ملك الأردن عبد الله الثاني: ربان في بحر هائج
ليس العرش ومشاغل الحكم كل حياته، يحب المغامرة ويهوى القفز بالمظلات، يعشق سباق السيارات (الرالي) ويتحين الفرص ليمارس هواية الغوص في أعماق البحار. ترتسم على محياه طيبة الاردنيين، وعزيمة بني هاشم، تجد أنك أمام رجل فرض عليه موقعه العيش داخل القصور وقاعات الاجتماعات الماسية، حيث الاتكيت والحضور المهيب لجلالة للملك المعظم محاطاً بالخدم، لكنه في قرارة نفسه ونبض قلبه، ينزع إلى تحطيم أصنام البرتوكولات الباردة، وتخطي الحواجز والخروج الى البراري التي لا حدود لها، والغوص في نهر الحياة اليومية البسيطة لأبناء شعبه من الاردنيين.
تجده يوماً يتناول طعام الغداء مع أفراد عائلته في مطعم شعبي، وفي يوم اخر يشارك رجال الاطفاء في اخماد حريق في العاصمة عمان، وفي مشهد ثالث يحل ضيفاً على راع يسكن وأسرته في خيمة وسط الصحراء، يجلس بينهم على الارض يحتسي شايهم مستمعاً الى همومهم واحتياجاتهم.
رغم ازدحام اجندته اليومية بالمواعيد واللقاءات وحساب الوقت بالثواني، وجد ما يكفي من الفواصل ليؤلف كتاباً. تعلق، منذ كان أميراً، بالقصة الخيالية "ستار تريك"، وأُولى السينما اهتماماً خاصاً وأنشأ معهداً للفنون السينمائيّة، ومارس الكثير من الهوايات.
لم يترك للقصور أن تفعل فعلها في زرع الحواجز بينه وبين الاردنيين من أبناء شعبه، بل فتح مؤخراً حساباً على "تويتر"، قناة اتصال مع الشارع، ويعرف بنفسه في أول تغريده له "هنا عبد الله بن الحسين. أب لأسرة وخادم وطن. بسم الله وعلى بركة الله".
شاءت الظروف أن يتخلص عبدالله، وهو في الثالثة من عمره، من الاضواء وعبء القواعد الصارمة للطريق المؤدية إلى جلوسه على العرش، فقد نزع الملك حسين لقب ولي العهد عنه عام 1965، وسمّى شقيقه الأمير حسن بن طلال ولياً للعهد. يقول الملك عبد الله واصفاً الاجراء الذي قام به والده آنذاك بأنه "كان من أفضل ما فعله لي على الإطلاق"، لكنه يستطرد "لأنه أتاح لي أن أعيش حياة عادية نسبياً". في الحقيقة تدرك انك امام ملك لا يريد لملكيته ان تتحول أقفاصاً وأسواراً باردة تحول بينه وبين الحياة.
رغم نزع صفة ولي العهد عنه، فإن الشاب عبدالله عرف مبكراً بأنه لا مفرّ من تأدية الدور الموكل إليه بجدارة واقتدار، فهو سليل بني هاشم، العائلة التي تمتد في نسبها الى الرسول (ص)، ولطالما لعبت أدواراً سياسية وعسكرية قيادية في التاريخ الاسلامي، وحديثاً في تشكيل الشرق الاوسط في النصف الاول من القرن الماضي.
سعى عبدالله، بلا كلل، وبتشجيع من والده الملك حسين، لامتلاك خبرات نوعية تجمع بين تعليمه المدني والعسكري، وتؤهله للعب دور قيادي، فتنقل بين الولايات المتحدة الامريكية، والمملكة المتحدة، وألمانيا، مكتسباً خبرات عملية ونظرية متنوعة.
درس الثانوية في مدرسة أدموند في المملكة المتّحدة، ثمّ انتقل إلى مدرسة أيجلبروك وأكاديمية ديرفيلد في الولايات المتّحدة.
ثم تغير المسار فجأة، باتجاه تمكينه من العلوم والمعارف العسكرية، فبدأ تدريبه في أكاديميّة ساند هيرست العسكريّة الملكيّة في المملكة المتّحدة عام 1980، وتخرج فيها برتبة ملازم ثانٍ عام 1981، وبعدها عُيّن قائد سريّة في فرقة (الخيّالة) الملكيّة البريطانيّة.
لكن هذا لم يكن على حساب العلوم الانسانية، حيث انضم عام 1982 الى طلاب جامعة أوكسفورد، لينهي برنامج الدّراسات الخاصّة في شؤون الشّرق الأوسط.
ليعود للانضمام الى القوّات المسلّحة الأردنيّة برتبة ملازم أوّل قائد فصيل، ومساعد قائد سريّة في اللّواء المدرّع الأربعين. وفي عام 1986 يشغل منصب قائد لسريّة دبّابات في اللّواء المدرّع 91 برتبة نقيب، ثم لينتقل الى جناح الطّائرات العموديّة المضادّة للدبّابات في سلاح الجو الملكي الأردني؛ كان واضحاً انه يراد له اختبار مختلف القطاعات العسكرية.
ثم من جديد الى الدراسة الجامعية، فالتحق عام 1987 بجامعة جورج تاون في واشنطن، وأنهى برنامج بحث ودراسة متقدّمة في الشؤون الدّوليّة.
بعدها غادر ترف أروقة ومدرجات الجامعات في الغرب، ليتدرج بمراتب ومواقع عسكريّة مختلفة ضمن القوّات المسلّحة الأردنيّة، منها، قيادة القوّات الخاصّة الملكيّة، وقيادة العمليّات الخاصّة، وقائد كتيبة الدّبابات الملكيّة، وغيرها من المواقع العسكرية المهمة، حتى اصبح برتبة عقيد في قيادة اللّواء المدرّع الأربعين، ثم مساعداً لقائد القوّات الخاصة الأردنيّة برتبة عميد ، ثمّ قائداً لها عام 1994 برتبة لواء .
وسرعان ما بدأت تتكشف خبراته ومؤهلاته العسكرية، عبر اشتغاله على إعادة تنظيم القوات المسلحة الاردنية وفقاً لأحدث المعايير العسكرية الدولية.
مكث في الجيش، الى أن اقتربت اللحظة الفاصلة، حيث أعاد الملك حسين ولاية العهد الى ابنه عبدالله، وهو مطمئن إلى امكاناته وتأهيله ونضج توقيت قراره، وبعد اسبوعين توفي الحسين وتسلم الابن الشاب عبدالله (كان في 37 من عمره) دفة القيادة، ليكمل الطريق، وعلى أساس سلطاته الدستورية أصبح القائد الأعلى للقوات المسلحة، ويحمل الآن رتبة مشير في الجيش الأردني وسلاح الجو الملكي الأردني.
اعتلى عرش المملكة الأردنية الهاشمية في 7 شباط 1999، بعد وفاة والده الملك الحسين، وجرى تنصيبه في 9 حزيران من العام نفسه، فيما يعرف بيوم الجلوس الملكي.
بالصور هدية الملك الاردني للملكة رانيا بعيد زواجهما
رؤية وموقف
بعد عشر سنوات على تسلم دفة الحكم في المملكة الاردنية، البلد الصغير في حجمه وموارده والحساس في موقعه ودوره، كان لدى الملك ما يقوله، لديه ما يعكس رؤيته وشخصيته ليس كونه سياسياً بارزاً في منطقة تعصف بها الصراعات فقط، بل بوصفة صاحب رؤية ومشروع يقف على ناصية معرفة عملية بالجغرافيا السياسية التاريخية والمعاصرة للمنطقة، ولديه حدس بالرمال المتحركة من حوله.
ينطلق الملك من الاقتناع الكامل، بأن الإصلاح الشامل ضرورة حتمية تفرضها مصالح شعبه وبلده، ويعترف بأن "المسيرة الإصلاحية التحديثية التطويرية تعثرت وتباطأت"، ويشير الى "وجود مقاومة من قبل ما يسميها "القوى المتمسكة بالراهن، حرصاً على مصالحها أو خوفاً من التغيير".
يعرض الخطوات التي اتخذها الأردن، للمضيّ قدماً في مسيرة إصلاح تحديثية برامجية، ويقول "تحيّد القوى التي ترفض أن ترى إلى متطلبات العصر وشروط تجاوز تحدياته".
ويأتي الملك على رؤيته للاصلاحات الداخلية، فيما يتعلق بالإصلاح الاقتصادي والسياسي، حيث يرى أن وجود طبقة وسطى قوية ومستقرة، هو من أهم روافع التنمية الاجتماعية.
ويقول "إذا ركزنا على البرامج الاقتصادية التي تؤدي إلى توسعة الطبقة الوسطى، استطعنا تقوية الأسس التي تدفع إلى بروز منظمات مجتمع مدني يمكنها مراقبة الحكومات وتقويم أدائها ومحاسبتها، وتالياً وضعها تحت ضغط الرأي العام لجعلها أكثر شفافية".
يولي الملك عبدالله للقيم الاخلاقية أهمية خاصة، ويهاجم أصحاب الفكر المتزمت والعقول المغلقة الذين يشوهون صورة الاسلام والقيم الانسانية لديننا الحنيف، ويلفت إلى أن هذا حدث في الغرب، كما يحدث لدينا اليوم "من الحملات الصليبية إلى محاكم التفتيش الإسبانية، كم وكم فرض من الآلام والمعاناة على الأبرياء، بسبب أولئك الذين يعتقدون قطعاً أنهم يحتكرون الحقيقة".
ويهاجم من يتكلمون باسم الدين وينصبون من أنفسهم حراساً للنصوص الالهية المقدسة فيقول "متى وضع شخص نفسه في موقع أخلاقي وروحي فوق موقع غيره، يصبح كأنه مخول بأن يدين من يقف بوجهه ويعدّه شخصاً مفلساً من الناحية الأخلاقية".
يؤمن الملك عبد الله الثاني بضرورة وجود حل عادل للقضية الفلسطنية، منبهاً لأبعاد ترك الجراح الفلسطينية نازفة وأخطارها، على مستوى المنطقة والمستوى الدولي؛ فالغبن التاريخي والانتهاك المتواصل لأبسط الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، منذ عشرات السنيين، والعجز والمماطلة في ايجاد حل عادل سيقود الى كوارث، يقول "في غياب وجود أي اتفاق لا مناص لنا من الاعتراف بوجود احتمال حقيقي، بأن نواجه انهياراً كاملاً لدعم الرأي العام لنا في متابعة العملية السلمية، فضلاً عن الإفلاس التام لسياسات الاعتدال، وبذلك تخلو الساحة كلياً للمتطرفين".
فاز عبد الله الثاني بوسام التميز، لأكثر الشخصيات تأثيراً في العالم، من قائمة الملوك والرؤساء وكبار السياسيين، خلال التصويت الذي يجريه المجلس الدولي لحقوق الإنسان والتحكيم والدراسات السياسية والاستراتيجية (2014).
حنكة التهدئة
واجه الاردن في صيف 2011، كما غيره من الدول العربية، حراكاً شعبياً، في اطار ما عرف بالربيع العربي، غير أن الملك تمكن من استيعاب معارضيه، والتعامل مع حراك الشارع بإيجابية، مقراً بتقصير المؤسسات، بل ذهب الى القول "لاعدالة في توزيع الدخل الوطني".
وبادر بإطلاق عدد من الاصلاحات السياسية، ابرزها قانون للانتخابات البرلمانية وهيئة مستقلة للاشراف عليها، وإنشاء قانون للاحزاب،وإنشاء محكمة دستورية، وتعديل ما ينوف على اربعين مادة في الدستور الاردني، طالت بعضها صلاحيات الملك نفسه.
يقول الملك عبد الله "أؤمن بشعبي، إنه شعب عظيم ذو دوافع إيجابية، ومتحمس لتقديم الأفضل، ويمتلك الطاقة على التميز". ويضيف "الأولوية عندي هي تأمين حياة أفضل لجميع الأردنيين، تقوم رؤيتي للأردن الجديد على إطلاق عمليّة تفعيل وطنية وعملية اندماج عالمي".
معارضوه يحسبون له، قبل الموالين، تجنيبه لبلده الاردن الانزلاق في دوامة الصراعات الدموية التي عصفت في دول الجوار، كما في سوريا والعراق، فهو يرى أن "حماية المجتمعات لن تكون سوى باليقظة والعمل الجاد وهذا يتطلب ما هو أبعد من التدابير الامنية". ويشير الى أن "على الانسانية ان تسلح نفسها بالافكار والمبادئ والعدل، وإشراك الجميع سياسياً واقتصادياً".
وللملك عبدالله موقف حازم ورؤية واضحة من ظاهرة التطرف والارهاب، إذ يرى أن"عالمنا يواجه ارهابيين يحملون اطماعاً لا تعرف اي رحمة، دافعهم ليس الايمان، بل الشهوة الى السلطة، يسعون الى هذا، بتمزيق البلدان والمجتمعات في اشعال النزاعات الطائفية، والامعان في انزال الاذى والمعاناة بالعالم أجمع".
مؤكداً "مستمرون في معركتنا مع الارهاب، ومعنا دول عربية واسلامية لا ندافع عن شعوبنا فقط، بل عن ديننا الحنيف".
فيديو هذا ما فعله ملك الأردن في تدريب بالذخيرة الحية
احتضان اللاجئين.. وخيبة الدعم
تعامل الملك عبدالله مع قضية تدفق اللاجئين بنبل وشجاعة، رغم ادراكه للعبء الكبير الواقع على كاهل بلده واقتصاده جراء هذا الموقف، لم يتوان عن فتح الحدود، وفي هذا السياق يوضح "يأخذ الاردن التزاماته الأخلاقية تجاه الآخرين بمنتهى المسؤولية، فعلى الرغم من الموارد الشحيحة، فتح الشعب الأردني ذراعيه لاستقبال اللاجئين الفارين من العنف في المنطقة".
واستقبل الأردن آلاف المسيحيين العراقيين، فضلاً عن توفير المأوى لـ 1.4 مليون لاجئ سوري، خلال السنوات القليلة الماضية، الذين يشكلون اليوم ما نسبته 20% من السكان.
يقول الملك عبدالله " هذا الواقع يماثل قيام فرنسا باستضافة كل سكان بلجيكا. فبلدي الصغير، الأردن، أضحى الآن ثالث أكبر مضيف للاجئين في العالم".
ويتحدث بمرارة وخيبة عن ترك الاردن وحيداً ينوء تحت أعباء استضافة اللاجئين، لافتاً إلى أن 85% منهم يعيشون خارج المخيمات، يشكلون ضغطاً على الاقتصاد والبنية التحتية والخدمات، ولا يخفي الملك عبدالله في حديثه تذمراً من تعاطي المجتمع الدولي مع الملف، فيقول "لقد خذلنا المجتمع الدولي، وما يصلنا من مساعدات لا يغطي سوى 35% من احتياجات اللاجئين، الاردن بلد مستقر ولديه جيش قوي، لكن نقطة ضعفه الوحيدة هي الاقتصاد"، مشيراً الى أن "الاردن تحمّل ما تحمله بالنيابة عن اوروبا والعالم".
ملكة الأناقة
تزوّج الملك عبد الله الثّاني، رانيا فيصل ياسين، الفلسطينيّة الأصل، في العاشر من حزيران 1993، وأنجبا الأمير الحسين ولي العهد، ولد في 28 حزيران 1994، والأميرة إيمان، ولدت في 27 أيلول 1996، والأميرة سلمى، ولدت في 26 أيلول 2000، والأمير هاشم، ولد في 30 كانون الثاني 2005.
ينظر الاردنيون الى ثنائي الملك والملكة بأعجاب ومحبة، وينتظران اطلالتهما معاً، فالملكة رانيا تلقب بالسيدة الأنيقة وملكة الملكات، شكّلت ظاهرة في الجمال باختيارها لملابسها وإطلالاتها، وتمكنت خلال فترة قصيرة أن تتربع على قلوب الاردنيين، ولم تفوت فرصة لتكون بينهم تستمع إلى همومهم وتتلمّس مشكلاتهم.
وتترأس الملكة الكثير من الفعاليات والجمعيات المهتمة بتطوير التعليم والصحة والبيئة، وتولي دعم الشباب أهمية استثنائية، تمدّ يدها إلى الفقراء والمحتاجين والمهمّشين من أبناء شعبها، تشاركهم أفراحهم وأتراحهم، فهي عقيلة الملك وام ولي العهد، مثال للمرأة الشرقية بأناقتها وسحر حضورها.
والملكة رانيا ناشطة بارزة في الدفاع عن حقوق المرأة العربية المسلمة، ولها حضور بارز على المسرحين العربي والدولي الخاصين بتمكين المرأة والدفاع عن حقوقها.
تحرص الملكة رانيا على تخصيص أوقات محددة في البرنامج اليومي للعائلة، وتكشف أنها تعتذر عن عدم تلبية دعوات صديقاتها للعشاء خارج المنزل، لأنها والملك يفضلان "العشاء العائلي مع الاولاد، حيث نتبادل الاخبار والمزاح وتحدث "هوشات".. بروح عائلية مرحة".
ويوم الجمعة تسميه الملكة بـ"يوم العائلة"، حيث يتناولون طعام الغداء معاً، وتكشف بأن "الملك يحب الجلوس مع الاولاد لمشاهدة مباريات كرة القدم أوغيرها من البرامج التلفزيونية".
وعن أجمل ما تسمعه من شعبها، تقول "عندما أكون مثلاً في الميدان ويلتفت لي أحد المواطنين يخاطبني يقول لي يا هلا بملكتنا، هذه الكلمة تعني لي الكثير، لأنها تشعرني أنهم عرفوا أن حياتي مُلكهم، ففرحي من فرحهم وهمي من همهم. فإذا كانت كلمة ملكة تعني لي بعض الشيء، فمَلِكِتنا تعني لي كل شيء".
وعن معنى كونها ملكة تقول رانيا العبدالله "مسؤولية كبيرة وشرف عظيم وهذا الشرف ليس نابعاً من كلمة ملكة، ولكن مصدره الشعب الذي لي الشرف أن أكون ملكتهم، لكن الوقت نفسه، كما توجد رانيا الملكة، توجد رانيا الأم، والابنة، والصديقة، والزوجة، وفي كل هذه الأدوار أنا لا أختلف عن أي سيدة في أي موقع. عندي المخاوف والتحديات والهموم نفسها".
وبعيداً عن المجالات المدنية المتنوعـة، وبإرادة ملكية، مُنحت الملكة رانيا رتبة عقيد فخرية في القوات المسلحة، وعهد الملك عبدالله اليها برئاسة الهيئة العليا لجمعية الملكة رانيا العبدالله لرعاية العسكريين وأسرهم، وخاصة أسر الشهداء، لتكون بذلك حاضرة في المشهد الاردني في كل مسارحه ومطارحه.
دأبها على خدمة أبناء شعبها في مجالات متنوعة، وحضورها الآسر، دفع مجلة "فوربس" الشهيرة إلى اختيارها من بين أقوى النساء في العالم، وأكثرهن تأثيراً في سنوات عدة، كما عدّتها المجلة الأكثر تأثيراً وقوة على الإطلاق في منطقة الشرق الأوسط والبلدان العربية.
ولي العهد الحسين بن عبدالله
يولي الملك عبدالله، تعليم ابنه حسين الثاني وتأهيله، أهمية خاصة، حيث أصدر في 2 حزيران 2009 أمراً ملكياً بتعيينه ولياً للعهد، ومنذ ذلك الحين لا يفوت مناسبة لاصطحابه في لقاءات وزيارت رسمية خارج المملكة وداخلها.
الحسين الثاني مواليد 28 حزيران 1994، له اهتمام خاص بالمطالعة وممارسة الرياضة، خصوصاً كرة القدم، وقيادة الدراجات النارية.
أنهى الابن تعليمه الثانوي في مدرسة "كينغز أكاديمي" في مادبا في الأردن، ويحمل رتبة ملازم ثان في الجيش الاردني، وأنهى دراسته في التاريخ الدولي من جامعة جورج تاون في أيار 2016. وتخرج مؤخراً في الأكاديمية العسكرية الملكية "ساندهيرست" بالمملكة المتحدة، وهي الاكاديمية ذاتها التي تخرج فيها والده الملك عبد الله، وجده الراحل الملك الحسين.
يقول والده الملك عبدالله، اثناء حضوره حفل تخرج ابنه الحسين "تذكرني رؤية الحسين بأيام العسكرية في ساندهيرست". ويتابع "ولدي الحسين، كم أنا فخور بك وأنت تمضي بثقة في خدمة الأردن الغالي".
يشار إلى أن الحسين بن عبد الله ترأس قبل نحو سنتين (كان في العشرين من عمره) جلسة لمجلس الأمن الدولي، ليصبح بذلك أصغر شخص يتولي رئاسة اجتماع للمجلس في التاريخ.
شاهد| هكذا هنأت ملكة الأردن شقيقها وعروسه بزواجهما
الملك متنكراً بزي عجوز
يتناقل الاردنيون حكايا عن تخفي الملك ودخوله دوائر ومؤسسات الدولة، ليرصد بأم عينه اي تقصير في عمل موظفيه، وليطلع بالمقابل على معاناة رعاياه مع تلك المؤسسات.
مصدر مطلع يروي لصحيفة اردنية تفاصيل واحدة من الزيارات التنكرية فيقول إن "جلالة الملك ومرافقيه من حرسه الخاص أوقفوا سياراتهم عند مدخل فندق، كانوا متنكرين بأزياء مدنية، الملك متنكر بزي رجل عجوز، والسائق كان يرتدي الشورت والطاقية، في حين ان الحارس الشخصي للملك كان متنكراً بقميص وبنطال جينز، وكان يساعده في المشي على أنه ابن للعجوز".
ويتابع المصدر "مرافقو الملك كان بحوزة كل منهم أوراق خاصة، هي معاملة إعفاء لمعالجة المرضى، وأنهم توزعوا داخل وحدة الشؤون الصحية ولكنهم كانوا قريبين من الملك،غير أن احد ضباط العمليات الخاصة الذي كان يراجع في معاملة إعفاء لبعض أقاربه في الوحدة قد تعرف إلى الملك، رغم تنكره بلباس عربي، فذهب مسرعاً اليه وأدى له التحية العسكرية، ولكن الملك تدارك الامر وطلب من الضابط قائلاً "لا تكشفنا"، وبعد أن انجزت المهمة، سأله الملك الضابط كيف عرفتني، فقال لا يعقل ان يكون هناك عجوز مسن يتكئ على عكازه ويرتدي في الوقت ذاته دشداشة نظيفة مكوية".
اسفرت الزيارة عن توجيه من الملك للحكومة لاتخاذ تدابير فورية لتسهيل الإجراءات أمام المواطنين غير المؤمنين صحياً، الذين يراجعون وحدة شؤون المرضى التابعة لوزارة الصحة، وأمر بالبدء بإقامة مبنى متكامل في حرم الديوان الملكي الهاشمي، تمهيداً لاستخدامه من المواطنين المرضى الراغبين في الحصول على اعفاءات طبية تتوافر فيه التسهيلات اللازمة التي تضمن راحتهم وكرامتهم.
زعتر في القصر
ولد الطفل عبد الله الثاني في 30 كانون الأول عام 1962، في مدينة عمان، وهو أكبر أبناء الملك حسين بن طلال، أمّه الأميرة منى الحسين (اسمها عند الولادة انطونيت غاردنر)، تحمل الجنسية البريطانية، وله أربعة إخوة وست أخوات، وهو الحفيد الحادي والأربعون للنبي محمد عليه الصلاة والسلام.
بدأ تعليمه الابتدائي في "الكلية العلمية الإسلامية" في مدينة عمان، تتذكر مربيته ومعلمته في الروضة" اميمة الرفاعي، تلك المرحلة فتقول "حين احضره والده الملك حسين للمرة الاولى الى الروضة، كان لديه وصية وحيدة هي معاملة ابنه على قدم المساواة مع بقية الاطفال دون أي تمييز".
وتلفت الرفاعي، الى أن عبدالله في عمر الاربع سنوات كان يأتي إلى الروضة دون حراس ومرافقين، كان "منظماً ومحبوباً من قبل زملائه"، ثم تروي كيف تقاسم ذات يوم "سندويشته" مع طفل آخر لم يحضر معه "سندويشة" للروضة، وبالمقابل في اليوم التالي احضر له الطفل "سندويشة" زعتر، فالتهمها عبدالله وأحب طعمها، مع أنه لم يعرف الزعتر من قبل، وحين عاد للمنزل طلب من والديه بأن يكون الزعتر ضمن طعامه في القصر".
ومن الطرائف تروي الرفاعي بأن "عبدالله كان يصر على الذهاب إلى الروضة يوم الجمعه ولا يستطيع أحد اقناعة بأن الروضة في عطلة حتى يذهب ويرى بعينيه أن أبوابها مغلقة".
الملك الانسان.. شهادات عن قرب
رئيس الوزراء الاردني الاسبق الدكتور عدنان بدران يقول إن أبرز صفات الملك عبدالله هي"الجهد والعمل الدؤوب والديناميكية المتواصلة"، ويتابع "جلالته لا يكل ولا يمل ويعمل بحيوية القائد الذي يريد لشعبه الافضل".
بينما يذهب رئيس الوزراء الاسبق الدكتور معروف البخيت، إلى أن أهم ما يميز اداءه قائداً وملكاً أنه "متابع من الدرجة الاولى، حاسم، يملك الرؤية الواضحة والقدرة على تحديد الهدف، ويحرص على الدقة في التنفيذ. يحب الاستماع الى الناس ومطالبهم عن كثب، والاصرار على مساعدتهم، وايلاء الاهمية للجانب الميداني، وتجاوز الحواجز والبروتوكولات، والابتعاد عن الشكليات والدخول فوراً الى الجوهر".
ويتابع البخيت في تصريح صحفي: ان "جلالة الملك، حفظه الله، استطاع برؤيته ومواقفه الحاسمة ان يحافظ على مكتسبات الاردن واستقراره، بوصفه وطناً اردنياً هاشمياً، عربي الوجه واليد واللسان.
رئيس مجلس النواب الاسبق فيصل الفايز، يصفه بـ"الملك الانسان الذي يتحسس هموم الناس ويعرف عن كثب كل ما يحتاجون إليه، يتسم بالتواضع الجمّ والقرب من الناس، وهو دائم السؤال عن كل المحيطين به، وعن اسرته الاردنية الكبيرة".
رئيس الوزراء الاسبق الدكتور فايز الطراونة يقول "ان جلالته قائد عنوانه التفاؤل وهي شيمة القوي القادر على مواجهة المحن والصعاب ويتخطاها باقتدار، وهو رب اسرة يؤمن ايماناً مطلقاً بالمفهوم الاسري للحكم، والنظرة الابوية الحانية للمواطن وبخاصة الفقير والمريض".
وصف الرئيس الامريكي دونالد ترامب الملك عبدالله بالـ "المحارب العظيم صاحب فكر عميق ولديه تصميم وعزم، انه رجل امضى الكثير من سنوات عمره في قيادة القوات الخاصة في بلاده، رجل يعلم جيداً ماذا يعني أن يكون المرء جندياً، ويعرف كيف يقاتل".
إنفوجراف| ملوك الأردن إلي الملك عبدالله «شخصية مجلة الرجل».. هؤلاء أسسوا المملكة الهاشمية
كارزميات مختلفة وطريق واحد
اليوم يكمل الملك عبدالله طريق الهاشميين في قيادة الأردن، منذ التأسيس عام 1921، بعد الثورة العربية الكبرى، حيث ارتبط اسم الاردن ووجوده، دولة وكيانا سياسيا مستقلا بالهاشميين، بدءاً من:
- الشريف الحسين بن علي أمير مكة، ملك الحجاز وملك العرب: قاد الثورة العربية الكبرى عام 1916، لتحرير الأراضي العربية من هيمنة الأتراك العثمانيين، وبعد تحرير الأردن ولبنان وفلسطين والعراق وسوريا والحجاز، تولى ابنه عبدالله عرش إمارة شرق الأردن، وتولى ابنه الثاني فيصل عرش سوريا، ثم انتقل الى العراق.
- الملك عبد الله الأول حكم الاردن بين (1921 – 1951):استمر حكمه 30 عاماً، شيّد خلالها دولة قابلة للحياة من مجتمع يغلب عليه الطابع القبلي، ووضع الأسس المؤسسية للأردن الحديث، وأقام الشرعية الديمقراطية، بإصدار أول قانون أساسي في الأردن في عام 1928 (الذي يقوم على أساسه الدستور المعمول به حاليا)، وأجرى انتخابات لأول برلمان عام 1929. وفي حين كان الملك المؤسس يقود جهود التنمية في الأردن نحو بناء دولة حديثة، فاوض على سلسلة من المعاهدات مع بريطانيا، حتى تحقق الاستقلال التام عنها في 25 أيار 1946.
- الملك طلال بن عبدالله، حكم الاردن بين (1951-1952): تولى الحكم بعد اغتيال والده الملك المؤسس عبدالله، تولى الحكم لفترة وجيزة. وبسبب وضعه الصحي، أُعلن ابنه البكر الحسين ملكاً للمملكة الأردنية الهاشمية في 11 آب 1952. وبالرغم من قصر فترة حكمه، فإنه أنشأ الدستور الذي جعل الحكومة أكثر مسؤولية أمام البرلمان، ومهد الطريق للتنمية السياسية في المستقبل.
- الملك الحسين بن طلال حكم الاردن(1952-1999): تولى سلطاته الدستورية في 2 أيار 1953، بعد أن بلغ الثامنة عشرة، خلال فترة حكمه على مدى سبعة وأربعين عاماً تمكن أن يحقق أعلى مستويات النهوض العمراني والسياسية، وأن يكون الباني لأردن الاعتدال والوسطية، ويحقق فرصاً أفضل لحياة شعبه، ويستمر الأردن بأداء دوره العربي والإقليمي بتكامل وتأثير وبرؤية المستقبل.
- الملك عبدالله الثاني بن الحسين، حكم الاردن (منذ عام 1999 ولغاية الآن):حين تسلم سلطاته الدستورية، ملكا للمملكة الأردنية الهاشمية، أعلن بقَسَمه أمام مجلس الأمة بداية العهد الرابع للمملكة، التي كان تأسيسها على يد الملك عبدالله الأول ابن الحسين بن علي، ثم صاغ دستورها جده الملك طلال، وبنى المملكة، ووطد أركانها والده المغفور له الملك الحسين. تولى الملك عبدالله مسؤولياته تجاه شعبه، وعدّه عائلته، مازجاً بين حماسه الشباب المتكئ على العلم والثقافة وحيويته، والحكمة المبنية على أسس موضوعية، نسيجها ضارب في جذور العروبة والإسلام.
الأمراء والأميرات
لدى الملك عبدالله بن الحسين، اربعة إخوة وست أخوات، الاخوة هم الامراء: فيصل وحمزة وهاشم وعلي. تولى بعضهم مواقع في الحياة العامة الاردنية، إذ شغل علي (مواليد 1975) موقع رئيس اتحاد غرب آسيا لكرة القدم، ورئيس اتحاد الأردن لكرة القدم، وتولى مناصب عسكرية عدة، ومنصب نائب رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم عن قارة آسيا من 2011 وحتى 2015. كما أسس المشروع الآسيوي لتطوير كرة القدم عام 2012 الذي يرأسه منذ التأسيس.
اما اخوات الملك عبدالله، فهن الاميرات: عالية وعائشة وزين وهيا وإيمان و راية .
يشار الى أنه تربط الملك عبدالله، علاقة مصاهرة مع نائب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم إمارة دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، المتزوج من الاميرة هيا، الحاصلة على تعليم عال من جامعة أكسفورد ولها إسهامات في حياة الاردنيين، من أبرزها تأسيس صندوق مكافحة المجاعة في الاردن.