جريجور ماكجريجور أكبر محتال عرفه التاريخ !
كان الجنرال جريجور ماكجريجور الذي ولد في 24 ديسمبر 1786، مواطن وجندي اسكتلندي ومغامر ومحتال تمكن من الحصول على ثقة المستثمرين البريطانيين والفرنسيين في بويس، وهي أرض خيالية في أمريكا الوسطى زعم أنه كان يحكمها.
واستطاع تحت اسم مالك كازيك أوف بويس من جعل المئات يقومون بالإستثمار في السندات الحكومية ووثائق امتلاك الأراضي المفترضة في بويس، في حين هاجر 250 شخصاً إلى بلد ماكجريجور الذي استقطبهم عبر رحلة بين عام 1822 و1823 للعثور على غابة لم يدخلها الإنسان قط، وكانت النتيجة أن أكثر من نصفهم قد مات واختفى الباقين، وقد أطلق على مخططه في بويس بأنه أكبر عملية احتيال في التاريخ.
عند عودته إلى بريطانيا في عام 1821، ادعى ماكجريجور أن الملك جورج فريدريك أوغستوس من ساحل البعوض في خليج هندوراس قد أعطاه مستعمرة كازيك أوف بويس التي وصفها بأنها مستعمرة يعيش فيها مجموعة من المستوطنين البريطانيين. ولقد كانت عبارة عن أرض غير صالحة للزراعة على شكل مثلث بالقرب من منابع النهر الأسود، وأطلق على نفسه لقب أمير بويس.
«فيينا» تنشر قلوب المحبة بالإمارات أثناء عروض الألعاب النارية ليلة عيد الفطر
تمكن ماكجريجور من الحصول على مكانة عالية في المجتمع البريطاني وأصبح يحصل على دعوات اجتماعية لاحصر لها من أهم اللوردات والأمراء البريطانيين حيث كان دائماً يتكلم عن أرضه بويس. وقال ماكجريجور إنه جاء إلى لندن لحضور تتويج الملك جورج الرابع نيابة عن شركة باويرز، وللبحث عن مهاجرين واستثمارات في بريطانيا وأوروبا، كما ادعى أنه ورث نظام حكم ديمقراطي في بويس.
ابتكر ماكجريجور في بداية مخططه برلماناً وترتيبات دستورية أخرى وصمم آليات تجارية ومصرفية، وأصبح بلده الخيالي بويس يملك جيشاً ونظاماً متكاملاً وعلماً يشبه علم الصليب الأخضر الذي استخدمه في ولاية فلوريدا. أصبح الضابط وليام جون ريتشاردسون حليفاً لماكجريجور وقدم له عقاراً فاخراً في وانستيد ليكون منزل لإقامة العائلة المالكة البويزية المفترضة، وفي المقابل أعطى ماكجريجور ريتشاردسون وسام الصليب الأخضر، وكلفه بقيادة "الحرس الملكي لفرسان الخيول" في بويس، وعينه القائم بالأعمال في بعثة بويس في مدينة لندن.
تم إنشاء مكتب بويزيان في لندن وأدنبرة وغلاسكو لبيع شهادات امتلاك الأراضي الرائعة في بويس لعامة الناس وتنسيق أسماء المهاجرين المحتملين. وقام بالإستفادة من شعبية الأوراق المالية في أمريكا اللاتينية في سوق لندن وبدأ حملة مبيعات كبيرة وجاء بالموظفين لكتابة الأغاني عن بويس وأجرى مقابلات في الصحف الوطنية وكتب المنشورات ووزع خرائط لجمهورية بويس.
ما هو التسويق بالمحتوى وهل هو أساسي لنجاح الشركات ؟ (إنفوجراف)
بدأ الناس يشترون الأراضي في بويس المفترضة وكان ماكجريجور يرفع أسعار الأراضي تدريجياً، ولقد قال أحد المحللين الماليين في القرن الواحد والعشرين عن جريجور أنه "الأب المؤسس لتزوير الأوراق المالية". وإلى جانب مبيعات شهادات الأراضي، أمضى ماكغريغور عدة أشهر في تنظيم إصدار قرض حكومي من بويس في بورصة لندن، وحصل على قرض بقيمة 200 ألف جنيه استرليني وحصل على سندات حكومية لبويس بفئات مختلفة يتم طرحها للبيع مقابل دفع 15% من قيمة السند واستحقاق الباقي على قسطين وكان ذلك في عام 1823، كما قام بصك عملة معدنية و إصدار أوراق نقدية بالتعاون مع بنك اسكتلندا لبويس وكان المهاجرون المفترضون يبادلون مدخراتهم وذهبهم للحصول عليها قبل ذهابهم بالبحر إلى بويس، وبذلك تمكن جريجور من أن يصبح واحداً من أثرى الأشخاص في بريطانيا.
وفي سبتمبر عام 1822، ويناير من عام 1823، توجهت أول سفينتين إلى الأرض الأسطورية تحملان حوالي 250 راكباً. وكان الناس عليهما سعداء، ففن البيع لدى ماكريجور لم يكن له مثيل. ولكن بعد أقل من شهرين على وصول من نجا من المستوطنين، وجدوا أن الواقع كان مغايراً بشكل صارخ للإغراءات التي احتوتها كتيبات ماكغريغور.
و تمكن جريجور من الفرار إلى فرنسا قبل أن يستطيع ثلث المهاجرين إلى جمهوريته المزعومة فقط من العودة بعد أن أنقذتهم سفينة مارة ونقلتهم إلى مدينة بليز، كما قامت البحرية البريطانية باستدعاء السفن الخمس الأخرى للمهاجرين قبل وصولها إلى وجهتها. ويعد أن وصل إلى فرنسا بوقت قصير كان جريجور قد نسي ندمه وبدأ بالترويج لبويس مرة أخرى بعد أن خسر استثماراته الأولى.
وفي غضون أشهر، كان لديه مجموعة جديدة من المستوطنين والمستثمرين مستعدة للذهاب إلى بويس إلا أن فرنسا كانت أكثر صرامة من بريطانيا إلى حد ما في أوراق جواز السفر، فعندما رأت الحكومة سيلاً من الطلبات للذهاب إلى بلد لم يسمع به أحد، شكلت لجنة للتحقيق في الموضوع.
تم تقديم جريجور إلى المحكمة الفرنسية بتهمة الإحتيال في عام 1826، ولقد حكم عليه بالسجن لمدة 13 شهراً. وسرعان ما نقل ماكجريجور عائلته إلى لندن، حيث تلاشت الضجة التي أعقبت عودة الناجين من بويس. ألقي القبض على ماكجريجور فور عودته إلى بريطانيا وتم احتجازه لمدة أسبوع ومن ثم إطلق سراحه بدون تهمة.
غادر ماكجريجور إلى فنزويلا بعد أن توفيت زوجته في أدنبرة عام 1838، واستقر في كاراكاس حيث تقدم لطلب الحصول على الجنسية لكونه ضابط سابق في الجيش الفنزويلي وحصل على رواتب متأخرة ومعتش تعاقدي، كما أصبح عضواً محترماً في المجتمع المحلي وبقي فيها حتى وفاته في عام 4 ديسمبر عام 1845.