تأثير رمضان على سوق الأسهم.. حقيقة أم مجرد خرافة ؟
في عالم البورصة هناك تعابير مختلفة ومتنوعة تلخص حالة السوق خلال فترات معنية من العام التي إما تتميز بإرتفاع سعر الأسهم أو بإنخفاضها.
المقولات المتدولة هي تعبير عن واقع الحال وتستند الى أنماط متكررة عبر التاريخ فمثلاً هناك «تأثير الإثنين» و«تأثير يناير/ كانون الثاني» وهناك العبارات الشهيرة «إشتر الإثنين وبع الثلاثاء» . ولرمضان حصته من التعابير فهناك ما يعرف بـ «تأثير رمضان» والذي يعبر عن حال أسواق الأسهم خلال هذا الشهر.
تأثير رمضان
هناك ظواهر عديدة تؤثر على سوق الأسهم وهي تسمى «الحالات الشاذة للسوق» أو «الأنماط الحركية لعوائد الأسهم» الأمر يعتمد على الجهة التي تستخدمها. فالتعبير الاول يستخدمه علماء الإقتصاد والخبراء الماليين الذين يدعمون نظرية مفادها أنه من غير الممكن توقع الإتجاه المستقبلي لأسعار الأسهم وأن السعر يعكس المعلومات المتوفرة لدى المشاركين في السوق أي انه لا يدعمون نظرية توقع الأسعار وفق المسار التاريخي لها.
في المقابل التعبير الثاني وما يرتبط به أثبت نجاحه فدراسة الأنماط الحركية لعوائد الأسهم وارتباطها بفترات معينة من السنة من الدراسات التي أثبتت صحتها في كثير من دول العالم مثل الولايات المتحدة الأميركية، وأوروبا وآسيا والعديد من الدول الأخرى وقد سجلت الدراسات أنواعاً كثيرة كما ذكرنا ومنها «تأثير نهاية الأسبوع»و «تأثير نهاية الشهر» وغيرها، وقد إستفاد المستثمرون من وجود هذه الفرص الربحية وحققوا أرباحاً كبيرة من تنفيذها.
تأثير رمضان تختص به أسواق الدول الإسلامية والتي تشهد إرتفاعاً كبيراً. فخلال شهر الصيام تبين بأن متوسط عائدات سوق الأسهم في هذه البلدان يرتفع بمقدار تسع مرات.
لماذا يؤثر على سوق الأسهم؟
قام البروفيسور فيليب كامبانتي والبروفيسور ديفيد ياناجيزاوا دروت، وهما أستاذان في كلية كينيدي في جامعة هارفارد، بدراسة لمحاولة معرفة أثر الصيام على الأداء الإقتصادي في الدول الإسلامية بشكل عام وعلى سوق الأسهم بشكل خاص خصوصاً مع خفض ساعات العمل وتراجع الإنتاجية.
وفق الدراسة التي شملت أداء عدد من الدول الإسلامية الإقتصادي فإن الإنخفاض في الإنتاجية يقلص الناتج الإقتصادي بنسبة ٣٪ سنوياً ما يعني أن رمضان له أثره الكبير على الركود السنوي.ولكن ورغم الإنخفاض هذا الا أن الاثار السنوية محدودة لكون الانتاجية بعد الشهر تعوض الخسائر.
ولكن الأسباب ليس فقط محصورة بالنواحي الإقتصادية بل هناك عناصر إجتماعية ودينية مرتبطة بالعبادات وما يسفر عنها من نتائج نفسية تؤثر على البورصة. فكما هو معروف العديد من الدراسات تؤكد بأن العوامل التي تؤثر على البورصة هي بغالبيتها الساحقة إجتماعية.. وبما انها العوامل الاجتماعية في رمضان تكون إيجابية فتبين بان التأثير على الأسواق يكون إيجابياً.
في تقرير لجامعة ليستر نشر عام ٢٠١١ والذي درس الأسواق في أربعة عشر بلداً إسلامياً وهي البحرين، مصر، إندونيسيا، الأردن، الكويت، ماليزيا، المغرب، عمان، باكستان، قطر، المملكة العربية السعودية، تونس وتركيا والإمارات العربية المتحدة بين عامي ١٩٨٩ و ٢٠٠٧ تبين بأن متوسط عائدات سوق الأسهم في هذه البلدان خلال شهر رمضان يرتفع بمقدار تسع مرات تقريباً ويكون أقل تقلباً مقارنة ببقية أوقات السنة.
ووفق التقرير فإن هذا مرده الى أثر زيادة الحس بالتكافل الاجتماعي والآثار الصحية لتغيير النظام الغذائي أي أن الشعور بالإنتماء الاجتماعي الذي يعيشه كل فرد مسلم في رمضان تؤثر بشكل إيجابي على أداء البورصة. وذكر التقرير أن هذه الظاهرة لوحظت في معظم السنوات، بغض النظر عن حالة الاقتصاد العالمي من حيث الركود والازدهار.
فجوة الكفاءات المؤهلة في الشرق الأوسط تهدد الاقتصادات العالمية عام 2030
عوامل الخطر عديدة
في علم الإقتصاد لطالما أدرك الخبراء تأثير المزاج والطقس وحتى المعتقدات الدينية على تصرفات المستثمرين. فكما قلنا عائدات الأسهم ترتفع ٩ مرات خلال رمضان، رغم أنها تنخفض خلال الأيام الأولى لتعاود الإرتفاع لاحقاً. ولكن الصيام ليس العامل الوحيد الذي يتم وضعه بالحسبان فهناك عوامل أخرى تدخل في المعادلة مثل سيولة السوق، ساعات الصيام بالإضافة الى الامور الاخرى كتأثير الإثنين وتأثير شهر يناير وغيرها.
وبما أنه لا يمكن دراسة تأثير رمضان الإقتصادي بمعزل عن الاجتماعي فإن الخلاصة التي تحدثنا عنها اعلاه والتي ترتبط بحس التكافل الإجتماعي يجعل الشخص في حالة من الراحة والتفاؤل. وبالتالي انطلقت الدراسة الى دراسة تأثير المزاج الرمضاني على السوق. النتيجة هي أن الإنسان السعيد، وفي هذه الحالة الصائم السعيد المتفائل، يميل الى عدم تقييم المخاطر كما يجب وعليه هناك تقليل من أهميتها ما يعني أن الحرص في حده الأدنى والمخاطرة في حدها الأقصى. ورغم أن الارباح موجودة ولكن عوامل الخطر أي موجودة.
هل تقوم بإتباع المقولة؟
لا شيء مضمون في عالم الأسهم.. ولكن وفق الخبراء إن كان هناك الأنماط التي كررت نفسها عبر التاريخ فهي ستستمر بتكرار نفسها مستقبلاً. لمن يريد تحقيق الأرباح السريعة عليه شراء الاسهم قبل بداية رمضان ثم بيعها مع إقتراب نهايته أو مباشرة بعد عيد الفطر.. لان تلك المرحلة تعني بداية إنخفاض الاسعار.
ولكن النصحية التي يقدمها الخبراء ليست وصفة مضمونة لتحقيق الأرباح لانه لا مجال لتوقع ما قد يحدث في عالم أسواق المال. فحدث غير متوقع يمكنه أن يحطم كل الانماط ويفرض نمطه على الاسواق العربية والعالمية.