كيف نُعدُّ الطلاب لمهن المستقبل؟
تخيّلوا عالماً تستيقظون فيه صباحاً لتجدوا مكتبكم ينتظركم عند مدخل البيت بدلاً من الاضطرار إلى تشغيل السيارة والدخول في معاناة الازدحامات المرورية، وأن تعقدوا اجتماعاتكم فيما ينقلكم المكتب ذاته نحو وجهتكم التالية وأنتم تبتكرون أروع واجهة افتراضية ذكية لهذا الشهر.
التضخم في الولايات المتحدة وعلاقتة بـ«الانهيار العظيم» للبورصة العالمية!
ومن ناحية أخرى، يقوم جاركَ بتصميم ملابس قادرة على مراقبة الحالة الصحية لمرتديها، بينما يتولى شريكه مسؤولية التنسيق بين الطائرات بدون طيّار لأحد أكبر متاجر التجزئة. ربما يكون هذا وصفاً لطريقة العمل في المستقبل ووظائف يومية لم نتخيلها بعد!
وكتب هاني عصفور، العميد المشارك لمعهد دبي للتصميم والابتكار، انه ومع أن هذه الخيارات قد تبدو بعيدة المنال، إلا أن احتياجاتنا لتصاميم مبتكرة زادت في الآونة الأخيرة بشكل يصعب معها التنبؤ بما ستكون عليه وظائف المستقبل. وفي إحدى المقالات الحديثة في ’فاست كو ديزاين‘ بعنوان "وظائف التصميم الأكثر أهمية في المستقبل"، تتوقع شركة ’أرتيفاكت‘ للابتكارات أن تضم مهن التصميم في المستقبل مصممي الواقع الافتراضي، ومصممي الأنظمة الذكية ومصممي النماذج ثلاثية الأبعاد الحيّة.
وأضاف عصفور، إذا كنتم أحد خرّيجي الدراسات العليا المفعمين بالطاقة للانطلاق نحو الحياة العملية، كيف يمكنكم الاستعداد للمجهول؟ وكآباء، كيف لنا أن نوجّه أطفالنا؟ يكمن الجواب في التعليم أي في النوع الصحيح من التعليم الذي يستطيع معالجة مشكلات العالم ويشجع على التفكير الإبداعي. وبالتأكيد، ينبغي أن يركز هذا النوع من التعليم على تزويد الطلاب بالمهارات والمعارف الكفيلة باستباق تحديات المستقبل والتكيف معها.
وقد انعكس هذا الشعور في مؤتمر المعلمين الدولي ’قدوة‘ الذي انعقد مؤخراً في أبوظبي، حيث ركز الدكتور أندرياس شلايشر، مدير دائرة التربية والمهارات في منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية في فرنسا، على حاجة دولة الإمارات العربية المتحدة إلى إنتاج مفكرين مبدعين —وليس متعلمين روتينيين— لتعزيز انتقالها من ثقافة الاستهلاك إلى ثقافة الإنتاج.
وتابع، انه ينبغي أن نكون كمعلمين مسؤولين عن إنتاج الجيل الجديد من المفكرين المبدعين القادرين على إيجاد حلول للمشكلات التي نواجهها، والمستعدين تماماً لمستقبل متغير الملامح. إذاً، ما هو المسار التعليمي الصحيح الذي ينبغي على الطلاب اختياره؟ لقد ركزت البرامج في الجامعات على مسألة التوظيف باعتبارها الرهان الآمن، ولكن عندما نجهل ما سيأتي به المستقبل، والمهن الجديدة التي ستظهر بوتيرة متسارعة، فإننا بحاجة لإعداد جيل قادم مستعد للتغيير الذي لن يقتصر على الوظائف وحدها.
وفي معهد دبي للتصميم والابتكار، ستكون لدى طلابنا القدرة على تطوير مهارات مرنة في مجالات متعددة والقابلة التكييف مع المستقبل. وكأساتذة في مجال التصميم، نعمل على منح طلابنا القدرة الكاملة في استخدام أحدث تقنيات النمذجة والتصنيع، كما ونعمل على تزويد الجيل القادم من صناع التغيير بالتفكير التصميمي والتعليم العملي الكفيل بتأمين وظائف مناسبة للمستقبل.
ويقول العميد المشارك لمعهد دبي للتصميم والابتكار، انه مع انطلاق الفصل الدراسي الأول في معهد دبي للتصميم والابتكار في سبتمبر 2018، سيحظى الطلاب بفرصة رسم مسيرتهم التعليمية والحصول على أول درجة البكالوريوس في مجال التصميم عبر اختيار اثنين من أصل أربعة مسارات تخصصية يقدمها المعهد وهي؛ تصميم المنتجات، وتصميم الوسائط المتعددة، وتصميم الأزياء، والإدارة الاستراتيجية للتصميم. ومن خلال إطلاق هذا البرنامج متعدد المسارات، سيمتلك الطلاب القدرة على التخرج مع مجموعة متنوعة من المهن التي قد بدأ بعضها بالظهور مؤخراً مثل محلل تصميم المعلومات لمصمم الأزياء التفاعلية، أو استراتيجي التطبيقات لخبير في النماذج الأولية، أو مفكر إبداعي بخبرة واسعة لمصمم بيولوجي.
وتابع: "كما أننا بحاجة لإلهام طلابنا ليكونوا صناع تغيير متميزين قادرين على ابتكار حلول مستدامة لمشكلات اليوم. وتعتبر شركة ’مودرن ميدو‘ الناشئة في مجال التكنولوجيا الحيوية مثالاً رائعاً عن الحلول المستدامة التي يمكن الوصول إليها عبر التفكير المبتكر في التصميم، حيث أحدثت هذه الشركة ثورة في قطاع المنتجات الجلدية، وتمكنت من إنتاج جلود ’حيوية مصنّعة‘ بعيداً عن سلخ الحيوانات، بما يعتبر حلاً مبتكراً وأخلاقياً يلبي الاحتياجات المتزايدة للمستهلكين".
واختتم عصفور، بغض النظر عن ما يخبأه لنا المستقبل، يعتبر التحضير والاستعداد الجيد هما أهم الخطوات الأساسية لمواجهة تحديات المستقبل، إضافة المعرفة في مجالات متعددة والمهارات المتكيفة المتطورة، ولا ننسى أيضاً الاهتمام الكبير بالبيئة حولنا. هذا هو وعدنا وواجبنا لتمكين الجيل القادم من المصممين والمبتكرين.
هاني عصفور هو العميد المشارك في معهد دبي للتصميم والابتكار، والذي سيفتتح في سبتمبر 2018 www.didi.ae.