رئيس الحكومة اللبناني المستقيل سعد الحريري: لبنان رئة العرب .. وانا اريد ان احمي هذه الرئة
في بيت الوسط وسط بيروت تلك المدينة الحالمة التي ما تلبث أن تغيب عن نشرات الاخبار قليلا حتى تركض بخبر يستعيد اهتمام العالم بها وربما يرضي غرورها. هي بيروت تغني بها الشعراء وحلم بها العشاق كانت يوما مكان المواعيد السرية والاحداث الساخنة. وأصبحت مؤشرا لاحداث المنطقة فاذا ما ارتفعت حرارتها فالمنطقة ملتهبة, واذا ما هدأت ترقب الناس حدثا ما.
وَصلت الى بيت الوسط استعيد ذكريات بيروت واحداثها؛ مررنا في طريقنا بالقرب من فندق سان جورج مكان اغتيال الشهيد رفيق الحريري الحادث النقطة الفاصلة في تاريخ لبنان المعاصر. الحدث الذي فجر "ثورة الارز" وزلزل الارض تحت اقدام قوات النظام السوري على الاراضي اللبنانية وانتهى برحيلها.
وصلت لبيت الوسط في مبنى يجمع ملامح التراث العثماني بقرميده ونقوشاته. وبالمرور بأكثر من بوابة أمنية وصلنا لمكتب الرئيس حيث يسكن في نفس المبنى وربما كان هذا خيار جيد لاسباب أمنية. وفي صالة الانتظار لعدة دقائق حيث كان ينهي اجتماع للجنة الوزارية الخاصة بالانتخابات، خرج الحريري مرحبا لندخل مكتبه الانيق الذي تميزه بساطته وصور للشهيد والده رفيق الحريري.
بدأ سعد الحريري حديثه مشيداً بمشروع (نيوم) الذي أطلقه ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، وقال: أن الأمير محمد يبعث الأمل للجيل العربي في كل مكان. وفي لقائنا به الذي كان قبل ايام قليلة من اعلان استقالته، كان واضحا أن سعد الحريري يدرك بأن مهمته في رئاسة مجلس الوزراء شاقة، وأن التهديدات خطيرة وتهدد سلامته الشخصية. والطريق أمامه ملغمة ووعرة، في بلد صغير بمساحته كبير بأحلامه، متشابك بانقساماته، تسير فيه السياسة داخل زواريب ضيقة من الحساسيات المذهبية والسياسية، وتطبخ في مناخات من الاستقطابات الاقليمية الحادة، لا أحد يستطيع التكهن اين تستقر وكيف.
فإذا كان قدر الحريري الاب ان يواجه سيطرة النظام السوري على لبنان، فمن الواضح، بحسب بيان الاستقالة، أن ظروف اليوم تحتم على الحريري الابن خوض مواجهة مزدوجة، تتمثل بالنظام الايراني وذراعه المسلحة "حزب الله"، وقدر لبنان ان ينتهي من "محتل" ليواجه آخر.
سعد رفيق الحريري، ابن السبعة واربعين عاماً، المولود في الرياض بالمملكة العربية السعودية، أحد أهم أقطاب السياسة اللبنانية وزعيم اكبر كتلة برلمانية، ورجل الاعمال المصنف على قائمة أشهر اثرياء العالم العربي، بتواضع وثقة بالنفس لا يتواني عن الاعتراف بأخطاء الماضي، والتعلم من مدرسة الحياة، شخصية متوازنة يضفي الارتياح على محدثيه. متواضع باعتدال وواضح الفكر. لديه تصور ورؤية يؤمن بها ويسعى من اجلها. همه لبنان وحلمه لبنان وقدوته رفيق الحريري.
يحمل في جعبته الأمل لأبناء شعبه، ويضع نصب عينيه سيادة لبنان واستقراره وأمنه، وأولوية للعمل السياسي، يؤمن بأن لبنان سيبقى رئة العالم العربي ومساحة للحرية والعيش الرغيد.
يحب السعودية كونها جزءاً من حياته، يمارس فيها هواياته بالخروج للبر وركوب الدرجات النارية والغطس في مياهها، ويتخذ منها موطناً لعائلته، كل هذه التفاصيل العامة والشخصية في حوار مطول لدولة الرئيس سعد الحريري خصّ به مجلة الرجل قبل إعلان استقالته، ملمحاً في عدة مرات الى بلوغ السيل الزبى في علاقته مع حزب الله.
لا للوصاية الخارجية والداخلية
بحكم تجربتكم وأنتم تتولون مهام رئاسة الوزارة للمرة الثانية, كيف تنظر الى واقع لبنان اليوم. إلى أين يتجه لبنان؟
لبنان بلد صغير واقتصاده جيد بالمقارنة مع محيطه، خاصة اذا نظرنا الى العاصفة التي تحدث في الدول العربية كما في سورية والعراق وليبيا ومصر وغيرها.
مستقبل لبنان يمكن أن يكون مزدهراً الى حد بعيد، ولكن الأساس هو الاستقرار والأمان، وهذا لن يكون بوجود وصاية ايران وفرض الامر الواقع بالقوة، عبر ذراعها "حزب الله"، هذه هي المعادلة التي يجب أن نصل اليها، ولذلك كان كل تركيزي ينصبّ على كيفية الحصول على هذا الامر لمصلحة كل اللبنانيين، في منطقة تحصل بها كل هذه العواصف.
من جهة اخرى، لبنان بلد فيه تعليم وفيه مثقفون بنسب كبيرة، وهو مصدر للأدمغة بالمنطقة، وأرى ان وظيفته بين الدول العربية تقديم خدمات كبيرة في السياحة والطب وبعض الصناعات المركزة، وحتى بعض الزراعات.
انا ارى ان لبنان يجب ان يكون المكان الذي يستقبل كل العرب والخليجيين، هو الرئة التي يتنفسون بها؛ فلبنان له نكهة مختلفة من الثقافة والتعليم والديمقراطية.
الحل اقليمي لمشكلة سلاح حزب الله
خلال الفترة الماضية كيف تعاملتم مع موضوع الارهاب في عرسال؟
الارهاب عدو الجميع، واولاً هو عدو الاسلام، وهناك محاولات لبعض المجموعات الضالة التي تصب تركيزها على تخويف العالم من الاسلام وقوقعة المسلمين لتجر الغرب لمحارب الاسلام.
لقد استطعنا في الفترة الماضية ان نحافظ على نوع من الاعتدال بشكل حكيم وهي مهمة ليست سهلة، وكان في عرسال مجموعة من النصرة وداعش من 2000 الى 2500 مقاتل بين عرسال والبقاع، واستطعنا ان ننظف هذه المنطقة منهم بأقل التكاليف، وهذا يدل على أن الجيش اللبناني قادر على القيام بمهمات صعبة.
حقيقة تدفق النفط بغزارة من بئر مزرعة سعودي
وماذا عن سلاح حزب الله وفرض الامر الواقع؟
ليس لحزب الله القدرة على ادارة البلد، قوته تأتي من السلاح الذي تموله ايران، وهذا السلاح له وظيفة، هي أن يكون حزب الله جزءاً من تركيبتها في المنطقة، هذا الشيء يحتم عدم استقرار في لبنان، ونحن رأينا ان هناك خيارات ويجب ان نتخذها، اقليمياً بالخط السياسي نحن مختلفين معهم ولا يمكن ان نلتقي.
نحن في الداخل لا نستطيع فعل شيء، فهذا سلاح اقليمي وليس محلياً، والحل يجب أن يكون اقليمياَ وليس محلياً، ولذلك تفكيرنا في هذا الموضوع هو أن الخلاف السياسي الاقليمي سيبقى موجوداً.
المشكلة انه خلال السنين الماضية لم يُركّز على بناء الجيش اللبناني كما نفكر الان، هناك شيء ما حصل في هذا المجال وطوّرناه، ولكن الان يجب تطوير امكانات الجيش حتى يصل الى مستوى الدفاع عن البلد في حال هجوم اسرائيلي لا سمح الله.
كان لكم موقف قوي في تصريح للرد على روحاني لجهة ان القرار في لبنان يجب أن وطنيا مئة في المئة وليس من طهران؟
روحاني لا يمكنه ولا يحق له ان يقرر ما نريد ان نفعل في لبنان، لذلك كلامه مرفوض، يمكن أن يكون لروحاني كلمة على حزب الله، ولكن ليس له كلمة الا عليه، وهذا شيء واضح.
ايران تحاول ان تُظهر قوتها في المنطقة وجزء من هذا الموضوع هو من قبيل الـدعاية (بروباغاندا)، فقد تدخلت روسيا بعد ان وضع الايرانيون كل ثقلهم ليبقى بشار الاسد في السلطة، وبعد ان فشلوا في الوصول إلى هدفهم، ولولا تدخل روسيا لسقط بشار، وهم (أي الايرانيون) الذين ركضوا الى الروس ليجدوا طريقة لبقاء بشار في السلطة. والمنطق الروسي يختلف عن الموقف الايراني واليوم الحاكم الاول في سوريا هي روسيا.
كنتم في زيارة لروسيا. وهم الان يوثرون في الاحداث بحكم دورهم وتواجدهم في سوريا. ماذا سمعتم من الروس بخصوص لبنان؟
روسيا يجب ان تلعب دوراً في المنطقة، وهي تقوم بهذا، وتستطيع أن يكون دورها ايجابياً، ونحن نعوّل على هذا النوع من الاستقرار الذي نملكه وعدم محاولة انجرار النظام في سورية لضرب الاستقرار في لبنان، وقد وعدنا الروس ان هذا الموضوع لن يحصل، وهم حريصون جداً على الاستقرار والسيادة في لبنان.
نتفهم تحفظ السعودية والمشكلة بالممول
دولة الرئيس العلاقات الخليجية وبالاخص السعودية - اللبنانية في ظل التطورات الاخيرة تشهد نوعاً من التحفظ على وجود حزب الله، كيف ترى الصورة الان؟
التحفظ موجود، وما يجب معرفته ان جزءاً كبيراً من اللبنانيين لديهم هذا التحفظ، ونحن متحفظون على كل سياسات حزب الله، سواء في لبنان او غيره؛ في لبنان موقفنا واضح وصريح فنحن نرفض هذه التصرفات، كما الخليج يحمّل المسؤولية لحزب الله.
ولكن ما اريد قوله هو انه اليوم المشكلة ليست حزب الله فقط، بل من يموّله، وهي ايران، فمثلاً عندما يخرج روحاني ويقول ما قاله، وقبله لارجاني، وقبله رئيس الحرس الثوري، وهؤلاء هم المشكلة الاساسية.
والموقف الخليجي، وبالاخص المملكة العربية السعودية ساعد لبنان بكل المراحل التي مر بها ولم يقف مع فريق ضد فريق، اسلامياً او مسيحياً او غير ذلك.
والمملكة ساعدت كل اللبنانيين، وخاصة اثناء الهجوم الاسرائيلي 2006 وتدمير الجنوب، ودفعت ملياراً لمساعدة اهل لبنان، وليس لمساعدة فريق سياسي، ولم تفرق بين سنة وشيعة، ولكن فرقت بين الاعتداء والمعتدى عليه، فلذلك المواقف التي تقفها المملكة فيما يخص ما يصرح به البعض او يقوم به البعض، نحن نتفهمها وهذا شيء من حقها بأن يكون عندها بعض الاجراءات، وخاصة عندما يكون عندك فريق سياسي يحاول اللعب باستقرار المنطقة وخاصة الخليج وهو "حزب الله".
العلاقة مع الملك سلمان وولي العهد
دولة الرئيس جزء من حياتك كان في السعودية ولك علاقات كثيرة؛ كيف تصف علاقتك بالملك سلمان؟
تعرفت إلى الملك سلمان، مع الوالد في الرياض، وكان دائما معجباً به ، والملك عنده ذاكرة قويّة، فلا ينسى وجهاً او اسماً، وهذا شيء مدهش بالنسبة لي خاصة مع العمل الذي يقوم به ويستقبل المئات او الالاف من الناس، فكيف يستطيع ان يتذكر كل هذه الوجوه.
وكنت معجباً به، مذ كان اميراً على الرياض، عندما تنظر كيف تطورت الرياض بشكل هائل، وكيف عمل على تحديثها، وفي الوقت نفسه، حافظ على التراث القديم، كان واضحاً أن رؤيته كانت تنطلق من الحفاظ على التراث وربطه بالمستقبل، وهذه انجازات الملك التي كان يحلم بها ربما مذ كان اميراَ.
وماذا عن علاقتكم الشخصية مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان؟
الامير محمد بن سلمان ولي العهد، عنده رؤية، والقليل من القادة الذين تجد عندهم هذه الرؤية، وهو رجل لديه الامكانية للتحدي ويعمل باتجاه هذا التحدي، وأنا دائماً اقول انك اذا فكرت بشكل صغير فإنجازاتك ستكون أصغر، ولكن اذا فكرت بشكل كبير جداً، فستكون انجازاتك كبيرة، وبصراحة الامير محمد بن سلمان رجل مخلص لعمله، ففي اي وقت تحاول الاتصال به تجده في جبهات العمل، في الصباح او الظهيرة او اي وقت، وانا دائماً أتساءل: متى ينام ومتى يرتاح؟
تطور تجربة العمل السياسي
دولة الرئيس يلاحظ انك اصبحت اكثر براغماتية بالعمل السياسي، مقارنة بما سبق، هل تغيرتم؟
الاكيد اني تغيرت، فأنا في 2010، كنت رئيس وزارة ولم يكن عندي الخبرة كما اليوم، والانسان كلما كبر يتعلم اشياء جديدة، وأنا دائما اقول للشباب إن سعد الحريري موديل 2010 غير موديل 2017 وأصبح هناك تطوير (يضحك).
لكن هل تغيرت القناعات؟
لا القناعات لم تتغير، فالقناعة الاساسية عندي تنطلق من مسؤوليتي، البلد والشعب والمواطن اللبناني، هم مسؤوليتي، في الجنوب او الشمال او البقاع او بيروت، الاهم هو كيف اخدم هذا المواطن، كما يفعل اي مسؤول في اي بلد في الخليج.
نحن ضمن منظومة عربية نستطيع التفاهم عليها، وهناك افكار كثيرة نستطيع تطبيقها ولسوء الحظ مشكلتنا الادبية اننا نحن العرب او البعض يفكر، ان النفوذ يجب ان يكون بالامن والخوف، ولكن النفوذ الحقيقي والحروب الحقيقية هي حروب اقتصادية، وفعلياً نحن كلما كبرنا اقتصاديا وتمددنا اقتصاديا، يصبح العالم بحاجة إلينا.
فما تفعله السعودية في هذه المرحلة، سواء رؤية 2030 او مشروع "نيوم" الذي هو تكبير الاقتصاد السعودي حتى يصبح حجماً مرتبطاً بمصالح وشبكة امان في العالم لمستقبل افضل للسعوديين وهذا هو الاساس. فعلياً التحديات الاساسية في العالم اليوم ليس بعدد الصورايخ او الدبابات او عدد الرؤؤس النووية التي تمتلكها بل بقدراتك الاقتصادية.
انت لك علاقات واعمال في السعودية وشركة سعودي أوجيه واجهت مشاكل، هل ما زالت الشركة قائمة؟
لا؛ حالياً شركة "سعودي اوجيه" واجهت بعض المشكلات، ونحن ننهي الامور، ولكن عندنا بعض المصالح والعقارات. والسعودية بالنسبة لي جزء من حياتي، ففيها عائلتي، وهذه العلاقة ترتبط بطفولتي وبعملي، وهي علاقة ترسخت من ايام الوالد، وكذلك هي اليوم علاقة مميزة بالنسبة لأولادي، وستبقى موجودة، فالمملكة اكرمت الوالد واكرمتنا ولحم أكتافنا منها، وهذا الوفاء سنحافظ عليه.
الهوايات والاهتمامات الشخصية
أعرف أنك هواياتك التي كنت تمارسها في السعودية مازالت قائمة مثل رحلات البر. هل مازلت تمارسها؟
حبي للبر والهلال، وأول ما أجد الفرصة المواتية فسأذهب للبر، وميزة البر أنك تجلس به بهدوء كامل، وبرأيي ان تنظر الى المدى يفتح عقلك، اما هنا فكلها بنايات، ما يجعل رؤيتك مقفلة، ولذلك ربما هذا واحد من الأسباب التي تجعل الأشخاص الذين يعشقون رحلات البر أكثر بعدا في الرؤية.
ما الهوايات التي ما زلت تمارسها حتى الان؟
ركوب الدراجات النارية (هارلي دايفينسون)، والغطس، وساحل مدينة جدة بالنسبة لي أجمل مكان، كنا دائماً نغطس هناك، وكنا في رمضان عندما يكون الطقس بارداً نخرج بعد ان ننهي الرياضة ونركب (هارلي) الى وقت الاذان ثم نذهب ونفطر، وخصوصاً عندما يكون الجو لطيفاً.
ماذا يعني لك الثراء؟
المال وسيلة لتساعد وتعمل وتنجز، وليس لتتحكم بحياتك او تصرفاتك او نفسيتك، فالوالد لم يكن عنده شيء وعندما اصبح عنده شيء، علّم وساعد وبنى، فهذه النفسية وهذه الطريقة بأنك ترى (الفلوس) وسيلة ان الله اعطاك نعمة ويجب عليك ان تساعد بما تستطيع.
انت ذكرت بخطاب لك انك صرفت من ثروتك على الثورة في لبنان، هل ندمت على ذلك؟
لا لم اندم، المال من أجل ماذا؟ من اجل أن نصرفه ولا نندم، لأن الله هو الذي يرزق الانسان، فأنت كلما اعطيت سترى ان الله سيعطيك اكثر واكثر، حتى لو في بعض المرات ترى انك تضررت مالياً، فربنا يعوض ومن أحبه الله ابتلاه.
دائما ما تكون عائلة الحريري ضمن قائمة الأكثر ثراء في العالم. ماذا يعني وجود اسمكم ضمن هذه الأسماء مثلا ضمن قائمة فوربس؟
لا أتابعها. ولم أجر أي مقابلة معها. بالعكس انا كنت افضل ان لا اظهر فيها، لانني اعتقد ان هذه الامور (طنة ورنة) pretentious فمن يبالي.
كنت انظر الى اعلان يصور شخصاً كان يعطي طلابه حكمة: يأخذ ورقة نقدية من فئة العشرين دولاراً، ويرفعها في الصف بين الطلاب، ويسأل من يريد هذه العشرين دولاراً؟ فيرفع كل الطلاب أيديهم، ومن ثم يأخذ الورقة، ويكوّرها، ويقول: من يريدها؟ فيرفع كل الطلاب أيديهم. ثم يأخذها ويرميها على الارض ويدوس عليها بقدمه، ويبصق عليها، ثم يقول: من يريدها؟ فيرفع كل الطلاب أيديهم، ثم يسألهم هل تعلمون ما تعلمتم اليوم؟
إن هذه العشرين دولاراً بقيت عشرين دولاراً، فقيمة الانسان بما هوعليه، فبعض المرات تكون عادياً او مضغوطاً وتفكر انها نهاية الدنيا، ولكن قيمتك هي انت، (you are worth what you do) وأنا أرى، ان هذا هو الطريق الصحيح للانسان ليمشي عليه.
حل لغز «لوريل» أم «ياني».. أحدث الخدع المحيرة على وسائل التواصل
كيف تتصرف حين تواجه ضغوطاً كبيرة؟ كيف يمكن أن تفصل نفسك عن ضغوط السياسة وعالم الاعمال؟
الانسان يجب ان يتعلم الصبر من السعودية، وبالنسبة لي انا جزء كبير من الصبر عندي، بسبب مدرسة الحياة التي عشتها في السعودية، وتعلمت منها شيئاً اساسياً، وهو ان اكون صبوراَ حتى اصل إلى ما اريد، خاصة بتعاملي مع دائرة الحكم على ايام الملك فهد او الملك عبد الله والملك سلمان، فأنا أرى، ان الصبر قوة، ويجب ان لا تستفز او تشعر بالقهر، يجب ان تنفصل عن الضغوط المحيطة، وتفكر وحدك بالامور.
دولة الرئيس ما الاشياء التي تستهويك للقراءة؟
انا اقرأ تقريباً كل شيء، ولكنني من الناس الذين يحبون ان يسمعوا اكثر، فأفضل أن أكون جالساً مع كتاب او صحفيين او مثقفين وأستمتع، لأن عندهم شرحاً للامور، أنا احب الناس، أحب مخالطتهم والتواصل والتحدث معهم.
يرى البعض أن هناك متغيرات في السياسة العالمية وأن الشعبوية أكتسبت مساحة في خارطة العمل السياسي المعاصر؟
الشعبوية لم تنجح في حياتها، مثل استعمال الدين في السياسة، الاخوان المسلمون وغيرهم من يقولون ان الدين يقول لك كذا وكذا، وأنا اعرف ما يقول الدين، ولكن انا اختلف معك بالسياسة، وعندما تختلف معه في السياسة يقول لك إنك لست مسلماً ويستحضر الدين.
ولكن لا، انا مسلم اكثر منك، وأنت ليس لك الحق في ان تستعمل الدين لتأخذ مني موقفاً سياسياً؛ فأنا أصلي وأزكي وأصوم وأفعل كل ما يفعله المسلم، فأنت لا يحق لك ان تقول لي ماذا يجب ان يكون رأيي بموضوع ما.. بناءً على ماذا؟
وهذه مثل الشعبوية، ولكن عندما تستعمل الشعبوية وترفع الشعارات ولا تستطيع تنفيذها، وهذه مشكلة تاريخية، فهناك قيادات صعدت على الخطابات الشعبوية والشعب آمن بها، وهناك اناس بكوا من اجلها وكانوا مستعدين ان يعطوا ادمغتهم لهذا القيادات، ولكن الناس تخلت عنهم لأنهم لم يستطيعوا ان ينجزوا اي شيء من هذه النداءات الشعبوية.
وتجد ان هؤلاء عندهم محبة هائلة من الناس، ولكنهم لم ينجزوا شيئاً، فالمهم عند الناس هو الانجاز، فأنت يمكن ان يكون عندك خطاب شعبوي، وأي سياسي يجب ان يكون عنده خطاب شعبوي، ولكن يجب ان يواكب هذا الخطاب الشعبوي انجازات، واذا كان هناك خطاب شعبوي من دون انجازات فسيزول، وكذلك، اذا كان هناك انجازات من دون كاريزما فلن تصل ابداً.
المهاجرون اللبنانيون حققوا نجاحات ليست قليلة في بلدان اغترابهم، ولكن هل هم مقصرون تجاه لبنان؟
بسبب الحرب الاهلية في لبنان كان على اللبناني ان يسافر، ومن عام 1993 الى عام 2005، كان لبنان عنده امل بقدوم رفيق الحريري، وعاد الكثير من اللبنانيين للاستثمار في البلد، وأتت جريمة اغتيال الحريري لتهز المنطقة، وأنا اؤكد لك، انه لولا الخروج السوري، لكان هناك مشكلة اكبر، هذا ما دفع بالنهاية الكثير من اللبنانيين، ليعودوا، لأنهم رأو ان لبنان تحرر.
كانت الطامة الكبرى في عام 2011، مع مجيء حكومة نجيب ميقاتي التي كسرت معادلة التوازن في البلد، وفعلياً حينها نزل الاقتصاد من ثمانية ونصف في المئة، الى ما وصل اليه الان، فالمواطن اللبناني الذي تأتيه الاموال بالتحويل من الخارج، هو جزء كبير من الاقتصاد اللبناني، تقريباً 7 مليارات او 7 مليارات ونصف المليار، مقدار التحويلات التي تأتي من المغتربين لعوائلهم في لبنان، وهذا جزء من العطاء مصدره المغتربون.
وأنا أرى ان اللبناني المغترب هو القوة الحقيقية للبنانيين، وعلينا أن نؤمن الاستقرار لنستطيع ان نكون دولة متحضرة ولديها كل شيء.
انت لبست قبعة رجل الاعمال وقبعة السياسي، وهما عالمان مختلفان في الممارسة رغم العلاقة الوطيدة بينهما. أين تجد نفسك بعد هذه التجارب؟
في مجال الاعمال مثلاً عندما تذهب من الالف الى الباء، يمكنك فعل هذا في خط مستقيم، اما في السياسة فإن الذهاب من الالف الى الباء، يقتضي الذهاب الى الكاف والى الهاء والياء وتلفّ الكرة الارضية الى ان تصل الى البر، وهذه مشكلة السياسة.
ولكن بالنسبة لي الدافع الاساسي في السياسة هو انجاز شيء للناس، وأن تفعل شيئاً يحدث تغييراً ايجابياً في حياة الناس، كأن تبني مستشفى، او تغير طبيعة الاقتصاد للبلد، بحيث تزيد نسبة النمو، هذا ما يؤثر في كل الناس وهذه ميزة السياسة اذا مارستها بشكلها الايجابي.
اما شكلها السلبي فكأن تتخذ سياسة ما وتضيع وقت الناس وتدخلهم في متاهات ولا تستطيع الوصول إلى نتيجة، أو ان لا يكون لديك في الاصل هدف محدد.
تجد اليوم في لبنان او في العالم العربي اشخاصاً يحبون السياسة من اجل السلطة، ولكن السلطة مسؤولية وعليك، ان كنت مسؤولاً حقاً، أن تُنحّي جانباً كل شيء في حياتك الشخصية، وقد يصل الامر الى حريتك، اما اذا لم تكن مسؤولاً، فلا يهمك ماذا يقول الناس عنك او ماذا تفعل في السياسة، لا يهمّ اذا كنت ما تفعله خطأً او صواباً.
لكن هناك أشخاص ارتكبوا جرائم باسم السياسة، فانظر الى ما يحصل في سورية هذا ما علاقته بالسياسة، شخص دخل على السياسة من اجل ان يقتل شعبه.
رؤية للمستقبل العربي واللبناني
دولة الرئيس متابع وقارئ للخارطة العربية، ومررتم بمحطات مهمة في العمل السياسي والاقتصادي. والمنطقة تمر بمتغيرات كثيرة. كيف ترى المستقبل؟
ارى باننا نحن نستطيع ان نصنع أنفسنا، وهنا الفرق بان تكون رجلاً ايجابياً او رجلاً سلبياً، وليس هناك شك في اننا نحن في العالم العربي مستهدفون ونحن المسلمين، ايضاً، مستهدفون، وما دمنا نحن نعرف اننا مستهدفون فماذا نفعل؟ هل نجلس لنبكي على الاطلال ونكرر أن تاريخنا كان هكذا وهكذا، انا ارى، أن علينا ان نضع رؤية وخطة للعمل، بالنسبة لي احاول ان اعرف ما يمكنني اصلاحه في لبنان، كما الخليج الذي يصنع مستقبلاً افضلَ، وهذا ما يحصل. ودائما هناك من يحاربك وأنت يجب ان تحسن الداخل وتنظر الى الخارج، ومن هذا المنطلق، الاكيد ان التحديات التي تحصل في سوريا كمحاولة التقسيم او غيرها، عليك مواجهتها بأفضل وسيلة وقدرة ممكنة لديك.
عليك ان تحاول ربط العالم بمصالح، فأنت عندما تربط نظامك الاقتصادي بشبكة الربط الاجتماعي بكل هذه الدول، فالاكيد انك تحسن من العالم العربي.
فمثلاً كنت مرة في ايطاليا، واتكلم مع رئيس الوزراء الايطالي، وكان يقول لي: نحن لا نملك صناعة منتجات الحليب، فقلت له كيف هذا؟ فقال: اجل؛ فنحن نصدر الحليب الى هولندا وهولندا تشتري كل الباستا (المكرونة) او زيت الزيتون، فهم يصنعون شبكة تكامل، ونحن نستطيع ان نعمل مثل هذا الشيء في عالمنا العربي.
ولكن الان هناك جو جديد في العالم العربي، وبصراحة جيل جديد في المملكة، وخاصة الأمير محمد بن سلمان الذي يبثّ هذا الامل، وأنت بالنهاية يجب ان تعطي العالم املاً، والقائد او الزعيم لا يمكن ان تكون جعبته خاوية ولا يوجد فيها أمل.
اذكر مرة، أن الوالد في عام 1993، كانت بدايته في السياسة، فانصدم بكمية اللعب و(الطلعات والنزلات) في السياسة، وكان جالساً ومحبطاً قليلاً، فدخل عليه شخص من الذين يعملون في السياسة، وقال له: يا دولة الرئيس، انت لا يحق لك ان تكون محبطاً وأنت ممنوع من ان تكون محبطاً، نحن نحبط ولكن انت لا؛ فأنت يجب ان تحملنا على اكتافك وتقودنا، ومن ايامها بقي هذا الشيء عند الوالد، وقد ذكر هذا الشيء في مقابلة من مقابلاته. ولذلك سأبقى متفائلا واثقا أن المستقبل سيكون أفضل.
سيارة رياضية تتحول إلى غواصة! (صور)
هذا ما حاولت ان اقدمه إلى شعبي
حاولنا ان نزرع الأمل ونعطي اللبنانيين الامن والاستقرار او الازدهار او اي نوع من الحياة الطبيعية.
كنا نرى اذا عملنا بجهد اكبر على الأمور الأساسية الحياتية كالمياه والكهرباء والبنية التحتية والطرقات، وبشكل اسرع، سينعكس على اللبناني بالمزيد من الارتاح والاستقرار.
قطعنا مرحلة كبيرة جداً فيما يخص اعادة انتظام عمل مؤسسات الدولة، وكان لدينا الكثير لنعمله، بالمقابل كانت توجد عقبات ويجب تجاوزها. خلال العشرة اشهر انجزنا الكثير ولايزال لبنان بحاجة إلى الكثير الكثير.
استطعنا ان نقرّ قانوناً انتخابياً وموازنة، فنحن دولة من 12 سنة من دون موازنة، وأجرينا تعيينات وتشكيلات قضائية ودبلوماسية، ولبنان اقتصادياً بدأ سنة 2017 على نسبة نمو واحد في المئة أو اقل ولكن اليوم أصبحنا بنهاية السنة على اثنين ونصف في المئة الى ثلاثة.
لست نادماً
لست نادماً على شيء، فكل شيء تعلمت منه بهذا القدر او ذاك، فأنا لا استطيع ان اقول لو، ولكن اتعلم ولا أعيد الخطأ، فكل تجربة توصلك الى أن تصبح افضل اذا كانت ايجابية، واذا كانت سلبية ولم تتعلم منها، فأنت لديك مشكلة في الحياة ومشكلة بطريقة تفكيرك.
من هو سعد الحريري؟
ولد سعد الحريري في الرياض، بالمملكة العربية السعودية في 18 نيسان 1970، ويحمل جنسيتها والجنسية الفرنسية، فضلاً عن جنسيته اللبنانية، وهو نجل رجل الاعمال والسياسي البارز، رئيس وزراء لبنان رفيق الحريري الذي اغتيل في تفجير موكبه في بيروت 14 شباط 2005.
دخل سعد، عالم السياسة إثر اغتيال والده، ومن موقعه في رئاسة تيار"المستقبل" شكل (تحالف 14 آذار) مع رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، والرئيس التنفيذي للقوات اللبنانية سمير جعجع، وهو التحالف الذي قاد ما عرف بـ"ثورة الأرز" التي كان من نتائجها خروج الجيش السوري من لبنان.
انتخب نائبًا في البرلمان لدورة عام 2005، في دائرة بيروت الأولى، ليشغل المقعد الذي كان يشغله والده في الدورات السابقة، واستطاع أن يحصل على أكبر كتلة نيابية في هذه الدورة، وأعيد انتخابه لدورة البرلمان لعام 2009، في دائرة بيروت الثالثة، واستطاع مع حلفائه في تحالف 14 آذار، الحصول على الأكثرية النيابية لدورة نيابية جديدة.
وبتكليف من الرئيس ميشال سليمان، عام 2009، شكل الحريري حكومته التي واجهت صعوبات عدّة، خصوصًا بعدما بدأ يقترب صدور القرار الظني بجريمة اغتيال والده رفيق الحريري، وإصرار وزراء حزب الله وحركة أمل والتيار الوطني الحر، على طرح موضوع شهود الزور في القضية، وطلب إحالتهم إلى المجلس العدلي، وأدى كل ذلك إلى إعلان أحد عشر وزيراً هم وزراء تكتل الإصلاح والتغيير وحركة أمل وحزب الله في 12 يناير 2011، استقالتهم من الحكومة، وأدت تلك الاستقالة، إلى فقدان الحكومة نصابها الدستوري، وتالياً عدّها مستقيلة.
وبعد سقوط الحكومة في 2011، عاش الحريري متنقلاً بين باريس والرياض، لأسباب وصفها بـ"الأمنية"، لم تسمح له بالبقاء في لبنان.
سعد الحريري، متزوج من لارا بشير العظم، وهي سورية الأصل، وأنجب منها ثلاثة أطفال، بقوا في السعودية حتى بعد عودته إلى لبنان بدءاً من عام 2014.
وبعدَ انتخاب العماد ميشال عون، رئيساً للجمهورية اللبنانية، كلّف الأخيرُ الحريري، رسمياً، رئاسَةَ الحكومة،َ في 11 نوفمبر عام 2016، ونال الحريري 110 أصوات من نواب البرلمان البالغ عددهم 126، بعد استقالة أحدِ النواب.
وكان الحريري، اعلن مؤخراً عن استقالته من رئاسة مجلس وزراء لبنان، في كلمة متلفزة فاجأت الاوساط السياسية والشعبية، من العاصمة السعودية الرياض، يوم السبت 4 نوفمبر 2017، وشنّ في كلمته هجوماً على حزب الله وإيران، واتهمهما بزرع الفتن ومصادرة القرار اللبناني والسيطرة على الدولة اللبنانية.
يشار إلى أن سعد، حاصل على شهادة في إدارة الأعمال من جامعة جورج تاون في واشنطن، وهو رجل اعمال معروف، فحسب كتاب "من يكون هو" الخاص بأبرز الشخصيات، يملك مجموعة "ميدتيرانيان انفسترز غروب" منذ عام 1983 التي تضم بنك البحر المتوسط والبنك السعودي اللبناني.
ولديه شركة "سعودي أوجيه" المتعددة النشاطات، فضلاً عن شركات تأمين ومطابع وصناعات تعدينية وخدمات أخرى، كما أن لديه حصصاً في مصارف عربية ودولية، ويملك شركات عقارية في فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة، ناهيك بامتلاكه سلسلة فنادق في أوروبا.
ويشبه مراقبون، ما يجري اليوم مع سعد الحريري، بما جرى مع والده رفيق الذي اغتيل عام 2005، ما ادى الى تداعيات كبيرة.