقتصادي وكانت تقدم بطريقة فكاهية إلى حد ما، ومن ثم طلبت مني إدارة القناة تقديم برنامج يخاطب رجال الأعمال، وبالفعل أقدمت على هذه الخطوة ولكن البرنامج خرج عن النمطية المعتادة في استضافة رجال المال والأعمال، والحمد الله البرنامج كان له أصداء رائعة جداً، وبعد فترة هاتفني الأستاذ أحمد الشقيري وطلب مني تقديم برنامج مفيد ويحمل قيمة، وبالفعل أعددنا برنامج "دكتور كاش"، ونجح الموسم الأول جداً، فكان هناك الموسم الذي يليه، ومن هذه التجربة أقدمت على الدخول في الانتاج البرامجي وأنتجت برنامج ( تحدي الهوامير ) ويعرض على قناة روتانا خليجية وطبعا في مجال الاقتصاد والأعمال، والمقال كذلك، من ضمن الدائرة الاعلامية المكملة لهذه المنظومة.
حصلت على جائزة الأفضل من شباب الأعمال من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان، في زمن ولايته للعهد؛ متى كانت هذه الجائزة؟ وماذا مثلت للمهندس حلمي؟
الجائزة كانت عام 2012م، كانت أول دورة لجائزة رواد الأعمال وحصلت عليها في دورتها الأولى، وكانت تقديراً مهماً ولفتة رائعة لنا في وقت لم يكن هناك من يهتم لهذه الفئة، وبالفعل بعد هذه الجائزة شجعت كثيراً من الشركات على فتح أبوابها أمامنا، وفتح شراكات، ولم تكن هذه الجائزة الوحيدة بل لديّ أكثر من جائزة منها جائزة المنتدى الاقتصادي في الرياض، حيث كنا من أفضل 100 شركة الأسرع نمواً في السعودية، وجائزة فوربس، أيضاً كنت من ضمن القيادات العربية الشابة ضمن جمعية الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، وكنت من ضمن المتدربين الذين تمت زيارتهم للولايات المتحدة لزيارة شركات اقتصادية، وكنت ضمن برنامج الولايات المتحدة في تبادل رواد الأعمال، بين منطقة الشرق الأوسط والولايات المتحدة، وجميعها حصلت منها على شهادات تقديرية، وجوائز.
حملت الشعلة الأولمبية في لندن؛ كيف اختاروك للمشاركة في هذا المحفل الرياضي الدولي؟
الشعلة كانت بمحض المصادفة والأشياء الكثيرة في حياتي غير المخطط لها، وبدأت الحكاية عندما قرر المسؤولون عن الأولمبياد تغيير نمطية حامل الشعلة من شخص بطل رياضي كما هو المعمول به في كل عام، إلى شخصية لديها سجل حافل اجتماعياً، وكنا قد انطلقنا بمركز التدريب جسارة وبالفعل تلقيت مكالمة من المسؤولين هناك، ولم أصدق هذا الحديث، بل اعتقدت أنها محادثة غير صادقة، ولكن كان العكس تماماً، وبالفعل دخلت أكثر من لقاء واختبار، حتى انتهى الاختيار والمقام بي إلى لندن لحمل شعلة المبياد 2012م وكنت أول سعودي يحملها.