ماذا قال أثرياء العالم عن «العملات الرقمية» ؟
على رغم تزايد الاهتمام الحكومات أو الأفراد أو صانعي السياسة النقدية، أو المستثمرين، على مدار السنوات القليلة الماضية بالعملات الافتراضية أو الرقمية، التي استحوذت على نسبة كبيرة من التعاملات المالية الدولية، وأصبحت واقعاً ملموساً وجزءاً من ديناميكية تطور المجتمعات الحديثة، إلا أن ردود الأفعال تباينت حول هذه العملات وماهيّتها وآلية عملها والاستثمار فيها، والمخاطر المرتبطة بهذا النوع من الاستثمار، وأخيراً التوقعات المستقبلية لمثل هذا النوع من العملات.
تفاصيل إنشاء أكبر مركز للتكنولوجيا المالية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
تدمير العالم
بداية يرى بيل غيتس مؤسس مايكروسوفت وأحد أكبر أغنياء العالم أن العملات المشفرة تسببت بطريقة مباشرة تقريبا بالقتل وتدمير العالم، وقال: "إن عدم الكشف عن الهوية في العملات الرقمية يعني أنها مرتبطة بتمويل الإرهابيين وغسل الأموال".
إلا أن البعض انتقده، وقالوا إنه غير مطلع على تطورات التكنولوجيا، غير أنه رد على سؤال من أحد المستخدمين عن رأيه في التكنولوجيا، بقوله: "إن السمة الرئيسية لعملات التشفير هي عدم الكشف عن الهوية، ولا أعتقد أن هذا أمر جيد، حيث تتضاءل قدرة الحكومات في رصد عمليات غسيل الأموال والتهرب الضريبي والتمويل الإرهابي".
وأضاف: "الآن، يتم استخدام العملات المشفرة لشراء الفنتانيل والأدوية الأخرى القاتلة، لذلك فإن التكنولوجيا تتسبب في الوفيات بطريقة مباشرة إلى حد ما".
ويضيف: "كما أن موجة المضاربة محفوفة بالمخاطر بالنسبة لأولئك الذين يذهبون لآماد طويلة".
مغامرة غير محسوبة
وفي كندا، قال رئيس البنك المركزي ستيفن بلوز، إن تداولات العملات الإلكترونية لا تتجاوز مغامرة غير محسوبة، مشيراً إلى أنه يبحث عن تشريعات لتنظيم تداول هذه العملات.
وأضاف أن جميع مستثمري العملات الإلكترونية يجب أن يكونوا حذرين، مشيراً إلى أن العملات الإلكترونية ليست أصولاً. وتابع: أنه غير متأكد ما هي حقيقة العملات الإلكترونية لكنها ليست أصولاً لها قيمة يمكن تحليلها، مشيراً إلى أنه في حالة انهيار العملات الإلكترونية فلن يكون لديها آثار على الاقتصاد العالمي.
وأوضح أنه ليس لديه شك بضرورة وضع لوائح تنظيمية بشأن العملات الإلكترونية من أجل حماية المستهلك، لكننا حريصون على عدم خنق الابتكار.
مجرد فقاعة مالية
في حين قال محافظ بنك إنجلترا المركزي مارك كارني، إن العملات الرقمية أظهرت فشلا في أن تصبح وسيلة نقدية، وأضاف أن عدة مؤشرات كشفت كونها مجرد فقاعة مالية.
وأضاف كارني أن على المشرعين أن يتحركوا لحماية المستهلكين ووقف استخدام تلك العملات في أنشطة غير قانونية.
ولم يدع المسؤول المالي إلى حظر عملات رقمية مثل بيتكوين، وأقر بأن للتكنولوجيات المستخدمة في المجال المالي عدة جوانب إيجابية، "لكنها تستدعي تقنينا على غرار باقي الأنظمة المالية الأخرى".
وأوضح كارني: "يجري التعامل مع العملات الرقمية بمثابة مال، لدى عدد محدود من الناس وفي نطاق محدود، أي بالموازاة مع العملات التقليدية فقط، وما يعنيه ذلك هو أنها تفشل".
وكان كارني أبدى شكوكه حيال العملات الرقمية، في وقت مبكر من العام الحالي، أمام طلبة مدرسة للاقتصاد في اسكتلندا. وأشار إلى أن العملات الرقمية تثير مخاوف بشأن عدد من الممارسات الخطيرة مثل غسيل الأموال وتمويل الإرهاب والتهرب الضريبي، فضلا عن الالتفاف على الرقابة والعقوبات الدولية.
تتحرك في نطاق ضيق
في سياق متصل، قال فريتس تسوربروغ نائب رئيس المركزي السويسري، إن إصدار عملة افتراضية من شأنه أن يُصَعِب أمورا من بينها مهمة مراعاة الاستقرار المالي. معربا عن اعتقاده بأن العملة المشفرة المتداولة لا تزال تتحرك في نطاق ضيق، وقال إنها «غير مقبولة على نطاق واسع كوسيلة دفع، وقلما يمكن أن تخدم كوحدة حساب".
ورأى تسوربروغ أن العملات المشفرة يتم استخدامها بالدرجة الأولى لأغراض المضاربة، لافتا إلى أن هذه العملات لا تمثل حاليا مشكلة بالنسبة للسياسة المالية وتطبيقها ولحركة المدفوعات والاستقرار المالي بسبب استخدامها المحدود للغاية.
ضغوطات مالية
في المقابل، هناك من يرى جانبا مضيئا في العملات المشفرة ومنهم الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو الذي وجه بعض الشركات المملوكة للدولة في البلاد باستخدام العملة الرقمية الجديدة "بترو" للتخلص من الضغوطات المالية المفروضة على فنزويلا، من أمريكا.
وأعطى مادورو الأمر لشركة النفط الوطنية الفنزويلية، للتعامل ببترو، خلال تعاملاتها النفطية، كما أشار إلى أن المواطنين سيكونون قادرين على دفع ثمن الوقود وخدمات الطيران والسياحة عبر عملة بترو الرقمية.
وفي ذلك السياق، يبدو أن مادورو وحكومته يتحركان في اتجاه إنشاء عملة رقمية أخرى، وبعد يوم واحد من إطلاق بترو، أدلى مادورو أنه يعتزم الكشف عن ثاني العملات الرقمية الفنزويلية والتي سيطلق عليها بترو جولد.
ولم يكشف بعد عن مزيد من التفاصيل، ولم يتضح بعد ما إذا كان الرئيس يشير إلى الذهب الذي يحتفظ به البنك المركزي الفنزويلي أو موارده الطبيعية الذهبية.
تحول جوهري
فيما كشف تقرير البنك الدولي أصدره أن «العملات المشفرة»، يمكن أن تحدث تحولا جوهريا في طرق سداد المدفوعات وممارسة أنشطة الأعمال، موضحاً أنه يمكن استحداثها كوسيلة لمكافحة الفساد.
وأكد تقرير حديث للبنك أن هذا النوع من التعقب المالي سيكون رادعا للرشى في القطاع العام التي تعادل ما بين 1.5 تريليون دولار وتريليوني دولار سنويا أو قرابة 2 في المائة من إجمالي الناتج المحلي العالمي، موضحاً أن هذا سيؤدي إلى تعزيز آثار التنمية، وكل ما يتطلبه ذلك هو تبني عملة مشفرة، واستخدام برمجية قواعد البيانات المتسلسلة.
ويرى البنك أن العملة المشفرة هي عملة رقمية تقوم على نظام لتشفير البيانات لضمان أن تكون المعاملات آمنة، ويُتيح اعتمادها كطريقة للدفع في مشروع ما تحديد هوية كل مستخدم للأموال، وذلك على النقيض من طرق الدفع التقليدية مثل أوراق النقد والعملات.
وحسب تقرير البنك، فإنه يمكن استخدام العملة المشفرة على نحو أوسع، حيث تستطيع الحكومة أو المؤسسة الإنمائية استخدام عملة مُشفَّرة قائمة غير مجهولة الهوية، أو ابتكار عملة خاصة بها وإعطاءها اسماً مثل «العملة النظيفة».
ويقترح البنك ضرورة أن تشتمل قواعد البيانات المتسلسلة على بيانات إضافية يتم تخزينها بانتظام حتى تتوفر معلومات كافية للأغراض الخاصة بمكافحة الاحتيال والفساد، وأيضا أن التحقُّق من المعاملة يجب أن يشتمل على التأكد من أن البيانات الإضافية تفي بمتطلبات العقد الذكي، الذي يحتوي على بنود منطقية مُبرمجة في الشفرة التي تستحدث إجراءات وفقًا لشروط العقد.
عواقب سلبية
من جهتها، حذرت مؤسسة النقد العربي السعودي (ساما) من "عواقب سلبية" من تداول العملة الإلكترونية المسماة "بيتكوين"، مؤكدة أن هذا النوع من العملات الافتراضية "لا يعد عملة معتمدة داخل المملكة".
وقالت المؤسسة على صفحتها في "تويتر"، إن "تداول صرف العملات، أو العملة الافتراضية التي يتم تداولها من خلال شبكة الإنترنت، قد حذرت منها المؤسسة، لما لتلك التعاملات من عواقب سلبية مختلفة على المتعاملين".
وأوضحت المؤسسة أن العملة الافتراضية التي يجري تداولها عبر الشبكة العنكبوتية، تكتسب خطورتها من "كونها خارج المظلة الرقابية داخل المملكة العربية السعودية".