تعلم فن إتخاذ القرارات المصيرية في شركتك
حسم القرارات الهامة والمصيرية أحياناً جزء من مهام أي شخص في منصب قيادي أو متقدم في الشركة.
حسم القرارات أمر سهل نسبياً ولكن حسمها لا يعني بالضرورة أنها صائبة أو أنه تم إتخاذ تلك القرارات بشكل يعود بالفائدة على الشركة. إتخاذ القرارات جزء يومي من حياة أي مدير.. بعض القرارات يمكن حسمها بسهولة تامة لانها تتمحور حول أمور لا تأثير كبير لها على الشركة ولكن بعض القرارات تكون هامة للغاية لأنها بشكل أو بآخر ستؤثر إما على مصير الشركة أو على مصير عدد من الموظفين أو حتى مصير مشروع ما يتم العمل عليه.
من الأهمية بمكان إتخاذ القرارات الصحيحة لأن أي قرار لا يحقق الهدف منه ستكون تبعاته كارثية على مختلف الأصعدة.
فكيف يمكن حسم القرارات المصيرية مع ضمان الحد الأدنى من الأخطاء وتقليص هامش الفشل في الوقت عينه؟
عدم السماح للعواطف بالتأثير على القرار
المشاعر والقرارات المصيرية لا يمتزجان. العواطف عادة تجعل الشخص إما يسرع في عملية حسم القرار وبالتالي يكون قد إتخذ قرارات عشوائية متسرعة أو تجعله يسير ببطء شديد. عندما تفرض المشاعر نفسها فإن المنطق يصبح في حده الأدنى وعليه تتضاعف مشاعر التوتر وتغلب العاطفة على الموضوعية والنتيجة تكون كارثية.
ولكن ما الذي المدير فعله إن كانت القرارات حافلة بالمشاعر لكونها ستؤثر وبشكل مباشر على مجموعة من الأشخاص أو بحكم أن القرارات المصيرية سيكون لها تأثيرات سلبية مؤكدة على فئة معينة وعلى صاحب القرار أن يتعامل مع الموقف وتبعاته؟ في هذه الحالة يجب التراجع خطوة الى الخلف وتأجيل حسم القرار والحصول على مساعدة من خلال الإستماع الى وجهات نظر أخرى تكون خارج الصورة وبالتالي فإن ما ستقوله سيكون موضوعياً. هذه المقاربة يمكنها أن تمنح الشخص القوة التي يحتاج اليها من أجل الفصل بين المشاعر وبين العقل والمنطق.
عدم التركيز على إطار واحد إيجابي أو سلبي
الدراسات أثبتت أنه عند مواجهة نفس المشكلة والتي يتم وصفها إما بالإيجابية أو السلبية فإن القرارات ستختلف وفق الصفة التي يتم إطلاقها عليها. القرارات المصيرية لمشاكل معقدة يتم حسمها من خلال النظر الى الأمر من زوايا مختلفة ومن خلال تعديل الإطار بشكل يسمح للمعني برؤية كل ما عليه رؤيته.
يجب التعامل مع الأمر وكأنه زوايا متعددة، الزاوية الأولى يتم تحليلها وحسم القرار بشأنها، ثم الزاوية الثانية والثالثة وهكذا. ولاحقاً يتم وضع هذه القرارات معاً وبالإعتماد عليها يتم التوصل الى قرار واحد منطقي. مثلاً لو إفترضنا أن الشركة المنافسة قامت بإتخاذ خطوة جرئية كان لها تأثيرها السلبي على شركتك. الإطار العام للمشكلة يجعلك تظن بأنه عليك التصرف فوراً وفق مبدأ «أنا أيضاً». ولكن حين يتم تعديل الإطار والنظر الى كل الزوايا فإن الأمور ستكون مختلفة لأن الشركة المنافسة التي ركزت على هذه النقطة بالذات لن يمكنها أن تقوم بردة فعل حين تقوم شركتك بالتركيز على نقطة أخرى. التحدي الذي يواجهك هنا هو رصد المجالات والفرص التي يمكنك إستغلالها وضمان عدم قدرة الشركة الاخرى على القيام بردة فعل.
الثقة بالمعلومات هامة.. ولكن الأهم هو التحقق منها
الغالبية تعتبر القرارات المبنية على المعلومات هي المقاربة الصحيحة. ولكنها مقاربة محفوفة بالكثير من المخاطر لانه عادة يصار الى الإعتماد على المعلومات التي تدعم وجهة النظر أو القرار الذي سيتم إتخاذه وتجاهل تلك التي لا تدعمه. أحياناً يتم بناء القرار على معلومات محدودة يتم تقديمها للشخص الذي عليه حسم القرارات ما يعني أن القرار سيكون «خطوة ناقصة» وعليه لن يكون صحيحاً والنتائج ستكون سيئة.
أولاً، المعلومات الخام لا يجب الإعتماد عليها تحت أي ظرف من الظروف فهي لا تكفي ولا تقدم أي قيمة تذكر.. بل تؤدي الى إتخاذ قرارات خاطئة. ثانياً عوض السؤال عن أي نوعية من المعلومات تحتاج اليها من أجل حسم هذا القرار عليك أن تبحث عن معلومات تلقي الضوء على الموضوع الذي يتمحور حوله القرار بغض النظر عما إن كانت تدعم أو لا تدعم قرارك.
ثالثاً، أطلب المساعدة من أجل تحليل المعلومات للحصول على وجهات نظر أخرى لأن هذه المقاربة تمنعك من التركيز «الإنتقائي» على جزئيات معينة. وجهات نظر أخرى ستجعلك ترى الصورة كاملة.
إحذر من فخ حسم القرارت.. خصوصاً ضمن المجموعات
أحياناً قد تطلب الشركات إتخاذ القرار المصيري ضمن مجموعة بإعتبار أن رأي المجموعة يكون أكثر موضوعية من رأي الفرد.. ولكن هذه النظرية أبعد ما تكون عن الحقيقة. عندما يجتمع البشر فهم يميلون الى جلب تحيزهم، تاريخهم وقيمهم الى الجلسة ناهيك عن واقع أن لكل شخص حله الخاص الذي سيتمسك به. التعقيدات الخاصة بكل شخصية بالإضافة الى تعقيدات التواصل الإجتماعي والمهني تجعل المهمة التوصل الى قرار مصيري منطقي خارج الحسابات.
فما الذي يمكنك فعله إن طلب منك حسم القرارات ضمن مجموعة؟ حسناً يمكنك اللجوء الى شخص يراقب، هذا الشخص يجب الا يكون له علاقة بالقرار ولا نتائجه وحتى يفضل أن يكون من خارج الشركة. خطوة هامة ولا تكلف الكثير من المال ومع ذلك يتم تجاهلها من قبل عدد لا بأس من الشركات. الشخص هذا سيراقب مسار المحادثات وسيقدم تقريراً موضوعياً عن النقاط غير الموضوعية في النقاشات.