شاهد| الروبوتات.. أطباء المستقبل الجدد
خطا الذكاء الاصطناعي خطوات كبيرة، وبدأت تقنياته في التوغل في حياة البشر خلال الفترة الأخيرة بشكل كبير، إذ اقتحمت العديد من المجالات ومنها المجال الطبي، حيث أظهر الذكاء الصناعي المتمثل في الروبوتات فاعلية وتفوقا كبيرين على البشر، ونجح في شق طريقه إلى المستشفيات في جميع أنحاء العالم، وبات قادرا ودقيقا في تشخيص العديد من الأمراض.
لم يأت صدفة
ظهور الذكاء الاصطناعي في المجال الطبي لم يأت صدفة، فهناك العديد من الأسباب التي أدت إلى التفكير والاستثمار، بهدف دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي في العديد من الجوانب الطبية، يأتي على رأسها العجز الشديد في الطواقم الطبية.
ويعد الروبوت Heartthrob أول روبوت جراحي في العالم والذي تم تطويره واستخدامه للمرة الأولى في مدينة فانكوفر، في مقاطعة كولومبيا البريطانية، عام 1983 وصممه مهندس الطب الحيوي الدكتور جيمس ماكوين والمهندس الفيزيائي جيف اخينليك والدكتور براين يوم فضلا عن مساعدة فريق من طلاب الهندسة.
وتم استخدام أول روبوت جراحي في إجراء العمليات الجراحية العظمية في 12 مارس 1984، في مستشفى جامعة كولومبيا البريطانية في فانكوفر. وأجريت أكثر من 60 عملية جراحية بالمنظار في الأشهر الـ 12 الأولى.
وفي أوائل عام 2000 تم استكشاف مجال التدخلات الجراحية العامة مع الجهاز دافينشي من قبل الجراحين في جامعة ولاية أوهايو. ونشرت تقارير عن جراحة المريء والبنكرياس لأول مرة في العالم، كما نشر المزيد من البيانات في وقت لاحق من قبل فريق هورغان في جامعة إلينوي، ومن ثم في وقت لاحق في نفس المؤسسة من قبل مجموعة أخرى.
ثورة في علوم الطب
وتشهد صناعة الروبوتات في مجال الطب تطورا يوماً بعد يوم إلى أن أصبحت عاملًا مهمًا لتطور علم الإنسان، حيث أصبح الإنسان يستخدمها ويعتبرها شريكًا معه في إنجاز الكثير من المهام حتى بات الطبيب الروبوت ثورة في علوم الطب وتقدّماً في وقتنا الحاضر.
وتقسم سوق الروبوتات الطبية حسب المجالات الرئيسية الثلاثة الأول ويشمل الروبوتات الطبية المباشرة: مثل الروبوتات الجراحية المستخدمة في أداء الجراحة السريرية، والهياكل الخارجية والأطراف الصناعية (استبدال الأطراف المفقودة)، والثاني ويشمل الروبوتات الطبية غير المباشرة: مثل الروبوتات المستخدمة في الصيدلة (تبسيط التشغيل الآلي والروبوتات المستخدمة في مراقبة المخزون) بالإضافة لروبوتات الرعاية المنزلية (المساعدة الروبوتية لعلاج أمراض الشيخوخة).
ويبدو أن الروبوتات سوف تحل في المستقبل غير البعيد، محل الأطباء حيث من المتوقع أن يتم استبدال الجراحين والممرضين والأخصائيين في التخدير والصيدلة بأنظمة روبوتية، وهو ما يجعل الأطباء البشريين يخشون أن يصبحوا على دكة الاحتياط كلاعبي كرة القدم الذين تنقصهم المهارة أو الاستعداد الفني والبدني وعطفا على ذلك تنبأ العديد من كتّاب الخيال العلمي بأنه قد يأتي يوم، تكون فيه المستشفيات بدون بشر تقريباً، إذ سيختفي الجراح البشري وفريق التمريض، وكذلك أطباء التخدير والعمال والمديرون، لتحل محلهم الروبوتات التي ستصبح قادرة على القيام بالمهام كلها منفردة، مثل إجراء الجراحات الدقيقة، من دون الحاجة إلى مساعدة.
ضرب من الخيال العلمي
وهذه النبوءة لم تعد ضرباً من ضروب الخيال العلمي إذ إنه تم بالفعل، إجراء جراحات لمرضى عن بعد بواسطة الروبوت، عبر تقنيات الاتصالات الفضائية، وبتوجيهات من الكمبيوتر ونظم المعلومات والتكنولوجيا. وقد تبيّن أن لهذا النوع من الجراحات مزايا عدة، مثل الدقة، وصغر حجم الشقوق الجراحية، وانخفاض كميات الدم المفقودة، وقلة الألم، وسرعة الشفاء.
واستنادا لاختبارات تجريبية في العديد من المستشفيات، فإن دقة الطبيب الآلي في التشخيص تفوق بـ20 في المئة تشخيص الأطباء من البشر، نظرا لما يمتاز به الروبوت من أيد ثابتة بلا اهتزازات يمكن استغلالها في العلاجات السريرية التي تتطلب دقةً وثباتًا، مثل الحقن الدقيق في العلاج الوراثي والخلايا الجذعية.
ويقول الخبراء إنه بالإضافة إلى إمكانية إجراء الجراحة عن بعد، تقلل الاستعانة بهذا الروبوت إحساس المريض بالألم وتحدّ من مضاعفات الشقوق الجراحية ومن نزيف الدم خلال الجراحة، وبالتالي التخلي عن نقل كميات كبيرة من الدم إلى المريض، وهو ما يؤدي إلى تسريع شفائه وعودته إلى الحياة الطبيعية.
صناعة تستثمر فيها مليارات الدولارات
وقد وصلت إمكانيات الروبوت الجراح إلى القيام بعمليات معقدة مثل جراحة شبكة العين، ففي “الملتقى السنوي لجمعية أبحاث الرؤية وطب العيون” للعام 2017 في مدينة بالتيمور، في ولاية ماريلاند في الولايات المتحدة الأميركية، عرض الجراحون بحثًا يوضح نجاحهم في إجراء أول عملية للعين البشرية باستخدام نظام روبوتي يُدار عن بعد.
ونظرا لهذه الأهمية، بات تكنولوجيا الروبوتات الطبية تحظى حاليا باهتمام كبير في العديد من دول العالم المتقدمة، وقد أصبحت الروبوتات صناعة تستثمر فيها مليارات الدولارات تقبل عليها الشركات الكبرى وأيضا عدد كبير من الشركات الناشئة.
وتقدّر شركة "فروست سوليفان" المتخصصة أن المبالغ المستثمرة في هذا القطاع ستصل إلى ستة مليارات و600 مليون دولار في العام 2021، علما أن هذا الرقم لم يكن يتجاوز 634 مليونا في العام 2014. فيما أحصت شركة "سي بي إنسايتس" 106 شركات ناشئة تستثمر في هذا القطاع أيضا في العام 2017.