«أريدها موظفة».. لماذا يبحث الرجل العربي مؤخرا عن زوجة عاملة؟
عندما كان الرجل العربي سابقاً يبحث عن زوجة فهو كان يريدها غير عاملة.
فهو يبحث عن إمرأة تكون ربة منزل لكون هذه الصورة كانت ترتبط بالمرأة المدبرة التي تهتم بزوجها وأولادها، اما المرأة العاملة فكانت ترتبط بإمرأة مستقلة أكثر مما يجب وبالتالي هي مصدر لمشاكل عديدة.
ولكن الأمر لم يكن يتوقف هنا، فهو حتى ولو وجد نفسه يقع في حب إمرأة عاملة كان بشكل عام شرطه الأساسي ان تترك عملها بعد الزواج أعتبر ذلك مساس برجوليته لان وظيفة المرأة تعني حكماً بأنه لا يمكنه إعالتها أو توفير الحد الأدنى لها ولأولادها وعليه فهو ليس «رجل المنزل» أو «رجلاً» بشكل عام لانه «سمح» لزوجته بالخروج والعمل.
ولكن الصورة هذه تبدلت بشكل جذري، وما كان يوماً مرفوضاً أصبح مطلباً أساسياً للبعض وذلك لأن الأوضاع كلها تبدلت. تبدل الأوضاع وضع الرجل أمام معادلة جديدة قائمة على التعاون. ولكن الصورة ليست دائماً وردية ومثالية و«لطيفة» الى هذا الحد، فهناك بعض الأسباب «الأنانية» التي قد تدفع الرجل للبحث عن زوجة عاملة.
فما الذي تغير حتى تغيرت الشروط بهذا الشكل؟
الأوضاع الإقتصادية الصعبة
منذ سنوات طويلة ودولنا العربية تعاني من غلاء في المعيشة. وعليه الرجل أمام وضع صعب، فراتبه بالكاد يكفيه لتغطية مصروفه الخاص فكيف سيكون بإمكانه توفير حياة لائقة لها وفي وقت لاحق أودلاهما. الزوجة العاملة يمكنها أن تساهم في زيادة المدخول، وصحيح أن زيادة المدخول بهذه الطريقة قد تفتح الباب أمام مصاريف أخرى لم تكن بالحسبان مثل الملابس وكل ما تحتاج اليه المرأة للخروج بشكل لائق يومياً وربما الإستعانة بعاملة منزلية في حال كان دوامها طويلاً .. ولكن بشكل عام يتم الإتفاق على هذه النقاط ان كان هناك تفاهماً منذ البداية على التعاون. حينها يقوم الرجل بحصته من الاعمال المنزلية وتقوم المرأة بحصتها ويتمكنا من المضي قدماً من دون مصاريف إضافية.
البداية تكون «بخطوة ناقصة».. القروض
عندما يريد أي شاب الزواج فهو سيجد نفسه أمام متطلبات مالية ضخمة. الزفاف، المهر، الشقة وغيرها من التفاصيل. وحتى ولو تمكن من عدم الإقتراض من اجل الزفاف والمهر فهو لن يتمكن من تسديد ثمن الشقة او المنزل نقداً إلا ان كان ثرياً.. وفي هذه الحالة لن يحتاج الى زوجة عاملة لانه يمكنه اعالتها بسهولة. عادة يلجأ الشاب الى القروض من اجل شراء المنزل أو الشقة وبالتالي هو يدخل قفصه الذهبي وأمامه سنوات طويلة من الدفعات الشهرية. لذلك فهو يبحث عن إمرأة يمكنها أن تساهم وتساعده، لانه يستحيل ان يكفيه راتبه من اجل تسديد دفعاته الشهرية والانفاق على المنزل ولاحقاً مصاريف الاطفال التي لا يمكن حصرها أو توقعها.
بعض القناعات تبدلت
من جملة « لن اتزوج بإمرأة عاملة » الى النقيض كلياَ « أريدها موظفة» مسار يظهر تبدل جذري في بعض القناعات والمفاهيم. الرجل العربي بشكل عام وفي بعض المجتمعات بات ينظر الى المرأة على أنها الند وبالتالي فهو أكبر وأول داعم لها حين يتزوجها كي تحقق أحلامها وتتطور في عملها لان هناك فئة تؤمن بانه إن لم تتمكن من تحقيق ذلك فلن تكون سعيدة وعليه تعاستها ستؤدي الى زواج تعيس.في المقابل هناك فئة لم تصل بعد لهذه القناعات ولكنها لا تمانع عمل الزوجة بحكم أن هذا هو السائد حالياً.
الإتكال والطمع
في المقابل هناك فئة من الشباب تبحث عن زوجة عامل لانها إتكالية ولا تريد تحمل المسؤوليات وحدها. هناك عشرات الحالات التي نسمع عنها أو نراها في حياتنا اليومية عن رجال يعتبرون الزواج وكأنه «معاملة مالية»، وعلى الطرف الاخر دفع ما يتوجب عليه رغم ان الرجل يمكنه تحمل المسؤولية المالية بمفرده. ولكن هناك رجال تربوا على مبدأ الإتكالية، فهم كانوا كذلك في منزل أهلهم وسيستمرون على الحال نفسه حين يتزوجون.
وطبعاً هناك الطمع، فهناك قصص لا تعد ولا تحصى عن رجال تزوجوا بنساء بسبب راتبهن الضخم. واقع تدعمه شهادات عديدة من مكاتب الزواج والخطابات الالكترونيات وغير الالكترونيات عن شروط يتم وضعها خلال البحث عن زوجة.. والشرط الاول والاهم عادة يكون هو ألا يكون راتبها أقل من مبلغ معين وعادة هذا المبلغ يكون ضخماً.
المطالب هذه لا تكون صادرة عن الرجل الباحث عن زوجة فحسب، بل ان اهل الشاب الذين يبحثون له عن زوجة يحددون سقفاً معيناً لراتبها وفي حال تعذر ذلك قد يتنازلون ويخفضون الرقم قليلاً.
فئة ما تزال ترفض
لا بد من ذكر هذه الفئة التي ما تزال ترفض الزواج من إمرأة عاملة حتى ولو كان راتب الرجل لا يكفي. هناك الكثير من الحالات في كل المجتمعات العربية حيث يعمل الرجل بوظيفتين وزوجته تهتم بالمنزل وشهاداتها في زاوية ما يتراكم عليها الغبار. بالنسبة لهذه الفئة حين تبدأ المرأة بالمشاركة بالمصروف فهذا يعني انه سيفقد دوره «كربان للسفينة». في المقابل البعض يعتبر المرأة العاملة تأتي مع متطلبات كثيرة، بينما تلك التي لا تريد سوى أن تكون اما وربة منزل فمتطلباتها اقل. وطبعاً هناك الفئة التي ما تزال تملك نفس قناعات الماضي وهي أن عمل المرأة هو مساس برجوليته.