هل الإدارة الديكتاتورية هي طريق النجاح في العصر حالي؟
ما هو الشيء المشترك بين ستيف جوبز وإيلون موسك وجيف بيزوس ورئيس وزراء سنغافورة السابق لي كوان يو؟ إذا كنت تعتقد أن كل واحداً منهم قد خلق مستقبلاً أفضل من خلال قيادته البارزة في مجال الأعمال والمجتمع، فستكون على صواب. وإذا كنت تفكر أيضًا بأن أسلوب قيادتهم كانت أكثر استبدادية وليست ديمقراطية، فستكون أيضاً محقاً.
ماذا؟ القيادة الاستبدادية تخلق مستقبلاً أفضل؟ هل يمكن أن يكون صحيحاً؟ خاصة إذا ذهبنا بمنظور أوسع بقليل فإن كل الزعماء التاريخيين تقريباً واللذين غيروا مسار التاريخ كانوا في الواقع مستبدون. ولكن الغريب أنك إذا تمعنت في أغلب كتب المتخصصة في القيادة الناجحة ستجدها تتجه نحو القيادة الديمقراطية المعتمدة على الاستماع لآراء ألجميع.
يروي راجيف بيشاواريا، الرئيس التنفيذي للمركز الدولي للقيادة المالية والحوكمة (ICLIF)، في كتابة (Open Source Leadership (McGraw-Hill 2017 الذي نشره مؤخرًا، أنه قام بعمل استبيان تضمن 16000 مديرًا تنفيذيًا من 28 بلدًا حول العالم، بمساعدة مجموعة من زملائه المختصون، وكان من بين أسئلة الاستبيان ما إذا كانوا موافقون أم معترضون على أنه «من أجل تحقيق النجاح الغير مسبوق للمنظمة في بيئة سريعة الإيقاع مثل التي نعيشها اليوم، هل هناك حاجة إلى قدر كبير من القيادة من أعلى إلى أسفل؟» - القيادة المستبدة-.
المفاجأة كانت كالتالي أن الأغلبية الساحقة من المشاركين في الاستبيان مع تنوع بلدانهم الـ 28، قد وافقوا وبشدة على هذا النوع من القيادة.
ولكن ماذا تعني هذه البيانات؟ هل علينا التوقف عن الاعتماد على القيادة الديمقراطية؟ وتبرير القيادة الديكتاتورية أو من الأعلى إلى الأسفل؟ فكما ذكرنا أن بعض أقوى الدكتاتوريين في القرن الماضي كانوا قادة ناجحين، ليس ذلك فقط فقد أشار «فيفيك وادوا»، مدير الأبحاث في مركز ريادة الأعمال والبحوث التجارية في كلية «برات»، إلى أن أفضل الشركات في العالم يديرها «ديكتاتوريون مستنيرون».
فيديو| تجربة العملاء وخدمة العملاء ورعاية العملاء ما الفرق بينهم؟
للأسف الأمر ليس بهذه السرعة، فعلى الرغم من أن التاريخ وبياناتنا تشير إلى أنك تحتاج إلى أن تكون متفرداً بالقرارات لتحقيق النجاح ، إلا أنه لا يمكنك المضي قدمًا بتهور، وذلك نظراً لأن أحد أهم معضلات القيادة في القرن الواحد والعشرين أن القوة العاملة المتميزة اليوم لن تسمح لك بذلك.
وللتسهيل عليك، جرب دمج تلك الأساليب والممارسات في سلوكك القيادي للوصول إلى أفضل النتائج:
1- عمل القيادة معقد، فمن ناحية يجب على القادة أن يكونوا استبداديين بشأن قيمهم وغاياتهم ورؤيتهم. ومن ناحية أخرى، فإن سرعة التغيير تجعل الكثير من الأفكار والمفاهيم عتيقة في أي وقت من الأوقات. يجب على القادة اليوم أن يستمعوا ويتعلموا ويتعاطفوا بشكل منتظم لضمان أن قيمهم وغاياتهم لا تزال ملائمة. وكلما أصبح كل شيء آلياً، سيكون التعاطف مهارة قيادية أساسية في عصر المصادر المفتوحة. إنها واحدة من الأشياء التي لن تتمكن أجهزة الكمبيوتر والروبوتات من القيام بها في أي وقت قريب ، وبالتالي ستكون ممتازة.
2- أن تكون مديراً مستبدًا لم يعد أمراً سهلاً في عصر المصادر المفتوحة. بعدما أصبحت كل كلمة أو فعل يقوم به القائد واضحاً للجميع لذا فإنك تحتاج لأن تكون استبدادياً ودكتاتورياً في بعض قراراتك، وفي نفس الوقت تكون متواضعاً ومتواصلاً مع موظفيك، إنه دمج صعب للأفكار التي تبدو متعارضة، لكن يجب عليك أن تتقنها.
3- في عصر السرعة ، تُعد سرعة الابتكار في فترات قصيرة أمرًا أساسيًا. إذا كان القائد لا يغفر ، فلن يجازف أحد الموظفين بأخذ المخاطرة، وإذا لم يخاطر أحد فلن يكون هناك أي ابتكار. لذا يحتاج القادة اليوم للاحتفال بالفشل مثل النجاح. وبناء ثقافة المغفرة في المؤسسة.
4- السماح للموظفين باتخاذ قرارات تستند إلى القيم، وعدم وضعها في قواعد وسياسات بيروقراطية. وطالما أن الناس يسعون جديًا لتحقيق الهدف المشترك للمنظمة، فيجب أن يكونوا أحرارًا في اتخاذ أي قرارات يعتقدون أنها ضرورية.
5- يجب ألا يكون لدى الموظفون أي شك في أذهانهم حول من أنت وما هي قدراتك، حينها سيدركون أن قراراتك هدفها تحسين أوضاع المؤسسة حينها سوف تكسب ثقة واحترام شعبك. لذا، اعرض أفكارك وخططك عبر أفعالك بدلاً من كلماتك، ووضح (مرارًا وتكرارًا) غرضك.
التعاقب الوظيفي التحدّي الأكبر أمام الشركات العائلية في منطقة الشرق الأوسط
وستُمكِّن النصائح المذكورة أعلاه القادة من اكتساب الحق في أن يكونوا استبداديين بشكل مفيد، وأن يتخطوا بشكل أفضل في الصعوبات القيادية التي تواجهها المؤسسات اليوم. فربما الحكم الفردي المطلق هو الطريقة الوحيدة لحل معضلة القيادة في القرن الواحد والعشرين.