الإنسان يقضي نصف حياته جالساً.. فكيف تتخلص من أضراره؟
يمضي رجل القرن الحادي والعشرين ما لا يقل عن 10 ساعات الى 12 يومياً من الجلوس. اذ يكفي احتساب الوقت الذي يخصصه مسمّراً امام شاشة الحاسوب في المكتب وشاشة التلفاز في المنزل، فضلاً عن الجلوس خلف المقود ساعات، بسبب زحمة السير الخانقة يومياً، ناهيك بالجلوس في الطائرة للسفر ساعات طويلة بسبب ضرورات العمل. حينها ليس عجباً ان نجد ان الوقت المخصص للجلوس يومياً يبلغ معدلات خيالية.
هذا يعني أن المرء يمضي نحو نصف حياته في هذه الوضعية الخطرة. وللأسف، أكثر الرجال يجهلون خطورة الجلوس الذي بات يعدّ "التدخين الجديد".
إزاء هذا الواقع، يحذر الاطباء من الاخطار التي تترافق مع الجلوس فترات طويلة، إذ بينت الدراسات ان هناك علاقة وثيقة بينه وبين سلسلة لامتناهية من الامراض المزمنة، منها السمنة ومتلازمة التمثيل الغذائي، وارتفاع في ضغط الدم وفي نسبتي السكري والكوليستيرول، فضلاً عن ارتفاع نسبة الدهون المكدسة في الجسم وخصوصاً عند محيط الخصر. كما يقترن الجلوس طويلاً بارتفاع خطر الوفاة من أمراض القلب والأوعية الدموية والسرطان.
ما يفاقم هذه الاخطار هو الوضعية السيئة للجلوس، وهي للاسف شائعة جداً في المكاتب. إذ ان المدير والموظفين على حد سواء، يجلسون أكثر من 3 ساعات متواصلة امام شاشة الحاسوب، وهذا غالباً ما يتسبب بانحناء في الكتفين والعمود الفقري. أما مدّ العنق والرأس الى الامام اي نحو شاشة الكمبيوتر فيؤدّي حتماً إلى آلام في الظهر والعنق.
كذلك ان الجلوس مطوّلاً يؤدي الى التجلط الوريدي العميق، واحتباس في الدورة الدموية.
دراسة تدق ناقوس الخطر
في هذا الاطار، أجريت دراسة أميركية حديثة قارنت بين مجموعتين من الاشخاص ينتمون الى فئات عمرية مختلفة. الاولى، أمضت أقل من ساعتين يومياً أمام التلفاز او اي شاشة اخرى، فيما امضت الثانية نحو 4 ساعات أو اكثر جلوساً امام الشاشة. فتمّ في نهاية الدراسة التوصل الى النتائج الآتية:
الفئة الثانية، ارتفع لديها خطر التعرض للموت المبكر لأي سبب صحي كان، بنسبة 50 في المئة.
كما ارتفع لدى الفئة نفسها وبنسبة 125 في المئة، احتمال التعرض لامراض القلب ومن ضمنها النوبات القلبية.
يذكر انه خلال الدراسة، عُزلت العوامل الاخرى التي قد تتسبب برفع الاخطار المذكورة اعلاه، وأهمها عاملا ارتفاع ضغط الدم والتدخين.
الحل يختبئ في التفاصيل
للأسف ان الاكتفاء بالتوجه الى النادي مرتين الى ثلاث في الاسبوع، لممارسة بعض التمارين الرياضة لا يحل المعضلة ابداً، ولا يجنبكم تبعاتها الخطرة،لأن الحل يبدأ بالتحرك أكثر وتجنب الجلوس طويلاً ولفترات متواصلة.
الواقع ان مَن يعمل 9 ساعات على الاقل في المكتب، لن يجد الوقت للتنزه خارجاً، لكن بالامكان ابتكار الفرص لقطع وتيرة الجلوس. أما السبيل الى ذلك فيكمن في الآتي:
- عند التحدث عبر الهاتف، حاولوا استغلال الفرصة للوقوف والمشي.
- عند طلب فنجان القهوة او الشاي، حاولوا ان تنهضوا عن الكرسي والتوجه الى المطبخ، لتحضيره بأنفسكم او على الاقل لجلبه الى المكتب.
- عند الوصول الى المكتب، استخدموا السلالم بدلاً من المصعد.
- إذا كان الامر ممكنا، حاولوا الحصول على طاولة عالية تضعون عليها الحاسوب، للعمل بعض الوقت وقوفاً.
- إذا أردتم التحدث الى اي موظف او زميل في المكتب، لا تستخدموا الهاتف، بل اذهبوا اليه.
- هناك بعض الاجتماعات الصغيرة التي يمكن ان تعقد بعيداً من الصالات التقليدية، جربوا المشي خلال مناقشة بعض المسائل. قد تجدون الحلول المنشودة بشكل اسرع.
- إذا كانت المساحة تسمح، يمكنكم وضع جهاز المشي (تريدميل) في المكتب.
- إذا كانت البيئة لا تسمح بالتنزه خارجا، فحاولوا ركن السيارة في مكان بعيد نسبياً عن المكان الذي تقصدونه، لكي يتسنى لكم المشي قليلاً.
باختصار، لتجنب الجلوس مطولاً الذي بات آفة العصر، على كل رجل ان يطلق ثورة فردية لإسقاط هذه العادة من اجل الحصول على نمط حياة صحي. في هذا الاطار، يقدم خبراء تقويم العظم مجموعة من التمارين الخاصة بما يسمى "فن الجلوس بنشاط".
1- تمرين القدمين
يتسبب الجلوس مطولاً بمشكلات في الكاحلين وعضلات الساقين. لهذا ينصح الاطباء بتمرين بسيط يرتكز على استخدام كرة تنس أو زجاجة ماء متجمد. يُخلع الحذاء وتوضع القدم على الكرة أو الزجاجة ثم الضغط قليلاً مع تدوير القدم عدة مرات، ثم استخدام الكرة أو الزجاجة للضغط على عضل الساق من الأسفل باتجاه الأعلى، ما يساعد في تعزيز الدورة الدموية في هذه المنطقة.
2- القرفصاء
يسند الظهر الى الجدار، ثم تتخذ وضعية القرفصاء بشكل تدريجي. يتم تكرار التمرين 3 مرات، علماً انه لا يعزز اللياقة البدنية إنما يمنع ضمور العضلات.
3- تصحيح وضعية الجسم
بعد الجلوس فترة طويلة ينحني الجسم الى الامام. لتصحيح ذلك، يجب الجلوس على حافة المقعد من الامام، ثم تبسط الذراعين بشكل افقي. بعدها تُحرّك الذارعان إلى الخارج بشكل دائري مع تحريك الكتفين باتجاه الخلف. في الوقت نفسه، يُفتح الوركان إلى أقصى حد مدة 10 ثوان، ثم الرجوع الى الوضعية الطبيعية. يكرر التمرين مرتين الى ثلاث.
4- توسيع الظهر
يصحّح هذا التمرين قوام الظهر. يجب الوقوف ووضع راحة اليد عند أسفل الظهر، ثم الضغط برفق من الخلف الى اقصى حد ممكن، يكرر التمرين ثلاث مرات.