شاهد| الغرافين.. مادة سحرية سوف تغيِّر مستقبل عالم التكنولوجيا
يتوقع أن تصبح مادة الغرافين المأخوذة من الكربون "الشيء الكبير المقبل" في عالم التكنولوجيا، حيث يعتقد البعض أنها قد تنهي دور مادة السليكون، وتغيِّر مستقبل صناعة وشكل الكمبيوتر والأجهزة الإلكترونية الأخرى وإلى الأبد.
والغرافين وبحسب المراجع العلمية هو “مادة مكونة من طبقة وحيدة من ذرات الكربون، مرتبطة مع بعضها البعض على شكل أنماط سداسية متكررة، وتكون سماكة الغرافين أقل من سماكة الورقة العادية بحوالي مليون مرة، ولذلك فهو رقيق إلى درجة نستطيع معها اعتباره مادة ثنائية الأبعاد”. وبالإضافة إلى ما سبق تتميز المادة بالشفافية وبكونها عالية الكثافة، وهي أقوى 300 مرة من الفولاذ، وأصلب 40 مرة من الألماس، كما أنها موصّل ممتاز للحرارة والكهرباء.
ومنذ سنوات يجري العلماء بحوثا على الغرافين، ولم يكن الوصول إلى مادة ثنائية الأبعاد ممكناً من الناحية العلمية النظرية، إذ كان هذا الأمر هاجساً لدى العلماء منذ أربعينات القرن الماضي، حيث تمت دراسة الغرافين، ولكن لم يجزم هؤلاء بإمكانية الحصول عليه بشكل ملموس. ولكن الرغبة الحاضرة ظلت تتنامى مع تطور التقنيات القادرة على تقشير الغرافين وقد اكتشف هذه المادة في العام 2004 العالمان أندري جيم وكونستانتين نوفوسيلوف اللذان حازا نظير ذلك على جائزة نوبل للفيزياء في العام 2010 وذلك بعد استخلاصها من الغرافين.
وقد تم فعل الكثير لمعرفة الإمكانيات المحتملة لاستخدامات الغرافين، إذ يمكن استخدامها لصنع أي شيء، ابتداءً من المواد المركَّبة، مثل كيفية استخدام ألياف الكربون في الوقت الراهن مثلا، إلى الإلكترونيات.
ومنذ اكتشاف خاصيات هذه المادة، فقد حرص المزيد من العلماء على العمل على مشاريع تتعلق بها. فهنالك الآن حوالي 200 شركة وجهة مبتدئة تقوم بدراسات، أو هي على صلة بدراسات تتعلق بالغرافين. كما أعدَّت حوالي ثلاثة آلاف ورقة بحث بشأن هذه المادة خلال عام 2010 لوحده.
والفوائد والمنافع التي تجنيها هذه الشركات والجهات من هذه المادة واضحة جليَّة، فهي تساعد على أجهزة أكثر سرعة في الأداء وأرخص سعرا، وأرقَّ سماكة، وأكثر مرونة وقابلية للاستعمال وقريبا سنرى أجهزة متقدمة جدا تعتمد عليه، منها ما هو مرتبط بالكمبيوتر، حيث ستُنشأ ترانزستورات صغيرة جدا بالمقارنة مع ما لدينا اليوم، والذي هو بحد ذاته ميكروسكوبي أو نانوي في الحجم (والترانزيستورات هي مكونات موجودة في أغلب الأجهزة التي تستخدمها اليوم، مثل الهاتف الخلوي، والكمبيوتر وغيرها).
ومن المنتجات أيضا ما هو متعلق بالأضواء، سواء تلك الصغيرة التي تراها اليوم في كل مكان، أو الأضواء المنزلية، حيث أن كفاءتها عالية، فهي توفر الكهرباء بقدر 10% من أفضل الأضواء الحالية، وهي أيضا تدوم لفترات طويلة جدا، وكذلك فإن الأضواء أيضا مرتبطة مباشرة بالتلفزيونات أو شاشات الكمبيوتر. لذلك سيكون الغرافين مادة خام ممتازة لتصنيع الشاشات.
ولأن الغرافين هي مادة قوية وفي نفس الوقت هي مادة خفيفة الوزن، ذلك يعني أنه ستستخدم في منتجات فضائية بالدرجة الأولى، منها المراكب الفضائية، أو من الممكن أن تدمج مع مواد أخرى مثل البلاستيك لإنتاج مختلف أنواع الحاويات الخفيفة الصلبة.
وبما أن الغرافين هي مادة قوية ومرنة في نفس الوقت، فإننا سنرى في المستقبل أجهزة مرنة، بحيث تنطوي من غير أن تنكسر، ومثل هذه التكنولوجيا تساهم في تكوين شاشات كبيرة يمكن لفها لتخزن في أمكان صغيرة. وقد صنعت جامعة كيمبريدج شاشة مرنة من الغرافين، تشابه الورقة الإلكترونية، والتي تصنع منها شاشات كيندل لشركة أمازون، وكذلك فإن شركة سامسنوج أيضا صنعت شاشة منه، ويبدو أن التوجه في هذا الجانب قوي لمرونة الغرافين.
بالإضافة لذلك فإن الغرافين سيستخدم لصناعة البطاريات، وكذلك فلاتر لتحلية الماء، ودروع مضادة للرصاص.
ولربما سمعت عن أنابيب الكربون النانوية، هي عبارة عن الغرافين المطوي ليشكل شكلا اسطوانيا، وهذه المادة أيضا تعتبر من أقوى من المواد على الإطلاق، وكذلك يمكن تكوين كرات الباكي Bucky Balls،
ولكون الغرافين مادة مهمة في التطبيقات العملية، إلا أنها مادة دسمة وأرض خصبة للدراسات الفيزيائية، ففيه من الخواص ما لا تمتلكه مادة واحدة في نفس الوقت، قد تكون هناك مادة شفافة ومرنة، ولكنها لن تكون بقوة الغرافين، وقد تكون هناك مادة قوية وشفافة، ولكنها ربما لن تكون موصلة كهربائيا، وشفافة في نفس الوقت، وقد تكون هناك مادة شفافة ومرنة وموصلة، ولكنها لن تستطيع أن تمرر الضوء بأطيافه من الأشعة فوق البنفسجية إلى تحت الحمراء. أضف لذلك أن الكربون – الذي كون الغرافين – هو رابع أكثر مادة موجودة في الكون، وهي مادة رخيصة، ومناسبة بيئيا.