شاهد| 90 عاما للأقصى.. أبرز المبادرات السعودية لدعم القضية الفلسطينية (إنفوجراف)
يشهد التاريخ للمملكة العربية السعودية بمواقفها التاريخية المُشرفة من القضية الفلسطينية، ويسجل بمداد من نور أنها كانت ومازالت هاجسا كبيرا لملوك هذا الوطن، الذين دعموا القضية الفلسطينية منذ بداياتها وساندوها في مختلف مراحلها وعلى جميع الأصعدة، سواء السياسية أم الاقتصادية أم الاجتماعية أم العسكرية، معتبرين إياها قضية مركزية وهي محور سياسة المملكة الخارجية وعلاقتها الدولية، انطلاقا من واجبها الذي تمليه عليها عقيدتها وضميرها وانتماؤها لأمتيها العربية والإسلامية.
ويعتبر موقف السعودية من قضية فلسطين من الثوابت الرئيسة لها، والتي بدأ ت منذ طور التأسيس والنشأة بقيادة ملكها المؤسس عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود الذي كان المؤيد والمناصر الأول للشعب الفلسطيني، واستمرت المواقف السعودية المشرفة تجاه القضية الفلسطينية خلال فترة ملوكها السبعة وآخرهم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز.
الملك عبدالعزيز
أبدى مؤسس المملكة وباني وحدتها ودولتها الحديثة الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه اهتماما بالغا بالقضية الفلسطينية وصلت إلى ذروتها في حرب 1948م اشتملت على الأصعدة العسكرية والمالية والسياسة والإعلامية واشتمل الدور السعودي العسكري على الاشتراك الفعلي في الحرب شاملا ذلك قطاعات من الجيش النظامي والشعبي والمتطوعين.
كما قدم طيب الله ثراه، دعما ماليا للفلسطينيين، وقاد حملة للتبرعات آنذاك الأمير فيصل بن عبدالعزيز - في ذلك الوقت - بتدشينه لها عبر خطابه في قصره بالطائف سنة 1948م، وقدمت المملكة الدعم السياسي من خلال جامعة الدول العربية وهيئة الأمم المتحدة ومن خلال الاجتماعات والخطابات التي تبادلها الملك عبدالعزيز مع القادة الأمريكيين والبريطانيين، وكان حرص الملك عبدالعزيز شديدًا على إبراز الحق الفلسطيني في وسائل الإعلام الأمريكية ويعتبر حديثه لمجلة -لايف- عام 1943م، أول مرافعة عربية من نوعها في الدفاع عن القضية الفلسطينية في وسائل الإعلام الغربية.
وأرسل الملك عبدالعزيز استنكارًا للحكومة البريطانية عندما ألقت جماعة من اليهود القنابل على المسلمين أثناء صلاة الجمعة في أكتوبر عام 1929م وأرسل كتبا أخرى إلى هيئات عربية وإسلامية يندد فيها بأعمال الصهاينة الإجرامية.
وواصل مساندته للثورة الفلسطينية متحديا في ذلك الحكومة البريطانية فمثلا عام 1936م عندما قامت الثورة ضد الإنجليز في فلسطين وشملت البلاد من أقصاها جاء البريطانيون بقوات لهم من مصر ومالطا ونكلوا بالثوار الفلسطينيين، وهنا أصدر الملك عبدالعزيز أمره في 5 يونيو 1936م إلى وزارة الخارجية ووزارة المالية بإرسال مساعدة عاجلة من الأموال والمؤن والأرزاق إلى أهل فلسطين.
كذلك كان الملك الراحل عبدالعزيز يغتنم مواسم الحج باستمرار لتبصير العرب والمسلمين بالقضية الفلسطينية والخطر اليهودي الداهم، كما رفض رفضا قاطعا خطة توطين اليهود في الأراضي الفلسطينية عام 1945م، وكان من الأوائل الذين ساندوا فكرة تزويد الفلسطينيين بالمال والسلاح لتمكينهم من الدفاع عن أراضيهم ثم خطا خطوة شجاعة بإرسال المتطوعين السعوديين لمساندة إخوانهم الفلسطينيين في جهادهم البطولي.
الملك سعود
يعد الأمير سعود - يرحمه الله - آنذاك أول أمير سعودي يزور القدس عام 1953م وصلى في المسجد الأقصى والمسجد الإبراهيمي في الخليل. وقد كانت المملكة في مقدمة الدول العربية التي رفضت واستنكرت صدور قرار تقسيم فلسطين عام 1947م كما دعم يرحمه الله عام 1948م عندما كان وليا للعهد حينذاك رغبته في تحقيق الأهداف التي تضمن للمتطوعين السعوديين أبناء الشهداء منهم الأحياء والأموات وتعهدت المملكة بكفالة أطفال الشهداء الذين استشهدوا في ميدان الجهاد في القدس، كما تتعهد بكفالة وإعالة جميع السعوديين المجاهدين الذين أصيبوا في ميدان الحرب.
وفي عام 1956م إبان العدوان الثلاثي البريطاني - الفرنسي - الإسرائيلي على مصر وقطاع غزة كانت السعودية في مقدمة الدول التي سارعت بعرض مساعداتها لمصر. كما فرضت حظرا بتروليا ومقاطعة سياسية تجاه الدول المعتدية بسبب تأييدها المطلق وتحالفها الواضح مع الكيان الإسرائيلي ضد القضية الفلسطينية وشعبها المكافح. وقام الملك سعود بن عبدالعزيز بقطع النفط عن الحكومتين البريطانية والفرنسية وغيرها من السفن المتجهة بحمولتها إلى هذين البلدين وبذلك يكون الملك سعود أول من استخدم سلاح النفط.
الملك فيصل
عرف عن الملك فيصل حمله للهم الفلسطيني منذ أن كان يتولى مسؤولية وزارة الخارجية وكان عمره آنذاك 25 سنة، وبدأت علاقته بالقضية الفلسطينية عام 1938م عندما مثل والده في مؤتمر لندن لبحث قضية فلسطين وخطب خطابا مهمًا عارض فيه مشروع تقسيم فلسطين.
ويعود الفضل إليه - يرحمه الله- في تشكيل اللجان الشعبية لمساعدة مجاهدي وأسر شهداء فلسطين عقب نكسة يونيو 1967م وقد ركز الملك فيصل خلال حكمه الذي دام 11 عامًا على الحل الإسلامي للقضية الفلسطينية باعتبار أن فلسطين تهم كل المسلمين وليس العرب وحدهم، وقد كانت المملكة وراء الاقتراح الذي طرح في قمة الخرطوم في أغسطس 1967م لدعم دول المواجهة الثلاث مصر وسوريا والأردن بالإضافة إلى منظمة التحرير الفلسطينية وتحملها بنصيبها مع الكويت وليبيا حتى إزالة آثار العدوان.
وفي القمة العربية الثانية التي عقدت في الإسكندرية عام 1964م نادى الفيصل خلال ترؤسه لهذه القمة بحتمية وإظهار الوجود الفلسطيني ومده بكل وسائل الاستمرار وقدم 5 ملايين جنيه إسترليني هبة منه لتكوين خمس كتائب فدائية تعمل لتحرير فلسطين وقد تركت محاولة الصهاينة الآثمة حرق المسجد الأقصى عام 1969م أثرًا بالغا في نفس الملك الفيصل وبادر بالدعوة لعقد مؤتمر قمة إسلامي وهو المؤتمر الذي أسفر عن تأسيس منظمة المؤتمر الإسلامي.
ولعبت السعودية في عهد الملك فيصل دورًا بارزًا في تحقيق النصر في حرب أكتوبر عام 1973م التي تعتبر من أنجح المواجهات العربية ضد إسرائيل.
الملك خالد
زار الملك خالد عام 1945م لندن مرافقا لأخيه الملك فيصل لحضور مؤتمر فلسطين. وقد ظلت القدس الحلم الأكبر يتحدث عنها الملك خالد - يرحمه الله- في جلساته وكان يكرر القول: إن تحرير فلسطين وفي مقدمتها القدس الشريف هي قضية الإسلام والمسلمين الأولى وعندما وقع الاجتياح الاسرائيلي بلبنان عام 1982 أمر الملك خالد ثم خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز رحمهما الله بتزويد المقاتلين الفلسطينيين بالسلاح والذخيرة من مستودعات الحرس الوطني والجيش.
وعندما جاء ياسر عرفات - رحمه الله- إلى الملك خالد طالبا المزيد من الدعم أمر - رحمه الله- بدفع 5 ملايين دولار من حسابه الخاص. وفي غمرة طغيان إسرائيل بضم القدس إليها دعا الملك خالد إلى عقد قمة إسلامية يعقد في مكة المكرمة تكون القضية الفلسطينية والقدس المحتلة في مقدمة القضايا التي تناقشها.
الملك فهد
جعل الملك فهد القضية الفلسطينية على رأس اهتماماته وطرح مشروعًا للسلام عام 1981م عندما كان وليًا للعهد وتبنته قمة فاس العربية عام 1982م واعتبر أول مشروع حل متكامل ومتوازن للقضية الفلسطينية والذي شكل منذ ذلك الحين الحجر الأساس لكافة المبادرات والمقترحات التي قدمت بخصوص الشرق الأوسط.
وكانت المملكة في مقدمة دول العالم العربي والإسلامي التي استنكرت قرار إسرائيل لضم القدس عام 1980م. وفي عام 1997 أعرب -رحمه الله- عن معارضته لقرار الكونجرس الأمريكي الذي اتخذه باعتبار مدينة القدس عاصمة موحدة لإسرائيل وتخصيص 100 مليون دولار لنقل السفارة الأمريكية إلى القدس.
وفي عام 1989م قررت المملكة تقديم دعم شهري للانتفاضة الفلسطينية داخل الأراضي المحتلة بواقع 6 ملايين وعشرين ألف دولار وتبرعت المملكة في عهد الملك فهد بربع إجمالي المبالغ المالية التي خصصت لصندوق الأقصى في مؤتمر القمة العربية بالقاهرة عام 2000م، كما دفعت حكومة خادم الحرمين الشريفين 50 مليون دولار لصندوق انتفاضة القدس لمساعدة أسر شهداء الانتفاضة ورعاية أبنائهم وتعليمهم.
كذلك خصصت المملكة في عهد الملك فهد مبلغ 72.5 مليون دولار للطرق وشبكات الصرف الصحي والصحة والتعليم وقدمت مبلغ 9.972.000 دولار لنقل رجال الأمن الفلسطيني من أماكن وجودهم في العالم العربي إلى الأراضي الفلسطينية.
الملك عبدالله
ظلت القضية الفلسطينية الشغل الشاغل للملك عبدالله -يرحمه الله- وظلت تشغل باله وتستحوذ على جل اهتمامه طيلة فترة ولايته للعهد إيمانا منه بأن فلسطين والقدس ينبغي ألا تغيب عن بال قائد أو زعيم عربي أو مسلم لكونها أولى القبلتين. حيث قدم الملك عبدالله مبادرته التاريخية للعالم لحل القضية الفلسطينية عام 2011، وقدم فيها الحل العادل والشامل بإقامة دولة فلسطينية وعاصمتها القدس.
وحرص -رحمه الله- على التأكيد على ثبات موقف المملكة الداعم لقضية الشعب الفلسطيني في خطبه وكلماته إلى الوزراء وأعضاء مجلس الشورى.
كما ظلت المملكة تتمسك بموقفها الثابت إزاء قضية التطبيع مع إسرائيل مع تسلمه -رحمه الله- مقاليد الحكم ودعا في كلمته الى القمة الاسلامية في الدوحة عام 2000م إلى قطع العلاقات مع الدول التي تنقل سفارتها إلى القدس.
كما دعا -رحمه الله- حينما كان وليًا للعهد آنذاك لإنشاء صندوقين الأول باسم صندوق انتفاضة القدس والثاني باسم صندوق الأقصى برأسمال مليار دولار تتكفل المملكة بـ250 مليون دولار منها.
وضمن رعايته -رحمه الله- لطلبة الجامعات الفلسطينية حول البنك الاسلامي للتنمية مبلغ مليون و250 ألف دولار تبرع من الأمير عبدالله -آنذاك- تمثل الدفعة الأولى لتغطية الرسوم الجامعية في صندوق انتفاضة القدس، كما تبرع بـ5 ملايين دولار مساهمة منه لدعم برنامج انتفاضة الأقصى للمساعدة العاجلة.
الملك سلمان
كان ولا يزال خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان - حفظه الله - في مقدمة الداعمين للقضية الفلسطينية ولحق الشعب الفلسطيني في نيل حقوقه المشروعة وفي مقدمتها حقه في ان تكون له دولة مستقلة عاصمتها القدس الشريف.
وقد أكد - حفظه الله - منذ أن كان أميراً للرياض الى الوقت الحالي وفي عدة محافل دولية على أهمية القضية الفلسطينية للسعوديين خاصة والعالم العربي والاسلامي بشكل عام. ففي جميع القمم العربية واللقاءات والمحافل الدولية، كانت القضية الفلسطينية هاجسه الأول، في الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني، حتى نيل كامل حقوقه على أراضه.
وفي خطاباته المتكررة شدد الملك سلمان على دعواته المتعددة على حق الشعب الفلسطيني في بناء دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، وحق هذا الشعب المظلوم في نيل حقوقه الإنسانية وعدم الاعتداء عليه تحت أي ذريعة من الذرائع التي تنتهجها سياسة الاحتلال الصهيوني. كما أكد الملك سلمان وفي أكثر من محفل دولي أن سياسة المملكة العربية السعودية هي الوقوف الكامل مع الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة في استقلاله والتصدي التام للتوسع الاستيطاني غير المشروع في الأراضي العربية المحتلة.
وحينما أقدمت قوى الاحتلال الصهيوني على إغلاق أبواب المسجد الأقصى أمام المصلين المسلمين، أجرى خادم الحرمين الشريفين اتصالاته الحثيثة مع كبار زعماء العالم الإسلامي والدول الغربية الصديقة حتى استطاع وبجهوده المباركة إقناعهم على التحرك ضد التعسف الصهيوني أمام المسلمين مما أدى إلى إجبار سلطات الاحتلال الصهيوني على فتح أبواب المسجد الأقصى أمام المصلين المسلمين.
وفي القمة العربية الأخيرة الـ 28 التي عقدت في منتجع البحر الميت بالأردن في مارس 2017م الماضي، قال في كلمة السعودية أمام القمة بأنه يجب ألا تشغلنا الأحداث الجسيمة التي تمر بها منطقتنا عن تأكيدنا للعالم على مركزية القضية الفلسطينية لأمتنا.
وبعد قرار الرئيس ترامب باعتراف الولايات المتحدة الاميركة بالقدس عاصمة لإسرائيل، أبدت السعودية أسفها الشديد جراء هذا الإعلان، مؤكدة أنها سبق أن حذرت من العواقب التي وصفتها بـ«الخطيرة» لمثل هذه الخطوة غير المبررة وغير المسؤولة. ودعت إلى مراجعة القرار، الذي عدّته «انحيازاً كبيراً ضد حقوق الشعب الفلسطيني التاريخية والثابتة في القدس".
وأصدر الديوان الملكي السعودي بيانا جاء فيه: "تأمل حكومة المملكة العربية السعودية أن تراجع الإدارة الأميركية هذا الإجراء، وأن تنحاز للإرادة الدولية في تمكين الشعب الفلسطيني من استعادة حقوقه المشروعة، وتجدد التأكيد على أهمية إيجاد حل عادل ودائم للقضية الفلسطينية، وفقاً للقرارات الدولية ذات الصلة، والمبادرة العربية، ليتمكن الشعب الفلسطيني من استعادة حقوقه المشروعة، ولإرساء الأمن والاستقرار في المنطقة".